المسافة التى تفصل بين صحافتين
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
عن دارالكتب والوثائق القومية، صدر قبل أيام كتاب «صحافة تيار اليسار فى مصر خلال ربع قرن ١٩٧٨-٢٠١١» للكاتب الصحفى حسام الضمرانى، والكتاب هو أطروحته لنيل شهادة الماجستير من كلية الإعلام. والفترة الزمنية التى اختارها المؤلف لدراسته وهى نحو ربع قرن، تشير إلى عودة نظام التعددية الحزبية عام ١٩٧٦ فى عهد الرئيس السادات، وصولًا لسقوط نظام الرئيس مبارك.
كان من اللافت للنظر، أن الكتاب غاب عنه تحديد المفاهيم، ولم ينشغل بوضع حدود ومسافات تفصل بين الصحيفة الحزبية وبين الصحف القومية والمستقلة، وتوضح الفروق بين صحف معارضة من كل شكل واتجاه، وبين صحف اليسار المعارضة، وتبين الشروط المهنية التى تكفل للصحيفة الحزبية يسارية كانت أم ليبرالية، النجاح فى أداء رسالتها الحزبية، دون أن تتحول إلى نشرة دعائية وتعبوية. وغنى عن البيان أن إدراج كل الصحف المعارضة فى خانة اليسار، هو تداخل وخلط فى المفاهيم.
يكشف الكتاب جهدًا ملحوظًا للمؤلف فى جمع مادته العلمية وإلقاء الضوء على الأحزاب التى تصدرها، والمواضيع التى حازت على اهتماماتها، ورصدًا للتأثير المتبادل بين صحفها وبين التشريعات والنظم السياسية السائدة. ويحسب للمؤلف وهو صحفى شاب، اهتمامه بمجال البحث العلمى الأكاديمى، وسعيه لتحقيق إنجاز فيه، بما يحمله من بذل جهد شاق فى العثور على دوريات الصحف، وقراءة المجلات والكتب التى تخدم دراسته، وإجراء لقاءات مع المصادر الحية ذات الصلة بمجال البحث للحصول على المعلومات وتدقيقها، وهو ما تحقق بنيله لشهادة الدكتوراه قبل أيام.
ومع الاعتراف بذلك، فإن عدم تحديد المؤلف لما هى الصحيفة اليسارية، وعدم تقديمه لتفرقة موضوعية بين صحف اليسار وصحف المعارضة، قد أدى لإدراجه جريدة «الشعب» فى قائمة صحف اليسار، وهى تنطق بلسان حزب ذو إتجاه دينى هو حزب العمل، حتى لوكان اسمه حزب العمل القومى الإشتراكى!.
بدأ حزب العمل واستمر منبرًا لجماعات الإسلام السياسى، ومهد الأجواء لفوز ٨٨ نائبًا منهم مع جماعة الإخوان فى الانتحابات النيابية عام ٢٠٠٥، انحصر جهدهم البرلمانى فى الدعوة لمصادرة الكتب والأفلام، والحجر على حريات البحث الأكاديمى، والتضيق على حرية المرأة وعملها ورعايتها لأسرتها، بزعم الدفاع عن الشريعة.
وكادت جريدة «الشعب»، أن تشعل حربًا طائفية، لقصور فى فهم كُتابها لرواية «وليمة لأعشاب البحر» التى نشرتها إحدى هيئات وزارة الثقافة، لولا يقظة ضمير الحركة الثقافية المصرية التى صدت عن الدولة والمجتمع، تلك الحملة الغوغائية الفاشية، التى كادت أن تحرق مصر، وهى تهتف باسم الله.
ثمة محددات مهمة تختصر تعريف الصحيفة اليسارية، هى أن تنطق باسم جماعة أو حزب يدعو إلى بناء مجتمع اشتراكى، يقرب الفوارق بين الطبقات سعيًا لإلغائها، وتسوده العدالة الاجتماعية، ويكون الجانب الرئيسى من نشاطه الاقتصادى فى حيازة الدولة، ويشجع القطاع الخاص المنتج، فضلًا عن بناء ثقافة ديمقراطية حداثية، تؤمن بحرية الفكر والاعتقاد، وبحقوق المرأة والمواطنة والمساواة بين الناس، وتفصل بين الدين والسياسة، وهى مفاهيم غابت كلها عن جريدة الشعب، التى انطلقت معارضتها من القاعدة الفكرية لجماعة الإخوان.
من جانب آخر، لم تكن مجلة «الطليعة» الشهرية فى أى وقت من الأوقات، من إصدارات حزب التجمع كما ورد فى الكتاب، فقد صدرت المجلة فى يناير عام ١٩٦٥ عن مؤسسة الأهرام، واستمرت فى الصدور المنتظم حتى عام ١٩٧٧، قبل أن تنتقل للصدور غير الدورى فى التسعينيات من القرن الماضى بتبرعات وعمل تطوعى من بعض من شاركوا فى تأسيسها. وكانت المجلة فى إصدارها الأول تعد أول منبر علنى رسمى للماركسيين المصريين، الذين كان قد تم الافراج عنهم عام ١٩٦٤. وكان الماركسيون قد حلوا تنظيماتهم وأعلنوا تأييدهم للسياسات الوطنية للرئيس عبد الناصر، لاسيما بعد أن أعلن تبنى النظام للاشتراكية العلمية والتنمية المستقلة وسياسة الاعتماد على الذات والعداء لخطط الاستعمار، كطريق للتقدم والتطور والتحديث فى مصر الناصرية.
ولعل تجربة مجلة «الطليعة» التى قادها الكاتب السياسى والمفكر لطفى الخولى، أن تأخذ ما تستحقه من اهتمام فى دوائر البحث العلمى والأكاديمى، كنموذج لمجلة فكرية وسياسية وثقافية ناجحة، وكانت ثمرة لتعاون مخلص وبارع، لمد جسور من الثقة بين الدولة التى احتضنتها، وبين القائمين على إدارتها من كوكبة من ألمع المثقفين والمفكرين المصريين، فقدمت خدمة غير مسبوقة للسياسات التقدمية التى كانت قائمة، ولتاريخ الصحافة اليسارية فى مصر المحروسة.
أمينة النقاش: كاتبة صحفية رئيس مجلس إدارة صحيفة «الأهالى»
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: بین صحف
إقرأ أيضاً:
القسام تؤكد إجهازها على 5 جنود من المسافة صفر في مخيم جباليا
أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الثلاثاء، أن مقاتليها تمكنوا من الإجهاز على قوة إسرائيلية راجلة قوامها خمسة جنود من المسافة صفر وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
وأشارت كتائب القسام في بيان نشرته عبر قناتها بـ"تيليغرام" إلى أنها استهدفت جنود الاحتلال بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية، وذلك في شارع "الهوجا" وسط مخيم جباليا شمال القطاع.
وفي سياق متصل، أعلنت "القسام" أنها استهدفت دبابة إسرائيلية من نوع "ميركفاه" بقذيفة "الياسين 105"، قرب مستشفى اليمن السعيد وسط معسكر جباليا.
وبثت كتائب القسام مساء أمس، مشاهد مصورة لاشتعال النيران بجنود الاحتلال الإسرائيلي، بعد استهدافهم وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة.
وذكرت أن مقاتليها تمكنوا من استهداف قوة صهيونية راجلة تحصنت داخل أحد المنازل، بقذائف "RPG" و"تاندوم" وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح، قرب مستشفى اليمن السعيد وسط مخيم جباليا شمال القطاع.
وأشارت الكتائب إلى أنها استهدفت أربعة من جنود الاحتلال ودبابة "ميركفاه"، بعبوة شديدة الانفجار في حي القصاصيب بمخيم جباليا.
وخص أحد مقاتلي كتائب القسام، الأردن ومصر بدعواته قبل تنفيذ العملية، وتفجير العبوة، التي أشعلت لهيبا كبيرا في جنود الاحتلال وآليته العسكرية.
وكشفت مؤسسة التأمين الوطني الإسرائيلية مقتل ألف و802 إسرائيلي منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وما تلاها من حرب إبادة في قطاع غزة، والتي امتدت إلى لبنان.
وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، هاجمت حماس 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة غزة، فقتلت وأسرت إسرائيليين؛ ردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، لا سيما المسجد الأقصى.
وتشن "إسرائيل" بدعم أمريكي منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 حرب إبادة جماعية على غزة، خلّفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
ومنذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي وسّعت "إسرائيل" الإبادة بشن حرب مستمرة على لبنان، ويعلن "حزب الله" يوميا عن مقتل وجرح جنود إسرائيليين في جنوب لبنان وشمال فلسطين المحتلة، سواء خلال اشتباكات برية (في الجنوب) أو هجمات بصواريخ وقذائف مدفعية وطائرات مسيرة.