دراسة جديدة تحذر: الانقراض الجماعي السادس يتسارع بمعدلات غير مسبوقة
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
تعيش الأرض على وقع حدث انقراض جماعي سادس. وعلى عكس الأحداث الخمسة السابقة، يحدث الانقراض بسبب النمو الزائد لنوع واحد، وهو الإنسان العاقل.
وعلى الرغم من أن هذه الحلقة من حلقات الانقراض غالبًا ما يُنظر إليها على أنها خسارة سريعة غير عادية لأنواع الكائنات، فإنها أكثر تهديدا بكثير، لأنها بالإضافة إلى تلك الخسارة، فإنها تسبب تشويها سريعا لشجرة الحياة، حيث يتم تدمير فروع كاملة ومجموعات من الأنواع والأجناس وفقدان الوظائف التي يؤدونها، كما تدمر الظروف التي تجعل الحياة البشرية ممكنة.
وحذر باحثون في دراسة جديدة نشرت يوم 18 سبتمبر/أيلول الجاري في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية (الأميركية) للعلوم، والمعروفة اختصارا باسم "بناس" من أن الانقراض الجماعي السادس للأرض يحدث بالفعل، وهو يتسارع بشدة.
وكما يشير الباحثون في دراستهم الجديدة فقد أدت الانقراضات الجماعية خلال الـ500 مليون سنة الماضية إلى إزالة الفروع من شجرة الحياة بسرعة، واحتاجت إلى ملايين السنين لتوليد بدائل وظيفية للكائنات الحية المنقرضة.
وقال الباحثون بعد فحص 5400 جنس من الفقاريات تضم 34600 نوع، إن 73 جنسا أصبحت منقرضة منذ عام 1500 ميلادي. وإن الانقراض الجماعي السادس الذي يسببه الإنسان أشد خطورة مما تم تقييمه سابقا ويتسارع بشدة.
ويشير الباحثون إلى أن معدلات الانقراض العامة الحالية أعلى بمقدار 35 مرة من المعدلات الأساسية المتوقعة السائدة في المليون سنة الماضية في ظل غياب التأثيرات البشرية، حيث كانت الأجناس المفقودة في القرون الخمسة الماضية تستغرق حوالي 18 ألف سنة لتختفي في غياب البشر.
لكن من المرجح أن تتسارع معدلات الانقراض العامة الحالية بشكل كبير في العقود القليلة المقبلة بسبب الدوافع المصاحبة لنمو واستهلاك البشر مثل قيامهم بتدمير الموائل، والتجارة غير المشروعة، وتسببهم في اضطراب المناخ.
من المرجح أن تتسارع معدلات الانقراض العامة الحالية بشكل كبير في العقود القليلة المقبلة (شترستوك) تشويه شجرة الحياةوكما يؤكد الباحثون في الدراسة فإن مثل هذا التشويه لشجرة الحياة وما ينتج عنه من خسارة لخدمات النظام البيئي التي يوفرها التنوع البيولوجي للبشرية يشكل تهديدا خطيرا لاستقرار الحضارة.
يقول جيراردو سيبالوس، المؤلف الرئيسي للدراسة، لموقع "آكسيوس" إن الفقدان الجماعي للأنواع الحيوانية يعني فقدان سجل للتاريخ التطوري للكوكب وإمكاناته، وستكون له تداعيات على البشر. ويؤكد سيبالوس أن الحياة توجد على الكوكب بسبب النباتات والحيوانات والأنظمة البيئية التي تشكلها.
وأضاف أن المحاصيل التي يستخدمها الإنسان، ومزيج غازات الغلاف الجوي الذي يجعله مناسبا للحياة على الأرض، والمركبات النشطة المستخدمة في الأدوية، كلها تعتمد في بعض النواحي على النباتات والحيوانات.
وقال سيبالوس إنه "بفقدان فروع كاملة من الأجناس، فإننا نفقد قدرة الكوكب على الحفاظ على الحياة بشكل عام، والحفاظ على الحياة البشرية بشكل خاص".
وكما يؤكد الباحثون في الدراسة فإن الأمر يحتاج إلى جهود سياسية واقتصادية واجتماعية فورية على نطاق غير مسبوق إذا أردنا منع هذه الانقراضات وآثارها المجتمعية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
من كولومبوس إلى الفراعنة.. هل يعيد فحص الحمض النووي قراءة تاريخ البشرية؟
في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أكدت نتائج دراسة علمية قصة قديمة مكتوبة عن ملحمة إسكندنافية تم فيها إلقاء جثة رجل في بئر مياه بقلعة سفيرسبورغ في النرويج بغرض تلويث مصدر مياه الشرب التي يشرب منها السكان.
وعندما استخرج الباحثون بقايا عظام الرجل من البئر الموجودة بجوار أنقاض القلعة وقاموا بعمل تسلسل الحمض النووي وجدوا أن القصة حقيقية، وأن هذه البقايا هي فعلا لهذا الرجل الوارد ذكره بالقصة، إذ تمت مقارنة حمضه النووي وتبين أنه وثيق الصلة بالحمض النووي القديم لسكان جنوب النرويج.
يشير هذا المثال إلى أن دراسة الحمض النووي القديم للشخصيات التاريخية تمكّن من إعادة قراءة التاريخ البشري، والواقع أنه ليس المثال الوحيد، إذ أثير مؤخرا نقاش حول دراسة جينية -استمرت 20 عاما وستنشر نتائجها خلال نوفمبر/تشرين الثاني الجاري- يقول مؤلفها إن المستكشف الشهير كريستوفر كولومبس كان إسبانيًا يهوديا، في تناقض مع الرواية التقليدية التي شكك فيها كثير من المؤرخين من قبل، والتي تقول إنه كان إيطاليا من جنوة.
يقود هذه الدراسة عالم الطب الشرعي الإسباني خوسيه أنطونيو لورينتي، الذي أعلن عن هذا الاكتشاف في فيلم وثائقي نشر يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلا أن كثيرا من العلماء رفضوا التعليق على دراسة يعلن عنها في فيلم وثائقي، وقالوا إنهم بانتظار إعلان نتائج الدراسة في مجلة علمية محكّمة حتى يتسنى لهم الحكم على صحة النتائج.
كريستوفر كولومبوس، بريشة سيباستيانو ديل بيومبو 1519 (ويكيميديا) إضافة مهمةفي تصريحه للجزيرة نت، يقول مايكل مارتن الأستاذ بقسم التاريخ الطبيعي بجامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية إن الحمض النووي "يستخدم بشكل فعال كدليل جنائي في عمل الشرطة والمحاكم حول العالم، لكن بالنسبة للشخصيات التاريخية يمكن أن يوفر الحمض النووي المأخوذ من بقايا رفات هذه الشخصيات معلومات موضوعية ودقيقة علميا".
ويضيف مارتن أنه "يمكن استخدام هذه المعلومات لوصف الصفات الجسدية لهذه الشخصيات التاريخية، ويمكن أيضا التعرف على المشاكل الصحية التي كانوا يعانونها، وعلى سبيل المثال يمكن تحديد مسببات الأمراض التي كانت تحملها أجسادهم عند الوفاة".
ويعتقد مارتن أن استخدام الأدلة الجينية بالإضافة إلى الأدلة العظمية وأدلة النظائر المشعة ستعزز البحث التاريخي في المستقبل.
في عديد من الأماكن قد تكون المعلومات التاريخية مشتتة أو متعارضة، لكن التحليل العلمي لبقايا الهياكل العظمية يوفر معلومات موضوعية يمكننا استخدامها لتقييم أشياء مثل التعرض للعنف، والحالة الصحية العامة للأشخاص، وبعض التفاصيل حول تاريخ حياتهم، وأيضا يوفر معلومات عن آبائهم و أجدادهم.
وحسب مارتن، فإن "هذا الأمر تم استخدامه مرارًا وتكرارًا خلال السنوات العشر الماضية من قبل العلماء الذين يستخدمون الحمض النووي القديم من أجل إجراء عمليات إعادة بناء دقيقة للغاية لتاريخ الهجرات في جميع أنحاء أوروبا".
معلومات عن الشخصيات التاريخيةوتعليقا على الأمر، يقول الباحث بمعهد ويلكوم سانجر لأبحاث الجينوم كريس تايلر سميث -في تصريح للجزيرة نت- إن فحص الحمض النووي يعطي معلومات عن العلاقات الجينية، مثل العلاقات مع أفراد الأسرة المحتملين أو الأسلاف أو الأحفاد، أو مع عامة السكان.
ويمكن استخدام هذه التحاليل للحصول على معلومات عن الشخصيات التاريخية إذا كان هذا مفيدا تاريخيا، وإذا توفرت لدينا بيانات حمض نووي قديم لأفراد أسرة هذه الشخصيات أو بيانات حمض نووي لسكان المجتمع وقتها.
ويضيف كريس أن علم الوراثة والجينات دقيق، ومن المفترض أن تكون الاستنتاجات المتعلقة بالعلاقات الوراثية موثوقة، وبالتالي يجب الاعتماد على منهج فحص الحمض النووي القديم في البحث التاريخي.
ويوضح كريس أن ذلك يتطلب مقارنة الحمض النووي للشخصيات التاريخية بأشخاص آخرين أو سكان ذوي صلة تاريخية، ففحص الحمض النووي هو إحدى أدوات البحث التاريخي، ويمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى اكتشافات كبيرة. ولكن ينبغي الحذر أيضا فالمعلومات التي نحصل عليها هي معلومات حول العلاقات الجينية، ولا يشترط دائما أن تدل على علاقات جغرافية أو عرقية أو أي علاقات أخرى.
جائزة نوبل في الطب عام 2022 ذهبت إلى العالم السويدي سفانتة بابو لأبحاثه عن جينومات قديمة جدا (منصة نوبل) أبحاث رائدةويقول دكتور محمد البرلسي الباحث بجامعة هارفارد إنه نظرا لأهمية دراسات الحمض النووي القديم فإن جائزة نوبل في الطب عام 2022 ذهبت إلى العالم السويدي سفانتة بابو لأبحاثه عن جينومات قديمة جدا.
من خلال أبحاثه الرائدة، تمكن سفانتة بابو من إنجاز شيء يبدو مستحيلًا: تسلسل جينوم إنسان نياندرتال، وهو قريب منقرض للإنسان الحالي. وأدى بحث بابو الرائد إلى ظهور تخصص علمي جديد تمامًا، وهو علم الجينوم القديم.
ويضيف البرلسي أن هناك كثيرا من الدراسات المعتمدة على الحمض النووي والتي قدمت معلومات مفيدة تاريخيا، منها دراسة جينومية اكتشفت بقايا الملك ريتشارد الثالث، ودراسة عن أصول المصريين اعتمدت على الحمض النووي للمومياوات المصرية القديمة.
ومنذ عام 2017 تمكن يوهانس كراوس، وهو عالم الوراثة في معهد ماكس بلانك لعلوم تاريخ البشرية في ألمانيا، من الحصول على جينات المصريين القدماء، والتي مكنت فريق من المختصين لأول مرة من تكوين نظرة شاملة عن الطبيعة الجينية للمصري القديم.