انطلقت، اليوم الاثنين، أعمال المؤتمر الـ12 لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، الذي تعقده منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلم والثقافة (إيسيسكو) وتستضيفه دولة قطر ممثلة بوزارة الثقافة، تحت شعار "نحو تجديد العمل الثقافي في العالم الإسلامي"، بحضور عدد كبير من وزراء الشؤون الثقافية ووفود الدول الأعضاء في الإيسيسكو، وممثلي مجموعة من المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في المجالات الثقافية.

وفي كلمته خلال الجلسة الأولى، رحّب الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة ورئيس المؤتمر، بالمشاركين، مشيرا إلى أن انعقاد هذا المؤتمر جاء بعد أن كانت الدوحة قبل سنتين عاصمة للثقافة الإسلامية، وقد ترجمت الدوحة آنذاك ما تزخر به من ثراء ثقافي باعتبارها أرضا للحوار وملتقى للثقافات، وأسهمت فعالياتها الثقافية في التعريف بخصائص الثقافة الإسلامية على أرضها.

وأكد أن دولة قطر تولي أهمية كبرى للثقافة في تحقيق التنمية وبناء الإنسان، وأن الثقافة لم تغب عن كأس العالم (مونديال قطر 2022)، أبرز حدث عالمي نظمته قطر بنجاح كبير، فلم يكن كأس العالم مجرد مناسبة رياضية بل أثبت أن الثقافة تظل حجر أساس الفعاليات الدولية أيا كان نوعها، منوها بأن دولة قطر بثت كل الرسائل الثقافية العربية الإسلامية التي نالت احترام شعوب العالم وعرّفت بثراء قِيَمنا وقدرتها على بناء شخصية حضارية.

ودعا إلى الاهتمام بأولوية تجديد رؤية المسؤولين عن العمل الثقافي الذي ينبثق من فهم جديد لتحديات بناء الإنسان وتطلعات الأجيال الجديدة.

كما شدد وزير الثقافة على أن فعل التجديد محفوف بالمخاطر إن لم تكن الثقافة الوطنية محصنة من الداخل وقادرة على أن تفرض خصوصيتها في الخارج، داعيا إلى الحفاظ على الهوية الثقافية وتحصين الأجيال الجديدة في مواجهة الأفكار الهدّامة.

وفي كلمته في بداية الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أعرب الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام للإيسيسكو، عن شكره لدولة قطر أميرا وحكومة وشعبا على استضافة هذا الحدث الثقافي الكبير في الدوحة، وأضاف أن قطر أبانت عن براعة كبيرة، ونهضت بتحديات استضافة كأس العالم قطر 2022، حيث نالت الثقافة أوفر حظ لها في تاريخ البطولة العالمية.

وأكد أن منظمة الإيسيسكو تنهض بواجبها في العمل الثقافي، باعتبار الثقافة ليست مجرد هوية أو وسم تمييز اجتماعي، بقدر ما هي نبض للشعوب للإسهام في ركب الحضارة، مستعرضا جهود المنظمة في هذا السياق، وأبرز مبادراتها لتطوير وتجديد العمل الثقافي في العالم الإسلامي، من خلال توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي وإدماج الشباب في جهود حفظ وتثمين التراث، وإنشاء عدد من المشاريع والبرامج، وابتكار مفاهيم جديدة من أجل خدمة التواصل الحضاري.

دين وحضارة

وفي كلمتها، أكدت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة السابقة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" ضيف شرف المؤتمر، أن الإسلام دين سلام، وأن الحضارة الإسلامية لطالما كانت محركا للتقارب بين الثقافات وأن القيم الإسلامية تعزز العلم والثقافة والتفاعل الحضاري.

وأكدت بوكوفا أن دولة قطر استطاعت أن تجعل من تنظيم كأس العالم حوارا بين ثقافات العالم، مثمنة في الوقت ذاته النهضة الثقافية التي تشهدها قطر على المستوى الثقافي وتعاونها مع منظمة اليونسكو في مختلف المجالات، ومنها التراث حيث استضافت الدوحة الجلسة الـ38 للجنة التراث العالمي عام 2013.

كما أشادت بجهود الإيسيسكو في مجالات حماية التراث ودعم الشباب والنساء وبكونها شريكا لمنظمة اليونسكو في الكثير من الأهداف.

وشهد الافتتاح عرض فيلم وثائقي حول ما تحقق خلال احتفالية الدوحة عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي 2021، تحت شعار "ثقافتنا نور"، بالإضافة إلى فيلم حول إنجازات ومبادرات "الإيسيسكو".

وبعد ختام الجلسة الافتتاحية لأعمال المؤتمر الـ12 لوزراء الثقافة في العالم الإسلامي، قام الشيخ عبد الرحمن بن حمد آل ثاني وزير الثقافة والدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام للإيسيسكو ووزراء الثقافة بجولة في المعرض المصاحب للمؤتمر، والذي ضم فنونا تشكيلية وأعمالا فنية ومخطوطات ومعروضات لعدد من المراكز التابعة لوزارة الثقافة، إلى جانب جناح خاص للإيسيسكو، لعرض أهم إصدارات المنظمة في مجالات اختصاصها.

واعتمد مؤتمر وزراء الثقافة الـ12 مجموعة من القرارات أهمها اعتماد مدينة لوسيل القطرية عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي 2030، ووثائق تطوير برنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة في العالم الإسلامي، وسبل تطويرها وأهم الدول المرشحة لاستضافة عواصم الثقافة في العالم الإسلامي خلال الفترة المقبلة.

كما تم خلال المؤتمر استعراض مجهودات المنظمة في دعم العمل الثقافي في ظل رؤيتها وتوجهاتها الإستراتيجية، وكذلك تقرير لجنة التراث في العالم الإسلامي، ووثيقة المبادئ التوجيهية للسياسات الثقافية.

ويواصل المؤتمر جلساته على مدى يومين لاعتماد التقارير والوثائق المعروضة على وزراء الثقافة ووفود الدول المشاركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الثقافة فی العالم الإسلامی العمل الثقافی کأس العالم دولة قطر

إقرأ أيضاً:

معرض القاهرة الدولي للكتاب: أول هزيمة معنوية لإسرائيل بعد نكسة 67.. وضربة لعزلة مصر الثقافية

بعد نكسة 67، كان الألم يملأ كل زاوية من زوايا الشوارع المصرية، كأن الأمل غادر الوطن تاركاً وراءه جراحاً عميقة وأسطورة الهزيمة، الوجوه كانت تعكس مرآة الخيبة، بينما الأسئلة التى لا تنتهى كانت تملأ الأفئدة: كيف حدث ذلك؟ وما الذى ضاع؟ لكن وسط هذا الظلام، بدأت تبرز همسات «لن نركع»، كانت هذه الشرارة بداية صحوة جديدة، الشعب المصرى، الذى اعتاد على الكرامة، وجد فى قلبه عزيمة لمواجهة هذا الجرح، وإصراراً على الوقوف مجدداً.

هذا المعرض يعكس مبدأ «الحرية الشخصية»، حيث يمنح الزوار حرية الاختيار بين مختلف أنواع المعرفة دون أى محاولة لتوجيههم نحو فكر أو ثقافة معينة، فى ظل العولمة التى تسود العالم، يظل العلم والثقافة والتراث تتدفق فى مجرى واحد، يلتقى فيه الجميع دون قيود أو حواجز، وعلى الرغم من أن الهدف الأساسى لمعرض الكتاب هو تسويق الكتاب وتعريف الجمهور بأحدث إصداراته، فإنه يمتد إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث يشجع على القراءة ويعزز من انطلاق الأفكار وتبادلها بين الناس.

لكن من هو صاحب فكرة معرض القاهرة الدولى للكتاب؟ تعود الفكرة إلى عام 1969، حين طرح الفنان عبدالسلام الشريف، أحد رواد الفن التشكيلى فى مصر، فكرة إقامة المعرض على الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة فى تلك الفترة.

كان «الشريف» يرى فى المعرض فرصة اقتصادية وثقافية عظيمة، تتمثل فى جمع أكبر عدد من الكتب فى مكان واحد، لتكون فى متناول يد كل باحث ومحب للمعرفة، أما الرؤية الثانية، فكانت تهدف إلى توفير منصة للناشرين لعرض إصداراتهم أمام جمهور واسع من المواطنين والمثقفين.

ورحب «عكاشة» بالفكرة، وأبدى اهتماماً بالغاً بتطبيقها، ونقلها بدوره إلى الرئيس جمال عبدالناصر، رغم ألم الهزيمة التى يتجرعها الجميع، وافق الزعيم متحمساً، نظراً لإيمانه الشديد بقيمة القراءة، وقدرة الأسلحة الناعمة على تحطيم معنويات العدو الصهيونى المغتصب.

سارع «عكاشة» بعدها للتواصل مع سوق الكتاب الدولى فى لايبزج (ألمانيا)، وأرسل إسلام شلبى، ممثل وزارة الثقافة، لتسهيل الترتيبات اللازمة لهذا المشروع الطموح، الذى بذل مجهوداً كبيراً فى إقناع كبرى دور النشر العالمية بالمشاركة فى الحدث الكبير، رغم محاولات إسرائيل المستميتة فى إحباط إقامة المعرض.

فى مذكرات الدكتور ثروت عكاشة، وعند الحديث عن فترة توليه وزارة الثقافة عام 1966 (الولاية الثانية)، يتجسد الدور الاستثنائى لإسلام شلبى فى تنظيم أول معرض دولى للكتاب فى مصر عام 1969، ورغم قلة الإشارات التى أوردها «عكاشة» عن الشاب المغمور حينها، فإن ما قام به «شلبى» يعد نقطة فارقة فى تاريخ الثقافة المصرية.

إقامة معرض القاهرة الدولى للكتاب جاءت ضربة قوية للعزل الثقافى الذى فرضته إسرائيل، وكان بمثابة أول هزيمة ساحقة لها، فمع تدفق الناشرين العالميين والإقبال الكبير من دور النشر على المشاركة، ثبتت القاهرة مكانتها كعاصمة ثقافية عالمية.

مقالات مشابهة

  • كتّاب من 9 دول في انطلاق "صالون صفصافة الثقافي"
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب: أول هزيمة معنوية لإسرائيل بعد نكسة 67.. وضربة لعزلة مصر الثقافية
  • طبلية مصر.. مبادرة لإحياء التراث الشعبي وتعزيز الهوية الثقافية
  • د. الشيماء المشد تكتب: الهوية والتراث.. كيف نستثمر القيم الثقافية لتحقيق النجاح؟
  • أعلام الفكر الإسلامي لأحمد تيمور باشا ضمن إصدارات قصور الثقافة بالمعرض
  • تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي ضمن إصدارات قصور الثقافة
  • وزير الثقافة يتابع الاستعدادات "لفعاليات الأيام الثقافية المصرية في قطر"
  • هنو يعقد اجتماعا لمتابعة استعدادات فعاليات «الأيام الثقافية المصرية في قطر»
  • وزير الثقافة يلتقي رئيس لجنة حقوق الإنسان بالنواب لمناقشة تعزيز الحقوق الثقافية
  • انطلاق فعاليات اليوم الأول من الأسبوع الثقافي بأوقاف الفيوم