تشي طريقة تعاطي النظام السوري، وجملة من المعطيات، بالإضافة إلى حديث مراقبين بأن "المبادرة العربية" الخاصة بالحل في سوريا باتت تعيش حالة "من الموت السريري"، ورغم أن الوقائع على الأرض تؤكد "عدم إحداث أي خرق" تقف سلسلة من الأسباب وراء عدم "إعلان وفاتها رسميا".

ومنذ حضور رئيس النظام، بشار الأسد، اجتماعات القمة العربية، في شهر مايو الماضي، وما تلا ذلك من لقاءات رسمية جانبية، وصولا إلى الاجتماع الأول لـ"لجنة الاتصال العربية" في القاهرة، أغسطس الماضي، لم يطرأ أي جديد على الملفات الثلاث التي شكّلت أساس الانفتاح العربي على دمشق.

والملفات هي: "إعادة اللاجئين"، وقف عمليات تهريب "المخدرات وحبوب الكبتاغون"، والانخراط ودفع مسارات الحل السياسي بما يتماهى مع قرار مجلس الأمن الصادر في عام 2015، مع استئناف أعمال "اللجنة الدستورية السورية".

وبينما تواصلت عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية إلى الأردن، وتطورت لتشمل عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات، بقي ملف "عودة اللاجئين" على حاله، دون أن يعبر بصورة عكسية أي سوري إلى داخل أراضي البلاد، حيث يسيطر النظام السوري.

وحتى أن الكثير من التحذيرات الرسمية صدرت من الجانب اللبناني، خلال الأيام الماضية بشأن "موجة نزوح جديدة" قادمة من سوريا، وأعلن الجيش هناك في السادس من سبتمبر أنه أحبط تسلل نحو ألف ومئتي سوري إلى لبنان، في ظاهرة تم الإعلان عنها بشكل متزايد مؤخرا.

وفي المقابل لم تصدر أي تعليقات أو مواقف بشأن القرار الأممي 2254 والقضايا المتعلقة بالحل السياسي، فيما يتواصل تعليق اجتماعات اللجنة الدستورية، بعدما اشترطت موسكو مؤخرا تغيير مكان انعقادها من جنيف إلى "دولة محايدة"، وفق تعبيرها.

"حالة موت سريري"

ومن غير الواضح حتى الآن الموعد الذي سيكون عليه الاجتماع المقبل لـ"لجنة الاتصال الوزارية" الخاصة بالتواصل مع النظام السوري، من أجل متابعة تنفيذ مقاربة "خطوة مقابل خطوة".

ومع غياب أي موقف رسمي بشأن الموعد، وآخر المستجدات المتعلقة بـ"خطوة مقابل خطوة" نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، قبل أسبوع، أن اجتماعات "اللجنة" تم تعليقها، "لعدم تجاوب النظام مع خريطة الطريق التي رسمتها لإعادة تطبيع العلاقات العربية – السورية".

من جهتها نقلت وكالة "ريا نوفوستي" الروسية عن مصدر لم تسمه، السبت، قوله إن "ضغوطا أميركية أوقفت اجتماعات لجنة الاتصال العربية بشأن سورية، بعد توارد أنباء عن نتائج سلبية من الاجتماعات التي عقدت خلال الفترة الماضية".

وأفادت الوكالة بأن "الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد النظام السوري حالت دون إعادة دمجه في العالم العربي، الأمر الذي كان بمنزلة سبب لوقف الاتصالات مع دمشق من قبل اللجنة الخاصة التابعة لجامعة الدول العربية".

وأضاف المصدر أن "خطط الدعم المالي لسوريا وإعادة إعمارها بعد الحرب تعرقلت بشكل كبير بسبب العقوبات الأميركية"، وتحديدا "قانون قيصر" المعتمد عام 2020، وإضافته مشروع قانون "قانون مناهضة التطبيع ضد نظام الأسد"، الذي تم تقديمه إلى الكونغرس الأميركي في مايو الماضي.

ويوضح وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، أن الدول العربية أو "لجنة الاتصال الوزارية" لديها قناعات سلبية بشأن تعامل النظام السوري مع المبادرة العربية.

ومع مرور الأشهر والوقت دون أي استجابة سورية "تعمّقت خيبة الأمل ومعها الإحباط".

ويضيف المسؤول السابق لموقع "الحرة": "المبادرة العربية باتت في موت سريري عمليا، لكن العرب لا يريدون أن يكونوا هم من يعلنون ذلك"، بل "يريدون إعطاء فرصة بعد فرصة، لعله تكون هناك بوابة أو قناعة ومتغيرات لدى الجانب السوري"، حسب ذات المتحدث.

ويرى المستشار السابق في وزارة الخارجية السعودية، سالم اليامي أن "العلاقات العربية مع النظام السوري تمر بأزمة جديدة".

ويقول لموقع "الحرة" إن "النظام أثبت أنه غير قادر على الإيفاء بما تعهد عليه في الأردن بأن يكون هناك حل لمنع تدفق المخدرات".

وبينما بقي هذا الملف دون أي حل، خرج بشار الأسد ليقول عبر قناة "سكاي نيوز عربية" ليقول إن "سبب انتشار وتهريب المخدرات يرتبط بالجهة التي جاءت بالإرهاب في سوريا"، ويضيف اليامي: "هذه العبارة أعدمت أو محت مقاربة خطوة مقابل خطوة".

ويشير مدير تحرير صحيفة "الأهرام" المصرية، أشرف العشري إلى "حالة استياء وانتظار وتململ عربي من المواقف السورية"، فيما يتعلق بالاستحقاقات وحزمة القرارات التي يجب أن تتخذها دمشق لكي تتفعل "اللجنة الوزارية" في المرحلة المقبلة.

ومع ذلك يعتقد العشري في حديث لموقع "الحرة": أن "الأمر ما زال محل نقاش"، وأنه "لم يحصل أي نوع من التوافق بشأن قرار نهائي من النظام السوري".

ما المتوقع؟

ومنذ شهر مايو الماضي، تسير الدول العربية بعلاقاتها المستجدة مع النظام السوري على مبدأ "خطوة مقابل خطوة". ويشمل ذلك كل من السعودية التي استضافت القمة العربية واجتماع "جدة التشاوري" بشأن سوريا، إضافة إلى الأردن التي عقدت اجتماعا تشاوريا في عمّان، ومصر.

ويقوم المبدأ المذكور على ضرورة تقديم خطوات من جانب العواصم العربية وفي مقابلها من جانب النظام السوري، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأساسية التي تم التأكيد عليها مرارا، وهي "تهريب الكبتاغون"، و"عودة اللاجئين"، والانخراط في مسارات الحل السياسي.

وفي حين لم يقدم النظام السوري أي استجابة أو مبادرة إيجابية بشأن الملفات المذكورة، يعتقد وزير الإعلام الأردني الأسبق المعايطة أن "الدول تحاول أن تعطي فرصة للتحرك العربي إلى الحد الأقصى".

ورغم أن البيان الختامي لـ"اللجنة الوزارية" في القاهرة حمل الحديث عن خطوات وحديث عن اجتماع اللجنة الدستورية، لم يحمل أي جديد سوى التأكيد على بقاء العمل.

ويقول المعايطة: "الدول العربية لا تريد إغلاق الباب أو إغلان وفاة المبادرة بل تريد إعطاء فرص أخرى لعل الجانب السوري يكون لديه استدراك لخطواته والتعامل مع المسار".

ومن الواضح أن النظام السوري "لديه فهم آخر للمسألة"، وربما كان يعتقد عندما ذهب إلى القمة العربية في مايو أن هذه العودة "هي جزء من انتصاره ورجوع العرب إليه".

وكان يعتقد أيضا أنه "قد يحصل على ثمن ودعم مالي كبير من بعض الدول العربية، وأن يتم السير بعمليات إعادة الإعمار وأشياء أخرى".

لكن المعايطة يضيف أن "النظام السوري غاب عن ذهنه أن إعادة الإعمار هي قصة ليست مرتبطة بالعرب بل قصة دولية وتحتاج إلى وجود حل سياسي وإعادة تأهيل النظام السوري دوليا".

"هذا التأهيل، كما ورد في بيان عمّان في الأول من مايو له اشتراطات تتعلق بالحل السياسي والمفقودين وبقضايا الدستور الجديد، وهناك تفاصيل كثيرة يجب أن يقدمها النظام السوري قبل أن يفكر بمساعدات وإعادة إعمار"، حسب حديث المعايطة.

ومن جانبه يشير المستشار السابق في الخارجية السعودية، سالم اليامي، إلى "وجود تسريبات بأن سلطنة عمان تقوم بدور لمحاولة عدم رجوع الأمور إلى نقطة الصفر".

ويقول إن "هذا الأمر متوقع، ولاسيما أن السلطنة تلعب هذا الدور دائما".

ويوضح الكاتب المصري العشري أن "الجانب العربي يبدو أنه ليس في عجلة من أمره في أن يكون هناك حوار منفتح وعاجل مع سوريا مالم يكن هناك خطوات تهيئ أجواء الثقة، وتلعب دورا كبيرا في ذلك".

ويعتقد أن "الكرة الآن في الملف السوري. إن كانوا راغبين في فتح العلاقات مع الدول العربية يجب أن يلبوا شروط ومطالب اللجنة الوزارية العربية منذ اللحظة الأولى وحتى الآن".

"الأمر يحتاج لثمن"

حوبعد عقد اجتماعها الأول في القاهرة، 15 أغسطس الماضي، أصدرت "لجنة الاتصال" العربية المعنية بسوريا بيانها الختامي، وتضمن "أسسا" للتعامل مع النظام السوري، في الملفات التي تقلق دولا عربية عدة. 

ووفق ما ورد في البيان، فإن المشاركين في الاجتماع أكدوا أنه يهدف إلى متابعة حل الملف السوري، ومواصلة الحوار مع النظام وفق مبدأ "خطوة مقابل خطوة".

وحضر الاجتماع وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية والعراق ولبنان والنظام السوري، إلى جانب أمين الجامعة العربية أحمد أبو الغيط. وتوافقت الدول المشاركة باجتماع القاهرة على "منهجية عمل" للتحاور مع حكومة النظام، بحسب البيان الرسمي الصادر عن "لجنة الاتصال". 

وتتضمن تلك المنهجية أسسا لعمل لجنة الاتصال العربية في حوارها مع الأسد، استناداً إلى بيان "عمّان التشاوري".

وبالنظر إلى الأرض "لم تلق المبادرة العربية أي استجابة من الجانب السوري، بما في ذلك ملف اللاجئين والمخدرات، الذي لا يزال الأردن يعاني من الحرب المتعلقة به".

ويقول الوزير الأردني الأسبق المعايطة: "من الواضح أن فهم النظام السوري للمبادرة العربية مختلف عن الفهم العربي".

ويشرح أن "العرب يعتقدون أن المبادرة جاءت بهدف مساعدة سوريا والتخلص من الأزمة الاقتصادية ولحل تداعيات الأزمة وإعادة تأهيل البلاد دوليا وعربيا".

لكن ما سبق "يتطلب ثمنا من الجانب السوري".

ويضيف المعايطة: "النظام إما غير قادر أو غير راغب أو تركيبة السلطة ومن يملك القرار ربما تقف وراء عدم إقدام سوريا على أي خطوة عملية في أي اتجاه".

وبشكل عام "هناك خيبة أمل من الجانب العربي من النظام الذي كشف أنه غير مسيطر"، حسب ما يقول المستشار السابق في الخارجية السعودية، سالم اليامي.

ويضيف أن "ما سبق يأتي من مسارين: ربما هناك جهات مسيطرة ومتنفذة داخل سوريا والدولة والعائلة تقوم برعاية المخدرات وتمويلها".

وربما أيضا "هناك قوى موجودة وحامية للنظام هي من تقوم بذلك، بينما النظام لا يستطيع فعل شيء"، وفق حديث اليامي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المبادرة العربیة مع النظام السوری الدول العربیة الجانب السوری لجنة الاتصال من الجانب

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الإسرائيلي: لن تكون هناك أي اعتبارات سياسية بشأن قضية المحتجزين بغزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أنه لن تكون هناك أي اعتبارات سياسية بشأن قضية المحتجزين بغزة، وذلك حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة "القاهرة الإخبارية". 

بيان وزير الدفاع الإسرائيلي: وزير الدفاع الإسرائيلي: لا وقف لإطلاق النار في لبنان البنتاجون: أوستن يؤكد لوزير الدفاع الإسرائيلي الجديد التزام واشنطن الراسخ بأمن إسرائيل

وتابع وزير الدفاع الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، :"وأتعهد بالعمل على إعادتهم بأي طريقة ممكنة".

وكان أكد وزير الدفاع الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تصريحات نُشرت عبر وسائل إعلام عبرية، أن إسرائيل لن توقف عملياتها العسكرية في لبنان ولن تقبل بأي تسوية ما لم تحقق الأهداف التي وضعتها للحرب ، وأوضح كاتس أن إسرائيل ترى ضرورة استمرار العمليات العسكرية لتحقيق “الأمن والاستقرار” من وجهة نظره ، وعدم السماح بأي تهديد أمني من الحدود اللبنانية.
 

وأشار كاتس إلى أن إسرائيل لن تتنازل عن “حقها” في استهداف أي عمليات تصفها بأنها “إرهابية” قادمة من لبنان، مبرراً استمرار العمليات العسكرية بأهمية ردع أي نشاط معادٍ يمكن أن يشكل تهديداً لإسرائيل ، وشدد على أن جيش الاحتلال سيواصل مراقبة الحدود اللبنانية وسيقوم بالرد على أي محاولات “استفزازية” وفق تقديراته الأمنية.
 

وفيما يخص الدعوات الدولية إلى التهدئة ووقف إطلاق النار، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي أن “إسرائيل لن تتوقف عن القتال ما دامت أهداف الحرب لم تتحقق بالكامل” ، كما أضاف أن الحكومة الإسرائيلية ترى في ذلك مسألة سيادية وأمنية لا مجال للتفاوض حولها في هذه المرحلة.


 

ميقاتي يؤكد على أولوية وقف العدوان الإسرائيلي وتعزيز الجيش في الجنوب مع وزير الخارجية المصرى


 

اجتماع رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، اليوم ، مع وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، حيث أكد ميقاتي أن الأولوية الحالية للبنان هي وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على المناطق اللبنانية، مستنكرًا المجازر الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين ، وأشار إلى التزام الحكومة اللبنانية بالتصدي لأي انتهاكات للسيادة اللبنانية، وخاصة تلك التي تشكل تجاوزًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

مقالات مشابهة

  • أحمد أبو الغيط: الجامعة العربية تدعم المبادرة البرازيلية لإنشاء التحالف العالمي ضد الجوع والفقر
  • بعد 5 سنوات من الاعتقال.. النظام السوري يفرج عن الصحفي الأردني الغرايبة
  • قراءة إسرائيلية في موقف النظام السوري من الحرب مع حزب الله
  • روسيا باقية في سوريا.. اسألوا نتنياهو
  • خطوة نحو التميز الأكاديمي.. تعاون جديد بين الأكاديمية العربية وجامعة الزيتونة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: لن تكون هناك أي اعتبارات سياسية بشأن قضية المحتجزين بغزة
  • حول الحل السلمي والسياسي الشامل (11- 15)
  • سوريا | بين تصاعد العدوان ومحاولات التحييد.. هل دخلت دمشق الحرب رسميا؟
  • مع تصعيد القصف على سوريا.. هل دخلا دمشق الحرب رسميا؟
  • العزي: الرأسمالية الأمريكية تُدار بالخوف والهيمنة .. والقرآن هو الحل