لماذا لاتتحول أوضاعنا الثورية إلى ثورة حقيقية؟!
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
بقلم / سامي عطا
قبل سنوات استمعت إلى شريط للقيادي الإخواني عبدالله العديني يعترف فيه بجملة من القضايا، إحداها حول موقف حركة الإخوان في اليمن من «ثورة 26 سبتمبر»، يقول فيها: «نحن أقمنا جماعة الإخوان المسلمين ضد ثورة 26 سبتمبر، لأنها ثورة جاهلية ويجب أن تسقط تحت الأقدام».
هذا هو الاتجاه العام لجماعة الإخوان المسلمين، التي تستند في فكرها السياسي إلى قاعدة فقهية تحرِّم الخروج على الحاكم الظالم مهما عظمت الأسباب.
صحيح أنه جرت تحولات على فكر الجماعة بعد أن صارت جماعة براجماتية، ولكن هذه التحولات لم تكن جوهرية، خصوصا ما يتعلق بموقفها من مسألة الثورة.
وفي نهاية المطاف وجدت جماعة الإخوان نفسها كجماعة استبدادية في علاقة تواشج مع النظام السياسي الاستبدادي، فلقد درجت الجماعة على استثمار أوضاع بؤس وشقاء الناس، التي خلقها النظام الاستبدادي، حيث انفتحت على حركة المعارضة من أجل ابتزاز النظام السياسي ودفعه إلى إيجاد تسويات سياسية وتحقيق مصالحها الفئوية الحزبية.
وظل موقفها سلبياً من فكرة الثورة ولم يتغير موقفها منها. ولعلنا نتذكر عندما انطلقت انتفاضة 11 شباط/ فبراير 2011 كانت هناك تصريحات لقيادات إخوانية تنصلت عن علاقتها بها في الأيام الأولى (ولقد كانت محقة في ذلك)، ثم ذهبت مع شركائها في أحزاب اللقاء المشترك بأوامر من السفارة الأمريكية لتسلقها من أجل ضبط إيقاعها، كي لا تكون ثورة حقيقية تطيح بنظام الاستبداد وشركائه الداخليين والإقليميين والدوليين. وقادت الوضع إلى تسويات سياسية فوقية برعاية إقليمية ودولية، حيث تم بموجبها إعادة تدوير النظام نفسه.
في المقابل، وعبر التاريخ الوطني لهذا البلد، كانت هناك تيارات ثورية أخرى، لكنها عجزت عن أن تنتصر لفكرة الثورة؛ لأن كل فصيل يبحث عن ثورة على مقاس حزبه أو جماعته، وممارسة كل فصيل سياسي عندما يصل إلى السلطة تقوم على فكرة القطيعة مع الماضي السياسي وتصفير العداد، الحاضر يجُبّ الماضي بحسناته وسيئاته، وغدا البلد دون ذاكرة وطنية، كل أمة تلعن سابقاتها وتظهر فيها عيوب البغلة!
لن يتعافى البلد إلا بالسياسات الرشيدة التي تستوعب وتعترف بتاريخه الوطني وتستوعب جميع أفراده داخل دولة طبيعية ذات سيادة واستقلال قرارها السياسي، وإرساء مداميك دولة وطنية، دولة المواطنة لا الرعايا.
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
مجدرة سياسية / هبة عمران طوالبة
#مجدرة_سياسية
هبة عمران طوالبة
لطالما كان الأمر مسألة وقت، وكان الجميع يعلم أن شيئًا ما سيحدث، لكن متى وكيف؟ لا أحد يملك الإجابة. دعونا نعود إلى تلك المدينة الصاخبة، مدينة لم تكن تعرف الهدوء، فقد كانت تعج بأهازيج الكذب وأغاني الدجل السياسي. في تلك الزوايا المظلمة، كان شعب البرغل يقف صامتًا، مبتسمًا عابسًا، يحمل نظرات مثقلة بالحيرة. كان يردد في داخله سؤالًا لا ينتهي: “ماذا أفعل؟”
وعلى حافة النهاية، جاء القرار: العدس الأكبر، حاكم المدينة الذي لا يرحم، أصدر أوامره. لا رحمة لشعب البرغل. صُب الزيت الحار على الحبات المتعبة، وجاءت لغة الصمت الطويلة كقيد جديد على الأحلام المكبوتة. لكن الزيت لم يكن كافيًا لإخماد الشعور بالظلم. تحت السطح، كان الغضب ينمو كشرارة صغيرة تبحث عن نار، تتغذى على الذكريات المؤلمة والأحلام المفقودة.
مقالات ذات صلة قرار رسمي لمعاقبة المجرمين الصهاينة 2024/11/22قبل أن تتحقق النهاية الحتمية، حدث ما لم يكن بالحسبان. شرارة صغيرة من الأمل أضاءت الظلام. صوت ضعيف، ثم آخر، ثم آخر، حتى تحول إلى زئير. نار الموقد خمدت، وصوت البرغل أخيرًا انطلق. كانت تلك البداية. ثورة شعب البرغل لم تكن مجرد انتقام، بل كانت صرخة حياة في وجه الظلم، كانت ثورة على النسيان. كسروا الجدران، أطاحوا بالعدس الأكبر، وجعلوا المكان يرتجف تحت وقع خطواتهم.
لكن لكل ثورة ثمن. في لحظة انتصارهم، أُلقي الملح الخام، وأُعلنت النهاية. فهل قُتلت الثورة؟ أم أنها تحولت…..