تحقيق يكشف عن الإهمال والفساد ومساهمته بانهيار سدي درنة
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
كشفت تحقيق لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن كارثة السدين في مدينة درنة الليبية لم تكن لتحدث دون تاريخ طويل من الإهمال والفساد، تمتد إلى سنوات حكم نظام معمر القذافي، مؤكدا ضلوع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المسؤولية عن الكارثة، بفعل سيطرته العسكرية على المدينة.
وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21"، إن مجموعة من المهندسين السويسريين قاموا عام 2003، بفحص سدي درنة، وتوصلوا إلى أن البنى التحتية لهما تتعرض للضغط و أوصوا بتقوية السدين وبناء سد ثالث لتخفيف الضغط عنهما، لكن الصيانة لم تجر في حينه.
وذكر التحقيق أنه تم استئجار ثلاث شركات للقيام بأعمال الصيانة في الأيام الأخيرة من نظام القذافي، ولكن بعد الإطاحة به عام 2011 اختفت الأموال المخصصة لإعادة بناء السدين، بفعل الانقسام الحاصل في ليبيا بحسب التدقيقات المالية التي جرت على المشروع.
وتسبب انهيار السدين في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى كارثة كبيرة في درنة، حيث قتل وفقد الآلاف بعد أن جرفت مياه السيول أحياء بأكملها.
وقالت الصحيفة، إن خسارة الأوراح الكارثية هي آخر مثال عن الكيفية التي يغذي فيها الفساد والعنف، الغضب ضد الحكومات في عموم الشرق الأوسط، وتثير أسئلة حول الكيفية التي يمكن فيها للبنى التحتية بالمنطقة تحمل ظروف مناخية قاسية كهذه، كإعصار دانيال هذا الشهر، في ظل تداعيها وحاجتها الماسة إلى الصيانة.
ونقلت الصحيفة عن أنس القماطي، مدير مركز الصادق بالعاصمة طرابلس قوله، إن "الإهمال هو مقدمة لكارثة كاملة، ويريد الليبيون رؤية عملية شفافة تحاسب الأفراد".
وطالبت حشود من المحتجين في درنة، بالعدالة والإطاحة بالقادة مع وضوح حجم الكارثة والضحايا، وتجمع المتظاهرون أمام مسجد معروف، وقامت مجموعة صغيرة بحرق منزل رئيس البلدية. بعد أيام قليلة من الكارثة المدمرة.
وقامت الصحيفة بمراجعة وثائق وتقارير من ديوان المحاسبة في الحكومة الليبية، وكذا مقابلات مع مسؤولين ليبيين ومقاولين أجانب تم استئجارهم لإصلاح السدين، حيث كشفت عن سلسلة من سوء الإدارة الذي بدأ من عهد القذافي حتى اليوم.
استشارة شركات عديدة
وكانت شركة يوغسلافية بنت السدين في عام 1978 على وادي درنة، وكانا جزءا من خطط القذافي الذي وصل إلى السلطة نهاية ستينيات القرن الماضي لمباشرة البناء، وتقوية اقتصاد البلاد. وبدلا من ذلك دخلت البلاد عزلة لم ترفع عنها إلا بعد قرارها التخلي عن برامجها النووية وتسليم المطلوبين في تفجير طائرة بانام 103 فوق لوكربي عام 1988.
وعام 2003 تلقى ميغول ستكي، مهندس السدود في لوزان بسويسرا، مكالمة من السلطة العامة للمياه لتقديم الاستشارة بشأن السدين، وذلك حسب أشخاص على معرفة بالأمر. وأوصت شركته الهندسية "ستكي" بتقوية البنى التحتية للسدين وبناء سد ثالث جديد وتنظيف الضفاف والجدران حول السدين لمنع الفيضان. وفقا للصحيفة.
لم تسارع حكومة القذافي بتنفيذ توصيات ستكي وتم وقف العمل بشكل مستمر، وأوقف نجل القذافي، سيف الإسلام، دفعات مالية لإصلاح السدين وسط صراع على السلطة بين أبناء القذافي والحكومة الليبية في حينه، حسب مسؤولين ليبيين، بمن فيهم محمد علي عبد الله الذي عمل في لجنة كلفت بتوحيد ديون البلاد في 2012 وبعد سقوط "الديكتاتور"، ورثت القيادات الليبية المتعاقبة أكثر من 10 مليارات دولار. وفقا للصحيفة.
ويقول الخبير في الشؤون الليبية، تيم إيتون، إنه في عام 2010 تم الإتصال بالشركة الأردنية "الكونكورد" للإنشاءات وبناء خط أنابيب مرتبطة بالبنى بكلفة 1.6 مليون دينار ليبي أو حوالي 327.000 دولارا، لكنها لم تقم بأي عمل حسب ديوان المحاسبة الليبي.
وقال مؤسس الكونكورد ومديرها التنفيذي حامد جبر إن المشروع لم يكن على السدين وتم تأخيره بسبب خلاف مالي مع حكومة القذافي و "لم يحدث أي تقدم منذ ذلك الوقت".
كما تم استئجار شركة إيطالية لتقديم تقييم آخر وتوصلت مثل السويسرية إلى ضرورة تقوية دعامات للسدين. وتم الإتصال بداية مع الشركة التركية "أرسيل" لإصلاح ضفاف السدين واستأنفت العمل أخيرا عام 2011، لكنها لم تكمل سوى خمس العمل قبل اندلاع انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالديكتاتوريات بمن فيهم القذافي الذي قتل وتبع ذلك حربا أهلية.
ولفتت الصحيفة إلى أن موقع عمل شركة أرسيل عند السد تم سرقته بالكامل من معدات وغيرها، وأجبرت الشركة على المغادرة.
حفتر مسؤول عن الكارثة
لفتت الصحيفة إلى أنه بسبب عمليات قوات حفتر في درنة عام 2014 تحت ذريعة طرد تنظيم الدولة، ظلت المدينة وسديها وبنيتها التحتية بعيدا عن منال الحكومة في طرابلس. وقال ديوان المحاسبة إن حصار حفتر للمنشآت النفطية حرم الحكومة من الأموال اللازمة لصيانة السدين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة كارثة درنة القذافي ليبيا السدود ليبيا القذافي كارثة درنة السدود صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ماسك يتسبب بانهيار التوافق على مشروع الميزانية الأمريكية.. فوضى في الكونغرس
يعيش الجمهوريون في مجلس النواب حالة من الفوضى بعد تمرير حزمة تم إعدادها على عجل لتمويل الحكومة، أما المتسبب بكل تلك الفوضى فهو الملياردير إيلون ماسك، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
وأضافت المجلة أن "حالة الإحباط والاستياء تتصاعد من رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وباتت أخبار الصراعات الداخلية بين أعضاء الحزب الجمهوري تطفو على السطح، في ذات الوقت يعلن الديمقراطيون عن تحقيقهم انتصارا، بينما يحاول الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، تحميل جزء من المسؤولية فيما يحدث لجو بايدن، ويعود الفضل في ذلك لإيلون ماسك".
وأضافت: "كل ذلك حدث بفضل إيلون ماسك، كان أعضاء الكونغرس على وشك إنهاء أعمالهم والعودة إلى منازلهم لقضاء العطلات دون الكثير من الاضطرابات، لكن الإطار المقترح للاتفاق انهار تماما بعد أن نشر ماسك أكثر من 150 منشور عبر منصة "X"، مطالبا الجمهوريين في مجلس النواب برفض ما تم الاتفاق عليه والعودة إلى نقطة البداية لإعادة صياغة الصفقة".
ووفقا للصحيفة فإن نهج ماسك الذي يعتمد على "التحرك بسرعة واقتحام العقبات" يتعارض تماما مع ثقافة واشنطن التي تعتمد العمل بهدوء دون ميل للمخاطرة.
وأوضحت: "بالنسبة للكونغرس والجهاز الحكومي الأكبر في واشنطن، هذا يعدّ إنذارا بأن الأحداث المقبلة قد تشهد تقويضا للخطط المدروسة بعناية عبر قرارات تصدر من أغنى رجل في العالم، أما بالنسبة لماسك، فهذا مجرد يوم آخر في المكتب".
وبحسب الصحيفة فإن ماسك وضمن جهوده لتخفيض النفقات وتحسين عمل الحكومة، ينظر في خيار "تفكيك الهيكل الحكومي بالكامل من جذوره"حتى وإن أدى ذلك إلى الفوضى والاضطرابات.
حتى الآن، أغضب الصدام الثقافي الجمهوريين، لكنه أكسب ماسك أيضًا صفقة يقول إنه أكثر سعادة بها. كما أوضح الاختلافات الصارخة في كيفية فهم رواد الأعمال المزعجين والمسؤولين الحكوميين لواجب إدارة شركة أو دولة.
تتابع المجلة: "إن نهج مؤسس "سبيس إكس" الحر، "إذا لم تفشل الأمور، فأنت لا تبتكر بما فيه الكفاية" - والذي استخدمه ليصبح أغنى شخص في العالم - مقابل التشريع المتصلب والرافض للمخاطرة في واشنطن في بعض الأحيان، قد يحدد نجاحات وإخفاقات إدارة ترامب الثانية، على الأقل طالما بقي ماسك في الحكومة وطالما احتفظت بمصالحه".
من جهته أصر ماسك على أن مشروع قانون الإنفاق الحزبي الذي كان على وشك إقراره في مجلس النواب كان مليئًا بالإنفاق الباهظ. ويرى أن هدم البنية التحتية للحكومة حتى النخاع -حتى لو أدى ذلك إلى المزيد من الفوضى- هو جزء من تفويضه بخفض الإنفاق الحكومي في الإدارة القادمة.
لا يزال ماسك يتعلم أي نوع من الضغوط ينجح في واشنطن. في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، أعلنت الرئيسة التنفيذية لشركة "إكس" ليندا ياكارينو عن مشروع قانون "بقيادة إكس" كان نسخة محدثة من قانون سلامة الأطفال على الإنترنت، وحثت الكونغرس على تمريره. ألقى ماسك بثقله وراءه، مشيرًا إلى أن "حماية الأطفال يجب أن تكون دائمًا الأولوية رقم 1"، لكن رئيس مجلس النواب مايك جونسون أغلق الباب أمام مشروع القانون، مشيرًا إلى أنه "قد يؤدي إلى مزيد من الرقابة من قبل الحكومة على الأصوات المحافظة الصالحة".
ولكن ماسك ليس معتاداً على هذا النوع من الاستجابة. ففي شركاته، عندما يحدد المشاكل ويقرر إصلاحها، يعمل ماسك بسرعة وبتوجيه من أعلى إلى أسفل، ويحكم كل شبر من إمبراطوريته. يقول مارك أندريسن، المستثمر المغامر ومؤيد ترامب، مؤخراً : "في الأساس، ما يفعله ماسك هو أنه يظهر كل أسبوع في كل شركة من شركاته، ويحدد أكبر مشكلة تواجهها الشركة في ذلك الأسبوع ويصلحها. ويفعل ذلك كل أسبوع لمدة 52 أسبوعاً على التوالي، ثم تحل كل شركة من شركاته أكبر 52 مشكلة في ذلك العام".
والآن يواجه مالك شركة "إكس" أكثر من مجرد شركة مليئة بالمرؤوسين. فهناك فروع متساوية للحكومة يتعين عليه التعامل معها. وسوف يتعين عليه إقناع مجموعة من الناس يتمتعون بقواعد قوة مستقلة وشتى أنواع اهتماماتهم الخاصة بالرضوخ. والواقع أن عواقب العمل أو التقاعس عن العمل تختلف تمام الاختلاف. ذلك أن توقف أجزاء من البيروقراطية الحكومية عن العمل على النحو اللائق قد يعني حرمان الملايين من الأمريكيين من الوصول إلى المزايا والوظائف الحكومية الأساسية.