كشفت تحقيق لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن كارثة السدين في مدينة درنة الليبية لم تكن لتحدث دون تاريخ طويل من الإهمال والفساد، تمتد إلى سنوات حكم نظام معمر القذافي، مؤكدا ضلوع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في المسؤولية عن الكارثة، بفعل سيطرته العسكرية على المدينة.

وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمته "عربي21"، إن مجموعة من المهندسين السويسريين قاموا عام 2003، بفحص سدي درنة، وتوصلوا إلى أن البنى التحتية لهما تتعرض للضغط و أوصوا بتقوية السدين وبناء سد ثالث لتخفيف الضغط عنهما، لكن الصيانة لم تجر في حينه.



وذكر التحقيق أنه تم استئجار ثلاث شركات للقيام بأعمال الصيانة في الأيام الأخيرة من نظام القذافي، ولكن بعد الإطاحة به عام 2011 اختفت الأموال المخصصة لإعادة بناء السدين، بفعل الانقسام الحاصل في ليبيا بحسب التدقيقات المالية التي جرت على المشروع. 

وتسبب انهيار السدين في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، إلى كارثة كبيرة في درنة، حيث قتل وفقد الآلاف بعد أن جرفت مياه السيول أحياء بأكملها.

وقالت الصحيفة، إن خسارة الأوراح الكارثية هي آخر مثال عن الكيفية التي يغذي فيها الفساد والعنف، الغضب ضد الحكومات في عموم الشرق الأوسط، وتثير أسئلة حول الكيفية التي يمكن فيها للبنى التحتية بالمنطقة تحمل ظروف مناخية قاسية كهذه، كإعصار دانيال هذا الشهر، في ظل تداعيها وحاجتها الماسة إلى الصيانة.


ونقلت الصحيفة عن أنس القماطي، مدير مركز الصادق بالعاصمة طرابلس قوله، إن  "الإهمال هو مقدمة لكارثة كاملة، ويريد الليبيون رؤية عملية شفافة تحاسب الأفراد".

وطالبت حشود من المحتجين في درنة، بالعدالة والإطاحة بالقادة مع وضوح حجم الكارثة والضحايا، وتجمع المتظاهرون أمام مسجد معروف، وقامت مجموعة صغيرة بحرق منزل رئيس البلدية. بعد أيام قليلة من الكارثة المدمرة.

وقامت الصحيفة بمراجعة وثائق وتقارير من ديوان المحاسبة في الحكومة الليبية، وكذا مقابلات مع مسؤولين ليبيين ومقاولين أجانب تم استئجارهم لإصلاح السدين، حيث كشفت عن سلسلة من سوء الإدارة الذي بدأ من عهد القذافي حتى اليوم.

استشارة شركات عديدة
وكانت شركة يوغسلافية بنت السدين في عام  1978 على وادي درنة، وكانا جزءا من خطط القذافي الذي وصل إلى السلطة نهاية ستينيات القرن الماضي لمباشرة البناء، وتقوية اقتصاد البلاد. وبدلا من ذلك دخلت البلاد عزلة لم ترفع عنها إلا بعد قرارها التخلي عن برامجها النووية وتسليم المطلوبين في تفجير طائرة بانام 103 فوق لوكربي عام 1988.

وعام 2003 تلقى ميغول ستكي، مهندس السدود في لوزان بسويسرا، مكالمة من السلطة العامة للمياه لتقديم الاستشارة بشأن السدين، وذلك حسب أشخاص على معرفة بالأمر. وأوصت شركته الهندسية "ستكي" بتقوية البنى التحتية للسدين وبناء سد ثالث جديد وتنظيف الضفاف والجدران حول السدين لمنع الفيضان. وفقا للصحيفة.

لم تسارع حكومة القذافي بتنفيذ توصيات ستكي وتم وقف العمل بشكل مستمر، وأوقف نجل القذافي، سيف الإسلام، دفعات مالية لإصلاح السدين وسط صراع على السلطة بين أبناء القذافي والحكومة الليبية في حينه، حسب مسؤولين ليبيين، بمن فيهم محمد علي عبد الله الذي عمل في لجنة كلفت بتوحيد ديون البلاد  في 2012 وبعد سقوط "الديكتاتور"، ورثت القيادات الليبية المتعاقبة أكثر من 10 مليارات دولار. وفقا للصحيفة.

 ويقول الخبير في الشؤون الليبية، تيم إيتون، إنه في عام 2010 تم الإتصال بالشركة الأردنية "الكونكورد" للإنشاءات وبناء خط أنابيب مرتبطة بالبنى بكلفة  1.6 مليون دينار ليبي أو حوالي 327.000 دولارا، لكنها لم تقم بأي عمل حسب ديوان المحاسبة الليبي. 


وقال مؤسس الكونكورد ومديرها التنفيذي حامد جبر إن المشروع لم يكن على السدين وتم تأخيره بسبب خلاف مالي مع حكومة القذافي و "لم يحدث أي تقدم منذ ذلك الوقت".

كما تم استئجار شركة إيطالية لتقديم تقييم آخر وتوصلت مثل السويسرية إلى ضرورة تقوية دعامات للسدين. وتم الإتصال بداية مع الشركة التركية "أرسيل" لإصلاح ضفاف السدين واستأنفت العمل أخيرا عام 2011، لكنها لم تكمل سوى خمس العمل قبل اندلاع انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بالديكتاتوريات بمن فيهم القذافي الذي قتل وتبع ذلك حربا أهلية.

ولفتت الصحيفة إلى أن موقع عمل شركة أرسيل عند السد تم سرقته بالكامل من معدات وغيرها، وأجبرت الشركة على المغادرة.

حفتر مسؤول عن الكارثة
لفتت الصحيفة إلى أنه بسبب عمليات قوات حفتر في درنة عام 2014 تحت ذريعة طرد تنظيم الدولة، ظلت المدينة وسديها وبنيتها التحتية بعيدا عن منال الحكومة في طرابلس. وقال ديوان المحاسبة إن حصار حفتر للمنشآت النفطية حرم الحكومة من الأموال اللازمة لصيانة السدين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة كارثة درنة القذافي ليبيا السدود ليبيا القذافي كارثة درنة السدود صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نمو الودائع والسيولة في المصارف الليبية.. بين الإشارات الإيجابية والتحديات المستقبلية

ليبيا – خبراء ماليون: المصارف الليبية قادرة على إدارة مواردها لكنها بحاجة لتوجيه السيولة نحو الاستثمار هويدي: المصارف الليبية تدير مواردها بكفاءة لكنها تحتاج إلى استثمار السيولة

أكد المصرفي معتز هويدي أن الزيادة في السيولة وأرصدة الودائع في القطاع المصرفي الليبي تعد إشارة إيجابية على تحسن النظام المالي، لكنها لا تعني استقرارًا دائمًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.

وفي تصريحات خاصة لموقع “العربي الجديد”، أوضح هويدي أن المصارف الليبية أثبتت قدرتها على إدارة مواردها بشكل جيد، لكن هناك حاجة لتوجيه هذه السيولة نحو مشروعات استثمارية تدعم النمو الاقتصادي، بدلًا من أن تبقى مجرد أرقام في الحسابات البنكية دون تأثير حقيقي على الاقتصاد.

ضوء: تحسن أداء المصارف مرتبط بالاستقرار السياسي والاقتصادي

من جهته، رأى المحلل المالي صبري ضوء أن الزيادة في السيولة المصرفية تؤكد وجود تحسن نسبي في أداء القطاع المصرفي الليبي خلال عام 2024، لكنها في الوقت ذاته تُظهر الحاجة الملحة لتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي لضمان استدامة هذا التحسن.

وأشار ضوء إلى أن التحدي الأكبر أمام القطاع المصرفي يتمثل في كيفية توجيه هذه الموارد نحو مشاريع تنموية تخدم الاقتصاد الوطني وتساهم في تحقيق نمو مستدام، بدلًا من أن تظل السيولة النقدية متداولة فقط داخل النظام المصرفي دون استثمار حقيقي.

مقالات مشابهة

  • الأطباء: الطب الشرعي المعني بتحديد المضاعفات الناتجة عن الإهمال
  • الدويري: تحقيق جيش الاحتلال يكشف إخفاقه على 3 مستويات في 7 أكتوبر
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي حريص على التواصل مع كافة الأطراف الليبية لحل المشكلات
  • الحزب الشيوعي: الدولة العراقية باتت عاجزة عن تقدم الخدمات والفساد جزء منها
  • نمو الودائع والسيولة في المصارف الليبية.. بين الإشارات الإيجابية والتحديات المستقبلية
  • «المقريف» يؤكّد أهمّية التّخطيط الاِستراتيجي لمستقبل «الجامعات الليبية»
  • تحقيق يكشف تعرّض أطباء من غزة للتعذيب والضرب والإهانة بسجون الاحتلال
  • وزير الصناعة يكشف أبرز التحديات التي تواجه قطاع الأدوية
  • دياب لـ سانا: أدعو الشركات التي كانت تعمل في مجال النفط سابقاً إلى العودة لسوريا والمساهمة في تطوير هذا القطاع الحيوي بخبراتها واستثماراتها التي سيكون لها دور مهم في تحقيق التنمية والنهوض بقطاع النفط والغاز
  • الكهرباء العراقية: سيمنز ركيزتنا في تحديث البنية التحتية