نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرا تحت عنوان "اتفاق إسرائيلي سعودي قد يقلب الشرق الأوسط رأسا على عقب"، وقالت إن التوقيع عليه بمساعدة أمريكية يمكن أن يمنح الرياض التكنولوجيا النووية.

وقالت المجلة إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لم يخف استمتاعه بمنظور معاهدة استراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة.

إقرأ المزيد الأمير عبدالعزيز بن سلمان: السعودية تعتزم بناء أول محطة للطاقة النووية

وفي مقابلة تلفزيونية نادرة يوم 20 سبتمبر، صرح الأمير محمد بن سلمان بأن الاتفاق قريب، حيث قال "كل يوم نقترب، وتبدو المحادثات لأول مرة جدية وحقيقية"، مضيفا أنها قد تكون "أكبر صفقة تاريخية منذ الحرب الباردة".

وفي 22 سبتمبر، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن الأطراف الثلاثة على أعتاب صفقة، مشيرا إلى أنها ستكون قفزة نوعية.

وذكرت المجلة أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين السعودية أغنى دولة عربية وأكثرها نفوذا، وإسرائيل التي نبذتها المملكة منذ فترة طويلة، كانت قادمة.

وأشارت مجلة "الإيكونوميست" إلى أن محمد بن سلمان ومنذ توليه منصب ولاية العهد في 2017 التقى مرة واحدة سرا مع نتيناهو، مضيفة أن هناك علاقات تجارية هادئة بين تل أبيب والرياض، ولهما منافس مشترك في إشارة إلى إيران.

وأفادت بأنه في عام 2020 تم توقيع "اتفاقيات إبراهيم" بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، باستثناء السعودية، مبينة أن قليلين توقعوا أن يتم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الإسرائيلية السعودية خلال حياة العاهل السعودي الملك سلمان، الذي ينتمي إلى جيل لم يكن من الممكن بالنسبة له إقامة أي علاقة مع إسرائيل.

إقرأ المزيد عقب تصريحات عن قرب تطبيع المملكة مع إسرائيل.. وفد سعودي يزور الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني

ومع ذلك، فقد زادت المحفزات للتوصل إلى اتفاق، وبالنسبة للسعودية فالدافع هو معاهدة استراتيجية جديدة مع الولايات المتحدة حيث ترتبط الدولتان بعلاقة أمنية، إلا أن السعودية تريد معاهدة دفاع رسمية وليس أقل من ذلك، لأن إيران تزيد من برامجها النووية وتقف على أعتاب إنتاج الأسلحة النووية، مما سيقلب التوازن الأمني في المنطقة رأسا على عقب.

وتشمل المحادثات تطوير مفاعل للطاقة النووية حيث تم تخصيب اليورانيوم في داخل السعودية وتحت إشراف أمريكي، حسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، وعلى نفس الطريقة التي أدارت فيها الولايات المتحدة شركة أرامكو العملاقة في البداية.

ومع أن هذه الجهود ستكون مدنية الطابع، إلا أن الهدف الأمريكي النهائي هو منع سباق تسلح نووي في  الشرق الأوسط، ويقول ولي العهد السعودي إن بلاده لها الحق في امتلاك الأسلحة النووية إذا امتلكتها إيران، حيث صرح "لو حصلوا على سلاح، فنسنحصل على مثله، لكننا لا نريد رؤية هذا".

وبالنسبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، فإطار دبلوماسي أمني تدعمه الولايات المتحدة ويقوم على القوتين الإقليميتين، سيكون إنجازا مهما في السياسة الخارجية ويدخل فيه عامه الانتخابي.

ولاحظت المجلة التغير في مواقف بايدن من السعودية في أثناء حملته الانتخابية التي لم يرد التعامل معها، لكن الواقعية السياسية هي التي تحكم اليوم.

إقرأ المزيد أقحمت مصر في الملف.. المعارضة الإسرائيلية تحذر من اتفاق تطبيع مع السعودية يسمح بتخصيب اليورانيوم

وترى إدارة بايدن في الصفقة وسيلة للتكيف مع العصر الجيوسياسي الجديد والذي ستظل فيه الولايات المتحدة الضامن النهائي لأمن دول الخليج وعلى مدى العقود القادمة، حتى لو استمرت اقتصاديات هذه الدول تنحرف نحو آسيا، وبالتالي إحباط محاولات إيران وتهدئة أسواق الطاقة ومنع الصين من دفع الشرق الأوسط نحو فلك تأثيرها.

ولا تزال هناك عقبات داخلية كبيرة أمام الاتفاق، حيث أوضحت الصحيفة أن الأنظمة الملكية شبه المطلقة يجب أن تأخذ في الاعتبار الرأي العام، مشيرة إلى أن 2% من الشباب السعودي فقط يدعمون التطبيع وذلك بحسب دراسة لمسح الشباب العربي 2023، مقارنة مع 75% في الإمارات و73% في مصر، وكلاهما طبعا لهما علاقات مع إسرائيل.

وهذا يفسر إحالات ولي العهد المستمرة في مقابلته للاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، حيث قال "بالنسبة لنا، فالقضية الفلسطينية مهمة جدا ونحن بحاجة لحل هذا الجزء"، وشدد على أنهم بحاجة إلى حل هذا الجزء.

وأفادت الصحيفة بأن المحادثات الموازية بين السعوديين والفلسطينيين تتكثف، ومن المقرر أن يزور وفد فلسطيني رسمي الرياض في أكتوبر المقبل، علما أن المسؤولين الفلسطينيين قاموا بزيارات للرياض بشكل أسبوعي تقريبا في الأشهر القليلة الماضية، وفقا لمصدر في الضفة الغربية.

وبينت المجلة أن الأمير محمد بن سلمان لم يذكر في مقابلته التلفزيونية مبادرة السلام العربية، وهي خطة أقرتها المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى في عام 2002، وتقوم على علاقات مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967، بما فيها القدس الشرقية وإنشاء الدولة الفلسطينية.

إقرأ المزيد "كان": تحذيرات وقلق في القيادة الأمنية الإسرائيلية من التطبيع مع السعودية

وأشارت إلى أنه وبدلا من ذلك، قدم الأمير وعودا غامضة مثل منح الفلسطينيين احتياجاتهم والتأكيد من توفير حياة جيدة لهم، في الوقت الذي تتحدث الأطراف كلها عن صورة "شرق أوسط جديد" تربطه المواصلات والطاقة، حيث تتغلب الفرص الاقتصادية على الكراهية.

وعلقت المجلة قائلة "إن غموض ولي العهد السعودي بشأن الحقوق الفلسطينية، هو اعتراف بمشاكل نتنياهو الداخلية.. لقد كان كل زعيم إسرائيلي يتوق إلى إنهاء العزلة الإقليمية والتي استمرت منذ عام 1948.. وبالنسبة لنتنياهو الذي يقود حكومة متطرفة ويواجه احتجاجات واتهامات بالفساد، فصفقة مع السعودية ستكون فرصة ذهبية لكي يلمع إرثه المشوه".

وأفادت بأن الأشهر التسعة الأولى الفوضوية من رئاسته الأخيرة للوزراء تفسر السبب الذي يدفع نتنياهو الذي ظل لسنوات عديدة يتحدث بصوت عال عن مخاطر البرنامج النووي الإيراني، على استعداد لتأييد تخصيب اليورانيوم السعودي كجزء من أي صفقة.

وأشارت في السياق إلى أنه من الممكن أن يؤدي التوصل إلى اتفاق إلى إحداث موجات من الصدمة في السياسة الإسرائيلية ذات عواقب لا يمكن التنبؤ بها، حيث يضم ائتلافه المتشدد أحزابا تمثل المستوطنين اليهود المتدينين في الضفة الغربية المحتلة الذين يعارضون أي تنازلات للفلسطينيين، علما أن لدى المستوطنين تمثيل قوي داخل حزب الليكود وكلهم يحذرون من أنهم سيعارضون أي تنازلات أو صفقة تتخلى فيها إسرائيل عن المناطق الفلسطينية.

هذا، وقالت إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أدرك أن السعوديين لن ينتظروا بعد الآن قيام دولة فلسطينية قبل إقامة علاقات مع إسرائيل، ولكنه يريد أن تتوقف إسرائيل على الأقل عن بناء مستوطنات جديدة وتضمن قدرا أكبر من الحكم الذاتي الفلسطيني في الضفة الغربية، معرجة بالقول "وحتى هذا من شأنه أن يسقط ائتلاف نتنياهو الحالي.. ويقول أحد كبار السياسيين اليمينيين إن الصيغة الوحيدة التي سيؤيدها الائتلاف هي حصول الفلسطينيين على أموال سعودية لتلبية احتياجاتهم، ولكن ليس المزيد من الحقوق".

إقرأ المزيد "طوفان" من العلاقات.. تقرير عبري يرجح بعض الدول الإسلامية التي قد تُطبّع مع إسرائيل بعد السعودية

وتقول المجلة إنه إذا دعم محمد بن سلمان ولو جزء من المطالب الفلسطينية، فمن المحتمل أن يخسر نتنياهو دعم بعض أعضاء ائتلافه ومعه أغلبيته في الكنيست، وسيكون خياره الوحيد هو استخدام احتمال التوصل إلى اتفاق تاريخي لكسب دعم أحزاب الوسط التي رفضت حتى الآن الانضمام إلى حكومته وستطالب بتغييرات سياسية كبيرة للقيام بذلك الآن.

ورغم دعم الوسط بقيادة بيني غانتس ويائير لبيد لصفقة سعودية، إلا أن الأخير طرح بعض التحفظات حول تخصيب اليورانيوم في السعودية، وكلاهما لديه تجربة مرّة في التعامل مع نتنياهو ولديهما الأسباب لعدم المشاركة في حكومة أخرى.

وفي نهاية تقريرها أشارت إلى أن بايدن ربما وجد صعوبة في تسويق الصفقة، فحصول السعودية على مفاعل نووي قد يقلق الأمريكيين الخائفين من انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، كما أن التقدميين المعارضين للسعودية والجمهوريين الذين يصوتون ضد أي  شيء يقترحه بايدن سيحاولون عرقلة الصفقة.

وأمل بايدن الوحيد، هو حفاظ نتنياهو على شعبيته بين الجمهوريين لحرف معارضتهم ودفعهم لدعم الصفقة.

المصدر: مجلة "الإيكونوميست"

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: كورونا اتفاق السلام مع إسرائيل الاسلحة النووية البيت الأبيض الرياض الشرق الأوسط بنيامين نتنياهو تل أبيب جيل بايدن طهران محمد بن سلمان واشنطن الولایات المتحدة الضفة الغربیة محمد بن سلمان الشرق الأوسط إقرأ المزید مع إسرائیل ولی العهد إلى أن

إقرأ أيضاً:

مجلة داون: معاهدة الدفاع المقترحة بين السعودية وأمريكا قد تحدث تحولات مدمرة في الشرق الأوسط وخارجه (ترجمة خاصة)

سلطت مجلة "داون" الضوء على الخطوط العريضة حول اتفاقية الدفاع والأمن المقترحة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، والتي قالت إنها قد تحدث تحولات مدمرة في الشرق الأوسط وخارجه.

 

وذكرت المجلة في تحليل للباحث "ديفيد م. وايت" وترجم أبرز مضمونه إلى اللغة العربية "الموقع بوست" إن المعاهدة في حين لا تزال قيد التفاوض، فإن الخطوط العريضة العامة لاتفاقية جديدة شاملة لـ "شراكة استراتيجية" بين واشنطن والرياض تتوافق مع اتجاهين تاريخيين طويلي الأمد في العلاقة بين الدولتين.

 

وقال وايت -وهو مؤرخ في جامعة نورث كارولينا في جرينسبورو. ومؤلف كتاب "أموال النفط: بترودولارات الشرق الأوسط وتحول الإمبراطورية الأميركية، 1967-1988"- "على أقل تقدير، إن الاتفاق الأميركي السعودي الجديد من شأنه أن يديم تقويض السلام وحقوق الإنسان للعرب والأميركيين وغيرهم. وفي أسوأ الأحوال، من شأن الاتفاق الجديد أن يؤدي إلى كارثة غير مسبوقة".

 

ولفت الباحث إلى أن تحليله مقتبس من ورقة قدمت في ورشة عمل سياسية حول اتفاقية الأمن المقترحة بين الولايات المتحدة والسعودية، والتي استضافتها منظمة "الفجر الجديد" بالاشتراك مع مركز الوليد للتفاهم الإسلامي المسيحي في جامعة جورج تاون.

 

تقويض السلام في المنطقة

 

واضاف إن هناك الاتجاه العام، وإن كان غير مستقر في بعض الأحيان، نحو مزيد من الاعتماد المتبادل بين المملكة والولايات المتحدة منذ ثلاثينيات القرن العشرين، والذي تسعى إليه كل من الدولتين لتعزيز الأمن القومي ومصالح الطبقة الحاكمة. وثانياً، هناك ميل للتعاون الأميركي السعودي إلى تقويض السلام والحقوق المدنية والإنسانية للعرب والأميركيين وغيرهم من الشعوب في مختلف أنحاء العالم.

 

وتابع "رغم أن الاتفاق الأميركي السعودي المقترح متجذر في هذه الاستمرارية التاريخية، فإن بعض أهم مكوناته التي تم الإبلاغ عنها، وخاصة الالتزام الدفاعي الأميركي على مستوى المعاهدة تجاه السعودية والمساعدة الأميركية في تطوير برنامج الطاقة النووية السعودي، لديها القدرة على التسبب في تحولات مدمرة في الشرق الأوسط وخارجه. ورغم أن أحداث العام الماضي أعاقت الجهود الرامية إلى سن هذا الاتفاق الجديد، فلا ينبغي الاستهانة بإمكانية إحيائه في المستقبل".

 

ولخص الباحث الاتفاق المزعوم في خمسة مكونات رئيسية: التعاون الاقتصادي والعسكري الجديد بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية؛ وفرض القيود على النفوذ الصيني والروسي في المملكة؛ وتطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل؛ ومعاهدة دفاعية أميركية رسمية مع المملكة العربية السعودية؛ والتعاون الأميركي في مجال الطاقة النووية السعودية.

 

وحسب الباحث "تتضمن الصفقة، كما ورد، مبيعات أسلحة أمريكية جديدة للمملكة واستثمارات مشتركة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتتسق مثل هذه المبادرات مع اتجاه السعودية إلى إنفاق واستثمار أموالها النفطية الضخمة في الاقتصاد الأمريكي في مشاريع تعزز قوة كل من الرياض وواشنطن - وهي الاستراتيجية التي كانت بمثابة الأساس للتحالف الأمريكي السعودي غير الرسمي منذ سبعينيات القرن العشرين. وخلق كارثة إنسانية في اليمن بعد عام 2015 بالحرب الجوية التي تقودها السعودية ضد الحوثيين".

 

ويرى أن مبيعات الأسلحة الجديدة والاستثمار المشترك في الذكاء الاصطناعي هي أحدث تكرار لاتجاه قائم منذ فترة طويلة، ويمكن للمرء أن يتوقع نتائج مماثلة منها: تعزيز ليس فقط العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة، ولكن أيضًا قوتهما الاقتصادية والعسكرية المتبادلة، على حساب الحقوق المدنية وحقوق الإنسان، وأي احتمال للسلام في المنطقة.

 

وأكد أن هذه التعاونات الاقتصادية والعسكرية تواجه عقبات قليلة نسبيًا من الكونجرس الأمريكي. ونظرًا لأن مثل هذه التبادلات الممولة بالبترودولار كانت بمثابة حجر الزاوية للعلاقات الأمريكية مع الرياض لمدة خمسة عقود، فمن المؤكد تقريبًا أنها ستستمر حتى لو لم يتم التوصل إلى مكونات أخرى من هذه "الصفقة الضخمة" المفترضة. والواقع أن بعض جوانب هذا الترتيب الأمريكي السعودي جارية بالفعل، حيث رفعت إدارة بايدن بهدوء حظرها على بيع الأسلحة "الهجومية" للمملكة في أغسطس/آب.

 

الحد من الاستثمارات الصينية

 

وتابع "قد يتضمن الاتفاق أيضًا تعهدات سعودية بعدم شراء أسلحة صينية والحد من الاستثمارات الصينية داخل المملكة. منذ فجر الحرب الباردة، كان الهدف الأسمى لواشنطن فيما يتصل بالمملكة العربية السعودية هو منع نفوذ القوى العظمى المنافسة هناك وفي مختلف أنحاء منطقة الخليج".

 

وقال "كان هذا الهدف قابلاً للتحقيق في مواجهة الاتحاد السوفييتي، ولكن في العقود الثلاثة الماضية، نجحت الصين وروسيا، رغم عدم إزاحتهما للولايات المتحدة كحليف عسكري لآل سعود، في تعميق علاقاتهما الاقتصادية والسياسية مع الرياض بشكل كبير. وبالنسبة لواشنطن، يبدو أن السبب الأساسي وراء إبرام صفقة جديدة هو عكس اتجاه العلاقات الوثيقة بين المملكة العربية السعودية وبكين وموسكو وتحدياتهما للصلاحيات العالمية للولايات المتحدة".

 

واستدرك "لكن في الواقع، يبدو من غير المرجح إلى حد كبير أن يؤدي الاتفاق الجديد إلى خنق قدرة الرياض بشكل كبير على التعاون مع الصين وروسيا، وخاصة في المجالات التي تثير أكبر قدر من القلق بالنسبة لواشنطن. ومع كون الصين الشريك الأول للمملكة العربية السعودية في الاستيراد والتصدير، فلا يوجد سيناريو تقريبًا قد تقطع فيه المملكة النفط عن الصينيين. وعلى نحو مماثل، لا يوجد ما يمنع السعوديين من الاستمرار في التعاون مع الروس في تعزيز أسعار النفط العالمية. وفي الغالبية العظمى من القضايا الجيوسياسية، ستواصل الرياض الاستفادة من عالم أكثر تعدد الأقطاب على حساب واشنطن، على الرغم من أي اتفاق جديد".

 

ويؤكد أن العنصر الثالث المقترح في الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والسعودية هو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. وقال "في حين أن العلاقات الإسرائيلية السعودية الرسمية من شأنها أن تخلف آثاراً كبيرة، وإن كانت غير متوقعة، على الشرق الأوسط، فإنها لن تشكل تغييراً كبيراً من حيث الشراكة القائمة بالفعل، وإن كانت غير رسمية، بين إسرائيل والسعودية ــ تحت رعاية واشنطن ــ لمواجهة إيران وحلفائها الإقليميين في المقام الأول".

 

ويشير إلى أن التطبيع الإسرائيلي السعودي قد يخلف عواقب أكثر أهمية على العلاقات الأميركية السعودية. وقال "إذا كان جزءاً من صفقة شاملة، فمن المرجح أن يدعم البيت الأبيض والكونجرس الأجزاء الأكثر أهمية من "الشراكة الاستراتيجية" الأميركية الجديدة مع الرياض: معاهدة دفاع رسمية ودعم الولايات المتحدة لبرنامج الطاقة النووية السعودي.

 

ويفيد وايت أن معاهدة دفاع رسمية، أشبه بشيء مثل حلف شمال الأطلسي أو معاهدة الأمن بين الولايات المتحدة واليابان، من شأنها أن تمثل تحولا كبيرا في العلاقات الأمريكية مع السعودية، والعالم العربي بأكمله. ورغم أن الحكومة الأميركية أعلنت مراراً وتكراراً عن امتيازها بالتدخل العسكري في الدول العربية دفاعاً عن المصالح الأميركية وشركائها المحليين ـ منذ مبدأ أيزنهاور إلى مبدأ كارتر إلى مبدأ بوش ـ فإن واشنطن ظلت دوماً تترك القرار بشأن العمل العسكري الأميركي في المنطقة لتقديرها وحدها.

 

يتابع "الواقع أن إبرام معاهدة دفاعية ملزمة مع السعودية من شأنه أن يلزم الولايات المتحدة للمرة الأولى بحماية دولة عربية عسكرياً في حالة تعرضها لهجوم أجنبي، وإلا فإنه من شأنه أن يقوض بشدة مصداقية الاتفاقيات الدفاعية الأميركية الأخرى في مختلف أنحاء العالم".

 

الصراع السعودي الإيراني

 

وزاد "الواقع أن السبب وراء ذلك هو وجود حدود لآل سعود، وتعزز موقفهم ضد إيران وأي منافسة أكثر من آخر. والأمر أصغر وضوحا هو ما قد تكسبه واشنطن مثل هذا الترتيب. فلا شيء في الصفقة المستقبلية يبرر مثل هذا والالتزام الأمريكي غير المسبوق. ونظرا لأن أمريكان ينتمون إلى رئيس الوزراء المجري فيكتور بان وتتنوع مساهما في تحالف شمال الأطلسي والترويج للديمقراطية، وبالتالي قد تتمكن المملكة العربية السعودية؟ في حكم أكثر من محمد بن سلمان، سوف تكون المملكة مرهقة كحليف للدفاع عن الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك لأن ولي العهد تعهد بالفعل مثل فلاديمير بوتن مصغر أكثر مما قد أتمنى أن يكون بشكل معقول".

 

وقال "على ذلك، فإن ثلوج الدفاع من القرن العشرين تكافئ محمد بن سلمان على الرغم من حربه الكارثية في اليمن، وهندسته لحصار الدبلوماسيين لقطر المجاورة – شريك وثيق الولايات المتحدة في الخليج – وهجومه داخل المملكة على حقوق الشعب السعودي. وبتشجيع من هذا، قد يتولى ويليام العهد الأمني ​​مرة أخرى، ويترتب على ذلك ميكانيكا محفوفة بالمخاطر تحت فرض الإفلات من العقاب من الضمانات الجديدة. ومن بين العديد من السفن الأخرى، قد تبحر المملكة العربية السعودية إلى هجمات مضادة من جانب إيران وحلفائها، مع إجبارها بموجب معاهدة الولايات المتحدة على نشر القوات العسكرية فيما تبقى من الشرق الأوسط.

 

يقول "في الوقت نفسه، تؤدي سياسات الولايات المتحدة - وأهمها إلغاء الانضمام إلى جزء منه في عام 2018 في سلوك إدارة الممارسات - إلى دفع طهران إلى تطوير قدراتها النووية إلى الحد الذي يمكن الآن من رأس إنتاج جديد في غضون بضعة أشهر. قد يدفع ثمن الأسلحة النووية السعودي إلى أو قنبلتها النووية، أو العكس".

 

ومضى بالقول "إذا تم إنتاج إيران والسعودية أسلحة نووية، فإن الشرق الأوسط - والسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة - ستكون في منطقة مجهولة. قد يتم تحفيز القوى العظمى الأخرى مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة ومصر على تطوير أسلحتها النووية. على أقل محدودية".

 

وقال "في مثل هذا السيناريو، قد يعمل الخوف من الدمار المتبادل المؤكد كرادع للحرب الشاملة. ولكن بالنظر إلى الصراعات الطويلة الأمد في المنطقة والعديد من الجهات العسكرية الحكومية وغير الحكومية، فإن سوء التقدير قد يؤدي إلى تبادلات نووية يمكن أن تقضي على احتياطيات النفط الضخمة والأماكن المقدسة وملايين البشر".

 

وخلص الباحث وايت في تحليله إلى القول "على أقل تقدير، من شأن الاتفاق الأمريكي السعودي الجديد أن يديم تقويض السلام والحقوق المدنية والإنسانية للعرب والأمريكيين وغيرهم. وفي أسوأ الأحوال، من شأن الاتفاق الجديد أن يؤدي إلى كارثة غير مسبوقة. ونظرا لهذه التكاليف والمخاطر المرتفعة مقابل القليل من الفائدة، فيجب إحباط الاتفاق المقترح".


مقالات مشابهة

  • إسرائيل مسحت 29 بلدة لبنانية من الخريطة
  • مجلة داون: معاهدة الدفاع المقترحة بين السعودية وأمريكا قد تحدث تحولات مدمرة في الشرق الأوسط وخارجه (ترجمة خاصة)
  • توقيع اتفاق عراقي - سعودي عسكري وتمارين بين جيشي البلدين
  • إسرائيل.. اعتقال مساعد نتنياهو وسط اتهامات بشأن تسريب معلومات استخباراتية
  • الرئيس الإيراني: وقف إطلاق النار قد يؤثر في ردنا على إسرائيل
  • الرئيس الإيراني: وقف إطلاق النار في غزة ولبنان قد يؤثر في ردنا على إسرائيل
  • الأقوى في العالم.. تعرف على قاذفات «بي-52» التي أرسلتها أمريكا للشرق الأوسط
  • هل اقتربت إسرائيل وإيران من الحرب الشاملة؟
  • باحثة: نتنياهو يسعى إلى بناء شرق أوسط جديد وتكون إسرائيل القوة المسيطرة
  • أميركا تُرسل قاذفات "بي-52" للمنطقة دفاعا عن إسرائيل