ثورة سبتمبر في ذكراها الـ61.. احتفاء يمني لافت رغم محاولات الحوثيين طمس معالمها (تقرير)
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
توسعت بشكل لافت احتفالات اليمنيين في الداخل والخارج بثورة 26 سبتمبر في ذكراها الـ61 هذا العام، مع محاولة الحوثيين لطمس معالمها واستبدالها بذكرى اجتياحهم للعاصمة صنعاء قبل تسع سنوات، وصولا إلى منع السبتمبريين بالاحتفال بثورتهم المجيدة وسط تهديدات للمحتفلين بهذه الثورة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.
وبين المحافظات في الداخل والجاليات اليمنية بالخارج، ارتفعت أصوات الاغاني وصدحت الأعلام الوطنية ابتهاجا بقدوم ذكرى ثورة سبتمبر المجيدة مع تكثيف التحضيرات للاحتفال بهذه المناسبة، في مسعى لكبح جماح التحشيدات الحوثية للاحتفال بمناسبات طائفية وعقائدية.
وضاعفت جماعة الحوثيين عام بعد أخر من تضييقها على المناسبات الوطنية وعلى رأسها 26 سبتمبر، في مسعى لتهميشها من ذاكرة اليمنيين، ما دفع اليمنيين لتوسيع الاعتزاز بهذه المناسبة التاريخية التي جاءت الجماعة لتعيد البلد الجمهوري إلى أحضان الإماميين الجدد.
الاحتفال والرد الأمثل
ويعتبر استاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم زيادة احتفالات اليمنيين بعيد ثورة 26 سبتمبر عامًا بعد آخر، هو الرد الأمثل على محاولات الحوثيين طمس الهوية اليمنية، بما تتضمنه من أعياد وطنية ورموز ثورية، من خلال المبالغة في الترويج لمناسباتهم الطائفية وفرضها على اليمنيين بالقوة، وإحلال زعمائهم الطائفية المتطرفة محل رموز الثورة اليمنية.
ويعد التوسع في الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر وسيلة لتعزيز مكانة هذه المناسبة الوطنية في الوجدان الشعبي والوعي الجمعي لليمنيين، بأجيالهم الحاضرة والمستقبلية، في مقابل المساعي الممنهجة لطمس الهوية اليمنية، بما تتضمنه من مناسبات وطنية ونقاط تحول كبرى في تاريخ البلاد، يقول غانم لـ"الموقع بوست".
ويضيف أن ثورة 26 سبتمبر نقطة الضوء الأهم والأبرز في تاريخ الحركة الوطنية في اليمن، بينما تأمل جماعة الحوثيين إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، مشيرا إلى أنهم "متناسين أن من ذاق طعم الحرية يستحيل إعادته إلى بيت الطاعة، كما يستحيل تكميم فمه، وتغييب وعيه".
ويؤكد أن معظم اليمنيين في وقتنا الحاضر لم يعاصر استبداد الحكم الإمامي، لكن جماعة الحوثيين استخدمت عندما اجتاحت صنعاء في21 سبتمبر2014، أبشع صور الاستبداد والقمع والقهر والفساد، ما دفع بهم إلى التجلي بعظمة ثورة السادس والعشرون من سبتمبر ونبهاءها، وتعزيز الاحتفاء بها على هذا النحو التلقائي والواسع.
ردت فعل مناسبة
ويقول المحلل السياسي ياسين التميمي إن مبالغة الحوثيين في الاحتفالات بمناسباتهم، استدعت ردت الفعل الكبيرة من الشعب اليمني الذي يرى ان ما يقوم به الحوثيون هو تغيير كامل في الهوية السياسية والعقائدية للدولة اليمنية، مشيرا إلى أن الشعب في حالة مواجهة شاملة مع أعدائه الاماميين الطائفيين.
ويضيف "التميمي" لـ"الموقع بوست" أن اليمنيين من خلال احتفالاتهم الواسعة يقومون بعملية تصحيح شاملة للأخطاء التي ارتكبت خلال الفترة الماضية وسمح بإعادة تمكين اعداء الجمهورية في ظل انانية سلطوية قاتلة مارسها نظام صالح واتباعه تجاه الشعب اليمني.
كما يؤكد أنهم يشعروا الآن وأكثر من أي وقت مضى أن المؤامرة على على اليمن ووحدته ونظامه الجمهوري بأنها تمضي في مراحلها الاخيرة وتتجلى في المفاوضات التي تجري بعيدا عن إرادة الشعب اليمني ويراد لها أن تثبت وقائع يرفضها الشعب حملة وتفصيلاً.
وكانت ثورة 26 سبتمبر 1962 أكبر لحظة تحول في تاريخ البلاد، ما يعني أن انتكاستها اليوم تمثل ردة تاريخية خطيرة، لا سيما أن تطور أدوات القمع والعنف والإرهاب والتي تتوفر لدى مليشيات الحوثيين ولم تكن متوفرة للإمامة السلالية.
تعد ثورة 26 سبتمبر 1962 أول ثورة عربية تتعرض للانتكاسة من بين ثورات التحرر العربية التي اندلعت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كما أنها تعد أطولها زمنيا كون الحرب التي تلتها بين الجمهوريين والملكيين استمرت سبع سنوات، وها هي في انتكاستها المتمثلة في عودة الإمامة ما زالت الحرب بين الجمهوريين والإماميين مستمرة منذ تسع سنوات، وكل ذلك نتيجة الأخطاء في صفوف الجمهوريين التي يتشابه بعضها في كلتا الحالتين، بل فبعض الأخطاء تتكرر اليوم بشكل أكثر فداحة وخطرا على النظام الجمهوري، خصوصا ما يتعلق بالانقسامات والخلافات البينية، وبطء الحركة الثورية، والاستسلام لإملاءات الخارج وتنفيذ رغباته.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن ثورة 26 سبتمبر احتفاء شعبي مليشيا الحوثي ثورة 26 سبتمبر
إقرأ أيضاً:
مقتل عبد الملك الحوثي كيف سيؤثر على الحوثيين وإيران؟ .. تقرير أمريكي يناقش التداعيات ويكشف عن الخليفه المحتمل
يناقش موقع اتلانتيك كاونسل وهو " مؤسسة بحثية امريكية مؤثرة في مجال الشؤون الدولية، تداعيات مقتل زعيم مليشيا الحوثي في اليمن ومن هو الخليفه الابرز له خاصة والهيكل القيادي يتسم بالمحسوبية العائلية" .
يقول التقرير انه في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول، بدأت الشائعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي بأن مروحية تحمل قادة من الحرس الثوري الإسلامي والحوثيين المتمركزين في اليمن تحطمت في جنوب غرب إيران.
وبحسب ما ورد، أسفر الحادث عن مقتل العديد من كبار أعضاء الحرس الثوري الإيراني وقادة الحوثيين، بما في ذلك رئيس التنسيق للحوثيين، محمد عبد السلام، والقائد الحوثي عبد الملك الحوثي.
لكن المحللين دحضوا هذه الادعاءات بسرعة، مشيرين إلى أن وسائل الإعلام الحكومية الإيرانية لم تذكر شيئًا يشير إلى صحة هذه الشائعات.
وأثبت الحوثي لاحقًا أنه على قيد الحياة وبصحة جيدة عندما ألقى القائد خطابًا بالفيديو في ذكرى 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تاريخ هجوم حماس على إسرائيل. وبينما لا يزال الحوثي على قيد الحياة اليوم، فإن وفاته في الأمد القريب ستؤثر على قدرة المجموعة على العمل وتوسع فراغ القيادة داخل محور المقاومة الإيراني.
وباستغلال الفراغ الأمني الذي خلفته الولايات المتحدة في المنطقة، أثبت الحوثي فائدته لأنصاره في طهران من خلال شن هجمات غير مسبوقة على الأراضي الإسرائيلية والشحن الدولي في حين قاوم في الوقت نفسه الضربات الجوية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
وفي سبتمبر/أيلول، أطلق الحوثيون صاروخا باليستيا أرض-أرض سافر لمسافة تزيد عن 1200 ميل إلى تل أبيب، وتعرضت العديد من المدمرات التابعة للبحرية الأميركية لـ"هجوم معقد" بالصواريخ المجنحة والطائرات بدون طيار في البحر الأحمر. وقد أدت هذه الجهود إلى رفع مكانة المجموعة الدولية بشكل كبير، مما منحها نفوذا قبل مفاوضات السلام مع المملكة العربية السعودية ووضعها في موقف يسمح لها بتولي دور أكثر مركزية في الاستراتيجيات الثورية للحرس الثوري الإيراني.
إن الدور الحاسم الذي يواصل الحوثي لعبه في اليمن وداخل شبكة حلفاء ووكلاء إيران قد يجعله هدفًا لإسرائيل، وهو الخوف الذي من المؤكد أنه سيزداد في ضوء وفاة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وزعيم حماس يحيى السنوار مؤخرًا.
ولكن بغض النظر عن السبب المباشر لوفاة الحوثي، فإن وفاته لن تعني نهاية سريعة للحوثيين تمامًا: بل إنها ستؤدي بدلاً من ذلك إلى فترة من عدم اليقين للمنظمة والتي قد تتطلب منهم تحويل تركيزهم بعيدًا عن العمليات خارج حدود اليمن.
وإذا فشل زعيم الحوثيين القادم في الوصول إلى مستوى سلفه، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان الروح المعنوية والدعم من مقاتلي الحوثيين، فضلاً عن ثلثي سكان اليمن المقدرين الذين يعيشون تحت سيطرة المجموعة. ومع وجود عدد سكان إجمالي تقريبي يزيد عن 32 مليون شخص، أغلبهم في حاجة إلى مساعدات إنسانية، تظل القدرة على حكم السكان المحليين بنجاح ضعيفة ولكنها ضرورية للحفاظ على السلطة.
وبما أن كاريزما الحوثي وقيادته الكاملة داخل الجماعة أدت إلى صعود الحوثيين السريع على الساحة العالمية، فإن استبداله سيكون صعباً. وفي حين يبدو شقيقه الأصغر عبد الخالق الحوثي هو البديل الأكثر منطقية، نظراً لأنه يعمل بالفعل كنائب في قيادة الحوثيين وقاد أكبر لواء عسكري حوثي منذ سيطرت الجماعة على صنعاء في عام 2014، إلا أنه لم يتم تسميته علناً كخليفة. وهذا الغموض يعني أنه قد يواجه تحدياً من أفراد الأسرة الآخرين، مثل أبناء عمومته علي حسين الحوثي ومحمد علي عبد الكريم أمير الدين الحوثي أو الأخ غير الشقيق الأكبر يحيى بدر الدين الحوثي.
ولكن الصراع الداخلي قد يمتد إلى ما هو أبعد من عائلة الحوثي. ففي حين نادراً ما تتم مناقشته علناً، فإن الاقتتال الداخلي بين قادة الحوثيين المحليين والموالين من المحافظات الشمالية كان منذ فترة طويلة قضية بالنسبة للمتمردين.
وعلى الرغم من أن هيكل القيادة الحوثي يتميز بالمحسوبية العائلية، فإن الأطراف المتحاربة قد ترى في وفاة الحوثي فرصة لإنشاء فصيل منافس أو الإطاحة بخليفته وربما تغيير علاقة المجموعة بإيران أو تركيز عملياتها.
وعلى الرغم من دعم إيران لعقد من الزمان بالأسلحة والاستخبارات، فإن العلاقة بين صنعاء وطهران معقدة ولا تدوم بأي حال من الأحوال مثل علاقة إيران بوكلائها الإقليميين الآخرين في لبنان أو العراق. إن خسارة القائد ستكون ضربة لإيران، على الأقل في البداية.
الحوثيون، الذين طالما كانوا حذرين بشأن سلامته، يدركون جيداً أن زعيمهم هو هدف رئيسي لأعدائهم. في عام 2009، قبل عدة سنوات من سيطرة المجموعة على العاصمة اليمنية وإثارة التدخل الدولي، أفادت وسائل الإعلام اليمنية زوراً أن الحوثي قُتل في غارة جوية.
ومنذ ذلك الحين، عاش الحوثي حياة عابرة لتجنب تعقبه، ولم يلتق قط بوسائل الإعلام، ونادراً ما يُرى في الأماكن العامة.
وإيران أيضاً على علم بهذا التهديد، حيث زعمت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي بعد وقت قصير من وفاة نصر الله أن الحوثيين، إلى جانب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، نُقلوا إلى مواقع آمنة لتجنب الهجمات الإسرائيلية.
ومع إدراك أن العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية البارزة الأخيرة مثل هجمات الاتصالات في لبنان واغتيال زعيم حماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية قد أثارت الخوف في الجماعة، فإن موت الحوثي لن يؤدي إلا إلى مقاطعة أنشطة الجماعة الخبيثة في الأمد القريب.
والحلول طويلة الأجل مثل منع إيران من إعادة إمداد الجماعة المسلحة وتجهيز الحكومة المعترف بها دولياً ضرورية لمعالجة التهديد الحوثي في المنطقة وخارجها.
الترجمة عن الموقع بوست