جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-25@09:29:20 GMT

عضوية الشورى والميزان المجتمعي

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

عضوية الشورى والميزان المجتمعي

 

د. محمد العاصمي

ينص قانون مجلس عُمان في المادة 26 على أنَّه "على رئيس مجلس الدولة ورئيس مجلس الشورى ونوابهما وكل عضو من أعضاء المجلسين أن يستهدفوا في أعمالهم مصالح الوطن وفقاً للقوانين المعمول بها، وألا يستغلوا عضويتهم بأي صورة لمصلحتهم الشخصية أو لمصلحة من تربطهم بهم صلة قرابة أو علاقة خاصة".

هذه المادة حدَّدت بشكل جلي مجموعة من الأطر التي ينبغي معرفتها قبل اتخاذ قرار الترشح لعضوية مجلس الشورى وينبغي استحضارها دائمًا بعد الفوز بالعضوية، هذه الأطر ماهي إلا قيم وطنية أساسية يجب أن يحملها العضو تتمثل في تغليب المصلحة الوطنية والإخلاص للوطن ومراعاة المصلحة العامة وفقًا لما حددته القوانين والأنظمة، وعدم استغلال العضوية لتحقيق منافع شخصية أو فئوية أو جهوية، مبتعدين في أداء مهامهم عن كل ما من شأنه مخالفة هذه الأطر أو المعايير.

إن التمسك بهذه الأطر رغم الضغوط التي يتعرض لها العضو من فئة محددة من الناخبين ما زالت لم تدرك أن المواطنة الصالحة تقتضي الالتزام بالنظم والقوانين وعدم مخالفتها والتحلي بقيم العدالة والمساواة بين الجميع وعدم الدفع باتجاه الحصول على ميزة محددة دون الآخرين والوصول لغاية بأي وسيلة كانت. هذا التمسك يواجه بمجموعة من الضغوط التي تُمارس على العضو، هذه الضغوط دائمًا ما كانت معيار الحكم على مستوى أدائه فمن يحصل على نصيب من تحقيق مصالحه الشخصية عبر العضو يرضى ويمتدح ويُساند ومن لا يحصل على مآربه يسخط ويرى أن هذا العضو غير مستحق للعضوية، هذه الأحكام والسلوكيات جعلت من الترشح لعضوية المجلس لدى البعض أمرا مستحيلا وغير قابل للطرح والنقاش رغم كفاءته المشهودة، كما أنها ساهمت في عدم رغبة العديد من الأعضاء في الترشح لفترات أخرى، بل إن الحال وصل ببعض الأعضاء ترقب انتهاء عضويته بفارغ الصبر حتى يتخلص من هذا القيد المجتمعي الذي أصبح يثقل كاهله ويجعله غير قادر على أداء واجبات العضوية وممارسة اختصاصاته المنصوصة في القانون.

وهنا لا أقول إن عضو المجلس يجب أن ينعزل عن المجتمع؛ فهذا أمر بعيد جدًا عن مسؤوليته المجتمعية؛ بل إنه من الواجب عليه المساهمة في تنمية المجتمع والأخذ بيد المواطن والوصول بمطالباته المشروعة للجهات المعنية، وأن يكون حلقة وصل مباشرة عندما يرى أن مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بها قصور، وفي سبيل ذلك حدد قانون مجلس عمان عددا من الأدوات التي تعين العضو على أداء واجباته ومتابعة أداء المؤسسات الحكومية، تمثلت هذه الأدوات كما وردت في قانون مجلس عمان في البيان العاجل وطلب الإحاطة وإبداء الرغبة والسؤال وطلبات المناقشة ومناقشة البيانات الوزارية والاستجواب.. كل هذه الأدوات وُضِعَت لتمكين العضو من أداء دوره المنوط به، وفي قادم المقالات سوف أتطرق لهذه الأدوات بشيء من الشرح والتفصيل.

إنَّ حرص المترشح والناخب على اكتساب المعرفة المتعلقة بأدوار عضو المجلس وصلاحيات مجلس الشورى ترفع من معدل نجاحه وبالتالي تحقيق الهدف الذي أنشئ من أجله المجلس وتقضي على الجدل المستمر حوله والذي دائمًا ما وضع المجتمع ذاته في مواجهة مستمرة بين قبول ورفض المشاركة في العملية الانتخابية، والذي يكون هو المتضرر منها أولًا وأخيرًا، ولن تتحق هذه المعرفة إلا من خلال إدراك الجميع لدوره وقيامه به والسعي للوصول إلى معرفة حقيقية بحقوقه وواجباته واختصاص المؤسسة، متخلين عن القبول بكل ما يصل إلى أسماعهم وأخذ بعض النماذج والتجارب السيئة كمحك يحكمون من خلاله على التجارب، وأن تشكل هذه النماذج صورهم الذهنية الخاطئة متخلين عن مسؤوليتهم الحقيقية في البحث والمقارنة والاستقصاء.

في المقابل، يجب على عضو بالمجلس أن يحرص بشكل كبير على تقديم الصورة النموذجية للعضو الفعَّال الذي يقوم بواجباته ويحقق طموحات الوطن والمواطن، متخذًا من العضوية تكليفا خصه به الشعب ليصل بصوتهم وطموحاتهم إلى حيث يجب أن يكون مستلهمًا من التوجيهات السامية خارطة الطريق للرقي بهذا الوطن ورفعته جاعلًا المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. رحم الله تعالى باني عمان ومفجر نهضتها السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- عندما أشار لذلك قائلًا: "إن ذلك يحتم عليكم أن تبدوا آراءكم وأن تقدموا مقترحاتكم بكل تجرد وترفع عن المصالح الخاصة. وأن تلتزموا الواقعية في تناول القضايا التي تمس المصلحة العليا للوطن والمواطن، وتقوموا بمعالجتها من منظور شامل للبلاد بكل مناطقها وولاياتها، لا تهدفون في ذلك إلا إلى تحقيق الصالح العام، كما يقتضي منكم التركيز على القضايا الرئيسية وعدم الانشغال بأمور جانبية قد تعوق التوصل إلى نتائج عملية في المسائل المطروحة للبحث، متجنبين دائما كل ما من شأنه الابتعاد بكم عن الهدف المنشود". (من خطاب جلالته بمناسبة افتتاح مجلس عُمان في 27 ديسمبر 1997).

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها

قالت دار الإفتاء المصرية إن العلاج بنقل وزرع الأعضاء البشرية جائزٌ شرعًا، إذا توافرت فيه الشروط التي تُبعد هذه العملية من نطاق التلاعب بالإنسان الذي كرَّمه الله تعالى، بل يكون هذا من باب إحياء النفس الوارد في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: 32].

الحكم الشرعي في نقل الأعضاء

وأوضحت دار الإفتاء أنَّ الله تعالى قد خلق الإنسان، وكرَّمه وفضَّله على سائر المخلوقات، وارتضاه وحده لأن يكون خليفةً في الأرض؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].

وحرص الإسلام كل الحرص على حياة الإنسان والمحافظة عليها وعدم الإضرار بها جزئيًّا أو كليًّا؛ لذلك أمرت الشريعة الإسلامية الإنسان باتخاذ كل الوسائل التي تحافظ على ذاته وحياته وصحته وتمنع عنه الأذى والضرر، فأمرته بالبعد عن المحرمات والمفسدات والمهلكات، وأوجبت عليه عند المرض اتخاذ كل سبل العلاج والشفاء؛ قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29].

ووردعن أسامة بن شريك قال: جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَتَدَاوَى؟ قَالَ «نَعَمْ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» رواه أحمد.
وكشفت الإفتاء أنه يجوز أخذ عضو من الحيِّ إلى الحيِّ لإنقاذه من هلاك مُحَقَّق حالًا أو مستقبلًا، كما أنه يجوز أيضًا الأخذ من الميت إلى الحيِّ لإنقاذه من هلاك مُحَقَّق أو لتحقيق مصلحةٍ ضرورية له؛ لأن الإنسان الميت وإن كان مثل الحيِّ تمامًا في التكريم وعدم الاعتداء عليه بأي حال بقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ [الإسراء: 70]، وحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» رواه ابن ماجه.

الضوابط الشرعية لجواز نقل الأعضاء
يشترط في نقل الأعضاء مراعاة مجموعة من الضوابط الشرعية، وهي:

- الضرورة القصوى للنقل بحيث تكون حالةُ المنقول إليه المرضيةُ في تدهورٍ صحيٍّ مستمر ولا ينقذه من هلاك مُحَقَّقٍ إلا نقل عضو سليم إليه من إنسان آخر بينهما درجة قرابة حتى الدرجة الثانية، ويجوز النقل حتى الدرجة الرابعة إذا حالت ضرورة دون النقل من الدرجات السابقة، ويُقَدِّرُ ذلك أهل الخبرة الطبية العدول، شريطةَ أن يكون المأخوذ منه وَافَقَ على ذلك حال كونه بالغًا عاقلًا مختارًا.
-  أن يكون هذا النقل محققًا لمصلحة مؤكدة للمنقول إليه من الوجهة الطبية، ويمنع عنه ضررًا مؤكدًا يحل به باستمرار العضو المصاب بالمريض دون تغيير، ولا توجد وسيلة أخرى لإنقاذه من الموت والهلاك الحال المحقق إلا بهذا الفعل.
-  ألا يؤدي نقلُ العضو إلى ضررٍ مُحَقَّقٍ بالمنقول منه يضر به كليًّا أو جزئيًّا أو يمنعه من مزاولة عمله الذي يباشره في الحياة ماديًّا أو معنويًّا أو يؤثر عليه سلبيًّا في الحال أو المآل بطريق مؤكَّد من الناحية الطبية؛ لأن مصلحة المنقول إليه ليست بأولى من الناحية الشرعية من مصلحة المنقول منه؛ لأن "الضَّرَرَ لا يُزَالُ بالضَّرَرِ"، و"لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام"، ويكفي في ذلك المصلحة الغالبة الراجحة، والضَّرَرُ القليل المُحْتَمَلُ عادةً وعرفًا وشرعًا.
- أن يكون هذا النقل دون أي مقابل ماديٍّ أو معنويٍّ مطلقًا بالمباشرة أو بالواسطة.
- صدور إقرار كتابي من اللجنة الطبية قبل النقل بالعلم بهذه الضوابط، وإعطاؤه لذوي الشأن من الطرفين المنقول منه العضو والمنقول إليه قبل إجراء العملية الطبية، على أن تكون هذه اللجنة متخصصةً ولا تقل عن ثلاثة أطباء عدول، وليس لأحد منهم مصلحة في عملية النقل.
- يشترط ألا يكون العضو المنقول مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.
- أن يكون الميت المنقول منه العضو قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قُوَاهُ العقلية ودون إكراه ماديٍّ أو معنويٍّ، وعالمًا بأنه يوصي بعضو معين من جسده إلى إنسان آخر بعد مماته، وبحيث لا يؤدي النقل إلى امتهان لكرامة الآدمي.
- ألَّا يكون العضو المنقول من الميت إلى الحي مؤديًا إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال كالأعضاء التناسلية وغيرها، وذلك كما هو الحال في نقل العضو من حيٍّ إلى حيٍّ تمامًا.
-  أن يكون النقل بمركز طبي متخصص مُعْتَمَدٍ من الدولة ومرخَّصٍ له بذلك مباشرةً دون أي مقابل ماديٍّ بين أطراف النقل.

مقالات مشابهة

  • وزير المالية أمام "الشورى": "مشروع ميزانية 2025" يعزز جهود الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي والاجتماعي
  • بعد طلب رفعها.. شروط رفع الحصانة البرلمانية لـ عضو مجلس الشيوخ
  • الدكتور بن حبتور يعزي عضو مجلس الشورى المنتصر في وفاة والدته
  • شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها
  • عادل حمودة يكشف أسلوب الشيخ زايد في النهوض بالإمارات العربية المتحدة
  • بن حبتور يبارك عضوية اليمن في رابطة العالم للفنون القتالية المختلطة
  • عادل حمودة: الشيخ زايد اعتمد في حكم دولته على التقاليد البدوية العربية
  • جلسة سرية بـ"الشورى" لمناقشة وزير المالية حول مشروع "ميزانية 2025"
  • أسعار الأدوات المدرسية في سوق اليوم الواحد 2024 بمحافظة المنوفية.. تخفيضات كبيرة 
  • تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 185 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق