حصار سوريا وَهْمٌ أمريكي يتجدد
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
بتاريخ 14 سبتمبر 1982م اغتيل بشير بيار الجُمَيِّل القائد العسكري اللبناني، والذي قاد القوات اللبنانية خلال الحرب الأهلية، والذي انتخب رئيسًا للبنان عام1982 ، ووقعت عملية الاغتيال قُبيل تنصيبه رئيسًا بأيام قليلة.
العام المذكور- وكما هو معلوم- شهد الاجتياح الصهيوني للبنان مُستغلًا فوضى الداخل من الحرب الأهلية وتخاذل الخارج من الأقطار العربية والدول الإقليمية والدولية كذلك.
أعود الى القول إن تولي بشير الجميل للرئاسة بلبنان كان يعني إحكام طوق الخناق على سوريا، والتي تُحيط بها أنظمة عدائية أو قابلة للعداء من جميع الجهات الجغرافية؛ حيث العراق وتركيا والأردن والكيان الصهيوني، ولم يتبق سوى لبنان كرئة وحيدة تتنفس منها سوريا على العالم، كما إن الحليف السوفييتي لسوريا راودته نفس المشاعر وشارك النظام السوري ذات المخاوف من جراء نجاح المخطط الأمريكي الصهيوني لعزل سوريا وتطويقها جغرافيًا، وبالنتيجة عزل الحليف السوفييتي وتهديد مصالحه الاقليمية.
لم تخرج سورية من دائرة الاستهداف الصهيو-أمريكي كونها تُمثِّل العقبة الكُبرى لتمرير التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ حيث نُصب لها الأفخاخ الكثيرة للإيقاع بها، لكن دهاء الرئيس حافظ الأسد ونظرته الاستراتيجية المتروية للأوضاع جعلت سوريا بمنأى عن تلك المخططات؛ بل ومحور اهتمام عربي وإقليمي ودولي لاحقًا.
أبرز المحطات التآمرية الغربية لتطويع سوريا كانت خطة السلام التي تبناها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عام 1998، والتي لم يُكتب لها النجاح بفعل اصرار القيادة السورية على تجنب سيناريو اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، واتفاقية وادي عربة مع الأردن؛ حيث لم تخلو تلك الاتفاقية الأخيرة من ألغام قانونية تجرح السيادة الوطنية لكلا البلدين عبر تأجير أراضٍ ومياه للكيان الصهيوني بالأردن، ونزع السيادة المصرية الحقيقية عن سيناء؛ حيث نصت الاتفاقية على جعلها منطقة منزوعة السلاح والأفراد المصريين كذلك، والاكتفاء بقوات الفصل الأممية.
في مفاوضات جنيف التي رعاها الرئيس كلينتون، رفضت القيادة السورية التفريط في بحيرة طبرية السورية؛ حيث راهن الكيان الصهيوني على الاستحواذ على مصادر المياه العربية من أجل زراعته وصناعته ومعيشة مستعمراته، كما اشترط أن يكون التمثيل الدبلوماسي معه خارج الاعراف الدبلوماسية وقواعد العلاقات المتعارف بين الدول، بينما تُصر القيادة السورية على أنها في حالة "التطبيع" مع الكيان فستحتكم الى قواعد السياسة والدبلوماسية في التعبير عن مستوى تلك العلاقات أو المواقف المطلوبة إزاء أي خروقات سياسية أو دبلوماسية يقوم بها الكيان الصهيوني مستقبلًا.
ثم أتى المخطط الثاني الخطير والذي حمله وزير الخارجية الأمريكي كولن باول إلى دمشق بُعيد سقوط بغداد في التاسع من أبريل 2003؛ حيث حمل باول تهديدًا صريحًا لدمشق بضرورة التخلي عن دعم فصائل المقاومة وإلّا ستكون الهدف القادم للقوات الأمريكية وحلفائها. ورفضت دمشق كعادتها التهديد والابتزاز، وتحوّل العراق بكامله الى مُستنقع حقيقي للقوات الأمريكية والتحالف حتى إعلان خروجهم عام 2011. ثم أتت عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 بقصد اتهام سوريا وإحراجها أمام المجتمع الدولي وإخراجها عسكريًا من لبنان، فخرجت سوريا عسكريًا من لبنان وبقي نفوذها السياسي الكبير.
أذعن الأمريكان بعد ذلك لقوة سوريا كدولة محورية في المنطقة ونظام راسخ ومتماسك، فقرروا استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق وتناوب عدد من المسؤولين الأمريكيين وأعضاء في الكونجرس على زيارة دمشق في عهد الرئيس باراك أوباما، وتكلّلت تلك الزيارات بتعيين السفير روبرت فورد سفيرًا لأمريكا بدمشق عام 2010؛ حيث مارس المذكور دبلوماسية تجسُّس بامتياز تكللت بلقاءته مع الأرهابيين لاحقًا في حمص بعد انطلاق الأحداث بسوريا.
أحدث الفصول- وليس آخرها- كانت الحرب الكونية على سوريا منذ عام 2011 ولغاية اليوم، وحين تبين للغرب فشل إرهابهم وثوَّارهم المزعومين، قفزوا الى "قانون قيصر"، ثم محاولة يائسة منهم لإعادة تطويق سوريا مجددًا، والبحث جارٍ عن بشير الجميل جديد بلبنان ونظام عدائي لسورية بالعراق، ولكن حسابات الحقل والبيدر اليوم لم تعد في كفة الأمريكي وأدواته في المنطقة، ولكن الأمريكان كعادتهم يجربون حتى يفشلون، ويعيدون تجريب المُجرَّب على الدوام.
قبل اللقاء.. يقول هنري كيسنجر عن الرئيس حافظ الأسد: لم يغلبني أحد في حياتي كما غلبني حافظ الأسد. كما قال عنه الرئيس الأمريكي بيل كلينتون: لو كان الرئيس حافظ الأسد رئيسًا لدولة كبرى لحكم العالم.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلوفينيا تطالب باستبعاد الكيان الصهيوني من مسابقة الأغنية الأوروبية 2025
الثورة نت/..
طالب مجلس هيئة البث السلوفينية، السبت، باستبعاد الكيان الصهيوني من مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن 2025).
وبحث المجلس قرارا يدعو لتقديم طلب فوري لاتحاد الإذاعات الأوروبية المنظمة للمسابقة، لعدم السماح بمشاركة الكيان الصهيوني في المسابقة المزمع إقامتها في مدينة بازل السويسرية في مايو المقبل، وتمت الموافقة عليه بالإجماع.
وبموجب هذا القرار المعتمد، فإن الهيئة غير ملزمة بالانسحاب من المسابقة حتى في حال مشاركة الكيان، لكنها مطالبة بالضغط على الجهة المنظمة للنظر في استبعاد الكيان الغاصب.
وفي يونيو الماضي، اعترفت سلوفينيا رسميا بدولة فلسطين، مؤكدة أن حل الدولتين فقط هو ما يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم في الشرق الأوسط.