حمّى تحديث البيانات
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
بدر بن خميس الظفري
تُتداولُ عبر تطبيق "واتساب" صورة لتغريدة تتحدث عن عودة سلحفاة خضراء للتعشيش في محمية السلاحف في محافظة جنوب الشرقية بعد هجرة استمرت 23 سنة، وتحت التغريدة تعليق طريف يقول: "ربما رجعت لتحدث بياناتها"!
ومنذ فترة وأنا أسمع عبارة يرددها الناس فيما بينهم تقول: "إن العمانيين هم أكثر شعب يحدث بياناته في العالم".
فقد تلقيت في الساعة 12 بعد منتصف الليل رسالة نصية من وزارة العمل تقول: "انتهت فترة التنشيط الخاصة بك بتاريخ 22 سبتمبر 2023. قم بالتنشيط إذا كنت لا تزال باحثًا عن عمل"، ولم أكن أنتبه كثيرًا لهذه الرسالة كونها تخص أختي الباحثة عن عمل منذ 13 عامًا منذ أن تخرجت في الجامعة عام 2009، لعلمي أنه تصلها رسالة مماثلة على رقم هاتفها المُسجّل في النظام، وعند مراجعتي للرسائل السابقة اكتشفت أن هذه الرسالة تُرسل كل شهر تقريبًا، مُطالِبةً بتنشيط الحساب وتحديث البيانات، ولكم أن تتخيلوا بعد تحديث البيانات لمدة 13 عامًا لم تستطع الوزارة توفير فرصة عمل!
وكنت قد استأجرت عقارًا، وسجلت حساب الكهرباء والمياه فيه بتعرفة حسابات المواطنين، ثم جدَّدتُ العقد إلكترونيًا في الموقع الإلكتروني لبلدية مسقط بعد انتهائه بعد سنة، ولاحظت ارتفاعًا غير معتاد في فواتير المياه والكهرباء، وعند تواصلي مع المعنيين في شركة (نماء) اتضح لي أنه يجب عليّ "تحديث البيانات" وإدخال صورة من العقد الجديد حتى أحصل على ميزة تعرفة المواطن، وبعد ذلك يجب تقديم طلب آخر منفصل لإعادة فوترة الشهور التي تحوّل فيها الحساب من تعرفة مواطن إلى تعرفة مقيم، وقد حدث هذا أيضًا مع أحد الأقارب المُستحِق للدعم الوطني للكهرباء، فقد لاحظ ارتفاعًا جنونيًا للفاتورة بعد فترة من تسجيله في النظام، وبعد البحث والسؤال اتضح أنه كان يجب عليه الدخول إلى موقع النظام والتأكيد على صحة البيانات، وهذا إجراء يجب تنفيذه كل 6 أشهر وإلّا فسوف يُرفع الدعم، وهذا ينطبق على الدعم الوطني للوقود، الذي يُطالب المواطنين بتأكيد صحة بياناتهم وتحديثها بين الفينة والأخرى وإلّا فلن تحصل على الدعم.
وعند انتهاء صلاحية بطاقتي الشخصية جددتُها، وذهبت إلى أحد المراكز الصحية في مسقط، فطلب مني البطاقة الشخصية للتحديث، ثم ذهبت إلى مركز صحي آخر فطلب ذلك أيضًا، وفي المستشفى طلبوا البطاقة الشخصية للتحديث، وهكذا أينما تُولِّي وجهك فأنت مُطالب بإبراز هويتك للتحديث، في نظام صحّي يفترض أن يكون مربوطًا بين جميع المؤسسات الصحية الحكومية.
إنَّ العالم اليوم يضُج بالحديث عن الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، ويتحدث عن المدن الذكية التي قد لا تحتاج إلى تدخل بشري لإدارتها إلّا قليلًا، وكانت وسائل الإعلام في السلطنة في فترة من الفترات تتزاحم في الحديث عن الحكومة الإلكترونيّة، والربط الإلكتروني بين مؤسسات الدولة المتعددة، وأنها ستسهل على المواطن حياته، وتجعله يعيش مُعززًا مُكرمًا، وأننا لن نحتاج لحمل مستندات ورقيّة لإكمال المعاملات الإداريّة، إلا أن ما نراه اليوم من واقع يتعارض تمامًا مع ما يقال وينظر له.
والأسئلة المطروحة: لماذا يحدِّث الباحث عن عمل بياناته وينشِّط حسابه كل شهر؟ أليس هذا الباحث مُسجلًا في سجلات الحكومة وهم يعلمون جيدًا إن كان ما زال باحثًا عن عمل أم لا؟ وفي حالة حصوله على عمل، ألا تستطيع وزارة العمل معرفة ذلك وهي التي تحتفظ بسجلات لجميع العاملين في القطاعين العام والخاص؟
والسؤال الآخر: لماذا لا تُنسِّق الجهات المختصة بالإيجارات والإسكان مع شركات الكهرباء والمياه لمعرفة هل صاحب هذا العقار مواطن أم لا حتى يستحق الدعم المقدم دون تقديم طلب أو تحديث بياناته كل ستة أشهر؟ ولماذا لا يكون هناك ربط مباشر بين الجهة التي تصدر عقود الإيجار وبين مزود خدمة الكهرباء والمياه لمعرفة هل ما زال المواطن مُستأجرًا للعقار أم لا؟
إنَّ كثيرًا من حسابات المواطنين يملكها كبار في السن لم يسعفهم الزمن للتعلم لا يعلمون شيئًا عن الشرائح والتعرفة وتحديث البيانات وحساب المواطن والمقيم وغيرها من التفصيلات التي يعجز حتى المتعلم عن سبر أغوارها المُعقّدة، ونحن عندما نتحدث عن الحماية الاجتماعية، فيجب على الجميع العمل على تطبيقها لفظًا ومعنى، فليس من الحماية الاجتماعية في شيء أن يُحرم الباحث عن عمل من فرصة عمل لمجرد أنه غفل عن تنشيط حسابه، وليس من العدالة الاجتماعية أن يُحوَّل حساب المواطن لحساب مُقيم أو أن يُرفع الدعم عن المحتاج الفقير لمجرد أنَّه لا يعلم شيئًا عن التحديث، أو أنه قد نسي أن يُحدِّثها لكثرة التحديثات التي يُطالب بها المواطن، فسجلات الحكومة لديها القدرة على إجراء كل تلك التحديثات؛ لأنها تملك المعلومات الكافية وقادرة على وضع الآليات الفاعلة لتجنيب المواطن حُمّى تحديث البيانات.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلوم : أجمل معايدة للمرأة رفع الظلم عن المواطن
اعتبر نقيب صيادلة لبنان الدكتور جو سلوم في المؤتمر الذي رعاه، لمناسبة يوم المرأة في بلدة الزوق ، بحضور رئيس بلديتها االياس بعينو ، ونائب النقيب سلوم الدكتور عبدالرحمن مرقباوي ، وأعضاء مجالس النقابة وحشد من الصيادلة والاختصاصيين، أنّ أجمل ما نقدّمه للمرأة في عيدها هو رفع الظلم عن كل مواطن لبناني ، واعطائه حقّه بالحياة الكريمة على كامل الاصعدة دون منّة من أحد، سيّما في القطاع الصحي والدوائي عن طريق تامين الدواء الجيّد والتصدّي لكل أشكال المخالفات.
كما نوّه النقيب سلّوم بما قامت به بلديّة الزوق من انجازات ، وابتكار وتمايز ، وصناعة الدور على غرار ما فعلته نقابة الصيادلة ، و هذا النموذج يدفع الى الاسراع في إقرار اللامركزيّة الموسّعة ما ينعكس ايجاباً على حياة كل اللبنانيين.