جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-26@23:47:23 GMT

بعض الكرامات وبحوث الدواء الوهمي! (2)

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

بعض الكرامات وبحوث الدواء الوهمي! (2)

 

 

◄ الأمر المشترك بين هذه الدراسات العلمية وبين الكرامات أن كليهما قائم على قوة الأفكار والاعتقادات

 

أ. د. حيدر أحمد اللواتي **

 

تناولنا في مقالنا السابق كيف أن الدواء الوهمي يؤثر على الإنسان وعلى عقله، بحيث يجعله يشعر بتحسن ملحوظ في حالته الصحية، وقد لاحظ بعض الباحثين أن الأمر لا يقتصر على تناول الأدوية فحسب بل يمكن للأثر أن يمتد إلى العمليات الوهمية، ويكون ذلك كافياً للبعض ليشعر بالتحسن من حالته المرضية.

ففي دراسة نشرت في مجلة "New England Journal of Medicine" عام 2002، حول معالجة عدد من الأشخاص المصابين في ركبهم؛ حيث تم إخضاع 180 منهم إلى ثلاث مجموعات، مجموعة منها لم يتم إخضاعهم لعملية معالجة الركبة بصورتها الحقيقية، وإنما قام الطبيب بالإجراءات الشكلية فقط دون القيام بأي إجراء حقيقي، وبعد الانتهاء من هذه العملية، تمت متابعة الجميع لمدة تصل إلى شهرين، ولاحظ الطبيب أن الجميع شعروا بتحسن كبير جدا في ركبهم ولم يلاحظ أي فرق بين أولئك الذين أخضعوا للعملية الحقيقية وبين الآخرين الذين خضعوا للعملية الوهمية.

وفي عام 2010، أجرى طبيب من جامعة هارفارد دراسة جديدة من نوعها؛ حيث أبلغ 40 مريضًا من مرضى القولون العصبي بأنه سيقوم بإعطائهم دواءً وهميًا، لكنه أكد لهم أنَّ الدراسات السريرية أوضحت أن للدواء الوهمي أثر إيجابي كبير جدًا على مرضهم، ولاحظ الطبيب وبعد ثلاثة أسابيع تحسن حالات الكثير منهم وبدرجة مقاربة لمن يتناول دواءً حقيقيًا لمعالجة هذا المرض، وهذا يثبت مرة أخرى أن إيمان الشخص واقتناعه بصحة الفكرة بالغ الأثر في معالجته من المرض.

لكن قد يتساءل البعض.. لماذا لا يكون الأثر متساوياً على الجميع، فيظهر عند البعض ولا يظهر عند البعض الآخر؟ وهو سؤال وجيه، ما زال البحث العلمي يحاول أن يصل إلى إجابات حاسمة فيه، إلّا أن بعض الدراسات أشارت إلى أن ذلك يعود إلى الصفات النفسية للمريض، ففي دراسة نشرت في مجلة "Journal of Psychosomatic Research"، تم فيها تقسيم متطوعين أصحاء إلى فئتين: متفائلين ومتشائمين بناءً على استبيان معين موضوع بعناية، وعندما أُعطوا دواءً وهميًا وأُبلغوا بأن هذا الدواء سيجعلهم يشعرون بالإعياء، تأثر المتشائمون سلبيًا وبصورة كبيرة مقارنة بالمتفائلين، وفي المقابل عندما أُعطوا دواءً وهميًا وأُبلغوا بأن هذا الدواء سيحسِّن من نومهم، تأثر المتفائلون بصورة أكبر وبشكل ملحوظ عن الفئة المتشائمة، كما إن بعض المختصين في هذا الشأن- وفي معرض تحليل بعض التجارب- يشير إلى أن تأثير الدواء الوهمي يقِل وبصورة ملحوظة في الشخصيات القلقة وكثيري الشك وأصحاب العقليات الناقدة والتحليلية والذين يبالغون في عمليات النقد والتحليل، وعلى الرغم من منطقية هذا الاستنتاج، إلّا أن هذا الاستنتاج يفتقر إلى دراسات تجريبية داعمة وبصورة واضحة.

لكنَّنا نظن أن هذه الدراسات العلمية حول أثر الدواء الوهمي يمكننا الاستفادة منها بتفسير الأثر الإيجابي الذي يتولّد عند الإنسان عندما يلجأ إلى شيء ما ويظن أن له أثرًا إيجابيًا على صحته، كما يقوم بذلك أصحاب الديانات المختلفة؛ فالأمر المشترك بين هذه الدراسات العلمية وبين الكرامات هي أن كلاهما قائم على قوة الأفكار والاعتقادات. هذه الدراسات تشير إلى أن ايمان الشخص بفكرة ما حتى لو لم تكن صحيحة، أو قائمة على مقدمات غير علمية، فان هذه الأفكار يمكن لها أن تأثر في حالته الصحية، لا من الناحية النفسية فحسب؛ بل يؤثر ذلك أيضًا على حالته البيولوجية بحيث تحدث تغييرات حقيقية في جسده ويشفى من المرض تمامًا، فكلما كان ايمان المرء وقناعته بالسبب أشد وأقوى كلما كانت النتيجة مؤثرة بشكل أكبر.

إن المريض الذي يشرب من مياه معينة وهو يعتقد أنها مياهٌ مقدسة، وأنها ستشفيه من المرض، فإنَّ اعتقاده هذا سيؤدي دورًا إيجابيًا في شفائه من المرض، ولا يقتصر ذلك على حالته النفسية؛ بل التأثير سيظهر على جسمه بيولوجيًا أيضًا وربما يُشفى من المرض تمامًا، وكلما كان إيمانه وقناعته أقوى كان تأثير ذلك أشد وأقوى.

وهذا يعني أن ادعاءات أصحاب الديانات المختلفة في هذا الخصوص قد تكون صحيحة وبغض النظر عن صحة تلك المعتقدات؛ لأن إيمانهم واعتقادهم بأن ما قاموا به هو الأهم، وهو الذي يُغيِّر من نفسيتهم ويولِّد تغيُّرات بيولوجية وأثرًا إيجابيًا قد يصل لمستوى الشفاء التام من تلك الأمراض، تمامًا كما كان يستجيب عدد من المرضى للأدوية الوهمية. لكن ذلك يشير في الوقت نفسه إلى أمر آخر له من أهمية كبيرة، وهو أن أثر الاعتقاد غير مرتبط بصحة الاعتقاد، فلا يمكن الاستشهاد بهذا الصنف من الكرامات بصحة اعتقادات أصحابها؛ فهذه الدراسات تشير إلى أن المهم في الأمر هو الاعتقاد بالفكرة، وهو الذي يولِّد الأثر، بغض النظر عن صحة المعتقد أو خطأه؛ بل إنَّ ذلك يشير أيضًا إلى أن هذا الصنف من الكرامات لم يعد من الكرامات أصلًا، وذلك لأن الأثر الناتج هو نتيجة لقانون طبيعي يعُم جميع البشر بغض النظر عمّا يؤمن به الإنسان ويعتقد بصحته.

وإذا كان ذلك صحيحًا، فعلى الإنسان أن يُقيِّم أفكاره وعقائده على هدي العقل، ولا يستطيع أن يعتمد على هذا الصنف المزعوم من الكرامات لإثبات صحة عقائده وأفكاره!

** كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عاجل- ترامب: إدخال الدواء والغذاء إلى غزة أمر صعب

أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمس الجمعة، إنه مارس ضغوطًا مباشرة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل السماح بإدخال المزيد من الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، الذي يعاني من كارثة إنسانية حادة جراء الحصار والحرب.

وفي تصريحات للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية “إير فورس وان” في طريقه لحضور جناز بابا الفاتيكان فرانسيس ذكر ترامب أنه ناقش مع نتنياهو الوضع في غزة، موضحًا بالقول:”طلبت منه أن يتصرف بشكل جيد تجاه سكان القطاع”.

وأشار إلى أن نتنياهو أبدى “تجاوبًا إيجابيًا” مع الطلبات الأميركية المتعلقة بتسهيل إدخال الإمدادات الإنسانية، دون أن يقدم تفاصيل إضافية حول الإجراءات التي تم الاتفاق عليها أو موعد تنفيذها.

في غضون ذلك، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الجمعة عن نفاد جميع مخزوناته الغذائية داخل قطاع غزة، محذرًا من تفاقم الوضع الإنساني بشكل خطير.

وقال البرنامج في بيان رسمي: “اليوم (أمس الجمعة)، سلّم برنامج الأغذية العالمي آخر ما تبقى لديه من مخزون غذائي إلى مطابخ الوجبات الساخنة داخل القطاع. ومن المتوقع أن تنفد كميات الطعام في هذه المطابخ خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وتأتي هذه التطورات بينما تحذر وكالات الإغاثة الدولية من تدهور غير مسبوق للوضع الإنساني في غزة. فقد أكدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” مؤخرًا أن القطاع يشهد أسوأ أزمة إنسانية منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023. وقد تفاقم الوضع بشكل خاص خلال الشهرين الماضيين، في ظل استمرار منع إسرائيل دخول الإمدادات الإنسانية منذ أوائل مارس الماضي.

في ظل هذه الظروف الحرجة، تتعالى الدعوات الدولية للضغط على إسرائيل لفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات، وسط مخاوف من وقوع كارثة إنسانية أوسع إذا لم يتم التحرك بشكل عاجل.

مقالات مشابهة

  • حقيقة تدهور الحالة الصحية لـ عادل إمام ودخوله المستشفى «صور»
  • عاجل- ترامب: إدخال الدواء والغذاء إلى غزة أمر صعب
  • حقيقة دخول عادل إمام العناية المركزة بعد تدهور حالته الصحية
  • للنساء فقط.. فوائد مذهلة لمشروب الحلبة
  • جاستين بيبر يردّ على شائعات انفصاله وتدهور حالته النفسية برسائل مؤثرة
  • علي فرج .. طفل قذفته صواريخ الاحتلال إلى منزل مجاور .. هذه حالته الصحية / فيديو
  • حالته غير مطمئنة.. ماذا حدث لـ محمد المنعم خلال مباراة باريس سان جيرمان؟
  • الدواء المغشوش.. سم قاتل !
  • زوجة مدير مستشفى كمال عدوان: حالته الصحية تزداد سوءا داخل المعتقل
  • أطعمة تقي من أمراض الكبد.. أبرزها العرقسوس والخضروات