بقلم/ الدكتور/ الدكتور / علي أحمد الديلمي
نظرا للمتغيرات التي تشهدها المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج بشكل خاص ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام في ظل المتغيرات الدولية والمساعي الحثيثة لإعادة تشكيل النظم القائمة في المنطقة فان منطقة الجزيرة والخليج تجد نفسها في مفترق طرق خطير يتطلب اتخاذ قرارات تاريخية فالحاجة تستدعي إعادة النظر في واقع ومستقبل مجلس التعاون الخليجي والبحث في أنجع الأشكال لتحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري والأمني والعسكري بين دول المنطقة والانفتاح المسؤول على العالم باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد للتماشي مع متطلبات التغيير .



إن العمل الجماعي الخليجي بمختلف مكوناته من دول مجلس التعاون وغيرها من دول المنطقة لصياغة مستقبل المنطقة يستدعي القيام بمبادرات جريئة تنفض الغبار عن النظرة التقليدية من خلال توسيع وتعزيز القاعدة المحلية للدعم السياسي في كل دول المنطقة ورسم وتفعيل رؤية إيجابية جديدة للمنطقة لإعادة اهتمام العالم بها ليس كبرميل نفط بل كخلية نشاط مؤسسي بين دول المنطقة ومجتمعاتها لإعادة الارتباط بالعالم بما يفتح المجال لتحقيق دول المنطقة .طموحاتها الشاملة

ولعل رؤية ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان 2030 من أهم الطموحات الهامة لجميع دول المنطقة وقد تحدث في أول مقابلة له مع شبكة إخبارية أميركية كبرى منذ عام 2019 وقدم ولي العهد أداء قويا في سعيه لتعزيز مكانة بلاده كواحدة من القوى الصاعدة الأكثر ديناميكية في العالم.

وفي إشارة إلى الأهمية المتزايدة للمملكة في الشؤون العالمية قال ولي العهد لكبير المذيعين السياسيين في شبكة "فوكس نيوز"، بريت باير، إنّ "المملكة العربية السعودية كبيرة جدا لذلك أنا متأكد تماما من أنَّ أي شخص في العالم تربطه علاقة ما بالمملكة العربية السعودية بشكل مباشر أو غير مباشر .

إلى حد بعيد وكانت أكثر التعليقات لفتا للنظر في المقابلة تلك التي عبر فيها ولي العهد عن وجهات نظره بشأن سلسلة من القضايا الإقليمية الرئيسة مثل إمكانية تفاوض المملكة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل والتهديد الذي يشكله البرنامج النووي الإيراني للأمن الإقليمي ففي أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى المملكة العربية السعودية في الصيف أفادت التقارير بأن المفاوضات بين المملكة والولايات المتحدة وصلت إلى مرحلة متقدمة حول اتفاق تقوم الرياض بموجبه بتطبيع العلاقات مع إسرائيل مقابل اتفاقية دفاعية أميركية والمساعدة في تطوير برنامجها النووي المدني وأوضح ولي العهد بجلاء أنه إذا نجحت إيران في الحصول على أسلحة نووية فستضطر المملكة إلى أن تفعل الأمر ذاته وتمتلك ترسانتها النووية وقال إن أي سباق تسلح نووي في المنطقة لن يُهدد أمنها فحسب بل هو مُهدد لأمن العالم وتابع أن توازن القوى في المنطقة يتطلب حصولنا على سلاح نووي متى حصلت عليه إيران ولكن ولي العهد السعودي أوضح أيضا نفوره الشخصي من سباق التسلح النووي محذرا من أنّ العالم لا يحتمل هيروشيما جديدة وتطرق ولي العهد أيضا خلال المقابلة إلى الدور الحاسم للمملكة باعتبارها واحدة من الدول الرائدة الموردة للطاقة في العالم بالإضافة إلى نقاشه حول برنامجه الطموح في رؤية 2030 لتطوير الاقتصاد السعودي وأشار إلى أن الإعلان عن رؤية السعودية 2040 سيكون في 2027 و2028 وأوضح أيضا أنّ طموحه المباشر هو البناء على برنامجه الطموح لتطوير الاقتصاد السعودي واصفا بلاده بأنها أكبر قصة نجاح في القرن الحادي والعشرين

وكان حديث ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع قناة فوكس نيوز حول الأزمة اليمنية له دلالات ومؤشرات ايجابية والتي من المرتقب أن تشهد انفراجه قريبة في ضوء المباحثات والمشاورات الجارية في الوقت الراهن بين أطراف الصراع حيث قال الامير محمد بن سلمان إن السعودية أكبر داعم لليمن في الماضي واليوم والمستقبل ونتطلع إلي حل سياسي مستدام وأشار الى رغبة ومضي بلادة في الاستثمار في اليمن حتى لو لم تتم تسوية بشرط وقف دائم لاطلاق النار وأضاف نتطلع لأن تنعم المنطقة وكافة دولها بالأمن والاستقرار لتتطور وتتقدم اقتصاديًا

لطالما أكدت النخب السياسية والثقافية بأن أمن اليمن واستقراره هو أمن للمملكة العربية السعودية ولدول الخليج واستقرارها ولتحقيق ذلك كان لا بد من العمل على إيجاد الحلول والبحث عن أسباب الفراغ الداخلية التي أثارت النعرات والحروب والصراعات والمطالبات المختلفة وفي المقابل إزالة كل أسباب التوتر السياسي والأمني ومن ذلك على سبيل المثال تحركات الشارع الجنوبي المطالب بالدولة الجنوبية والصراع مع الحوثيين وتعاظم نشاط القاعدة والمليشيات المسلحة إضافة إلى ضرورة المساندة السياسية والدعم الاقتصادي وهو ما يُشكل مرحلة جديدة للتغلب على الأزمة الراهنة والخروج منها بما يكفل الحفاظ على اليمن وأمنه واستقراره ورخاء شعبه وسط الاضطرابات السياسية التي تعيشها اليمن وانتشار اضطرابات عنيفة في أجزاء عدة من البلاد والتي تدق ناقوس الخطر وتعزز حجم الأزمة فإن ذلك يستدعي الحرص على خلق أجواء الحوار الجاد ونبذ العنف من أجل البحث عن نقاط في غاية الأهمية ومن ذلك بدء مرحلة جديدة في مسيرة بناء السلام المستدام والتأكيد على وحدة الصف والتوافق الوطني بين مختلف القوى السياسية والتخلي عن محاولات الاستمرار في زعزعة البلاد ومعاناة ألشعب

وإذا كانت الجهود السعودية الاخيرة للحل في اليمن محل ترحيب الجميع وإن وجدت بعض التحفظات من هنا وهناك فإن الإمساك بفرص التسوية دون أي تأخير تضع البلاد أمام العديد من الفرص ومن أجل أن تكون الدولة اليمنية القادمة للاستقرار فلا بد من العمل على تنفيذ الاتفاق السياسي باعتباره السبيل الأفضل للخروج من الأزمة وتقديمه كبديل للمخاطر المحتملة التي تهدد مصالح الجميع

اليمن يمكن أن تكون أهم حليف أستراتيجي للمملكة العربية السعودية ولدول مجلس التعاون الخليجي لأنها تنطلق من استراتيجية دول المنطقة نفسها ومن دون وجود اليمن ضمن المنظومه الشاملة للأمن والاقتصاد في الخليج تصبح الأوضاع لغير صالح دول المنطقة وما يهم اليمن في الوقت الحالي هو كيف يمكن أن يكون لبلدان المنطقه إستراتيجية أمنية واقتصادية وعسكرية تحمي دول المنطقة من أي تهديد وتعمل على إزالة بؤر التوتر والصراعات وتتفق فيها دول المنطقة على إزالة الأسباب المؤدية إلى انعدام الثقة كما إن أهمية أن تضطلع بلادنا مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج بدور في تحقيق التوافق وإزالة المخاوف وتعزيز الثقة والعمل وفق إستراتيجية تكون قادرة على حماية هذه الدول من أية تهديدات سوف يحقق التوافق لمنظومة الأمن الشامل لليمن والسعودية ودول المنطقة

سفير بوزارة الخارجية

المصدر: سام برس

كلمات دلالية: المملکة العربیة السعودیة ولی العهد السعودی دول المنطقة

إقرأ أيضاً:

اختيار المحللين في الفضائيات العربية: بين غياب المعايير وهيمنة المصالح الشخصية والسياسية

يُخصص الوقت الممنوح لنشرات الأخبار في القنوات الفضائية العربية بعناية، حيث يتم تقسيمه بين عرض الأخبار، واستضافة المحللين والمعلقين السياسيين، وذلك ضمن مدة زمنية محددة لا تسمح بالكثير من الاستطراد. ومع ذلك، يُلاحظ أنه عند استضافة عدد من المحللين والمعلقين السودانيين، يواجه بعضهم صعوبة في تقديم إجابات واضحة ومباشرة. فكثيرًا ما يتلكؤون في الرد، ولا يجهزون إجاباتهم "المتوقعة" مسبقًا بالقدر الكافي، مما يؤدي إلى استهلاك جزء كبير من الوقت في الدوران حول السؤال دون الدخول في صلب الموضوع. وعندما يبدأ الضيف أخيرًا في صياغة إجابته، يكون الوقت المخصص قد انتهى، مما يدفعه إلى الاحتجاج مرارًا بعبارات مثل: "دعني أكمل" أو "دعيني أكمل". ويعكس هذا الأمر، بلا شك، ضعفًا في إدراك طبيعة الإعلام التلفزيوني الذي يتطلب الوضوح والاختصار، إلى جانب عدم السيطرة على مهارات التحليل الإعلامي الذي يستوجب القدرة على تقديم أفكار مركزة ومباشرة.

إشكالية اختيار الضيوف:

يترتب على هذه الظاهرة العديد من المشكلات، خاصة بالنسبة للمشاهد السوداني الذي يسعى إلى فهم القضايا المطروحة بوضوح من خلال هذه الاستضافات. ومن أبرز هذه المشكلات غياب المعايير الواضحة التي يتم بناءً عليها اختيار الضيف. فهل يتم الاختيار بناءً على خبرته الطويلة في التحليل السياسي، ودرايته العميقة بالقضايا المطروحة؟ أم أن هناك عوامل أخرى، غير معلنة، تلعب دورًا مؤثرًا في تحديد هوية الضيوف المدعوين؟

في الواقع، لا يبدو أن استضافة المحللين تتم وفقًا لتاريخ مساهماتهم الفعلية في التحليل السياسي، بقدر ما يتم اختيارهم بناءً على اعتبارات تتعلق بالظرف السياسي الراهن واحتياجات القناة في تلك اللحظة. إذ تمتلك معظم القنوات الفضائية غرف تحكم خاصة مسؤولة عن تحديد قائمة الضيوف المحتملين، حيث يتم الاتصال بهم وفقًا للموضوعات التي تحتاج إلى تغطية إعلامية. وفي كثير من الأحيان، تستند هذه الغرف إلى توصيات من العاملين في القناة، وهم أفراد يُفترض أن تكون معاييرهم مهنية وموضوعية، إلا أن الواقع يشير إلى أن العلاقات الشخصية والانتماءات السياسية قد تلعب دورًا مؤثرًا في هذه الاختيارات.

من خلال خبرة عمل باحدى القنوات الاخبارية المعروفة استطيع القول بأن تأثير المصالح الشخصية على اختيار المحللين:
من المؤسف أن بعض العاملين في هذه القنوات يستغلون مواقعهم لترشيح ضيوف مقربين إليهم أو متوافقين مع انتماءاتهم السياسية، مما يخل بمبدأ التنوع ويمسّ مصداقية القناة. وبدلًا من استضافة محللين يقدمون وجهات نظر متباينة، يتم التركيز على ضيوف يخدمون أجندات معينة، وهو ما يؤدي إلى غياب الرأي الآخر، أو على الأقل تهميشه.

أضف إلى ذلك، أن هناك حوافز مالية تُقدم للمحللين مقابل مشاركاتهم، وهو ما قد يتحول إلى عامل مؤثر في عملية الاختيار. إذ قد يتم تفضيل بعض الضيوف بناءً على حسابات مالية بحتة، دون النظر إلى مدى كفاءتهم في تقديم تحليل موضوعي وعميق. ويؤدي ذلك إلى إفساد عملية انتقاء الضيوف، حيث يجد المشاهد نفسه أمام محللين يفتقرون إلى العمق أو التخصص المطلوب في الموضوعات التي يناقشونها، مما يُضعف جودة النقاشات ويجعلها أقرب إلى محاولات لتعبئة الوقت بدلاً من تقديم محتوى إعلامي ثري وذي قيمة.

المعالجة المقترحة :
لمعالجة هذه الإشكالية، من الضروري أن تعتمد القنوات الإعلامية معايير واضحة وشفافة في اختيار ضيوفها، بحيث تكون الأولوية لمهاراتهم التحليلية وخبراتهم الفعلية، والتي يمكن التوصل لمعرفتها من خلال تحريك اداة البحث في غوغل، والاعتماد على اطراف موثوقة خالية من الغرض، وليس لانتماءاتهم أو علاقاتهم الشخصية مع المستضافين. كما ينبغي على المحللين أنفسهم أن يدركوا طبيعة الإعلام التلفزيوني، ويتدربوا على انماط المقابلات بتقديم إجابات واضحة ومباشرة دون تضييع الوقت في مقدمات طويلة أو مداخلات غير ضرورية.

وفي نهاية المطاف، يظل الهدف الأساسي للإعلام هو تقديم المعلومة الدقيقة والتحليل العميق للمشاهد، وليس مجرد استضافة شخصيات بناءً على معايير غير مهنية تُضعف مصداقية القناة وتأثيرها في الرأي العام.

wagdik@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • بأغنية لولي العهد.. نوال تحتفل بيوم التأسيس السعودي
  • كواليس الترتيب لقمة بين "ترامب" و"بوتين" في السعودية
  • هنا الرياض.. بوصلة العالم وحاضنة السلام
  • الفنانة نوال تهدي أغنية إلى ولي العهد السعودي بمناسبة يوم التأسيس
  • كاتب إسرائيلي: السعودية تواصل المناورة رغم الضغط الأمريكي.. والسعوديون يرفضون التطبيع
  • السعودية ترحب باستضافة قمة بين ترمب وبوتين في العاصمة الرياض
  • إيران تنفي تصريحات واشنطن بشأن دعم الحوثيين وتقول إنها تدعم الاستقرار والحل السياسي في اليمن
  • محلل سياسي: تصريحات وزير الخارجية الأمريكي تكشف الضغوط السياسية على المنطقة
  • اختيار المحللين في الفضائيات العربية: بين غياب المعايير وهيمنة المصالح الشخصية والسياسية
  • السودان يحتاج السلام ولا يحتاج قاعدة أجنبية