لوحة "امرأة الساعة" لبيكاسو تُعرض في دبي قبل بيعها بمزاد في نيويورك
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
أوضح وزير الثقافة والشباب في الإمارات الشيخ سالم بن خالد القاسمي في بيان "يحظى عشاق الفن وجامعو الأعمال الفنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بشرف مشاهدة هذه التحفة الفنية أولاً قبل انطلاقها في جولة حول العالم".
عُرضت لوحة "امرأة الساعة" للرسام الإسباني بابلو بيكاسو في دبي الاثنين في بداية جولة تشمل أيضاً هونغ كونغ ولندن، قبل بيعها في مزاد علني في نيويورك بقيمة يُتوقع أن تتجاوز 120 مليون دولار.
وسوف تباع اللوحة، التي تجسّد الفنانة الفرنسية ماري تريز والتر، إحدى شريكات بيكاسو، مرتدية ساعة، ضمن مزاد تنظمه دار سوذبيز على مدى يومين في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، يشمل عدة أعمال أخرى من مجموعة كانت تملكها الراحلة إميلي فيشر لانداو. وكانت الدار أعلنت أنه من المتوقع أن تحقق اللوحة التي تعود للعام 1932 ما لا يقل عن 120 مليون دولار.
وأوضح وزير الثقافة والشباب في الإمارات الشيخ سالم بن خالد القاسمي في بيان "يحظى عشاق الفن وجامعو الأعمال الفنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بشرف مشاهدة هذه التحفة الفنية أولاً قبل انطلاقها في جولة حول العالم".
وتعرض اللوحة يومي الاثنين والثلاثاء في مركز دبي المالي العالمي.
"المرأة الجالسة قرب النافذة".. لوحة لبيكاسو تباع بـ 103 ملايين دولار في نيويوركفرنسا تحصل على تسعة أعمال لبيكاسو بمبادرة من ابنته ماياوقال جوليان دوز، رئيس قسم الفن الانطباعي والحديث لدى دار سوذبيز "تعتبر سوق بيكاسو واحدة من أكثر الأسواق العالمية مقارنة ببقية الفنانين. إنه ظاهرة عالمية. في الماضي، شهدنا عروضًا من كل قارة ومن كل مدينة رئيسية فعليًا، ولكننا رأينا عامًا بعد عام، أعتقد بين عامي 2021 و2022 زيادة بنسبة تزيد عن نسبة 100 في المائة في عدد مقدمي العروض والمشترين عبر جميع أقسامنا بدءًا من الشرق الأوسط". وأضاف دوز: "تقديراتنا للعمل تتجاوز 120 مليون دولار. إن الرقم القياسي العالمي في مزاد لبيكاسو 179 مليون دولار وتمّ تحقيقه في العام 2015. أعتقد أن هذا العمل يملك كل الإمكانيات في العالم لتجاوز ذلك".
وكان عام 1932 مهما للغاية في أعمال بيكاسو لدرجة أنه تم تخصيص معرض كامل له في عام 2018 في متحف تيت مودرن في لندن.
وقالت دار سوذبيز إن ماري تيريز والتر (1909-1977)، التي رسمها بيكاسو في اللوحة كانت "ملهمته". وقد التقيا في باريس في عام 1927 عندما كان لا يزال متزوجاً من راقصة الباليه الروسية الأوكرانية أولغا خوخلوفا وكانت والتر في السابعة عشرة من عمرها.
بعد مرور خمسين عاما على وفاته عام 1973 عن عمر يناهز 91 عاما، لا يزال بيكاسو واحدا من أكثر الفنانين تأثيرا، وغالبا ما تتم الإشادة به باعتباره عبقريا ومبدعا.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية ظهور لوحة مسروقة لبيكاسو في رومانيا بعد ست سنوات سرقة لوحة أصلية للفنان بيكاسو "نساء الجزائر" لبيكاسو تحطم الرقم القياسي في المزادات بابلو بيكاسو متحف الإمارات العربية المتحدة ثقافة مزادالمصدر: euronews
كلمات دلالية: بابلو بيكاسو متحف الإمارات العربية المتحدة ثقافة مزاد ألمانيا أزمة المهاجرين فلاديمير بوتين قتل النيجر روسيا أوكرانيا الصين أرمينيا ألمانيا أزمة المهاجرين فلاديمير بوتين قتل النيجر یعرض الآن Next ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
تأملات في الكتابة عن العبقرية
في إحدى زياراتي إلى شارع المتنبي، أهداني صديقٌ كتابًا مترجمًا عن ليوناردو دافينشي، من تأليف والتر إيزاكسون وترجمة محسن بني سعيد. فأثار فضولي: كيف يمكن لمؤلفٍ أن يعالج شخصية موسوعية بحجم دافينشي دون الوقوع في شرك الإعجاب المبالغ فيه؟
إنّ التصدي لكتابة سيرة رجلٍ تُجمع الألسن على عبقريّته مغامرة قد تجرّ إلى درك التمجيد. فالتاريخ حافل بسِيَرٍ تحوّلت فيها الشخصيات إلى رموزٍ معصومة، بعيدًا عن التناقضات الواقعية. ولعلّ كتاب جورجيو فازاري حياة الفنانين «1550» مثال على الهالة الأسطورية التي أُضفيت على عمالقة النهضة، ما يفسّر جزئيًّا الأسعار الخيالية لأعمالهم اليوم، كبيع لوحة سلفاتور مندي المنسوبة لليوناردو بقيمةٍ قاربت 450 مليون دولار.
يعتمد إيزاكسون في كتابه منهجًا يجمع بين التأريخ والتحليل، متتبعًا أعمال ليوناردو ومشاريعه، من رسومٍ ولوحاتٍ وصولًا إلى ابتكاراته الهندسية. يُضيف بذلك بُعدًا علميًّا يبني على أحدث الاكتشافات، مثل نسب والدته الحقيقي، واكتشاف لوحة مبكرة للقديس سباستيان في مزادٍ فرنسي عام 2016، إلى جانب تحليلٍ بالأشعة تحت الحمراء يكشف عن فروقٍ بين نسختي عذراء الصخور. ويؤكّد المؤلّف أيضًا أنّ حقبة النهضة كانت زمنًا للعمل الجماعي، حين تلاقحت المواهب في ورشٍ مشتركةٍ تحتضن العقول المتقدة، فلا تكون العبقرية حِكرًا على فردٍ بعينه.
وقد جاءت سيرته أشبه برصد متحمّس لكل مشروع تبنّاه ليوناردو، لا بوصفها تأريخًا لحياته فحسب، بل استقصاءً لرحلة إبداعه. وليس في ذلك مأخذ، بل يُحمد للكاتب أنه يضع بين يدي القارئ أحدث ما توصل إليه الباحثون المعاصرون، من إثبات نسب والدته الحقيقي، إلى الكشف عن لوحة مبكرة للقديس سباستيان عُثر عليها في دار مزادات فرنسية عام 2016، فضلًا عن تحليل الأشعة تحت الحمراء الذي كشف الفروق بين نسختي عذراء الصخور.
كذلك، لا يغفل الكاتب عن الإشارة إلى طبيعة الفن في عصر النهضة، مؤكدًا أنّ العبقرية الفردية لم تكن وحدها المحرك، بل كان العمل الفني ثمرة ورش جماعية، حيث تتلاقى العقول وتتضافر الجهود، ليولد الإبداع من روح الجماعة لا من فردية النبوغ وحدها.
ولعلّ أبرز إنجاز لإيزاكسون هو رسم صورة ليوناردو فنانًا مسكونًا بالكمال حدّ الوسواس؛ إذ ينوء تحت وطأة مشاريعه التي لا تُستكمَلُ إلا بشقّ النفس، كما في التمثال الفروسي الضخم للودوفيكو سفورزا في ميلانو، والجدارية العظمى لمعركة أنغياري في فلورنسا، وحتى مشروعه الطموح لتغيير مجرى نهر أرنو. ويخصّص الكاتب مساحةً واسعةً لتحليل تنظيرات ليوناردو حول فن الرسم، مقارنًا إياها بلوحاته الباقية. وتبرز جرأته في مخالفته بعض المختصين، كما في تفسير الإصبع البارزة في لوحة القدّيس يوحنا المعمدان في متحف اللوفر، إذ يصرّ على أنها ابتكارٌ متعمَّد. وحتى إن لم نقتنع ببعض هذه الاجتهادات، فإنّ الكتاب يبهرنا بالرسومات الملونة واللوحات المدمجة التي تُعين القارئ على تتبع أفكار المؤلّف خطوةً خطوة، ولا سيما عندما يشرح تقنية سفوماتو التي جعلت لوحات ليوناردو تنبضُ بالحياة.
لكن لهذا التركيز الشديد سلبياته؛ إذ يقع إيزاكسون في شرك الحماسة المفرطة لعبقرية ليوناردو، ويورد إشاداتٍ قد تُبخس حقَّ معاصريه وأسلافه. ففي حقبته الفلورنسية الأولى، على سبيل المثال، لا نجد تفصيلًا وافيًا لأثر جوتو وماساتشيو، اللذين أثّرَا في تطوُّر فن الرسم وشكّلا أرضيةً ألهمت ليوناردو نفسه. ولعل السبب هو قناعة الكاتب بفكرة «العبقرية الخالدة عبر التاريخ»، إذ يرى في ليوناردو مثالًا فذًّا لا يحتاج إلى إرثٍ سابق. إلا أنّ هذه النظرة قد تغفل التراكمات الحضارية والعلمية التي أسهمت في تطوّره.
وفي هذا السياق، يلمّح إيزاكسون إلى أنّ ليوناردو سبق غاليليو ونيوتن في منهج البحث القائم على الملاحظة والتجريب، لكنه يتجاهل الجذور التي أرساها ابن الهيثم وجان بوريدان وغيرهما ممن وضعوا الأسس الأولى لنظريات الحركة. وليس لأحدٍ أن ينكر سبق ليوناردو في كثيرٍ من الجوانب، غير أنّ إغفال عناصر التأثر لا يزيد الصورة إلا تشويهًا بدلًا من أن يضفي عليها وهجًا مستحقًا.
وفي القسم الأخير من الكتاب، يستشهد المؤلف بعبارة شهيرة من إعلانٍ لشركة أبل، كتبها ستيف جوبز: «الذين هم مجانين بما يكفي ليعتقدوا أنهم قادرون على تغيير العالم، هم الذين يفعلونه حقًّا». ثم يمضي في نثر نصائح تحفيزية، تُضفي على الكتاب طابعًا احتفائيًا بالعبقرية، ولو كان ذلك أحيانًا على حساب حقائق التاريخ وسياقه الأشمل.
وإن كانت هناك مآخذ على تركيز الكتاب على عبقرية ليوناردو الفردية وإغفال السياق الأوسع، فإنّه يظلّ علامةً بارزةً فيما كُتب عن هذه الشخصية في المكتبة المعاصرة.
ومن الطبيعي أن يركّز إيزاكسون على ما يراه الأجدر بالاهتمام في شخصيةٍ فذّةٍ يصعب الإحاطة بكل أبعادها في مجلدٍ واحد. ورغم أنّ الكتاب تجاوز 800 صفحة، فإنّ القارئ الحصيف سيجد نفسه مدفوعًا للبحث عن مصادر أوسع، تتيح له رؤية أشمل للفترة التاريخية التي تألّق فيها ليوناردو، وتكشف عن بيئته الثقافية والاقتصادية التي أثّرت في إبداعه.
لقد نجح والتر إيزاكسون في إماطة اللثام عن جانبٍ كبيرٍ من عبقرية ليوناردو، وإنْ كان قد اكتفى أحيانًا بمقاربةٍ تُعلي من شأن الفرد على حساب تراكمات التاريخ. وبفضل الترجمة، ينفتح أمام القارئ العربي أفقٌ معرفيٌّ ثريٌّ حول شخصيةٍ يصعبُ حصرها في مجالٍ واحد، ليكتشف، في تفاصيل السيرة، كيف كانت مخيلة ليوناردو الجامحة وراء اختراعاتٍ حلّقت بأفكار البشر إلى آفاقٍ جديدة. وإذا أيقظ هذا الكتاب في أنفسنا الرغبة في تعميق البحث واستكشاف جذور عصر النهضة وامتداداته، فقد حقّق غايته، إذ إنّ الكشف عن عبقرية فنانٍ بحجم ليوناردو ليس غايةً في حد ذاته، بل مدخلٌ للتأمّل في رحلة الإبداع الإنساني، وفي الكيفية التي يرسم بها التاريخ ملامح من يُعدّون مناراتٍ ساطعةً في مسيرة الحضارة البشرية.