قال الكاتب البريطاني سايمون تيسدال إن التنافس بين الولايات المتحدة والصين لن يؤدي إلى عالم آمن ومزدهر.

وأضاف في مقال في صحيفة "الغارديان" إن الصين والولايات المتحدة تجتهدان في أقامة تحالفات دولية متنافسة.

وتساءل "من يريد حكم العالم؟ سيقول جو بايدن: أنا. يرد شي جين بينغ لا، أنا الذي سيحكم".

وقال إن الولايات المتحدة والصين تقومان ببناء تحالفات دولية متنافسة وسط تعثر الأمم المتحدة، مما يجعل بناء السلام صعبا في عالم متشرذم.



وقال إن الاتحاد الأوروبي يتحدث عن منح العضوية لدول جديدة وبعد سنين من رفض عضوية الدول الجارة في البلقان. وتقوم الولايات المتحدة بتقوية علاقاتها الأمنية مع الزعيم الشمولي الهندي وعدد من قادة منطقة آسيا- الباسيفيك الأقوياء بل وتحظى السعودية وولي عهدها برضا الغرب. وفي نفس الوقت تتقارب الصين مع أفريقيا والدول العربية و"عالم الجنوب" بحديث مغر عن عالم شجاع متعدد وتوسيع مجموعة "بريكس" إلى مجموعة تساوي مجموعة العشرين. وتحاول روسيا المنبوذة التمسك بيأس بالصين وكوريا الشمالية وأمثالها من الدول المارقة التي تشبهها. ولنقل "أهلا" لـ "النظام العالمي الجديد"، وهو عالم في جوهره فوضوي ومشوش وخطير وحافل بالغموض والنفاق والتناقضات.


ولنقل وداعا، في المستقبل، لإجماع ما بعد 1945، والبنى التي قادها الغرب مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومجموعة الدول السبع الغنية التي ظلت على رأس شؤون الكون. وباختصار، فما يجري حاليا هو تنافس من ثلاث طرق فهو يضع النظام القائم الذي هيمنت عليه الولايات المتحدة (الديمقراطي والليبرالي والفاقد مصداقيته) ضد الأنظمة العالمية الصاعدة (الديكتاتورية والمركنتالية والمخربة) وتحت توجيه الصين.

أما الخيار الثالث والأقل صدامية، والذي تفضله على نطاق واسع "الدول المتأرجحة" سريعة النمو مثل نيجيريا والبرازيل وإندونيسيا، المتمثل في إصلاح تعددية الأمم المتحدة ومركزيتها بما يضمن تكافؤ الفرص وخاصة للبلدان الأكثر فقرا والأقل نموا. ولكن هذا السيناريو صعب المنال.

يبدو أن هناك تدافعا بين الحكومات لخلق تحالفات وكتل اقتصادية ومالية وتجارية أو الانضمام لبعضها وتوسيع الآخر، بحيث تتناسب مع الزمن المتغير وتستجيب للمخاوف والأولويات.

ويعكس الاصطفاف الجديد في أوروبا الخطوط المتصلبة حول العالم. وترفض الولايات المتحدة "ناتو آسيوي"، لكنها عززت وبشكل قوي العلاقات مع اليابان وكوريا الجنوبية والفلبين. ورفعت واشنطن من مستوى مجموعة "قواد" التي تضم الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان وأعلنت عن تحالف "أوكوس" الذي يضم لندن وكانبيرا وواشنطن، واقترحت ضرورة انضمام بريطانيا لـ"قواد". ويكشف تعامل بايدن مع مودي في الهند ولقائه الأخير الذي رحب فيه بفيتنام الشيوعية ومحاولته البحث عن أرضية مشتركة مع إيران من خلال تبادل السجناء وتعامله البراغماتي مع السعوديين والإسرائيليين، عن محاولة من أجل التخلص من روح ترامب الفوضوية "لا يوجد نظام عالمي" ومواصلة مراقبة الصين.

وربما كان بايدن رجلا تقليديا إلا أن مجموعة الدول السبع هي اللجنة المحركة للعالم الحر. إلا أن الصين تبحث عن بديل تتابعه بقوة، فقد عززت تحالفها الإستراتيجي مع روسيا ورغم الحرب في أوكرانيا، وتقدم بكين نفسها على أنها محبة للسلام ومنافحة عن العالم المتعدد غير الغربي. ودافعت الصين وبنجاح هذا الصيف لإدخال الاتحاد الأفريقي في مجموعة العشرين وتوسيع مجموعة "البريكس" المكونة من خمسة دول لتضم إيران والسعودية والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة ومصر. وتتمتع بنفوذ في العالم العربي، حيث احتفت بالرئيس السوري بشار الأسد في الأسبوع الماضي. ولدى الصين مجموعتها الإقليمية وهي منظمة شنغهاي للتعاون التي تضم روسيا والهند وباكستان وانضمت إليها إيران في تموز/ يوليو.

ويبدو أن الصين طامحة لإعادة تشكيل النظام المالي العالمي، فالبنك الآسيوي للاستثمار بالبنى التحتية، هو بديل الصين للبنك الدولي. إلا أن مبادرات الصين تشوهها الطريقة الديكتاتورية وغياب المحاسبة.

ولا شك أن هناك حاجة للتغيرات البنيوية، فنظام الأمم المتحدة يتصدع، ومجلس الأمن هامد. وتحولت مؤسسات المنظمة الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية إلى ساحة حرب سياسية. وعلينا أن نكون واضحين، فالمعركة لإعادة تغيير النظام الجيوسياسي العالمي ليس عن خلق حياة أفضل وعالم يعمه السلام وتتساوى في الفرص، فالدول المتوسطة والصاعدة مهما كانت سيتم استغلالها والتلاعب بها من قبل الدول الكبرى، كما في الماضي. فالتنافس الدولي الجديد يدفعه التنافس على القوة والتأثير والمصادر والخوف المتبادل.

وللأسف، فعالم منقسم إلى قوى وتكتلات عدة سيكون أقل قوة لمواجهة التحديات الوجودية مثل التغيرات المناخية والفقر والاستدامة والصحة. وقال رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون إن "التصدعات في النظام العالمي أصبحت أخاديد لأننا فشلنا في تصميم حلول دولية للتحديات الكونية" و"بدون تعددية، فنحن، لا محالة، نقف على أبواب عقد من الفوضى".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة التنافس الصين امريكا الصين تنافس صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الصين تقيّم عرضا أميركيا لمناقشة الرسوم الجمركية وتحذر من الابتزاز

قالت وزارة التجارة الصينية، اليوم الجمعة، إن بكين "تقيّم" عرضا من واشنطن لإجراء محادثات بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة 145%، رغم تحذيرها الولايات المتحدة من اللجوء إلى "التهديد والابتزاز".

وتمارس واشنطن وبكين لعبة كر وفر حول التعريفات الجمركية، إذ ترفض كل دولة التراجع، أو أن تكون أول من يدعو للتفاوض لإنهاء حرب تجارية هزت الأسواق العالمية وأحدثت اضطرابات في سلاسل التوريد.

وقالت وزارة التجارة الصينية إن الولايات المتحدة تواصلت مع الصين سعيا لإجراء محادثات بشأن الرسوم الجمركية، وإن باب بكين مفتوح للمناقشات، مما يعني احتمال تهدئة الحرب التجارية.

ويأتي هذا البيان بعد يوم من نشر حساب على مواقع التواصل الاجتماعي مرتبط بوسائل إعلام رسمية صينية خبرا يفيد بأن واشنطن تسعى لبدء محادثات، وبعد أسبوع من قول ترامب إن المناقشات جارية بالفعل، وهو ما نفته بكين.

وذكر بيان وزارة التجارة الصينية أن "الولايات المتحدة بادرت في الآونة الأخيرة في مناسبات عديدة بنقل معلومات إلى الصين عبر جهات معنية، معربة عن أملها في إجراء محادثات معها"، مضيفا أن بكين "تقيّم هذا الأمر".

وأكد البيان موقف الصين المنفتح على المحادثات، لكن أشار إلى أن بكين مصرة على خوض المعركة إذا لزم الأمر.

إعلان

وأضاف البيان أن الرسوم الجمركية أحادية الجانب لا تزال تشكّل عائقا، وتقوض الثقة.

 سياسة الابتزاز

وقال البيان أيضا "لن تنجح محاولة استغلال المحادثات ذريعة لممارسة سياسة التهديد والابتزاز".

وذكرت الوزارة أن الولايات المتحدة ينبغي أن تستعد لاتخاذ إجراء لتصحيح الممارسات "الخاطئة" وإلغاء الرسوم أحادية الجانب، وقالت إنه يتعين أن تظهر واشنطن "حسن النية" في المفاوضات.

ونفت الصين مرارا سعيها للتفاوض مع الولايات المتحدة على حل للرسوم الجمركية، فيما بدا أنها تراهن على مبادرة واشنطن بالدعوة للتفاوض.

الصين تعاني من انكماش الأسعار والاقتصاد الأميركي يشهد أول انكماش اقتصادي ربعي منذ 2022 (شترستوك)

ويأتي قرار ترامب بفرض رسوم جمركية صارمة على بكين في وقت عصيب للغاية بالنسبة للصين، التي تعاني من انكماش الأسعار بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وأزمة عقارية طال أمدها.

كما يأتي القرار في وقت شهد الاقتصاد الأميركي انكماشا بنسبة 0.3% في الربع الأول من العام الجاري، في أول تراجع فصلي منذ عام 2022.

وعبّرت بكين صراحة عن غضبها إزاء الرسوم الجمركية التي تقول إنها بمثابة استقواء، ولا يمكنها إيقاف نمو ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وفي وقت تستفيد فيه من آلة الإعلام لديها لانتقاد الرسوم الجمركية، ذكرت رويترز أن الصين وضعت في تكتم قائمة بالمنتجات المصنعة في الولايات المتحدة، والتي ستعفيها من الرسوم الجمركية المضادة البالغة 125%، منها مجموعة من الأدوية والرقائق الدقيقة ومحركات الطائرات النفاثة.

تخفيف التوترات التجارية

وعلى الجانب الأميركي، عبّر مسؤولون، بينهم وزير الخزانة سكوت بيسنت والمستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت، عن أملهم في إحراز تقدم بشأن تخفيف التوترات التجارية.

وقال بيسنت في مقابلة مع فوكس بيزنس هذا الأسبوع "أنا واثق من رغبة الصينيين في التوصل إلى اتفاق. وكما ذكرت، ستكون هذه عملية متعددة الخطوات. أولا، علينا تهدئة التوتر، ثم… سنبدأ بالتركيز على اتفاق تجاري أوسع".

إعلان

وقال ترامب، يوم الأربعاء، إنه يعتقد أن هناك "فرصة جيدة جدا" أمام إدارته للتوصل إلى اتفاق مع الصين، وذلك بعد ساعات من دعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ المسؤولين لاتخاذ إجراءات من أجل التأقلم مع التغيرات في المحيط الدولي من دون ذكر الولايات المتحدة صراحة.

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تلوح مجددا بالانسحاب من محادثات السلام في أوكرانيا
  • بيتكوين تتجاوز 97 ألف دولار وسط تفاؤل باتفاق تجاري بين واشنطن وبكين
  • الصين ترد بحذر على عرض أميركي بشأن الرسوم
  • الصين تقيّم عرضا أميركيا لمناقشة الرسوم الجمركية وتحذر من الابتزاز
  • وزير الخارجية الفرنسي: الاتحاد الأوروبي يريد تنسيق عقوبات جديدة ضد روسيا مع الولايات المتحدة
  • الخارجية الإيرانية: العقوبات الأمريكية تعكس إصرار الولايات المتحدة على عرقلة التعاون بين الدول
  • حرب الرسوم الجمركية: واشنطن تتهم وبكين تنفي
  • منظمة ‏Global Justice‏ ‏تكرم في دمشق سفير الولايات المتحدة الأمريكية ‏لشؤون جرائم الحرب ستيفن راب ‏
  • الصين تسخر من ترامب: نمر على الورق فقط
  • الصين تنشر فيديو عن الحرب التجارية وتصف الولايات المتحدة بـ”نمر من ورق”