سواليف:
2025-04-24@15:58:35 GMT

تحت الضوء

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

تحت الضوء

#تحت_الضوء د. #هاشم_غرايبه

لانشغال روسيا بالصراع الدائر بينها وبين الغرب في أوكرانيا، اغتنمت “أذربيجان” الفرصة، وخلال يومين تمكنت من هزيمة الانفصالين الموالين لأرمينيا الذين كانوا يسيطرون على اقليم “نغورني قره باغ” وأعادت الإقليم لوطنه الأم “أذربيجان”.
لأن قضية إقامة هذا الإقليم تشبه كثيرا إنشاء الكيان الصهيوني، فوددت عرض تطورات الأحداث فيه، علّ اولي الأمر في أمتنا يستفيدوا من هذه التجربة، ويعلموا أن “العملية السلمية” التي يعلقوا عليها كل آمالهم، ما هي إلا مخدر لا ينفع، ولن تعيد حقا.


ظل الصراع بين الروس ومجاوريهم من الأقوام التركية قائما طوال عهد الدولة العثمانية، وكان الروس يستعينون عادة بالأرمن، كونهم القومية الوحيدة في وسط آسيا التي لم تدخل الإسلام، لذلك ظل هؤلاء شوكة تستنزف قوى الدولة العثمانية، مما حدا بها الى محاولة إضعافهم عن طريق تهجير أعداد منهم لتفريقهم بين المجتمعات الإسلامية، علهم بمخالطة المسلمين تخفت حدة تعصبهم العدائي لهم، ويكتسبوا شيئا من سماحة الإسلام، وسمى الغرب ذلك التهجير مذبحة، رغم أن التهجير الذي قام به ستالين كان بأضعاف ذلك، والخسارة البشرية أثناءه كانت بالملايين، لكن الغرب المتعصب ضد الإسلام نسيه، كما تناسى كل حالات التهجير القسري للمسلمين، مثل تهجير الفلسطينيين والشركس والشيشان والإيغور ومسلمي الفلبين وميانمار والسوريين، ولم يتذكر الا قضية الأرمن.
تعود جذور الصراع الى الحقبة السوفيتية في عشرينات القرن الماضي حين قام “ستالين” بتطبيق سياسته في التفريق بين الإثنيات وإشعال نار العداء بينها وتفتيت قواها، فقد قام في عام 1923 باقتطاع إقليم “نغورني قره باغ” من أذربيجان بحجة وجود أقلية أرمنية فيها، ورسم حدود هذا الإقليم بحيث تجعل كل ما يحيط بها أذربيجانيا، ولعدم رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، أبقاه منفصلا ومنحته الحكم الذاتي، وتعزله عن أرمينيا إقليم “ناختشيفان” الذي يقطنه أذريون، وذلك ليبقى الصراع قائما.
القاعدة الثابتة في الصراعات البشرية التي يتجاهلها الظالمون، تحكمها السنة الكونية التي تقول بأن الصراع بين حق وحق لا يكون، لأن الحق واحد مهما تعدد طالبوه، والصراع بين حق وباطل قد يقصر أو يطول بحسب علو همة أهل الحق او تقاعسهم، لكن نتيجته محسومة، فالباطل زاهق حتما، أما الصراع بين باطل وباطل فلا ينتهي ولا يحسم، وإنما تكون الغلبة فيه للطرف الأول حينا، وللطرف الثاني حيناً آخر.
لذلك ففي قضية “نغورني قره باغ”، فقد أقيم هذا الإقليم، مثلما أقيم الكيان الصهيوني في قلب وسط إسلامي رافض له، بهدف إضعافه وإعاقته عن التقدم، وما كان ليدوم هذا الباطل إلا بالحماية من قوى الشر الدولية، وبسبب التاريخ الحمائي لروسيا للأرمن، ولمنع تقدم أذربيجان وتحررها من الهيمنة الروسية، فقد أوكل الغرب لها مهمة حماية هذا الإقليم من الأذريين، تحت مسمى (قوات حفظ السلام).
اغتنم الأذريون فرصة انشغال الروس بحربهم في أوكرانيا، وقدروا أنهم لن يتورطوا بحرب أخرى في هذا الوقت العصيب، فقاموا بهجومهم العسكري، وفعلا صدقت توقعاتهم، كما أن الغرب المستنزف بإمداد الأوكرانيين لم يتحمسوا للمزيد في الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، ومن فهم هذا الواقع فقد أحجمت أرمينيا ذاتها عن التدخل عسكريا.
نلاحظ في هذا الصراع أمرا هاما، وهو أن الأذريين لم يعترفوا بالكيان المصطنع رغم معرفتهم بالتفوق الهائل لحماته ورعاته، ولم يعلقوا أية آمال على المفاوضات الجارية طوال الوقت بل كانوا يعدون العدة ويرفعوا من قدراتهم العسكرية أثناءها.
هذا هو الفارق الذي يميز من هو مقتنع بحقه وبباطل العدو الباغي، ومهما كانت قوة العدو أو قوة حماته، فلا يجب أن يغيب عن ذهن صاحب الحق لحظة واحدة، أن لا يعطي شرعية للباطل، لأن القوة لا تصنع حقا مهما كانت متفوقة، هي تحقق غلبة فقط، وغلبة الباطل دائما مؤقتة، لذلك فأقصى طموحات الباطل أن يجرد صاحب الحق من حقه، لأنه عندها يصبح الصراع بين باطلين، كونه يغدو بين مصلحتين متعارضتين، لذلك يبقى معلقا فلا يحسم، بدل أن يصبح صراع حق مع باطل والذي نتيجته محسومة مؤكدة لصالح الحق مهما طال الصراع.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: تحت الضوء هذا الإقلیم الصراع بین

إقرأ أيضاً:

مواقف الحق لا تحتاج إلى إعلانات مموَّلة

يمانيون || محمد محسن الجوهري*

كثرت -مؤخراً- منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة الفيس بوك، تروج للمرتزقة وتناهض الموقف اليمني المشرف ضد الصهيونية العالمية، وما يميز تلك المنشورات التحريضية أنها تعلن عن نفسها بأنها مجرد إعلانات ممولة، وهذا يعكس حالة اليأس لدى المرتزقة ومن يمولونهم بأن يكونوا جزءاً طبيعياً من الشعب اليمني المعروف بعشقه للدين والرجولة.

أما عن المنشورات المناهضة للعدوان الصهيو-أمريكي على اليمن وغزة، فلا نحتاج لنثبت حجم الحظر الذي يلاحقها ويلغيها من المتابعة، وهذا دليل آخر دامغ على أصحاب الحق، فأهل الباطل من حزب الإصلاح أو العفافيش لا يتعرضون لمثل هذا النوع من الحظر لأن منشورتهم تتناغم مع المطامع الصهيونية، ودائماً ما تنحاز للأطراف المعادية للإسلام والمسلمين، وأولها اليمن وفلسطين.

ولعلّ أبرز ما يكشف زيف تلك الحملات الدعائية هو طبيعة الجمهور المستهدف بها. فبينما تتوجه الإعلانات المموَّلة إلى جمهور غير يمني في كثير من الأحيان بغرض خلق تصورات مغلوطة عن الموقف الشعبي في اليمن، نجد أن التفاعل الحقيقي على الأرض والسوشيال ميديا لا يزال ينبض بروح الجهاد والكرامة والوعي. هذا الجمهور الذي أثبت في مختلف المنعطفات التاريخية صلابته في وجه العدوان والحصار، لم يكن يوماً بحاجة إلى دعم مالي ليتبنى قضاياه أو يدافع عن مقدساته.

وإذا أردنا الاستدلال بشواهد حديثة، يكفي أن ننظر إلى حجم التضامن الشعبي اليمني -رغم ظروف الحرب والحصار- مع غزة منذ بدء العدوان في أكتوبر 2023، حيث خرجت مظاهرات حاشدة في صنعاء وصعدة والحديدة ترفع أعلام فلسطين وتردد الهتافات المنددة بالصهيونية العالمية، في مشهد يصعب أن تجده في كثير من العواصم العربية التي تدّعي دعمها لفلسطين نظرياً وتطبع عملياً.

في المقابل، نلاحظ أن الصفحات التي تموّل الهجوم على هذا الموقف اليمني الشريف، هي نفسها التي لا تجرؤ على انتقاد الجرائم الصهيونية أو المجازر بحق الأطفال والنساء، بل تنشغل إما بتشويه المقاومة، أو الترويج لتطبيع خادع تحت شعارات “السلام”، أو محاولة تسويق أفكار انبطاحية تسلب الشعوب إرادتها وتخدّر وعيها.

وما يزيد هذه الحقيقة وضوحاً، أن المنصات الكبرى كفيسبوك وإنستغرام تتعامل بازدواجية واضحة. فالمنشورات التي تفضح جرائم الاحتلال غالباً ما تُحظر أو تُخفى تحت ذرائع “خرق المعايير”، بينما تُفتح الأبواب على مصراعيها للمحتوى الممول الذي يشوه المجاهدين أو يحرف البوصلة عن العدو الحقيقي.

إنه صراع وعي في المقام الأول، ومن يتسلّح بالحق لا يحتاج إلا إلى الكلمة الصادقة والموقف النبيل، بينما أعداء الوعي لا يملكون سوى المال والمنصات المؤدلجة، وهو ما يجعلهم يخشون حتى من مجرد منشور حرّ لا تدعمه الدولارات، بل يدعمه التاريخ والضمير والشرف.

إن المتأمل في التاريخ القريب والبعيد لليمن يعرف أن هذا البلد رغم الحصار والفقر والحروب المتعددة، لم ينكسر، بل ظل وفياً لقضاياه الكبرى وعلى رأسها فلسطين. لم تُثنِهُ الضغوط الإقليمية والدولية، ولا محاولات الإغراء المالي والسياسي، عن اتخاذ مواقف مبدئية ثابتة. فالذي يقف إلى جانب فلسطين اليوم ويواجه العدوان الصهيو-أمريكي على غزة، هو الامتداد الطبيعي لشعب الأنصار، شعب الإيمان والحكمة، الذين حاربوا كل غزوات الاحتلال والإقطاع والهيمنة.

ولعلّ المقارنة اليوم بين خطاب المرتزقة وخطاب أبناء اليمن الأحرار، تكشف مستوى الانحدار الأخلاقي والسياسي الذي وصل إليه أولئك الذين ارتضوا أن يكونوا أدوات بيد الخارج، بينما تميز الخطاب المجاهد بالوضوح والشجاعة والانتماء الحقيقي للأمة، دون تملق أو تزييف.

ولا يمكن هنا تجاهل أن الموقف اليمني المقاوم ليس مجرد موقف تضامني رمزي، بل له أبعاد استراتيجية حقيقية. فالهجمات التحذيرية على سفن العدو في البحر الأحمر، والمواقف السياسية الداعمة لمحور المقاومة، تعبّر عن وعي عميق بحقيقة المعركة، وأن ما يحدث في غزة ليس معزولاً عن اليمن، بل هو امتداد لمعركة واحدة عنوانها “الحرية والسيادة ورفض الهيمنة”.

في المقابل، من المؤسف أن نجد من بيننا من فقد بوصلته، فصار يتعامل مع الكيان الصهيوني كطرف محايد، بينما يصبّ جام غضبه على الشعوب التي تقاوم، وكأنّ الاحتلال لا يعنيه، وكأنّ دماء الأطفال في غزة أرخص من “الممول بالدولار”.

وليس أدلّ على خواء الخطاب المموَّل من افتقاره لأي مضمون حقيقي، فهو لا يتحدث عن القضايا العادلة، ولا يملك سردية تحترم عقول الناس، بل يعتمد فقط على التضليل، واستخدام العبارات الطنانة الجوفاء التي لا تصمد أمام أبسط نقاش أو حوار.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب

مقالات مشابهة

  • نتنياهو يزور أذربيجان لبحث انضمامها إلى "اتفاقيات التطبيع" ووساطتها مع تركيا
  • هجوم كشمير يذكي نار التوتر بين الهند وباكستان... ماذا نعرف عن الصراع حول الإقليم؟
  • مسرور بارزاني يبحث مع وزير الخارجية الفرنسي علاقة الإقليم مع الحكومة الاتحادية
  • كيان.. في الحق لا يبصر ولا يسمع
  • من الفوضى الاقتصادية إلى الحرب المقدسة.. كيف يُعيد داعش صياغة الصراع العالمي؟
  • سكان الجديدة يرممون الطرق المحفرة ويطالبون بتدخل عامل الإقليم
  • مواقف الحق لا تحتاج إلى إعلانات مموَّلة
  • أحزاب المعارضة الكردية ترفض المشاركة في حكومة الإقليم الجديدة
  • حزب بارزاني: رئاسة الإقليم وحكومتها من حصة حزبنا ولحزب طالباني بعض الوزارات
  • ثمن التخاذل