معاهدة وادي عربة : تفاوض ام لا تفاوض ؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
#معاهدة_وادي_عربة : تفاوض ام لا تفاوض ؟
بقلم #عبدالفتاح_طوقان
في مساء الليل ، بالتزامن مع اجتماع خمسة وسبعون شخصية وأمناء أحزاب وروؤسآء وزراء سابقون، تشرفت بدعوة من الدكتور عبد السلام المجالي للحضور والمشاركة بجلسات حوار دعي لها الملك الحسين ، حينها قال الازدحام يعيق الحركة وكان الهدف الاقلال من عدد الأحزاب وانشاء ثلاث او اربع أحزاب وطنية قوية، و كان ذلك في نادي الملك الحسين بمدينة عمان والمقام على الدوار الأول.
دق هاتف رئيس الجلسة دولة الدكتور عبد السلام المجالي و كان المتحدث الملك الحسين رحمهما الله، حين كان الملك الحسين قد اتفق مع الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي علي السير في اعتراف بإسرائيل “الدولة” وحدودها في مقابل الاعتراف لأول مرة بحدود الأردن و التمهيد لتوطين الفلسطينيين في مقابل الإبقاء علي العرش الملكي وهو ما كان سبق الاتفاق عنه مع رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت ثاتشر وقد مهد ذلك لاحقا للوطن البديل واحتضان الفلسطينيين بحقوق كامله في الأردن الجديد، و في غياب تام و سرية عن الجميع دون استثناء الا مدير المخابرات.
الان وبعد سنوات عدة تقارب الثلاثون من توقيع معاهده وادي عربه في ٢٦ اكتوب ١٩٩٤،، و في بيروت حيث يمتد نظري صوب فندق السان جورج الشهير اراجع الملاحظات واستجمع احاديث دولة رئيس الوزراء الأردني و رئيس ما اطلق عليه وفد التفاوض ، اضع هذه الحقائق . ماذا عن حقيقة التفاوض ؟ حقيقة وادي الصدع العظيم الذي اطلق عليه وادي عربه و كان سببا في صدع سياسي لا تزال اثاره للان.
مقالات ذات صلة تحت الضوء 2023/09/25اغلق دولة رئيس الوزراء هاتفه و اخبر الحضور باختياره رئيسا لوفد التفاوض مع إسرائيل، وترك المنصة وخرج مسرعا لمقابلة الملك ولحقته مناديا دولة الرئيس :فأجاب نعم عبد ، قلت له كن حريصا فقد كتب كيسنجر في مذكراته ان الرئيس السادات كان متسرعا و فاجاء ذلك الإسرائيليون اللذين حصلوا على اضعاف ما كانوا يتصورن استحالته مضيفا والحديث هنا لكيسنجر:” لو كنت مستشارا للسادات لاتيت له بالكثير مما فقد”. و اجابني الرئيس المجالي ، لا توصي حريص عبد. و رددت عليه سيدي ” و ذكر ان نفعت الذكرى”.
دلف المجالي الي سيارة مرسيدس سوداء ، وطارت مسرعه الي القصور الملكية حيث كان الملك بانتظاره ومعه السفير الأمريكي حسبما افادني لاحقا دولة الرئيس.
وصل الوفد الي الولايات المتحدة قبل بدء المقابلة، و لم يكن لديه أي أوراق او مستندات او فكرا عما سيدور، و كانت اللحظات صعبة و مليئة بالحزن و الخوف ، الرهبه ووقف الدكتور الدمث مروان المعشر وزير الخارجية يترقب ويري زملائه ينفثون الدخان وبعض من أعضاء الوفد يمشون وهم متوترون يمينا ويسارا، ولم يخفف من رهبة الموقف الا حديث و نكات نائب رئيس الوزراء جواد العناني الذي بات واثقا مرحا يطلق النكات هنا وهناك حتى ارتاح الحضور الي ان دخل عليهم المفاوضون !!!! هكذا وصف لي الدكتور المجالي الموقف لان الجميع كان محاطا بكراهية الكيان الإسرائيلي التي احتلت أجزاء من الأردن و اغتصبت فلسطين.
قال لي الفريق تحسين شردم في استراحته الخاصة علي البحر الميت، عبد هل تعرف كيف رسمنا وحصلنا علي الحدود ؟ ، لم يكن معنا خرائط او وثائق رسمية ، كان هناك مساح إسرائيلي وضباط امريكيون و اسرائيلون ، و المساح معه عجلة و طباشير ابيض لتحديد الأرض وكنت كل فترة ادفعه بكتفي ( تحسين شردم طوله ١٧٥ سم وهو عريض الكتفين و قوي البنية) ، لاحصل علي بعض سنتميترات من الأرض لصالح الأردن.
وصلت فندق البستان في دبي ، بناءآ علي طلب من الدكتور المجالي ، و كان قد حضر سنوات بعد ان تمت معاهده وادي عربه، وكان معه دولة الرئيس عدنان بدران ( لم يكن رئيسا للوزراء حينها) و كان نائما علي الاريكه امامه في الطابق الأخير من الفندق في الجناح الرئاسي الخاص. كانا كلاهما في الطريق الي باكستان.
روي لي الدكتور المجالي عده روايات، الاولي قرأة خطيرة اثارت اهتمامي بريشة السياسي الحريص تخص معالي الدكتور باسم البهلوان ( اتهم بالتعاون في موآمره لقلب نظام الحكم مع الأمير حمزة) ، و مدي خطورته و اجندته الخاصة في الأردن محذرا منه و بدا منزعجا منه.
و الثانية عزمه علي اصدار مذكراته و سئلني سؤالا يستحيل الإجابة عليه ، كيف يمكن لرئيس وزراء ان يقفز عن احداث ، منعطفات تاريخية دون ان يحكم عليه تاريخيا وان كان عليه ان يكتب حتي لو كلفه ذلك حياته. و الحقيقة المجالي واضح وصريح و انسان وطني طالما اعجبني طريقه تفكيره.
و الثالثه عن التفاوض ، و قال لي كلما كنا نصل الي نقطة نتفاجئ من الوفد الإسرائيلي قولهم ” هذه متفق عليه مع الملك الحسين بامكانكم الرجوع اليه “. قالها وهو مخنوق و صوته مقرون بخيبة الامل و كان يتنهد باحباط. و سئلته : دولة الرئيس هل اطلعت الملك الحسين علي ذلك ؟ و هل كانت هناك مشكلة فرد علي ” لقد ذهبت لمقابلة الملك الحسين و كان يرتدي قميص ابيض وقد رفعه الي الرسغ وربطة عنق ذات اشكال ملونة و ينفث سيجارة تلو الأخرى دون توقف ،اخبرته بما حدث، و قلت له ، ياسيد البلاد انت الملك والقائد ونحن نمثلك في التفاوض و مستشاريك الحريصون علي الأردن ولن نخذلك او نقوم باى شيء لا ترضى عنه، والكلمة الأخيرة لك، لكن اذا سمحت لي ان تسمح لنا بنقل ما تريد الينا لا الي الإسرائيليون و أتمنى علي جلالتك الا نتفاجيء بموافقتك و دون ان ندرى فنظهر باننا مجرد قطع من الطوب المصمت بلا روح او فكر ، نفتقد الي أسس التفاوض الحقيقي”. نحن سيدي اهل البيت لا مجموعة مستعارة. انتهى الاقتباس
و عدت استفسر ماذا بعد دولة الرئيس ، و قد صعقت للرد ، حيث اجابني دولة المجالي لقد روعت من حديث الملك الذي قال وهو واقف و كانه ينهرني قائلا :” اشكرك وقم بعملك فقط، هذا الموضوع ليس مجالا للمناقشة ، الأردن يعني لي اكثر منكم فأنا مهدد ومحاط بالف صاروخ من كل ناحية للقضاء علي الأردن وعلي الملكية والعرش” ثم اضاف وتركني الملك بمفردي وخرج ، بعد ان رمي عقب السيجاره خارج المنفضة في حركة عصبية خارج كلاسيكيات الملك و لم اعرف ماذا سافعل، حتي فنجان القهوة الذي امر به الملك لم ارتشف منه قطرة.
و أضاف دولة الرئيس المجالي ،،هو من رؤوساء الحكومات الأقوياء ، لقد كان ياعبد الخلاف كبيرا وانتهت المقابلة ولم يحادثني الملك لثلاثة أيام بينما كان يراقب كل جلساتنا من خلال غرفة خاصة ، تلك الجلسات التي اطلق عليها ” لجان التفاوض” و هي في الحقيقة في كثير من اجزائها صورية، والاتفاق مسبق و منتهي، وكنا هدف لكاميرات و تسجيلات عرفت ان الفريق سعد خير وضعها دون علم أي منا ولا حتى انا المفترض انني رئيس الحكومة!!
استمعت للحديث بتركيز كبيروتئن مدركا قيمة ما ادلى به المجالي، و صحبته بسيارتي الخاصة الي المطار الرابعة فجرا ، بعد سهرة طويلة ، وقد رأيت في عينه كيف كان ممسكا بجمرة من النار في يده وقت التفاوض، مكبل اليدين، واحتجت الي دقيقة لاستوعب صوته ووصيته بحفظ كل ما ادلى به، واعتقدت عندما اصدر مذكراته انه سيكتب عن ذلك لكن خلت مذكراته و قضمتها طرق جانبية كما هو متوقع في كمائن الابتئاس من الحال المحدود. و استئذنت دولته ان اكتب ذلك يوما، و كنا قد وصلنا مطار دبي استودعته السلامه وغادر وبرفقته دولة الدكتور عدنان بدران ، ثم تكرر اللقاء في منزله و تشاركنا العشاء مرارا الي ان التقينا على العشاء في مطعم نجيب محفوظ، ثم مره ثانية في منزل السفيرالأردني في القاهرة دولة الدكتور هاني الملقي، و لذلك حديث اخر.
هكذا هو التفاوض او لنقل اللا – تفاوض، ما حدث من السادات كان متشابها مع ما حدث من الملك الحسين، الصراخ في الكنيسة خارج أوقات الصلاة بينما السير نحو الوطن يتم بصمت الجنائز.
aftoukan@hotmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الملک الحسین رئیس الوزراء دولة الرئیس
إقرأ أيضاً:
نظرة على معاهدة نهر السند التي قد تشعل حربا بين الهند وباكستان
ألقت صحيفة "ذا نيوز إنترناشونال" الباكستانية نظرة قانونية على معاهدة تقاسم مياه نهر السند المبرمة بين باكستان والهند، التي أعلنت نيودلهي تعليق العمل بها في أعقاب هجوم شنه مسلحون يوم الثلاثاء في الشطر الهندي من كشمير، وأودى بحياة 26 شخصا.
وكانت الهند قد اتهمت على الفور باكستان بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف سياحا هنودا في أثناء زيارتهم أحد المعالم الطبيعية في بلدة بهلغام السياحية الواقعة في جبال الهيمالايا، وهو اتهام نفته إسلام آباد وطالبت بتحقيق محايد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 26 أسئلة تشرح آثار وتداعيات تعليق الهند معاهدة تقاسم المياه مع باكستانlist 2 of 2اشتباكات محدودة بين باكستان والهند لليلة الرابعةend of listوفي مقال نشرته الصحيفة، قال الكاتب حافظ إحسان أحمد خوخار -وهو محام ممارس في المحكمة العليا في باكستان- إن هذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها الهند بتعطيل معاهدة مياه السند أو التخلي عنها من جانب واحد.
وأضاف أنه من الضروري دراسة التطورات الأخيرة المتعلقة بمعاهدة مياه السند وتعليق العمل باتفاقية شيملا الموقعة بين البلدين في 1972. وبرر البحث في تلك التطورات بسبب ما تضمره الهند من عداء مستمر تجاه باكستان، يتسم بانتهاكات متكررة للالتزامات الثنائية والدولية.
ويعتقد الكاتب أن المعاهدة والاتفاقية أساسيتان للعلاقة القانونية والجيوسياسية بين البلدين، مضيفا أنه بموجب القانون الدولي، فإن موقف باكستان مبدئي وقائم على أسس سليمة ويمكن الدفاع عنه.
إعلانوتعد معاهدة مياه نهر السند، التي وقعتها الهند وباكستان عام 1960 مع البنك الدولي كضامن لها، ملزمة للطرفين.
وتتقاسم الدولتان، وفق المعاهدة، 6 أنهار، حيث خصصت السيطرة على الأنهار الشرقية (رافي وباس وسوتليج) للهند، بينما منحت حقوقا على الأنهار الغربية (السند والجيلوم وتشيناب)، مع مراعاة بعض القيود.
اتفاقية ملزمةوأفاد المحامي الباكستاني -في مقاله- بأن الأهم من ذلك أن المادة (12) من المعاهدة تنص صراحة على أنه "لا يجوز إنهاؤها إلا باتفاق الحكومتين"، مما يجعل أي محاولة للانسحاب منها من جانب واحد باطلة قانونيا وغير مقبولة دوليا. واعتبر أن أي إجراء تقوم به الهند يوحي بانسحابها من المعاهدة يعد انتهاكا مباشرا لبنودها الصريحة ومبادئ القانون الدولي.
وأشار إلى أن المسؤولين الهنود أدلوا بتصريحات استفزازية في ما يتعلق بتحويل تدفق المياه المخصصة قانونا لباكستان، وهو ما اعتبرته إسلام آباد عملا عدائيا يرقى إلى إعلان حرب، حسب تعبير المحامي خوخار.
وأكد أن باكستان لديها عديد من السبل المتاحة بموجب القانون الدولي للطعن في سلوك الهند، مثل آليات تسوية المنازعات المضمنة في المعاهدة، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية، ومحافل التحكيم الدولية الأخرى.
وشدد على ضرورة أن تتبنى باكستان إستراتيجية قانونية استباقية للدفاع عن حقوقها المائية، بما في ذلك الاحتكام إلى ما ورد في الملحقين (و) و(ز) المتعلقين بتسوية المنازعات في المعاهدة. وأردف قائلا إن لباكستان أسبابا تبرر لجوءها أيضا إلى الأمم المتحدة ودعوة البنك الدولي لضمان الالتزام بأحكام المعاهدة.
ومضى إلى القول إن الهند أساءت استخدام اتفاقية شيملا لعقود من الزمن للحيلولة دون أن تحظى قضية كشمير بالاهتمام الدولي، وأن تظل في إطار طابعها الثنائي بين البلدين.
ومن وجهة نظر المحامي، فإن باكستان تقف على أرضية قانونية صلبة فيما يتعلق بمعاهدة مياه السند.
إعلان