قراءة موجعة ومؤلمة وقاسية لكتاب التاريخ العربي ـ الاسلامي.. رأي من ليبيا
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
لم يبرح الكتاب والمفكرون ومن بعدهم السياسيون في العالم العربي، وتبعهم في ذلك الغربيون المتقدمون والمتأخرون، في البحث عن أسباب تخلف العرب والمسلمين في القرون الأخيرة، وتراجع أدوارهم الحضارية، في الخلفية الدينية، وتحميل الإسلام والرعيل الأول من المسلمين مسؤولية التأسيس لمنطق الغلبة في حل الخلاف بين قادة المسلمين.
ومع أن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار، كما يقول العلامة ابن خلدون، فإنه في الحالة الإسلامية تحول إلى صورة نمطية يسعى خصوم الإسلام والمسلمين إلى إلصاقها بخاتمة الأديان، وتحميله مسؤولية ليس فقط تخلف العرب والمسلمين، بل ووصل حد القول بتحميله مسؤولية العنف الذي يلجأ إليه بعض الساسة لحل خلافاتهم مع خصومهم..
"عربي21" تفتح حوارا فكريا هادئا، ليس في تاريخ الخلاف السياسي في الإسلام، فذلك ممات سجلته كتب التاريخ العربي والإسلامي وحتى العالمي، وإنما في أدب إدارة الخلاف السياسي بين المسلمين كما وجهت بذلك مراجعهم الأساسية، أي القرآن والسنة النبوية، وكما أثبتته التجارب التاريخية.
ونبدأ هذا الملف بقراءة يقدمها الكاتب والباحث الليبي إبراهيم محمد الهنقاري، وهو مثقف ليبي، ويعتبر من الرعيل الأول الذي أسس أهم المؤسسات الإعلامية في ليبيا في العهد الملكي قبل أن تؤول تلك المؤسسات بيد العقيد معمر القذافي الذي استبد بها وتحكم فيها لأكثر من أربعة عقود من الزمن..
من الجاهلية إلى البعثة
كنا في جاهليتنا نتباهى ببعض القيم التي كنا او كان بعضنا يمارسها.! مثل الكرم والشهامة وإباء الضيم وإغاثة الملهوف.!
ثم أكرمنا الله سبحانه وتعالى بأن استجاب لدعوة أبينا الكبير خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام فبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آيات الله ويعلمنا الكتاب والحكمة نحن الأميون حينها وهو خاتم النبيين والمرسلين محمد بن عبدالله بن عبد المطلب صلوات الله وسلامه عليه رسول الله آلى العالمين.
فكان هو القدوة وكان هو الرمز لكل مكارم الأخلاق التي عرفها العرب قبل البعثة والتي تعلموها منه صلوات الله وسلامه عليه قبل وبعد البعثة.
ثلاثة وعشرون سنة كانت هي سنوات البعثة والرسالة. سبقتها أربعون سنة عرفت قريش خلالها رجلا نبيلا من بني عبد المطلب بن هاشم عظيم الخلق صادق القول والعمل فلقبوه بالأمين!
وعندما اختلفوا حول رفع الحجر الأسود كان هو من حل لهم الإشكال ومكن الجميع من شرف حمل هذا الحجر الكريم إلى موضعه.
كانت حياته كلها مزيجا من الحياة العادية لأهل مكة حيث شاركهم في بعض تجارتهم إلى الشام في رحلتي الشتاء والصيف. ولكنه لم يشاركهم في عبادتهم للأصنام وفيما كانوا يمارسونه من المنكر.
وكان له وحده دونهم جميعًا بعضا من الإشراقات النبوية المبكرة ومن الانفراد وحده في غار حراء يبحث عن حقيقة الأيمان ويبتعد عن عبادة الأصنام التي يقدسها أهل مكة بمن فيهم أهل بيته الأقربين من بني عبدالمطلب.
حتى إذا أكرمه الله بالنبوة وبعثه رسولًا لقومه وللعالمين لقي المعاناة والاضطهاد من كفار قريش الذين لم يصدقوا في البداية دعوته لهم لعبادة الله وحده لا شريك له ولم يقبلوا أيضا بما كان يدعو إليه من القيم ومن مكارم الأخلاق التي تحد من الفساد الاجتماعي والديني والخلقي مما اعتادت عليه قريش في ناديها .!
ومن عذابات مكة والطائف التي تعرض لها وما تعرض له أصحابه من الأذى والعذاب على يد قريش ومن الكثير من الأسى والحزن بعد فقد العم الذي كان يوفر له بعض الحماية وبعض الرعاية إلى فقد الزوجة الأولى السيدة خديجة بنت خويلد التي كانت هي أول من آمن به من النساء كما كان ابن عمه علي بن أبي طالب أول من آمن به من الرجال.
ونقل بعض القدماء عن الإمام علي رضي الله عنه أنه قال: "لقد رأيتني وكنت ثلث الإسلام.."! يعني الرسول والسيدة خديجة وهو ثالثهم.! رضي الله عنهم جميعا .
وعندما أذن الله لرسوله بالهجرة إلى يثرِب التي أصبح اسمها المدينة مدينة الرسول واستقر فيها هو وأصحابه من المهاجرين والأنصار أقام صلوات الله وسلامه عليه في تلك المدينة المنورة كما سميت بعد ذلك دولة الإسلام الأولى الكاملة. الدولة التي لم تعرف سوى كتاب الله المنزل وسوى تعاليم الرسول عليه الصلاة والسلام.
دولة الإسلام الأولى
لم تعرف دولة الاسلام الأولى لا المذاهب الأربعة أو الخمسة ولا عرفت لا سنة ولا شيعة ًولا عرفت لا "آيات الله" ولا "شيوخ الإسلام". ولا "حزب الله" ولا "القاعدة" ولا "أنصار الشريعة" ولا "الجماعة الاسلامية المقاتلة" بل كانوا يشاركون جميعا في كل غزوات الرسول دفاعا عن الإسلام. كما لم تعرف "جماعة الإخوان المسلمين" حيث كان الأنصار والمهاجرون إخوانا بحق ولم يكن لهم لا "تنظيم سري" ولا "مكتب إرشاد" ولا "مرشد عام". ولم يكونوا يقسمون في الغرف المظلمة بالولاء للمرشد وللجماعة لا على سيف ولا على خنجر.! فلم تكن هنالك مسدسات ولا رصاص في تلك الأيام النبيلة من أيام صحيح الاسلام.!!
لم تعرف دولة الإسلام الأولى سوى صحابة الرسول من المهاجرين والأنصار. الذين يتلون آيات الله ويطيعون الله ورسوله. ويؤدون الفرائض التي كتبها الله سبحانه وتعالى عليهم.
لم ينقسموا إلى مذاهب و شيع. ولم يتخذوا لباسا خاصا يميزهم عن باقي عباد الله من المسلمين وغيرهم بل كان لباس أصحاب النبي من المسلمين هو نفسه لباس أعدائهم مِن المشركين من كفار قريش.!
ولم يتخذوا لباسا خاصا بهم مثل لباس أحبار اليهود ورهبان النصارى يميزهم عن غيرهم من عباد الله.!
كانت لهم لحاهم كمسلمين كما كانت لكفار قريش لحاهم وهم كفار وذلك لأنه في تلك الأيام لم تكن هنالك لا في مكة ولا في المدينة لا صالونات حلاقة ولا أدوات الحلاقة التي نعرفها اليوم.
لم تعرف دولة الاسلام الأولى لا المذاهب الأربعة أو الخمسة ولا عرفت لا سنة ولا شيعة ًولا عرفت لا "آيات الله" ولا "شيوخ الإسلام". ولا "حزب الله" ولا "القاعدة" ولا "أنصار الشريعة" ولا "الجماعة الاسلامية المقاتلة" بل كانوا يشاركون جميعا في كل غزوات الرسول دفاعا عن الإسلام. كما لم تعرف "جماعة الإخوان المسلمين" حيث كان الأنصار والمهاجرون إخوانا بحق ولم يكن لهم لا "تنظيم سري" ولا "مكتب إرشاد" ولا "مرشد عام". ولم يكونوا يقسمون في الغرف المظلمة بالولاء للمرشد وللجماعة لا على سيف ولا على خنجر.! فلم تكن هنالك مسدسات ولا رصاص في تلك الأيام النبيلة من أيام صحيح الاسلام.!!فاللحية لم تكن شعارا دينيا في دولة الإسلام الأولى كما أصبحت اليوم بفضل البدع الضالة التي تنسب زورا و بهتانا إلى الإسلام بل كانت ظاهرة طبيعية عند الناس جميعا من الرجال الكفار منهم و المسلمون.!
فكما كانت لخيار الصحابة لحاهم كانت لعتاة كفار قريش لحاهم أيضا ولم يكن لتلك اللحى قيمة دينية لا في الجاهلية ولا في الإسلام.!! لا عند المسلمين ولا عند الكفار.!
كان المسلمون الأوائل من صحابة النبي من المهاجرين والانصار يتلون من آيات الله؛ "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" ال عمران اية ١٤٤. و كانوا يتلون من ايات الله: "إنك ميت و إنهم ميتون." الزمر اية ٣٠.
الصدمة وبداية الخلاف
ولكن حينما حان الأجل وانتقل الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى رحاب الله كانت الصدمة قاسية على صحابته الكرام كما كانت قاسية على آل بيته الشريف الطاهر.
وكما كانت مصيبة المسلمين في مفارقة النبي لهم كبيرة كانت مصيبة الإسلام في ذلك أكبر.! فقد بعثت تلك المصيبة السنن الجاهلية الاولى من جديد.! وسمع المسلمون من بعضهم ما لم يكونوا يسمعونه أو حتى يخطر على بالهم والرسول بين ظهرانيهم.!
مما نقل إلينا من ذلك مثل قول المهاجرين للأنصار: "منا الأمراء ومنكم الوزراء."!! أو مثل قول المهاجرين للأنصار؛ " الإمارة في قريش."!! ولم يرد ذلك لا في كتاب الله ولا في سنةً رسوله.! إنما هي "السياسة الجاهلية " التي كانت قبل الإسلام.!
كان "يوم السقيفة" هو يوم الفرقان الثاني بعد يوم بدر.! مع الاختلاف الكبير بين هذين اليومين من أيام العرب المسلمين. فيوم الفرقان الأول كان يوم النصر وكان يوم الفتح.
أما يوم الفرقان الثاني فكان بدايةً الفرقة والخصام بين الصحابة الكرام ثم بين عامة المسلمين بعد ذلك إلى الحال الذي نحن فيه اليوم. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الأنصار الذين "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " والذين حموا الرسول وحموا المهاجرين وقاسموهم بيوتهم وأموالهم وحتى زوجاتهم ودافعوا بأموالهم وأنفسهم عن الإسلام ظنوا أن من واجبهم بعد انتقال النبي صلوات الله وسلامه عليه إلى الرفيق الأعلى، ظنوا أن من واجبهم الاستمرار في تلك المهمة النبيلة فاختاروا سيدهم وسيد الخزرج الصحابي الجليل سعد بن عبادة ليواصل المهمة الدنيوية في الإسلام بعد النبي وهي إدارة شؤون المسلمين الحياتية والحفاظ على دين الله الإسلام والدفاع عنه ولم يكن لهم هدف غير ذلك.
ثم بايع الأنصار أبابكر بعد أن بايعه عمر وانتهت أزمة السقيفة بمبايعة أبي بكر الصديق خليفة في مسجد النبي.
ثم اغتيل سعد بن عبادة بعد ذلك في بعض مدن الشام وتم الترويج لبعض الروايات السخيفة آلتي نجدها في بعض الكتب القديمة من أن الجن هي التي قتلت سعدا رضي الله عنه.!! و ربما كانت أقرب الروايات إلى التصديق هيما ذكره البعض عن تورط المغيرة بن شعبة أو خالد بن الوليد وكلاهما من كبار قريش في اغتيال سعد بن عبادة.! والله أعلم.
وكانت تلك العملية هي أول عملية اغتيال سياسي في تاريخ الإسلام سواء كان مرتكبها من الجن أو من الإنس.! تبعها بعد ذلك اغتيال كل الخلفاء الراشدين الأربعة رضوان الله عليهم جميعا منهم من مات مسموما مثل أبي بكر ومنهم من مات طعنا بالسيف أو بالخنجر. ولا حول ولا قوة الا بالله. رحمهم الله جميعا.
كانت أزمة السقيفة إذن هي بداية الانحراف بالإسلام كما عرفه أصحاب النبي وهو بين ظهرانيهم. كان المهاجرون يرون أنهم هم السابقون في الإسلام وهم آل النبي. فظنوا أن الخلافة في قريش. وزعموا أن العرب لن تقبل بأمير لهم إلا إن كان من قريش !
أما الأنصار فكانوا يرون أن المسلمين سواسية كأسنان المشط وألا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى. وكان ذلك بعض ما تعلموه من النبي صلوات الله وسلامه عليه.
ثم ما لبث أن نشب الخلاف بين العرب المسلمين أولا حول ضريبة "الخمس" خمس الغنائم كما نصت عليه الآية ٤١ من سورة الأنفال: "و اعلموا أن ما غنمتم من شيئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير."
كان الخلاف حول نصيب الرسول عليه الصلاة والسلام من تلك الغنائم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى. ثم ادعى بعضهم النبوة ووجد له أتباعًا من العرب المسلمين على عهد النبي.
وكان لابد لخليفة المسلمين أبي بكر ان يتصدى لتلك الفتنة الأولى في الإسلام . فنشبت الحرب وبدأت بوادر الفتنة والانقسام بين العرب المسلمين ومن سموا بالمرتدين. ثم امتد الخلاف والاقتتال إلى المهاجرين أنفسهم فامتنع طلحة والزبير عن مبايعة الإمام علي وخرجت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مع من معها لقتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
تلك كانت البداية التي عرفت بالفتنة الكبرى تلتها أمور أخرى نهى عنها القرآن الكريم ونهى عنها الرسول عليه الصلاة والسلام .فمات الخليفة الأول مسموما، ومات الخليفة الثاني والثالث والرابع اغتيالا.
وتطور الخلاف إلى نزاعات مسلحة بين القادة العرب المسلمين من المبشرين بالجنة وقتل خيار المسلمين خيار المسلمين.! دون أن يتذكروا وصية النبي لهم في حجة الوداع: "لا ترتدوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض." كما لو أنه صلوات الله وسلامه عليه كان يخشى ذلك. وقد كان ذلك هو ما فعلوه. ولا حول ولا قوة الا بالله.
وإذا صح ذلك ومعظم المسلمين يرونه كذلك فإن الأمر على قدر كبير من الخطورة. لأنه يتعلق بمصير كبار الصحابة من أصحاب النبي. وتم اغتيال أمير المؤمنين عمر الفاروق وهو يؤم المسلمين في صلاة الفجر من قبل مجوسي من أهل فارس ربما انتقاما لكسرى وبنيه وبناته بعد فتح فارس إيران اليوم.
ثم كانت الفتنة الكبرى التي أرى اليوم أنه كان بالإمكان تجنبها، فقتل عثمان وهو يقرأ القرآن، وقتل علي وهو يهم بصلاة الفجر كما قتل عمر. رحمهما الله.
تلك مع الأسف كانت نهاية أربعة من أهم أصحاب النبي ومن ذوي قرباه.
وقد نقرأ في بعض كتب الأولين أن الخليفة الثاني الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أوصى بالستة الكبار من صحابة رسول الله ليختاروا واحدا منهم لتولي إمارة المؤمنين بعده، تقول بعض تلك الكتب أن الخليفة عمر وهو من المشهود لهم بالفراسة قد قال لإبنه عبدالله:" لو تولاها الأجلح (يعني عليا) لحملهم على الجادة.!" " ولو تولاها عثمان لحمل بني أمية على رقاب الناس."!! فأمير المؤمنين عمر كان يعلم مسبقا بما ستؤول إليه الأمور بين العرب المسلمين بعده.!
إن الإنحرافات والمظالم التي نراها اليوم ترتكب باسم الإسلام البريء منها والتي نجد تفاصيلها فيما وصلنا من قصص الأولين وكتبهم التي تنسب إليهم وما نشعر به من الألم عن حال الإسلام والمسلمين هو الذي دفعنا لكتابة هذا الحديث غضبا لله ولدينه القويم ولنبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه ولما آل إليه حال صحابته الكرام رضوان الله عليهم جميعا.وإذا كان أمير المؤمنين عمر يعلم أن علي بن أبي طالب سيحمل الناس على الجادة أي على الطريق المستقيم طريق الإسلام الصحيح فلماذا لم يوص له بالخلافة كما أوصى بها له خليفة رسول الله أبوبكر.!؟ وإذا كان يعلم أن عثمان بن عفان سيحمل بني أمية على رقاب الناس فلماذا وضعه في الستة من أهل الشورى.!؟
قد يكون نقد التاريخ مجرد ترف فكري لا أكثر ولا أقل كما قد يقول البعض.! ولكنني أرى أن لهذين السؤالين كثير من الأسباب التي تبررهما.! أعلم أن هنالك من يقول إن عمر رأى أن يلقى الله سبحانه وتعالى بما فعل في حياته ولا يريد أن يتحمل وزر ما قد يقوم به من يختاره للخلافة.! ولكنه اختار ستة من أصحاب النبي كان يعلم أن أحدهم سوف يخلفه في موقعه .! فلابد أن يلحق عمر بعضا من أوزار من أوصى لأحدهم بالخلافة إن كانت له أوزار.
ثم تطورت الأمور بعد عمر رضي الله عنه إلى صراعات دامية بين صحابة رسول الله في عدد من المواقع التي نقلها لنا أصحاب السير. كيوم الجمل. ويوم صفين. ويوم النهروان. فكانت من أشد الأيام على الإسلام وعلى المسلمين.
ثم تحولت الخلافة الإسلامية من الشورى بين المسلمين كما عرفها الراشدون الأربعة إلى خلافة رومانية ترث الحكم بالوراثة وليس بالشورى تعلمها معاوية بن أبي سفيان من الرومان الذين كانوا يحكمون الشام قبله.
العصبية العربية
وأغلب الظن فيما أرى أن الخلل الدخيل على الإسلام إنما بدأ يوم السقيفة يوم ولدت العصبية العربية من جديد. وقد يكون والله أعلم أن أبابكر وعمر هما اللذان أحياها وخشي كلاهما أن تؤول الخلافة إلى بيت النبي فتظل فيه إلى قيام الساعة كما قيل من قول عمر لأبي بكر من أنه لو تولاها صهر النبي وابن عمه علي لظلت الخلافة في بني هاشم إلى قيام الساعة.!!
وربما والله أعلم بالسرائر أن كلي الصحابيين الجليلين قد اتفقا يوم السقيفة على كل ما جرى بعدها لحرمان آل النبي من أن يكون لأي منهم مكانة خاصة بعد النبي وقيل يكفي بني هاشم أن كان منهم النبي. ويكون الحكم بعد النبي لباقي قبائل قريش. والله اعلم.
لسنا نتحدث من فراغ أو من وراء عاطفة تشدنا إلى آل البيت دون سواهم من صحابة النبي رضوان الله عليهم جميعا ولكننا نذكر وقائع وقصصا امتلأت بها كتب الأولين التي وصلتنا وهي كلها اليوم بين أيدينا ولمن شاء أن يعود إليها.
يتبين لنا من كل ما سبق أن الانحراف عن الإسلام كما بينه النبي لأصحابه قد بدأ مبكرا وأن الانحراف عن قواعد الإسلام كما وردت في القرآن الكريم وكما كانت عليها سيرة النبي في أصحابه لم تبدأ في عصور الإسلام المتأخرة ولكنها بدأت مبكرا بسبب ثقافتنا وتقاليدنا القبلية الجاهلية التي ورثناها عبر القرون قبل البعثة النبوية الشريفة وهي متأصلة فينا ولا زالت حية بيننا إلى يومنا هذا.!
لقد تحولنا إلى أمم شتى ابتداءا من دولة بني أمية إلى دولة بني العباس إلى دولة بني فاطمة إلى دولة الأدارسة إلى أن خرجت الخلافة من العرب إلى بني عثمان بن أرطغرل التركي إلى أن تفرقت بنا أيدي سبأ وتحولنا إلى أكثر من عشرين دولة تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى.!!
فعلنا كل ذلك بأنفسنا و لكننا نلقي باللوم دائما على غيرنا. تلك آثارنا تدل علينا ..فانظروا بعدنا إلى الآثار..!! تلك هي أيامنا. وذلك هو كتاب تاريخنا كما وصلنا.
إن الإنحرافات والمظالم التي نراها اليوم ترتكب باسم الإسلام البريء منها والتي نجد تفاصيلها فيما وصلنا من قصص الأولين وكتبهم التي تنسب إليهم وما نشعر به من الألم عن حال الإسلام والمسلمين هو الذي دفعنا لكتابة هذا الحديث غضبا لله ولدينه القويم ولنبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه ولما آل إليه حال صحابته الكرام رضوان الله عليهم جميعا.
وأستميحكم العذر في الإطالة فإن الأمر جد خطير علينا وعلى مستقبل أجيالنا القادمة ما لم نسارع إلى العودة إلى صحيح الإسلام كما كان أيام نبينا الكريم محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه. وننقي ديننا الحنيف من كل الشوائب ونعيد للإسلام صفاءه ونقاءه وطهارته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير الخلاف المسلمون السياسة خلاف مسلمون سياسة رأي أفكار أفكار أفكار تغطيات سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رضی الله عنه الإسلام کما فی الإسلام عن الإسلام آیات الله رسول الله کما کانت بعد ذلک کما کان ولا حول أبی بکر لم تعرف ولم یکن بن أبی لا على لم تکن فی تلک فی بعض رسول ا
إقرأ أيضاً:
محمود الهواري: الإسلام ليس ضد الطموح.. والنجاح ليس مالا فقط
أكد الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية، أن غياب التربية الإيمانية للأبناء يعتبر أول سبب رئيسي من أسباب السرقة ويمكن أن يؤدي إلى السرقات بأنواعها.
وأوضح الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامية، خلال تصريح له، اليوم الثلاثاء، إن الإنسان الذي يفتقر إلى الوعي الديني والإيماني يصبح عرضة للعديد من المشاعر السلبية التي تدفعه للبحث عن حلول غير مشروعة لتحقيق رغباته، لافتا إلي أن التوجه الدائم نحو مقارنة النفس بالآخرين يمكن أن يكون من الأسباب المؤدية للسرقة.
وقال: "إنه من الخطأ أن يظل الإنسان عينه متطلعة إلى ما في أيدي الآخرين، فالإسلام ليس ضد الطموح، لكن كلما شعر المرء بأن شخصاً ما يمتلك شيئاً أكثر منه، تنشأ لديه رغبة في الحصول على هذا الشيء، وقد يصل به الأمر إلى السعي وراءه بأي وسيلة، سواء مشروعة أو غير مشروعة".
وأضاف أن القرآن الكريم حذرنا من هذا الأمر في قوله تعالى: " وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"، لافتا إلى أن غياب القناعة والرضا بالوضع القائم، وعدم القبول بما يمتلكه الإنسان، يساهم بشكل كبير في دفعه إلى السعي وراء المفقود، وهذا يمكن أن يؤدي به في النهاية إلى السرقات.
وأوضح أن هذا هو السبب الأساسي الذي يجعل العديد من الناس يتخذون قرارات غير صائبة، مثل اللجوء إلى السرقة، لتحقيق ما يظنون أنه قد ينقصهم، مشيرا إلى ضرورة غرس القيم الصحيحة في الشباب منذ الصغر، ومنها أن تحقيق الطموح يجب أن يكون من خلال طرق مشروعة.
وقال: "من المهم أن نعلم أبنائنا أن الطموح أمر جيد، ولكن يجب أن يتم تحقيقه وفقاً لأسس دينية وقانونية.. نحن نعلمهم أن يحلموا، ولكن نعلمهم أيضاً كيف يحققون أحلامهم عبر الاجتهاد والعمل الحلال".
كما استشهد بحياة النبي صلى الله عليه وسلم كمثال حي على الرضا والتوكل على الله، مشيراً إلى أن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم عاش في ظروف صعبة للغاية، حيث مر عليه الهلال بعد الهلال دون أن يوقد في بيته نار للطعام، ومع ذلك لم يطلب ما ليس عنده، بل كان يعيش مع صحابته في صبر ورضا.
وأضاف: "النبي صلى الله عليه وسلم كان أحق الناس بأن يعيش حياة الرفاهية والنعيم، لكن لم نسمع عن النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابته أنهم لجأوا إلى سرقة أو مخالفة القانون، لأنهم كانوا متربين على القناعة والصبر".
وحذر من غرس القيم المادية، مثل التركيز على المال كمؤشر رئيسي للنجاح، قد يؤدي إلى تداعيات سلبية، ويشجع على الرغبة في الحصول على المال بطرق غير قانونية، لافتا إلى الرزق ليس فقط مالاً، بل قد يكون محبة الناس، أو التوفيق في العمل والطاعة، كم من شخص لديه كل أسباب الراحة المادية لكنه يعاني من قلة الراحة النفسية.