جرزيم جبل في فلسطين تقدسه الطائفة السامرية وتحول إلى جزء من الهوية.. لماذا؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
يعد جبل جرزيم عند السامريين أحد أركان الشريعة السامرية، ويقع جنوبي مدينة نابلس ويرتفع عن سطح البحر 885 مترا، ويقع إلى الشمال من مدينة نابلس جبل أخر هو جبل عيبال الذي يرتفع عن سطح البحر 940 مترا.
جبل جرزيم المقدس عند السامريين يحمل اسما آخر هو جبل الطور، تيمنا بجبل طور في سيناء الذي أنزل الله فيه على النبي موسى الوصايا العشر.
ويقع جبل جرزيم في منتصف المسافة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت، وإلى الشرق من هذا الجبل يقع سهل روجيب.
آثار على قمة جبل جرزيم يعتقد أنها للمعبد السامري
وجرزيم هو جبل عار من الأشجار إلا من بعض أشجار الزيتون، أما عن سبب التسمية وأسمائه الأخرى وقدسيته وتاريخه، فإن هناك عدة أراء حول ذلك.
رأي يقول إن كلمة جرزيم هي كلمة عبرانية معناها "الفرائض" أي الجبل الذي تقام عليه الفرائض الدينية.
ورأي يقول إن اسم جرزيم جاء نسبة إلى القبيلة العربية القديمة التي كانت تسكن في فلسطين، والمعروفة باسم الجرزيين.
وكتب العالم السامري، أبو الحسن الصوري، أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر للميلاد في كتابه "الطباخ" أن المقصود من لفظة "جريزيم" هو "جبل المنقطعين لعبادة الله".
ويحتوي جبل جرزيم على آثار كثيرة تعود لفترات زمنية مختلفة ومن أهمها: المعبد السامري الذي أقامه السامريون في فترة الاسكندر المقدوني بالفترة اليونانية، وقد دمر المعبد السامري بشكل تام عام 125ق.م من قبل يوحنا هركانوسي الحشموني.
وفي العصر الإغريقي أقيم في هذا المكان معبد للإله زاوس، وقد اكتشفت آثار في رأس القمة الشمالية من الجبل في الموقع المسمى خربة الرأس، ويمكن الوصول إليها بواسطة درج، يؤدي إلى المعبد اليوناني.
وفي العصر البيزنطي أقيمت على هذا الجبل كنيسة بيزنطية مثمنة الأضلاع، وقد حصنت بسور في زمن ثورة السامريين في القرن السادس الميلادي وهدمت في القرن الثامن، و بجانب هذه الكنيسة يوجد مسجد ومقام الولي الصالح عبد السلام بن غانم حيث يوجد رفاته ورفات عائلته. وتوجد في الجبل آثار صليبية منها: القلعة التي شيدها بلدوين الأول ملك بيت المقدس الفرنجي، ويوجد بالجبل آثار أخرى من خزانات و صهاريج وأساسات أبنية وغيرها.
السامريون يملكون حسابا فلكيا قمريا متوارث تتخذ قاعدته وانطلاقته من خط عرض جبل جرزيم، لأن هذا الجبل يقع، حسب اعتقادهم، في مركز الأرض المقدسة، ونواة جنة عدن، وضبط هذا الحساب لا يتم إلا من موقعه هذا، وبواسطته يستطيعون أن يتحكموا برؤوس الشهور، بالكسوف والخسوف، بتحديد الأعياد، وعلم الأبراج الفلكية وغيرها.
ويقول السامريون بأن الله عز وجل خلق سيدنا آدم من تراب جبل جرزيم المقدس. وكان هذا قبل 6445 عاما، ومن هنا جاءت قدسية الإنسان. وحسب اعتقاد السامريين فان المكان الذي أنزل الله عليه آدم من الجنة يقع إلى الشرق من بلاد ما بين النهرين، حيث بدأ من هناك التكاثر البشري.
وجرت معارك طاحنة بين السامريين وكل من الأشوريين والبابليين والفرس واليونانيين والبيزنطيين، فقتل من السامريين أعداد كبيرة، ومنع السامريين في عهدهم 150 عاما من الصعود إلى قمة الجبل وحرموا من إقامة شعائرهم الدينية. ولما جاء عهد القائد صلاح الدين الأيوبي الذي ساعده السامريون أثناء حملته ضد الصليبيين، حصل السامريون منه على عهد بإقامة الشعائر الدينية، واستمر هذا العهد نافذا حتى إبان عهد الدولة العثمانية والعهود التي تلتها.
وتسكن الطائفة السامرية على قمته والتي تعد من الطوائف قليلة العدد في العالم حيث يبلغ عدد أفرادها حوالي 712 نسمة موزعين على منطقتين الأولى جبل جرزيم في نابلس، والقسم الثاني في منطقة حولون بالقرب من تل الربيع (تل أبيب).
ويردد السامريون اسم جبل جرزيم في صلواتهم أيا كانت أوقاتها، وبنغمة موسيقية واحدة: "جبل جرزيم كل أيام حياتنا". وهذا الجبل هو الركن الرابع من أركان الدين السامري الخمس: "اله واحد، نبوة موسى، الشريعة المقدسة، قدسية جبل جرزيم، واليوم الآخر (يوم الدين)".
جبل جرزيم بالنسبة للسامريين هو أقدس بقعة دينية في العالم، وهو المكان الذي يجب أن تقدم عليه القرابين والذبائح والمحرقات والعشور إلى رب العالمين.
السامريون يصعدون جبل جرزيم.
وقد آمنت هذه الطائفة بالنبي موسى واتخذت التوراة كتابا مقدسا، والأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم فقط. وتحافظ على طابعها وتراثها وعاداتها النابعة من الدين السامري، حيث يقوم أفراد الطائفة بدراسة الدين واللغة العبرية القديمة من خلال كهنتهم وشيوخهم الذين يقطنون على قمة الجبل، وكما يقطن بعضهم داخل مدينة نابلس، ويعد جبل جرزيم بالنسبة لهذه الطائفة هو "القبلة لصلاتهم".
ويعرّف السامريون عن أنفسهم بأنهم فلسطينيون، وأنهم "السلالة الحقيقية لشعب بني إسرائيل"، وينفون قدسية القدس في التوراة ويقولون بأنها لم ترد في التوراة، ويرون في اليهودية انشقاقا.
ويتحدث أبناء الطائفة، التي تعتقد أنها تملك أقدم نسخة من التوراة، ويعود تاريخها إلى 3600 عاما، اللغة العربية بطلاقة، إلى جانب اللغة العبرية اليهودية، كما يتقنون اللغة العبرية القديمة التي نزل بها التوراة، بحسب ما يؤمنون.
ويصلي السامريون صباحا ومساء، ويمضون سبع ساعات في يوم السبت بالصلاة، بعد الطهارة والوضوء الذي يشبه إلى حد ما وضوء المسلمين، حيث تغسل اليدين والفم والأنف والوجه والأذنين والرجلين، ويصلون ركوعا وسجودا.
السامريون يؤدون الصلاة على جبل جرزيم
ويحمل السامريون الجنسيات الفلسطينية والإسرائيلية، ومنهم من يحمل الجنسية الأردنية، ويرجعون ذلك إلى الظروف الخاصة التي يعيشون بها.
ورفض السامريون التنازل عن الجنسية الفلسطينية، مقابل الحصول على الجنسية الإسرائيلية.
وأقيمت مستعمرة "هار براخا" الإسرائيلية على إحدى قمم الجبل من الطرف الجنوبي الشرقي.
المصادر:
ـ قيس أبو سمرة، فلسطين.. جبل "جرزيم" يحتضن أصغر طائفة دينية في العالم، وكالة الأناضول، رأي اليوم، 13/12/2015.
ـ الأماكن المقدسة عند السامريين ( جبل جرزيم)، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا).
ـ الأماكن الأثرية، موقع مدينة نابلس.
ـ جبل جرزيم، مركز النجاح للدراسات الدينية، جامعة النجاح الوطنية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير جبل فلسطين فلسطين جبل تقديس تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تغطيات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مدینة نابلس هذا الجبل
إقرأ أيضاً:
مقابر منحوتة ومومياوات أطفال في أسوان.. اكتشاف أثري يكشف عن طقوس الدفن وأسرار المجتمع القديم
في إنجاز أثري جديد يُضاف إلى سجل الاكتشافات المهمة بمحافظة أسوان، أعلنت البعثة الأثرية المصرية الإيطالية المشتركة بين المجلس الأعلى للآثار وجامعة ميلانو عن اكتشاف عدد من المقابر المنحوتة في الصخر تعود للعصرين اليوناني والروماني، وذلك ضمن منطقة الجبانة المحيطة بضريح الآغاخان في البر الغربي لأسوان.
وجاء في بيان وزارة السياحة والآثار تحمل هذه المقابر نقوشًا هيروغليفية بحالة جيدة من الحفظ، ما يُعد دليلًا واضحًا على استمرار الاستخدام الجنائزي للمنطقة عبر العصور، خاصة من قِبل مختلف الطبقات الاجتماعية، من النخب الثرية وحتى العامة.
وخلال موسم الحفائر لهذا العام، أسفرت أعمال التنقيب عن اكتشاف المقبرة رقم (38)، والتي تُعد من أبرز ما تم العثور عليه حتى الآن من حيث التصميم والحالة المعمارية. وتقع هذه المقبرة على عمق يزيد عن مترين أسفل سطح الأرض، ويقود إليها درج حجري مكوّن من تسع درجات، تحيط به مصاطب من الطوب اللبن كانت تُستخدم لوضع القرابين الجنائزية.
وفي داخل المقبرة، عُثر على تابوت ضخم من الحجر الجيري يبلغ ارتفاعه نحو مترين، وُضع على منصة صخرية منحوتة داخل الجبل. ويتميز التابوت بغطاء على هيئة آدمية مزخرف بملامح وجه إنسان تعلوه باروكة وزخارف دقيقة، بالإضافة إلى عمودين من النصوص الهيروغليفية التي تتضمن أدعية للآلهة واسم صاحب المقبرة “كا-مِسيو”، أحد كبار المسؤولين في تلك الفترة، إلى جانب أسماء أفراد من أسرته.
كما كشفت الحفائر عن وجود مومياوات داخل المقابر، بعضها لأطفال، ما يفتح الباب أمام دراسات أعمق لفهم أسباب الوفاة الجماعية في تلك الفترة، وما إذا كانت نتيجة انتشار أوبئة أو ظروف بيئية قاسية.
من جانبه، وصف أحمد عيسى وزير السياحة والآثار الاكتشاف بأنه إضافة نوعية إلى المشهد الأثري في أسوان، مؤكدًا أن مثل هذه الاكتشافات تبرز تنوع وثراء الحضارة المصرية القديمة، وتعكس أهمية التعاون العلمي الدولي في دعم جهود التنقيب والاكتشاف.
وأكد الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن هذا الكشف يُعد مؤشرًا واضحًا على الطابع الاجتماعي المتنوع للمنطقة الجنائزية، مشيرًا إلى أن الطبقات العليا كانت تُدفن في المقابر العلوية، بينما استقرت الطبقة المتوسطة في السفوح السفلية من الجبل. وأوضح أن النقوش واللقى المكتشفة تمثل مصدرًا علميًا غنيًا سيسهم في فهم أعمق للتقاليد الجنائزية والدينية في مصر خلال الفترات المتأخرة.
وأشار إلى أن المومياوات التي تم اكتشافها – لا سيما الخاصة بالأطفال – ستخضع خلال موسم الخريف المقبل لفحوصات متقدمة بالأشعة المقطعية وتحاليل بيولوجية، تساعد في التعرف على أعمارهم، وهوياتهم، وأسباب وفاتهم.
في السياق ذاته، أوضح محمد عبد البديع، رئيس قطاع الآثار المصرية، أن الهضبة العليا من الجبل تضم مقابر ضخمة تعود للعصر البطلمي، خُصصت للنخب الثرية، وأُعيد استخدامها لاحقًا في العصر الروماني، في إشارة إلى استمرارية الطقوس والعادات الجنائزية على مدار قرون.
وكانت البعثة قد كشفت في مواسم سابقة عن عدد من المصاطب الجنائزية والمقابر المنحوتة في صخور جبال سيدي عثمان القريبة، التي تميزت بطراز معماري يعكس مدى تفاعل الإنسان القديم مع الطبيعة الصخرية للمنطقة.
وتعمل البعثة بالموقع منذ عام 2019، برئاسة الدكتورة باتريتسيا بياشنتيني، أستاذ علم المصريات بجامعة ميلانو، وبمشاركة الأستاذ فهمي الأمين، مدير عام آثار أسوان.
وتُعد هذه الاكتشافات المتتالية في منطقة ضريح الآغاخان تأكيدًا على الأهمية الأثرية البالغة للمنطقة، التي أصبحت أحد أعمدة المشهد الأثري في جنوب مصر، ومفتاحًا لفهم ملامح الحياة والموت في العصور القديمة.
وفي تصريحات خاصة لموقع صدى البلد ، يكشف مجدي شاكر، كبير الأثريين، تفاصيل الموقع المكتشف، وأهميته التاريخية، والدلالات الاجتماعية التي تعكسها المقابر المكتشفة.
قال مجدي شاكر، كبير الأثريين، إن محافظة أسوان شهدت هذا الموسم الأثري كشفًا جديدًا هو الثالث من نوعه لنفس البعثة، والتي تضم أعضاءً من مصر وإيطاليا تحت إشراف مشترك بين مجلس الآثار وجامعة ميلانو.
وأوضح أن أعمال الحفر تجرى بالقرب من منطقة الأغخانية، وتحديدًا بين قبة الهوى ومنطقة الأغخان، على امتداد الجبل المقدس المعروف باسم “جبل قبة الهوى”.
وأكد شاكر أن جبل قبة الهوى يعد من الجبال المقدسة في مصر القديمة، واشتهر أيضًا خلال العصر الإسلامي بوجود مقام الشيخ علي أبو الهوى، مما أعطاه طابعًا دينيًا وروحيًا مزدوجًا عبر العصور.
وأضاف متابعاً الجبل يحتوي على مجموعة من المقابر الهامة تعود أغلبها إلى الدولة الوسطى، وبعضها لعصر حديث مثل ضريح الآغاخان، كما أن الجبل نفسه كان مقسمًا طبقيًا خلال العصر اليوناني الروماني، بحيث دفن كبار رجال الدولة وقادة الجيش في الجزء العلوي، بينما دفنت الطبقة المتوسطة في المنتصف، والطبقات الدنيا في الأسفل.
وأشار كبير الأثريين إلى أن الكشف شمل خمس مقابر، إلا أن أبرزها هي مقبرة “كا-مِسيو”، وهي شخصية يعتقد أنها كانت ذات شأن كبير، موضحًا أن الاسم يعني “ولادة الروح” أو “ولادة الأرواح”.
ولفت إلى أن تصميم المقبرة فريد من نوعه، حيث تبدأ بدرج صخري مكون من سبع درجات يؤدي إلى غرفة تتوسطها منصة حجرية مرتفعة وُضع فوقها التابوت.
وتابع كبير الاثريين التابوت منحوت على هيئة آدمية ويشبه هيئة المعبود أوزيريس، وهو مصنوع من الحجر الجيري، ومزخرف بنقوش هيروغليفية رأسية تحوي ألقاب المتوفى وأدعية دينية، مما يدل على مكانته الرفيعة.
لغز مقابر الأطفال يثير تساؤلات حول أسباب الوفاة الجماعيةوأوضح شاكر أن الكشف ضم أيضًا مجموعة من مقابر الأطفال في أعمار متقاربة، ما أثار تساؤلات علمية عن سبب الوفاة الجماعية، قائلًا: “هذه ليست المرة الأولى التي نكتشف فيها مقابر لأطفال في نفس السن، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ماتوا بسبب مرض معين؟ هل كان فيروسًا؟ أو تسممًا في الماء أو الطعام؟.
وأشار إلى أن تحليل العظام والأسنان، وربما الشعر إن وجد ، سيساعد في تحديد أعمارهم، ونوعهم، وسبب الوفاة، بالإضافة إلى إمكانية دراسة الحمض النووي لمعرفة أصولهم، وهل كانوا مصريين أم أجانب.
دور الحمض النووي في فهم تاريخ السكان القدماءوأضاف: “نتائج التحاليل الجينية السابقة التي تم إعلانها من جامعة ليفربول على أحد الهياكل من النويرات ببني حسن أوضحت أن 80% من الحامض النووي للمصريين القدماء يعود لشمال إفريقيا، و20% من العراق، ومن هنا تأتي أهمية تحليل الحمض النووي لهؤلاء الأطفال لفهم أصولهم وجنسهم”.
وأكد أن الهدف من دراسة هذه المقابر لا يقتصر على الجانب الأثري فقط، بل يمتد لفهم الحياة الاجتماعية والصحية والتطور الإنساني في تلك الفترة.
واختتم شاكر تصريحاته قائلًا الموقع المكتشف مهم جدًا، ويمتد إلى العصر اليوناني الروماني الذي بدأ في القرن الثالث قبل الميلاد مع حكم البطالمة، واستمر حتى القرن السابع الميلادي مع الفتح الإسلامي، أي أننا نتحدث عن حقبة تقارب الألف عام.
وأضاف أن هذه الاكتشافات ستسهم في تقديم صورة أوضح عن طبيعة المجتمع المصري خلال تلك الفترات، وهل كان السكان مصريين أم أجانب؟ مؤكدًا أن نتائج التحليل والنشر العلمي ستجيب عن العديد من الأسئلة في المرحلة المقبلة