لماذا استقبلت الصين الأسد؟ وكيف يستفيد النظام السوري من الزيارة؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
استقبال الصين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، ومن قبله نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي، هو إعلان رسمي لبكين تحديها للعقوبات الأمريكية المفروضة على عدد من الدول التي تجمعها وبكين علاقات تعاون استراتيجية.
هكذا يتحدث تحليل لمركز "الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية"، وسط توقعان بربط صيني لأهدافها الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط عامة، وسوريا خاصة، بدور سياسي أكثر فعالية وطموحاً خلال المرحلة المقبلة.
ويلفت التحليل، إلى أن زيارة الأسد للصين من شأنها تقليل حدة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية على الاقتصاد السوري المنهك بفعل العقوبات المفروضة من قبلهما، وأن سوريا قد تصبح بوابة العبور الصيني الجديد إلى منطقة الشرق الأوسط مستقبلاً.
وقام الأسد بزيارة رسمية إلى الصين في 21 سبتمبر/أيلول الجارى، تلبية لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ، لحضور افتتاح دورة الألعاب الآسيوية التاسعة عشرة في مدينة هانغتشو يومي 22 و23 سبتمبر/أيلول.
وتعد تلك الزيارة أول زيارة يقوم بها الأسد للصين منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، وهي الثانية من نوعها، حيث سبق له زيارة الصين خلال عام 2004.
وتأتي الزيارة وسط تفاعلات دولية وإقليمية متغيرة ناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على حالة الاستقرار والأمن الدولى من ناحية، وما نتج عنها من اصطفافات دولية تدعم طرفي الصراع من ناحية ثانية، فضلاً عن حالة التعاطي الأمريكى مع القضايا الأمنية في منطقة الإندوباسيفيك، وإعلان الولايات المتحدة اعتبار الصين "مصدر قلق" يهدد بصورة مباشرة المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية الأمريكية فى المنطقة من ناحية ثالثة.
اقرأ أيضاً
الصين تعلن عن شراكة استراتيجية جديدة مع النظام السوري
هذا إلى جانب ما تشهده سوريا على مدار العامين الماضيين من محاولات لكسر العزلة عبر حالة التقارب الإقليمى مع النظام السورى بعد 12 عاماً من اندلاع الأزمة السورية، وفق التحليل.
ووفق الرئاسة الصينية، فإن الزيارة في مضامينها العامة، تأتي انعكاساً لرغبة الدولتين في إقامة شراكة استراتيجية، ومواصلة الدعم في القضايا المتعلقة بمصالح الدولتين وتثير قلقهما، والعمل الثنائي على تعزيز قدرة سوريا بشأن إعادة الإعمار ومكافحة الإرهاب.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية، فإن الأسد، استفاد بدعم صيني واسع، تمثل في امتناع بكين عن التصويت لقرارات من شأنها إدانته في المحافل الدولية، فضلاً عن استخدام "الفيتو" تجاه العديد من مشاريع القرارات في الشأن نفسه داخل أروقة مجلس الأمن الدولي.
من هنا، وفق التحليل، جاءت زيارة الأسد للصين لتتعلق برغبة النظام السورى في دعوة الصين للاستثمار في البنية التحتية السورية تحت مسميات إعادة الإعمار، وهي العملية التى تربطها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بمستقبل التسوية السياسية للأزمة السورية وفقاً لمشروطية "التسوية مقابل إعادة الإعمار".
كما تتعلق الزيارة بمدى تقييم الصين لمستقبل النظام السوري في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي، نتيجة لغياب أية محاولة من قبل النظام لتسوية الأزمة سياسيا.
وكذلك، تتعلق الزيارة بمدى توظيف الصين لحالة الشراكة الاستراتيجية مع نظام الأسد في مواجهة الأطراف الأخرى، التي تناوئ كلاً من الصين والنظام السوري على حد سواء، وهى الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
اقرأ أيضاً
لأول مرة منذ عقدين.. الأسد يصل الصين في زيارة تهدف لجلب الدعم (فيديو)
ووفق التحليل، فإن الزيارة حملت طابع "التحدى"، وعكستها حفاوة الاستقبال الضخم الذى استقبلت به بكين الرئيس السورى على كافة المستويات السياسية والإعلامية، والذي يخضع نظامه لعقوبات أمريكية.
وتنصرف إلى تصنيف الزيارة على كونها إحدى محاولات النظام السوري لاستكمال مساعي "كسر العزلة" التي بدأتها عدد من الدول العربية، وبعض القوى الإقليمية تجاهه، على مدار العامين الماضيين.
ويلاحظ أن كلاً من روسيا وإيران (خصوم الولايات المتحدة الرئيسيين) قد ساهما بفعالية في محاولات كسر عزلة النظام السوري والتقريب بينه وبين العديد من الدول العربية والإقليمية، على الرغم من أن مردود هذا التقارب لم يعكس حتى اللحظة النتائج المرجوة منه بصورة كاملة.
كما ترتبط الزيارة بمحاولة الصين تنويع نمط علاقتها بدول الشرق الأوسط، لتشمل الأبعاد السياسية، بدلاً من قصرها ولسنوات طويلة على العلاقات الاقتصادية والتجارية فقط، حيث بات واضحاً أن ثمة مساراً تحاول الصين تفعيله في منطقة الشرق الاوسط، مؤداه السعى إلى لعب دور سياسى جديد في المنطقة التي كانت لعقود طويلة "حكراً" على تفاعلات الولايات المتحدة.
وتتمثل الزيارة كذلك في مدى نجاعة الاتفاقات الاقتصادية والتعاون المشترك بشأن مشاركة الصين فى مجال إعادة الإعمار فى سوريا، والقيود والعقبات التى تواجهها، ليس فقط بسبب العقوبات الدولية المفروضة على النظام، والتي تؤثر بالفعل على عملية الإعمار، ولكن أيضاً بسبب مدى جهوزية الوضع الاقتصادى والأمنى فى سوريا لاستقبال الشركات الصينية العملاقة، والتى بالضرورة تستثمر من أجل العائد الربحى.
وتتعلق الزيارة كذلك بسعى نظام الأسد إلى الانتقال بمستوى أعلى بشأن الحصول على الدعم من مستوى "الدعم الإقليمى" إلى مستوى "الدعم الدولى"، وذلك بالحصول على شراكة استراتيجية مع "شريك دولى" يثق به.
اقرأ أيضاً
الأسد يتعنت والتطبيع يتباطأ.. هل تنجح استراتيحية خطوة بخطوة؟
ووفق التحليل أيضا، فإن الصين تسعى من وراء هذه الزيارة، فى الاستفادة من موقع سوريا الاستراتيجى فى مبادرة الحزام والطريق الصينية والتى انضمت سوريا إليها فى عام 2022.
كما أن هناك "ثمة تطلعات صينية تستهدف الاستثمار فى مينائى طرطوس واللاذقية، على الرغم من التمركز الروسى التجارى والعسكرى فيهما".
ولكن وبالنظر للعلاقات المتوازنة بين روسيا والصين، فمن المحتمل أن تسمح روسيا للاستثمارات الصينية الدخول إلى المينائين، هذا إلى جانب الأهمية الاستراتيجية بالنسبة لمباردة الحزام والطريق التي يعسكها مسار الربط السككي بين إيران والعراق وصولاً إلى ميناء اللاذقية في سوريا.
وتسعى الصين كذلك للاستثمار في قطاع النفط السوري، حيث أعادت الشركة الصينية الوطنية للطاقة والكيماويات هيكلة نظمها الإدارى لفرعها الموجود في سوريا، بخلاف المباحثات التي تتم من وقت لآخر بين الشركة وبين الإدارة الذاتية الكردية فى شمال سوريا بشأن إدارة آبار النفط فى شمال شرق سوريا.
ووفق التحليل أيضا، فإن الصين تحاول لعب دور أكثر فعالية على مستوى التسوية السياسية للأزمة السورية التي لازالت وبعد 12 عاماً من الصراع عصية على الحل، حيث أن سعى الصين إلى تغيير نمط إدارة النظام الدولى من شأنه أن يغير بالتبعية فى نمط "إدارة التسوية" للأزمات الكبرى.
في المقابل، ووفق التحليل، يحاول النظام السورى الوصول إلى شراكات استثمارية وتجارية جديدة وسريعة مع الصين من شأنها مساعدته على مواجهة أعباء وتداعيات الأزمة الاقتصادية المستحكمة، خاصة مع بوادر جديدة لتظاهرات شعبية فى بعض المناطق احتجاجاً على تردى الأوضاع المعيشية بها.
كما يستهدف النظام السورى الحصول على مزيد من الدعم من قوى دولية فى مثل الوزن السياسى والاقتصادى للصين، لاسيما بعد عدة تطورات طرأت خلال الأسابيع الماضية على خريطة التفاعلات الخاصة بالأزمة السورية.
اقرأ أيضاً
رغم التطبيع العربي مع الأسد.. لماذا يستمر تدهور الاقتصاد السوري؟
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الصين الأسد بشار الأسد سوريا الاقتصاد السوري النفوذ الصيني الولایات المتحدة الأزمة السوریة إعادة الإعمار النظام السوری اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
الشرع: آلاف المتطوعين ينضمون إلى الجيش السوري الجديد بعد الإطاحة بـ"نظام الأسد"
أفاد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في تصريحات له يوم الإثنين، أن الجيش السوري يشهد إقبالاً كبيراً من المتطوعين في أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد وحل الجيش والأجهزة الأمنية التابعة له.
وفي حديثه عبر مدونة صوتية (بودكاست) مع أليستر كامبل، المتحدث السابق باسم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، والوزير البريطاني السابق روري ستيورات، أكد الشرع أن التجنيد في الجيش السوري يتم بشكل طوعي، موضحاً أن آلاف الأشخاص انضموا إلى صفوف الجيش.
وأضاف رجل دمشق أن التجنيد الإجباري، الذي فرضه النظام السابق منذ بداية الحرب الأهلية في عام 2011، كان أحد أكبر المخاوف التي دفعت العديد من الشباب إلى الهروب من البلاد.
في خطوة أخرى، أوضح الشرع أن الإدارة السورية، التي تولت السلطة منذ 29 يناير الماضي، اتخذت قرارات حاسمة، أبرزها حل جميع الفصائل المعارضة المسلحة، فضلاً عن تفكيك الجيش والأجهزة الأمنية المرتبطة بالنظام السابق.
وقد تلا هذه القرارات فتح مراكز لتسوية أوضاع الجنود الذين تم فصلهم من الخدمة العسكرية، بهدف تنظيم وتوحيد صفوف الجيش.
على الصعيد السياسي، تحدث الشرع عن المفاوضات الجارية مع القوات الكردية، التي تسيطر على مناطق شاسعة في شمال شرق سوريا، موضحاً أن الحكومة السورية ترفض أي شكل من أشكال التقسيم الفيدرالي للبلاد، في وقت تقوم فيه السلطات السورية بالبحث في سبل دمج هذه القوات في الهيكلية العسكرية الجديدة.
وفي ختام تصريحاته، طالب الشرع برفع العقوبات الغربية المفروضة على سوريا، مؤكداً أن هناك توافقاً بين زوار دمشق على ضرورة إلغاء هذه العقوبات.
وأشار إلى أن التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد تتطلب بشكل عاجل تحقيق التنمية الاقتصادية، والتي اعتبرها الشرع الحل الأساسي لضمان الاستقرار في سوريا، مشيراً إلى أن غياب النمو الاقتصادي قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى الأمنية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية هل تخلت واشنطن عن محاربة داعش؟ حديث عن نهاية وشيكة للوجود العسكري الأمريكي في سوريا الشرع يدعو أردوغان لزيارة سوريا في أقرب وقت ويقول "الدم السوري اختلط بالدم التركي في معارك التحرير" إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة سوريا سورياتدريب ـ تمرينشرطةأبو محمد الجولاني محمد البشير