عبر أذربيجان.. هل تنجح تركيا في إبعاد طاجيكستان عن إيران؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
تخسر طهران معركة النفوذ في منطقة آسيا الوسطى لصالح أنقرة، سواء عبر نفوذ تركيا المباشر أو غير المباشر من خلال حليفتها أذربيجان التي تحاول إبعاد طاجيكستان عن إيران، وفقا لبول جوبل في تحليل بمؤسسة "جيمس تاون" الأمريكية للأبحاث (The Jamestown)
جوبل تابع، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن "إيران واجهت معركة شاقة في صراعها مع تركيا على النفوذ في آسيا الوسطى، لكن خلال معظم العقود الثلاثة الماضية، نجحت طهران في استغلال عاملين".
وأوضح أن "إيران اعتمدت على علاقاتها مع طاجيكستان، الدولة التي يتحدث سكانها لغة مفهومة بشكل متبادل مع اللغة الفارسية (لغة إيران)، على الرغم من أن شعبها يتبع المذهب الإسلامي السُني وليس الشيعي الذي تفضله طهران".
وأردف: "كما استفادت إيران من الانقسامات بين الدول التركية في آسيا الوسطى. وحتى وقت قريب، اتبعت تركمانستان سياسة انعزالية بحياد صارم، وكانت الجمهوريات التركية الأخرى في المنطقة منقسمة بسبب الخلافات حول الحدود والمياه وغيرها من القضايا".
لكن "الآن تتخذ عشق أباد (عاصمة تركمانستان) الخطوات اللازمة لإنهاء عزلتها، وتسعى دول آسيا الوسطى الأخرى إلى تعزيز التعاون أكثر من أي وقت مضى، ولقد أحدثت هذه التطورات الأخيرة تحولا في المواقف الإقليمية، وأصبحت طهران مضطرة إلى التعامل مع هذه الحقائق الجديدة"، كما استدرك جوبل.
وزاد بأن "موقف إيران في طاجيكستان أصبح أقل أمانا بكثير مما كان عليه في الماضي، فيما تمارس تركيا بشكل متزايد نفوذا إقليميا مباشرا، بالإضافة إلى نفوذ غير مباشر عبر النشاط الأذربيجاني الموسع في المنطقة"، كما أضاف جوبل.
اقرأ أيضاً
تحليل: إيران وتركيا تتطلعان إلى استراتيجية إقليمية جديدة
هزيمة كبيرة
ونتيجة لذلك، بحسب جوبل، "تعرضت آمال طهران في توسيع نفوذها في جميع أنحاء المنطقة لهزيمة كبيرة، وكان الحدث الرئيسي في هذا الاتجاه هو قمة قادة دول آسيا الوسطى الخمس في دوشانبي (عاصمة طاجيكستان) يوم 14 سبتمبر/أيلول (الجاري)".
ولفت إلى أنه "منذ 2018، عُقدت أربعة اجتماعات من هذا النوع؛ إلا أن هذا الاجتماع اتسم بانفتاح متزايد على التعاون وحضور الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف "كضيف شرف".
واعتبر أن "هذه القمة عكست خصائص تركية أكثر من أي قمة سابقة، على الرغم من أنها عُقدت في طاجيكستان غير التركية".
وزاد بأن "أذربيجان تلعب دورا رئيسيا في مساعدة تركيا على توسيع نفوذها الإقليمي، ويرى معلقون مؤيدون لروسيا أن الوجود الأذربيجاني كان جزءا من "محاولة طويلة الأمد من تركيا لتقويض سلطة إيران في آسيا الوسطى".
جوبل قال إن "أنقرة واثقة من أن باكو ستكون قادرة على إبعاد دوشانبي عن طهران الآن وعلى المدى الطويل، وتدمير تلك العلاقات الوثيقة بين الشعبين الإيراني والطاجيكي، وبينها علاقات عسكرية مهمة لدوشانبي بسبب عدم الاستقرار بالقرب من الحدود الأفغانية".
واعتبر أن "علاقات أذربيجان مع طاجيكستان أوثق بكثير مما قد يبدو، وأصبحت العلاقات الثنائية الأقوى بفضل سياسة باكو الخارجية الحازمة في آسيا الوسطى منذ انتصارها في حرب (إقليم ناجورني) قره باغ الثانية (ضد أرمينيا عام 2020)".
اقرأ أيضاً
توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين قرغيزستان وطاجيكستان
الاستعانة بالصين
و"قد أشار المعلقون في موسكو وطهران منذ فترة طويلة إلى أن الدور المتزايد لأذربيجان، وبالتالي تركيا، في آسيا الوسطى من المرجح أن يؤدي إلى صراعات بين باكو وأنقرة من ناحية وموسكو وطهران، من ناحية أخرى"، كما أردف جوبل.
ورأى أنه "نظرا لمدى تقييد روسيا في (الحرب ضد جارتها) أوكرانيا (منذ فبراير/ شباط 2022)، فمن غير المرجح أن يرد الكرملين على الفور، لكن طهران قد تفعل ذلك، خاصة إذا خلصت إلى أنه ما لم تتحرك بسرعة، فإنها ستكون محاطة بقوس من الدول التي يمكن أن تهدد أمنها".
وتابع: "من الممكن أن تحاول إيران حتى إيجاد طريقة لتوسيع التعاون مع الصين في مواجهة توسع النفوذ التركي والأذربيجاني في المنطقة، لكن اهتمام بكين الأساسي بآسيا الوسطى كعقدة رئيسية لطرق العبور الحيوية يجعل مثل هذا التعاون أقل احتمالا".
في المقابل "سترحب الولايات المتحدة بتراجع النفوذ الإيراني والروسي في آسيا الوسطى"، مع تشديد على "أهمية تحول طاجيكستان في السياسة تجاه الدول التركية الأربع في آسيا الوسطى (كازاخستان، وقيرغيزستان، وتركمانستان، وأوزبكستان)، بعيدا عن إيران ونحو روابط أوثق مع أذربيجان وتركيا والغرب"، وفقا لجوبل.
وأردف أن "المعلقين يؤكدون دائما على الفرق بين الجمهوريات التركية الأربع وطاجيكستان الناطقة بالفارسية، لكن الآن بعد النظر في الجغرافيا السياسية للمنطقة، ربما حان الوقت للتوقف عن تكريس الكثير من الاهتمام لهذا التمييز، إذ أصبح أقل أهمية بكثير، في حين باتت العلاقات بين دول المنطقة وارتباطاتها بأذربيجان وتركيا أكثر أهمية بكثير".
اقرأ أيضاً
الأول خارج أراضيها.. ماذا وراء افتتاح إيران مصنع للمسيرات في طاجيكستان؟
المصدر | بول جوبل/ جيمس تاون- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: آسيا الوسطى تركيا إيران نفوذ أذربيجان طاجيكستان فی آسیا الوسطى
إقرأ أيضاً:
هل يكون الشرق الأوسط "أرض الفرص" لترامب على حساب إيران؟
كان الشرق الأوسط مصدر بؤس لواشنطن لفترة طويلة، وقد يكون أرض الفرص لدونالد ترامب.
إضعاف طهران من شأنه أيضًا أن يضعف هذا التحالف الأكبر
.
وتقول وكالة "بلومبرغ" إن ترامب توسط في ولايته الأولى كرئيس، في تحقيق انفراجات دبلوماسية بين إسرائيل والعديد من الدول العربية. وفي ولايته الثانية، سيواجه منطقة حيث أدت النجاحات العسكرية الإسرائيلية إلى إعادة ضبط توازن القوى بشكل كبير. وهذا يخلق إمكانية لخطة جريئة لتقليص نفوذ إيران وكبح برنامجها النووي، إذا كان ترامب قادرًا على تجنب التعثر في فوضى أخرى في الشرق الأوسط.
تحسن الوضع الإقليمي بشكل ملحوظ عن العام الماضي، عندما بدت إسرائيل ضعيفة بشكل صادم وبدا أن إيران ووكلاءها في صعود. اليوم، لم تقض إسرائيل على حماس في غزة، لكنها دمرت معظم قدراتها العسكرية. وفي لبنان، لا يزال حزب الله قادراً على إطلاق الصواريخ وتنفيذ الكمائن، لكن قيادته وقدراته الكبيرة دمرتها الهجمات الإسرائيلية.
ونجحت إسرائيل بمساعدة واشنطن في إحباط الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية في أبريل (نيسان) وأكتوبر (تشرين الأول)، ووجهت رداً انتقامياً مدمراً ومستهدفاً بعد الهجوم الأخير. ومع تعرض وكلائها لهجمات، وتمزق دفاعاتها الجوية، وخفض قيمة ترسانتها الصاروخية، أصبحت إيران أكثر ضعفاً استراتيجيًا من أي وقت مضى منذ عقود.
Israel's military success over the last year gives Trump an opening to create the anti-Iran alliance he never achieved the first time around, @halbrands writes https://t.co/Co9XthjrHS via @opinion
— Bloomberg (@business) November 14, 2024
ويعود للرئيس جو بايدن بعض الفضل هنا، فقد حض في كثير من الأحيان على توخي الحذر بشأن إسرائيل، ومع ذلك، أعطى الدولة العبرية الأسلحة والمساعدة الدبلوماسية والوقت اللازم لشن الهجوم.
وترى الوكالة إن فكرة أن إسرائيل تدافع عن نفسها بنفسها هي أسطورة: فعدة مرات، قاتلت القوات الأمريكية نيابة عنها بشكل مباشر (بإسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ). ومنذ غزو حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل مختلة بشكل عميق وفعالة بشكل مدمر. ماذا سيفعل ترامب بهذا الإرث؟.
ويبدو أن ترامب قد سامح نتانياهو على الاعتراف بفوز بايدن في عام 2020؛ فهو معجب بالتأكيد بعروض القوة الأخيرة التي قدمتها إسرائيل، وهذا يوفر فرصة - والتقارير التي تفيد بأن إيران حاولت اغتيال ترامب هذا الخريف توفر دافعًا إضافيًا - لإعادة ضبط المنطقة بشكل أكبر، من خلال الضغط على نظامها الأكثر شرًا.
من المرجح أن يجدد ترامب حملته "للضغط الأقصى" لإفقار إيران من الموارد. وقد تتخذ الولايات المتحدة في الوقت نفسه إجراءات عسكرية أكثر حدة ضد الحوثيين في اليمن، الذين ما زالوا يلحقون الضرر بشحن البحر الأحمر.
Israel's military success over the last year gives Trump an opening to create the anti-Iran alliance he never achieved the first time around, @halbrands writes https://t.co/OZgMwuNLBT
— Bloomberg Opinion (@opinion) November 14, 2024
وقد توضح الولايات المتحدة أيضًاً أنها، جنبًا إلى جنب مع إسرائيل، ستحمل إيران المسؤولية المباشرة عن الهجمات بالوكالة - وهي سابقة أسسها ترامب بقتل الجنرال قاسم سليماني في عام 2020 - بدلاً من منح طهران حصانة استراتيجية من خلال الرد فقط ضد الوكلاء أنفسهم. وقد تمنح الولايات المتحدة إسرائيل أسلحة واستخبارات إضافية لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية - وربما حتى الانضمام إلى هذا الهجوم نفسه - ما لم تقبل طهران باتفاق نووي أكثر صرامة من الاتفاق الذي خرج منه ترامب في عام 2018.
وأخيرًا، نتوقع أن يلتقط ترامب دفع بايدن نحو صفقة إقليمية كبرى من شأنها أن تعزز التحالف المناهض لإيران.
وستكون الإغراءات للقيام بهذه التحركات قوية، لأن النجاح، عكس توسع النفوذ الإيراني الذي دام عقدين من الزمان ومنع طهران من الحصول على أخطر أسلحة العالم، سيكون مجزيًا للغاية. ونظرًا لأن إيران والصين وروسيا وكوريا الشمالية تتعاون بشكل أوثق، فإن إضعاف طهران من شأنه أيضًا أن يضعف هذا التحالف الأكبر، ولكن كما هو الحال دائمًا في الشرق الأوسط، لا يجب تقليل شأن التعقيدات.