القدس المحتلة – في ذكرى اندلاع "هبّة النفق" غضبا من افتتاح نفق أسفل المسجد الأقصى منذ قرابة 3 عقود، ينفذ المستوطنون اقتحاما كبيرا للمسجد، إحياء ليوم الغفران اليهودي.

وبينما ارتقى 63 شهيدا في الهبّة وامتدت إلى كل أرجاء فلسطين، يمر اقتحام المستوطنين وصلواتهم اليوم الاثنين بهدوء دون رد فعل لائق، وهو ما يثير تساؤلا: ما الذي تغيّر خلال 27 عاما؟

في 25 سبتمبر/أيلول 1996 اندلعت هبّة النفق بعد 6 سنوات من انتفاضة الأقصى الأولى، إثر افتتاح رئيس بلدية القدس -آنذاك- إيهود أولمرت، بإيعاز من رئيس الوزارء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يُعرف بالنفق الغربي أسفل المسجد الأقصى.

انطلقت الهبّة حينها من القدس والأقصى وتوسّعت شمال فلسطين وجنوبها، وارتقى خلالها عشرات الشهداء، وأصيب المئات.

وحسب التقويم العبري يتقاطع يوم الغفران مع الذكرى الـ27 لذكرى "هبّة النفق"، الذي يأتي بعد رأس السنة العبرية وقبل عيد العُرش.

ويطلب اليهود في هذا اليوم تكفير ذنوبهم عبر الصيام الطويل وذبح الدجاج، وتتعطل الحياة اليومية، وتُفرض تقييدات مشددة على تحركات الفلسطينيين والمقدسيين، كما تحشد جماعات الهيكل خلاله لاقتحام المسجد الأقصى وتطبيق طقوس الغفران.

فلسطينيون يشتبكون مع قوات الاحتلال في رام الله في 1996 بسبب الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأفصى (الفرنسية) خطورة التقاطعات

شهد المسجد الأقصى عددا من تقاطع المواسم الدينية والوطنية الفلسطينية والإسرائيلية؛ بسبب تغير التقويمين العربي والعبري، بدءا من تقاطع ذكرى المولد النبوي الشريف مع ذكرى خراب الهيكل، الذي أشعل ثورة البراق قبل 94 عاما، وليس انتهاء بتقاطع شهر رمضان مع عيد الفصح اليهودي، الذي أشعل مواجهات عنيفة في أبريل/نيسان الماضي.

في هذا السياق، يقول الباحث في شؤون المسجد الأقصى محمد الجلاد، إن تقاطع المناسبات الدينية أشد خطورة من غيرها؛ لأن المناسبات الدينية، مثل: شهر رمضان والعشر الأوائل من ذي الحجة، تشهد وجودا كبيرا للمصلين المسلمين في الأقصى، على عكس المناسبات الوطنية، ما يرفع فرص اشتعال الأوضاع في ظل اقتحام المستوطنين المضاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح الجلاد أن خطورة التقاطعات تكمن في محاولة الاحتلال إثبات سيادته على المسجد الأقصى، حيث تتزاحم وتتنافس إرادتان على مكان واحد، وتتجه الأنظار لهوية الحشد الأكبر، ومن ثم يجتهد الاحتلال لتأمين اقتحام أكبر عدد من المستوطنين خلال ذلك التقاطع، وإقصاء أكبر عدد من الفلسطينيين.


ماذا تغيّر خلال 27 عاما؟

"ما حدث ليس مجرد تغيير، وإنما انقلاب كامل"، هكذا قرأ الجلاد حال المسجد الأقصى بين الأمس واليوم، وفق عوامل عدة؛ أبرزها:

الاقتحام: إبان "هبّة النفق" لم يشهد الأقصى اقتحامات منظمة، وإنما كانت سرية فردية متباعدة، ينفذها مستوطنون خفية وعلى أطراف المسجد، أما منذ 2003 فيقتحم المستوطنون من خلال جماعات منظمة بحماية قوات الاحتلال، وينفذون مسارا معلوما، برعاية متنامية من عشرات الجماعات التي تنضوي تحت لواء "جماعات الهيكل"، وبينما كانت سابقا متباعدة شحيحة، أصبحت يومية لا تنقطع إلا يومي السبت والجمعة. مجريات الاقتحام: قبل فرضها أمرا واقعا لم تتجاوز الاقتحامات أبواب المسجد وأطرافه، وإن تمت تجري سريعا وبمسارات محدودة، لكنها تحولت إلى جولات مطولة بمرافقة أدلاء وحاخامات يشرحون الطقوس ويطبقونها مع المقتحمين، بدءا من الصلاة وقراءة التلمود، وليس انتهاء بالسجود الملحمي، وارتداء زيّ كهنة الهيكل. التقسيم: بدأ الحديث عن مشروعات التقسيم في نهاية تسعينيات القرن الماضي، وتمادت حتى هدفت لاقتطاع أجزاء من المسجد، لكنها أخفقت أمام المبادرات والهبّات الشعبية؛ مثل: ترميم المصلى المرواني، وهبّة باب الرحمة، أما التقسيم الزماني فتعمّق خلال السنوات الأخيرة، حيث يحرص الاحتلال على تفريغ المسجد من الفلسطينيين خلال اقتحام المستوطنين، وتكريس ساعات محددة بين الطرفين. الرافد البشري: لا تكاد التقييدات الإسرائيلية سابقا تقارن بما هي عليها اليوم، فحين استطاع الفلسطينيون من الضفة الغربية وقطاع غزة زيارة المسجد الأقصى، يمنعون بالكامل من دخوله منذ عقدين، وتفرض محددات عمرية على المقدسيين وفلسطينيي الداخل، وتصيب قرارات الإبعاد المئات منهم سنويا. لكن ورغم الفجوة الميدانية اليوم؛ ازداد الوعي المعرفي والإعلامي الفلسطيني حول قضايا المسجد الأقصى مقارنة بالأمس. عدد الأنفاق: لم يكن افتتاح النفق في 1996 إلا خطوة في مشوار الألف ميل أسفل المسجد الأقصى والبلدة القديمة، فافتتحت منذ ذلك الحين عشرات الأنفاق، وبعضها بمباركة أميركية كما حصل في نفق طريق الحجاج في 2019، وتطور الأمر لتعقد حكومة الاحتلال جلستها الأسبوعية داخل نفق غربي الأقصى، تزامنا مع ذكرى "توحيد القدس" في مايو/أيار الماضي. إدارة المسجد: كان الاحتلال -في السابق- يملك زمام السيطرة الأمنية على الأقصى، أما الأوقاف الإسلامية الأردنية فكانت تسيطر إداريا، لكن الاحتلال أبطل السيادة الإدارية، وبات يمنع ويعطل مشروعات الإعمار والترميم، ويتعدى على الموظفين والحراس أثناء عملهم ويعيق مهامهم، ويتحكم بشكل كامل بأبواب المسجد. الأنفاق جزء من حفريات أوسع أسفل وفوق تراب مدينة القدس (الجزيرة) تراجع الهبّات

على ضوء تلك التغيرات الرئيسة، تتضح إجابة سؤال: "لماذا اندلعت هبّة آنذاك ردا على افتتاح نفق، بينما تمر انتهاكات اليوم دون ردّ موازٍ"؟

في هذا الإطار، يرى أستاذ دراسات بيت المقدس خالد العويسي، أن المقدسيين وفلسطينيي الداخل ما زالوا يذودون عن المسجد الأقصى ما استطاعوا، لكن الاحتلال أنهكهم بسياساته التي وأدت أي عمل منظم للدفاع عن الأقصى، مثل: الإبعاد وتجريم الرباط وحظر المؤسسات المناصرة، فأضحت ردود الفعل فردية دون غطاء منظم، أو إرادة سياسية.

وإلى جانب انشغال الشعوب العربية بهمومها الداخلية، وتراجع قضية القدس عن الصدراة العربية، يوضح العويسي للجزيرة نت أن التواطؤ الدولي والتطبيع العربي عزّز سياسات الاحتلال تجاه الأقصى، إلى جانب هشاشة ردود الفعل الدولية، واكتفاء المستوى الرسمي العربي بالشجب، والاحتكام إلى اتفاقيات أبراهام وصفقة القرن، اللتين تدعوان صراحة إلى تقسيم المسجد الأقصى.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المسجد الأقصى

إقرأ أيضاً:

 قصة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبان

تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة يُعدّ من الأحداث العظيمة في التاريخ الإسلامي، حيث كان له أثر كبير في تأكيد هوية الأمة الإسلامية وتميّزها، وقع هذا الحدث في العام الثاني للهجرة، بعد أن كانت قبلة المسلمون نحو المسجد الأقصى مدة ست عشر أو سبع عشر شهرًا، بناءً على أمر الله تعالى، وذلك لإظهار وحدة الرسالات السماوية وتكريم المسجد الأقصى كقبلة للأنبياء السابقين.

تغيير القبلة من المسجد الأقصى

وفقا لما روى في الصحيحين البخاري ومسلم إنه في ليلة النصف من شعبان، نزل الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتغيير القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، جاء هذا التغيير في صلاة الظهر، كما روى البخاري ومسلم، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مع الصحابة في مسجد بني سلمة، فتحوّل أثناء الصلاة إلى الكعبة بأمر من الله، فسُمي هذا المسجد فيما بعد "مسجد القبلتين".

ويعد هذا الحدث كان اختبارًا لإيمان المسلمين وطاعتهم لله ولرسوله، حيث استجابوا فورًا لأمر الله دون تردد، مما يدل على قوة إيمانهم وثقتهم في تشريعات الله، وقد أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية ودار الإفتاء المصرية أن تحويل القبلة كان حدثًا إلهيًا لحكمة عظيمة، وهي تمييز الأمة الإسلامية وتأكيد استقلاليتها في التشريع والعبادة.

أبعاد روحية واجتماعية

أشارت الفتاوى إلى أن تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبانكان له أبعاد روحية واجتماعية، حيث عزز وحدة المسلمين حول قبلة واحدة، وهي الكعبة، التي تُعدّ رمزًا لتوحيد الله ومركزًا للعبادة منذ عهد النبي إبراهيم عليه السلام. وهكذا، أصبحت الكعبة القبلة الخالدة للمسلمين في كل زمان ومكان، مما يؤكد عظمة هذا الدين وشموليته.

مقالات مشابهة

  • خلال يناير المنصرم.. 303 انتهاكات صهيونية في القدس المحتلة وبحق المسجد الأقصى
  • 30 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • نحو 30 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل الاعتقالات والاقتحامات في الضفة الغربية
  • قصة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبان
  •  قصة تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة في ليلة النصف من شعبان
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي
  • عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة العدو الصهيوني
  • عشرات المستوطنين الصهاينة يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
  • الاحتلال يبعد 4 محررين بصفقة التبادل عن الأقصى