المشهد اليمني:
2025-04-02@17:32:23 GMT

يمن اللاسلام واللاحرب واللادولة

تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT

يمن اللاسلام واللاحرب واللادولة

أخيراً، وصل وفدٌ حوثيٌّ كبيرٌ إلى الرياض، عاصمة العدوان كما كانوا يطلقون عليها، لأول مرة ممثلا جماعته، منذ بدأت الحرب في اليمن قبل تسع سنوات مضت، مع وفد عُماني، تتويجا لسلسلة طويلة من المباحثات والمشاورات السرّية والعلنية، بين هذه الأطراف التي تسارعت لقاءاتها بوتيرة عالية مع المصالحة السعودية الإيرانية برعاية صينية، والتي توجت أخيرا بتبادل السفراء بين طهران والرياض، ما أعطى ضوءاً أخضر للحوثيين للذهاب والحج نحو الرياض.


كانت السعودية ولا تزال اللاعب الأقوى في الملف اليمني قديماً وحديثاً، وذهاب الحوثيين إليها، أخيرا، أمنية حوثية تأخرت أكثر من عشر سنوات، بفعل الممانعة الإيرانية لذلك، أما اليوم وقد تصالحت إيران والسعودية، فإن هذا ما كان ينقص الحوثيين للذهاب إلى الرياض، وهو ما تحقق لهم. ولكن إلى أي مدى يمكن أن ينعكس مثل هذا اللقاء، من ترتيبات ونتائج، على المشهد اليمني، وهل يمثل أي توقيع في الرياض خاتمة الحرب والأزمة في اليمن، وما موقع الحوثيين ونصيب خصومهم من أي تسوية، وهل يعني هذا أن الحوثيين غادروا مربع الانقلاب وأصبحوا شرعية معترف بها سعودياً على الأقل؟ أم أن الأمر برمته قفزة في الهواء بالنسبة للسعوديين والحوثيين على حد سواء.
ما يمكن قوله هنا، في هذا الخصوص، أن هذا التطوّر أخيرا في المشهد السياسي اليمني، وصول الحوثيين إلى الرياض، لم يكن مفاجئا لأي متابع وقارئ جيد للمشهد السياسي اليمني ولطبيعة السياسات السعودية في اليمن والمنطقة، تلك السياسات التي تدمن التكتيكي على حساب الاستراتيجي، والهروب إلى الإمام وعدم الوقوف في المكان نفسه فترة أطول، والقفز المفاجئ على الواقع السياسي القائم مهما كانت كارثية نتائج هذا القفز، وهي ميزة سياسية سعودية بامتياز. وبالتالي، مثل هذه اللقاءات وما سيترتب عليها لا تعدو كونها هروبا إلى الأمام بالنسبة للحوثيين والسعوديين على حدّ سواء، فالسعوديون في مرحلة انتقال حكم من جيل إلى آخر، وهم بصدد تصفير عدّاد الأزمات السياسية مع محيطهم، والتفرّغ التام لترتيب هذا الانتقال السياسي الأول من نوعه في تاريخ الدولة السعودية، وكانت الحرب هي مفتتح هذا الانتقال، وقد يكون مطلب وقف إطلاق النار في رأي بعضهم مختتما لهذا الانتقال وتثبيتاً له، بغض النظر عن مخاطر مثل هذا التصوّر التبسيطي للأزمة والحرب في اليمن وأبعادها المحلية والإقليمية والدولية.

أما الحوثيون، فيدركون جيداً أنهم ليسوا أكثر من ورقة، وقد استنزفوا كثيراً وانكشفت تماماً حقيقة مشروعهم، عدا عن عجزهم عن تحقيق أي مكاسب أكثر من التي في أيديهم، والتي اختطفوها في لحظة غفلة من التاريخ واليمنيين، فضلاً عن هذا، هم اليوم وجدوا أنفسهم أمام حالة غضب، تتعاظم كل يوم نتيجة ممارساتهم وسياساتهم الطائفية الاستبدادية التي صادرت رواتب الناس وحقوقهم وحرّياتهم وكراماتهم، وأن الناس لم تعد قادرة على تحمل مزيد من طيش هذه الجماعة وإذلالها.
وقبل هذا كله، ترى إيران أنها، هي الأخرى، بحاجة ماسّة وضرورية لاستراحة محارب أمام تعقيدات الملفات الإقليمية التي تورّطت فيها، وأنها أمام مرحلة دولية وإقليمية بالغة التعقيد، وهي بحاجة لحالة استعادة أنفاس وترتيب وضعها الاقتصادي المتردّي، وترتيب كثير من الملفات الضاغطة في كل من العراق وسورية ولبنان واليمن، عدا عن تعاظم الخطر الأفغاني على حدودها الشرقية. ولهذا أعطت حلفاءها الضوء الأخضر للانخراط في هذه المسارات التكتيكية.
من هذا كله، ما يتم وما يجرى من لقاءات سعودية حوثية عُمانية، تكاد تنحصر في شرعنة الوضع القائم يمنياً على ما هو عليه، بلا أي مقاربات أو حلول نهائية للوضع اليمني، وإنما إبقاء الوضع على ما هو عليه، يمن مقسم ومجزأ وكل جزء منه شبه دولة مستقله غير معترف بها، لأن كل ما يجرى تسريبه من مناقشاتٍ لا يقترب من أي تصوّر حقيقي للحل بقدر ما هو عبارة عن مسكنات وحلول إسعافية لمظاهر الحرب، وليس لأسبابها، وفي مقدّمتها سبب الحرب، إسقاط مليشيات الحوثي الدولة، ويتم اليوم الجلوس مع ممثلي هذه المليشيا وجها لوجه، بمعزل عن الجانب الشرعي اليمني المعترف به محلياً ودولياً والمستبعد تماماً عن هذه النقاشات حالياً، وإنما قد يجرى استدعاؤهم لاحقاً للتوقيع على ما تطلبه السعودية منهم.

الحديث عن معالجات الوضع الاقتصادي والإنساني أولوية، كما يجرى التسريب وترويجه، ليس أكثر من نوع من الهروب وعدم الاقتراب من الأسباب الحقيقية للأزمة، وهي مسألة إسقاط الدولة ونهب مقدّراتها وتفكيك وحدة أراضيها وتجاوز نظامها الجمهوري ودستورها واستلاب مواردها وانتهاك سيادتها وتقسيم جغرافيتها، وتركها رهينة ونهباً للمليشيات وأجنداتها المحلية والإقليمية.
كل ما يجرى التحضير له اليوم، وهو ما يدركه اليمنيون جيداً، هو شرعنة للوضع المليشياوي القائم ومنحه شرعية البقاء والوجود، بعد تفكيك مؤسسات الدولة اليمنية وإنهاء شرعيتها وإضعافها بالسياسات السعودية منذ البداية، وهو ما كان يقوله معظم اليمنيين منذ البداية، عن أن التحالف العربي الذي تدخل لم يكن جادّاً وصادقاً في توجهه، بقدر ما كان يعمل على إضعاف كافة الأطراف اليمنية، وفي مقدمتها الشرعية اليمنية التي وجدت نفسها خارج اللعبة كلها، وخارج كل الحسابات.
قد يعتقد الأشقاء في الخليج، وفي المملكة تحديداً، أنهم سيمضون بهذه الطريقة المسرحية لتحديد مستقبل اليمن ومصيره، وهذا تصور واعتقاد سطحيان للغاية، يتجاوزان حقائق التاريخ والواقع، فاليمن ليس جمهورية موز يمكن تشكيلها وتقطيعها وفقاً لمصالح متوهّمة لهذا الطرف أو ذلك، اليمن بلد حي، وشعب واع ومسيّس جداً وضارب جذوره في أعماق التاريخ، وهذه النخبة التي يجرى اليوم استخدامها لتمرير أي شكل من أشكال الوصاية على اليمن لا تعبر عن اليمن ولا تمثله، ولا يمكن فرضها للقبول بأي وضع يُراد تمريره وتحت أي مبرر كان.
الجمهورية والديمقراطية والوحدة قدر اليمنييين ومصيرهم الدائم، وأي تجاوز لهذه الثوابت الوطنية يمنياً يعتبر تحدّيا لليمنيين وإرادتهم الوطنية، وهو تحدٍّ لا يمكن تمريره بسهولة ويسر، وإنما يعمل على تكريس حالة وعي عميق بأهمية الحفاظ على هذه الثوابت، وأن كل من يسعي إلى تجاوزها بأي شكل لا ينظر له اليمنيون سوى أنه عدو واضح لا يمكن الخضوع له وتجب مقاومته.

الأزمة والحرب في اليمن أكثر تعقيداً وعمقاً مما يتخيّله الساسة الخليجيون، فالأمر متعلق بكرامة شعب وكفاحه ونضالاته لعقود، وهذا الوضع لا تمكن حلحلته من القفز في الفراغ وشرعنة وضع مليشياوي شاذ، تحت مبرّرات الإنهاك الذي يعيشه اليمنيون جرّاء هذه الحرب، ووضعهم الإنساني المزري نتيجة انهيار الدولة بفعل هذه الحرب، التي قُدّمت فيها مئات آلاف الضحايا من خيرة ما أنجبت اليمن.
صحيح أن اليمنيين يتمنون السلام ويسعون إليه، وهو سلام الشجعان، السلام الذي يستعيد لهم دولتهم ويحفظ كرامتهم وليس سلام الاستسلام الخضوع للمليشيات، السلام الذي تُستعاد فيه دولتهم، وليس سلاماً على ركام الدولة اليمنية الحديثة التي ضحى ويضحي من أجلها اليمنيون طويلاً. هذا السلام الحقيقي قطعاً ليست بوابته شرعنة واقع مليشياوي تجزيئي لليمن، بل سلام مستدام ينبع من حلحلة أسباب الحرب، وليس تأجيلها وشرعنتها، وغير هذا لن يُكتب لأي جُهد مهما كان أي نجاح، لأن استعادة الدولة اليمنية هي الحل الوحيد الذي يرى اليمنيون من خلاله نهاية الحرب والأزمة اليمنية، وليس سلاماً لاستراحة المتحاربين، ليستأنفوا من بعدها حروبهم اللانهائية.
وختاماً، هذا الاندفاع السعودي والحوثي لا يقود إلى أي شيء يمنياً ، بقدر ما يكرّس واقعا مشوّها ومكشوفا، يسعى الطرفان إلى إنجازه، وهو توهم تجاوز لحظة الحرب، وتوهم أن هذه الخطوة ستجعل اليمنيين يستسلمون لها ولواقع تشكّلها، وهو واقع لن يُنتج سوى حالة من اللاسلام واللاحرب واللادولة، وهذا الواقع هو ما يرفضه اليمنيون جملة وتفصيلاً.

اقرأ أيضاً كابوس ‘‘المكحل’’ يطارد المليشيات الحوثية في إب.. وتوجيهات صارمة بشأن الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر القبائل تقبض على طقم ‘‘المولد النبوي’’ محملًا بالمخدرات الحوثية (فيديو) قيادي اشتراكي: عيدروس الزبيدي ممثل للجمهورية اليمنية ولن يستعيد الدولة الجنوبية من نيويورك مليشيا الحوثي تبرئ ‘‘مسؤوليها’’ من جريمة قتل أطفال السرطان.. وتغلق ملف القضية بحكم هزلي عرض رأس ‘‘فاتنة’’ يمنية للبيع في لندن أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني القبض على ‘‘المتوكل’’ في ذمار بعد ارتكابه جريمة بشعة درجات الحرارة المتوقعة في مختلف المحافظات اليمنية مفاجأة مدوية: أمريكا تعترف بدعم الحوثيين لإسقاط صنعاء 2014 ومنع قوات طارق والجيش الوطني من تحرير الحديدة وصنعاء وصعدة! بدعم كويتي.. أول جامعة للذكاء الاصطناعي في اليمن يمانيون في موكب ثورة 26 سبتمبر 1962م .. اللواء عبد الله جزيلان والذي طالب بتجريم الهاشمية شاهد .. أحد المتنفذين في العدين بإب يحول مياه المجاري ”العادمة” إلى مقبرة الأموات بالتواطئ مع الميليشيا

*العربي الجديد

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: فی الیمن أکثر من ما کان

إقرأ أيضاً:

عيد الفطر في اليمن.. فرحة سرقتها السجون والقبور

كان الشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني ينظر ببصيرة إلى الواقع المأساوي في بلده على امتداد أجيال ماضية وقادمة، وكتب قصيدة شعرية تعدّ من بين الأكثر صدقاً، صوّرت العيد وأحواله، وأورد في مطلعها: "يقولون جئت فماذا جرى؟ وماذا تجلى وماذا اعترى؟ تراك الأغاني جديد الشروق، فأي جديدٍ مفيدٍ ترى؟ تزيد البيوت، السجون، القبور/ فهل زاد شبراً أديمُ الثرى؟".

 

باتت غالبية الأسر اليمنية تعاني من وضع معيشي متدهور سرق منها جزءاً كبيراً من بهجة عيد الفطر، لكن المأساة تكمن في الأسر التي فقدت أحباءها في الحرب، والأكثر مأساوية هي لتلك التي تفتقد أبناءها الأسرى في السجون، بانتظار الإفراج عنهم ولمّ الشمل مع أسرهم، ما ينهي سنواتهم المريرة في السجون. وهذا الواقع المر تسبب في اندثار العديد من طقوس العيد وعاداته الاجتماعية التي تميّز العيد في اليمن، باعتباره مناسبةً للمّ شمل الأسر، واللقاء بعد فترات الغياب.

 

يقول وسام مبارك (16 سنة) لـ"العربي الجديد": "أفقدتني الحرب مع أفراد أسرتي معنى العيد، بعد استشهاد أبي، وهذا الوضع تعيشه مئات آلاف الأسر. حين كنت في السادسة من العمر وصلت الحرب إلى قريتي بريف تعز، وأذكر أنني ارتديت في يوم العيد ملابسي الجديدة، لكنني لم أستطع الخروج من البيت بسبب القصف الذي كانت تشنه مليشيا الحوثي على قريتنا، واليوم أصبحت شاباً ولا تزال الحرب تحصد رؤوس اليمنيين وتزرع الحزن الأبدي داخل مزيد من الأسر، وتضاعف عدد الأطفال الأيتام والنساء الثكالى".

 

وتقول سارة العباسي لـ"العربي الجديد": "زوجي عسكري في الجيش الوطني بمأرب، ولا نعرف عنه أي شيء منذ نحو خمس سنوات، ويُقال إنه أسير لدى الحوثيين. وبالتأكيد لا نعرف أي عيد في غيابه، فعيدنا الحقيقي يكون حين يعود إلى البيت".

 

وحوّلت الأوضاع الاقتصادية المتردية التي أفرزتها الحرب اليمنية المندلعة في اليمن منذ عشر سنوات العيد من موعد للفرحة إلى همّ إضافي يُضاف إلى الهموم المتزايدة لليمنيين، خصوصاً أن غالبية الأسر باتت عاجزة عن توفير أبسط التزامات العيد.

 

ويقول غسان القاضي (42 سنة)، وهو موظف، لـ"العربي الجديد": "جعلت الأوضاع المعيشية المواطن يخاف من قدوم العيد نتيجة الالتزامات المالية المصاحبة لإحياء طقوسه، إذ يستلزم توفير كسوة صارت مكلفة جداً وغالية الثمن، خصوصاً في ظل قلّة الدخل المالي، وأيضاً مبلغ مالي باسم المعاودة أو العسب من أجل تقسيمه على الأقارب والأرحام، خصوصاً النساء والأطفال، خلال زيارات العيد والسلام عليهم. إلى ذلك كان العيد يمثل فرصة لعودة الأسر من المدن إلى القرى، وهذا أمر أصبح صعباً جداً نتيجة تضاعف تكاليف السفر".

 

يتابع: "أصبح اليمني اليوم عديم الحيلة أمام التزامات العيد الكثيرة والمكلفة، لذا يحاول الحفاظ بقدر الإمكان على ما تبقى من طقوس اجتماعية، ويكتفي مثلاً أشخاص بزيارة الأرحام من دون تقديم المعاودة أو العسب، وآخرون بكسوة الأطفال الصغار فقط من دون الكبار الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة، وباتت أسر كثيرة تقيم في المدن والتي كانت تسافر سنوياً في الأعياد إلى القرى تكتفي بتنفيذ زيارة كل خمس سنوات، وبعضها لم تزر القرى منذ بداية الحرب تحت ضغط انعدام القدرات المالية".

 

ويجعل الواقع الجديد للعيد يمنيين يحنّون إلى أجوائه في الماضي حين كان البلد ينعم بالأمن والسلام، وكان للعيد معناه باعتباره مناسبة اجتماعية ودينية تحمل الفرحة إلى قلوب الكبار والصغار على حد سواء.

 

ويقول تيمور العزاني، وهو شاعر أيضاً، لـ"العربي الجديد": "لم تعد هناك استعدادات محددة للعيد عبر صُنع الحلويات أو وضع الزينة في البيت. نكتفي بتبادل التهاني مع الأهل والأصدقاء افتراضياً عبر تطبيق واتساب. كانت الأعياد مصدر فرح وسعادة لنا، وفرصة مهمة للقاء الأصدقاء الأقرباء الغائبين، لكنه يطل علينا هذا العام أيضاً في ظل دولة مخطوفة وبهجة مسلوبة لم نعد نراها، كما لا نرى حولنا شيئاً يدل على العيد سوى التوقيت الزمني".

 

وتقول سعيدة مهيوب (58 سنة)، وهي ربّة بيت، لـ"العربي الجديد": "زالت الأعياد لأن الوضع المعيشي جعل المواطنين مهمومين بتوفير لقمة العيش، حتى إننا عجزنا عن كسوة الأطفال. قبل الحرب كانت الأعياد فرحة للصغار والكبار، وكانت الحال ميسورة، وكنا نشتري كسوة العيد للصغار والكبار من نهاية شهر شعبان، وكانت النساء يشترين الملابس التقليدية والتراثية، ويجهّزن الحناء والعطور والبخور، وأيضاً جعالة العيد من زبيب ولوز وفستق وشوكولاتة، وتجهيز المعاودة للأطفال، وتبادل الزيارات مع الأهل، لكن لم يبقَ من العيد الآن إلا الاسم فقط، وكما يقول المثل الشعبي: العيد عيد العافية، والحمد لله على كل حال".

 

كذلك يتحدث عبده الجرادي، وهو سائق حافلة، لـ"العربي الجديد"، ويقول: "لم يعد يرمز العيد منذ سنوات إلى أي مظهر من مظاهر البهجة، وبقيت رمزيته الدينية فقط لا أكثر. شخصياً امتنعت عن شراء أي ملابس جديدة أو زينة العيد، في حين حاولت في هذه الأوضاع القاسية أن أوفر لأطفالي القليل من الملابس والتظاهر بالفرح كي لا يشعروا بثقل الحرب على كاهلنا، وكي نمنحهم لحظات للاحتفال بعيداً عن قسوة الواقع حولنا. لقد فقدنا العيد كرمز ومناسبة للاحتفال والفرح وتبادل الزيارات، ولم يبقَ إلا الاسم فقط".

 

وتقول زينب مكي، وهي طالبة جامعية، لـ"العربي الجديد": "نستعد للعيد كالعادة عبر تجهيز الملابس والعيديات والكعك، ونستغل طقوسه للفرحة رغم ظروف الحرب. كان العيد صعباً في السنوات الأخيرة بسبب ظروف الحرب لكننا نحاول أن نتعايش مع الواقع، ونتمسك بشعور الفرح رغم كل شي، ونأمل أن يحمل عيد الفطر هذا العام الفرح، ويشكل بداية جديدة لأننا صرنا نفتقد الشعور بالطمأنينة التامة، وأيضاً اجتماعات ولمات الأسر التي كانت تحصل في الأعياد السابقة".

 

ويقول الفنان خاطر عبد الله لـ"العربي الجديد": "لم يعد العيد كما في السابق في ظل الحرب. نفتقد في ظل الوضع الاقتصادي الصعب هذا العام الكثير من الطقوس، أبرزها العودة للقرية مع الأسرة، وشراء الهدايا للأهل خصوصاً الزبيب واللوز والعطور، والمشاركة في أداء صلاة العيد في مصلى العيد الذي يجتمع فيه أبناء القرى، ومن مختلف الأعمار بملابسهم الجديدة لأداء الصلاة في جو روحاني واجتماعي".

 

يضيف: "كان العيد في السابق بسبب عودة جميع الأسر من المدن إلى القرى يعد فرصة مناسبة لإقامة أعراس الزواج، لأن العيد فرصة للقاءات الاجتماعية، وكانت القرية الواحدة تشهد بين 5 و10 أعراس".

 

وتقول الطفلة ريتاج محبوب (12 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أكتفي في العيد باللعب مع أخوتي وأقاربي فقط. لم نعد نستطيع الذهاب للعب في الحدائق وزيارة المتنزهات بسبب الغلاء والحرب، وأحلى ما في العيد هي أن أخوالي وأعمامي يزوروننا في البيت، ويقدمون لي مبلغاً من المال يمنحني الفرح".

 


مقالات مشابهة

  • مناوي يكشف عن رؤيته للقوات التي تقاتل مع الجيش بعد انتهاء الحرب
  • حصيلة طائرات MQ9 الأمريكية التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها
  • علي ناصر محمد: المستفيد من استمرار الحرب في اليمن "تجار الحروب"
  • اشتباكات عنيفة بين قوات الحكومة اليمنية والحوثيين جنوب اليمن
  • إسقاطُ طائرة أمريكية هي الـ16 خلال الحرب الأمريكية على اليمن
  • الجالية اليمنية في برلين تندد بالعدوان الأمريكي على اليمن
  • العدوان الأمريكي على اليمن وإفشاله
  • لحدّي آخر: جنجويدي ـ قحّاتي ـ دعّامي
  • «الرئاسي اليمني»: استعادة صنعاء صار أقرب من أي وقت مضى
  • عيد الفطر في اليمن.. فرحة سرقتها السجون والقبور