المواجهة الحقيقية بين عون وباسيل
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
يعتبر كثيرون أن التقارب بين "حزب الله" وقائد الجيش العماد جوزيف عون يهدف، بعيدا عن كل الإعتبارات الرئاسية، الى زكزكة الحزب لرئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، على اعتبار أن الأخير يجد في قائد الجيش الخصم الأول في المعركة السياسية والخطر الأكبر في حال وصل الى القصر الجمهوري، اذ باتت عبارة "مية مرة سليمان فرنجية وولا مرة جوزيف عون" تتناقل عن لسان رئيس "التيار" للدلالة على حجم الرفض الباسيلي لوصول عون الى بعبدا.
وقد تكون حظوظ عون الرئاسية، واحدة من العوامل الأساسية التي تحرك الساحة السياسية اللبنانية، فدخول باسيل في الحوار مع "حزب الله" يعيده البعض الى رغبته بتمرير الوقت والإيحاء لحارة حريك بإمكان قبوله برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، حتى تنتهي ولاية قائد الجيش بداية العام المقبل ويخرج بالتالي من المعركة الرئاسية بشكل شبه نهائي.
في اليومين الماضيين بدأت المواجهة المباشرة بين عون وباسيل، فالأول أطلق تصريحات هاجم فيها "التيار" ورئيسه من دون ان يسميهما، معتبراً أن من إنتقد دور الجيش وإتهمه بالتقصير لم يفعل شيئا فعليا لحل أزمة النازحين فجاء الرد امس من باسيل الذي هاجم فكرة عجز الجيش معتبراً ان الطموح الشخصي والسياسي مشروع لكن يجب أن يقف عند الخطر الوجودي، ما يعني أن باسيل رد بشكل غير مباشر على تصريحات عون..
يعلم رئيس "التيار الوطني الحر" أن وصوله الى القصر الجمهوري مستحيل، لذلك فقد وضع أمامه هدفا أساسيا، هو أن يكون حاضرا في العهد الجديد، ان كان في الحصص والتعيينات او في الحضور المباشر عبر النفوذ الذي يمتلكه لدى الشخصية التي يرغب بتسميتها، ومن هنا يصر باسيل على فكرة المرشح الثالث الذي سيكون له دور أساسي في تسميته، ويمكن ان يستبدل هذه الخطة بالموافقة على فرنجية على أن يحصل مسبقاً على مكاسب سياسية كبرى.
لكن وصول قائد الجيش يشكل تهديدا كبيرا لباسيل، خصوصا أن الرجل مُجرب، اي انه عين في عهد الرئيس السابق ميشال عون وبتزكية منه، لكنه لم يخضع لباسيل ولمطالبه، وهذا يعني انه ما لم يقبل به في قيادة الجيش لن يقبله في رئاسة الجمهورية، الامر الذي يجعل باسيل يخرج من أي نقاش قد يوصل خصمه الاساسي الى القصر الجمهوري، لا بل سيسعى الى قطع الطريق عليه في ظل تزايد الدعم الاقليمي والدولي له.
كما أن عون هو المرشح الأقدر على الكسب الشعبي في الشارع المسيحي ومن صحن "التيار الوطني الحر" تحديدا، على اعتبار انه يمثل المؤسسة العسكرية التي تمتلك في الوجدان المسيحي عموما والعوني تحديدا مساحة كبيرة يمكن الرهان عليها الى حد كبير، وهذا ما يعلمه باسيل جيدا ويحاول منع حصوله حتى لو كلف الأمر معركة سياسية كبرى وتنازلات رئاسية في أكثر من إتجاه. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لماذا تخطئ دول الجنوب العالمي في فهم نوايا ترامب الحقيقية؟
قال الصحفي جدعون راتشمان إنه كشخص مؤيد "للعولمة الحقيقية" شاهد خطاب تنصيب دونالد ترامب على هاتفه، بينما كان عالقا في ازدحام مروري في دافوس. فقامت إحدى المديرات التنفيذيات الأوروبيات، التي كانت تشاركه حافلة المنتدى الاقتصادي العالمي، بدفن رأسها بين يديها وقالت: "لا أصدق أن هذا يحدث".
وأشار في مقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" إلى أن استجابة المندوبين من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا كانت مختلفة تماما. فالعديد من الناس من الجنوب العالمي يعتقدون أن فوز ترامب يشكل خبرا جيدا لهم. وتظهِر استطلاعات الرأي الأخيرة أنه في بلدان مثل الهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل، يمتد هذا الموقف المؤيد لترامب إلى ما هو أبعد كثيرا من النخب التي تذهب إلى دافوس.
وبين أنه ينظر إلى الرئيس الأمريكي على نطاق واسع، خارج الغرب، باعتباره رجلا معاملاتيا ومؤيدا للأعمال وصانع سلام. فما الذي قد لا يعجب المرء في هذا؟
وأجاب على التساؤل قائلا إن هناك الكثير، في الواقع، مما لا يعجب المرء. حيث أن النظر إلى ما هو أبعد من المبالغات يجعلنا نرى العديد من الأسباب التي تجعل الجنوب العالمي يشعر بقلق عميق إزاء أمريكا برئاسة ترامب.
وأوضح أن الرئيس الأمريكي يدفع في الأساس نحو التخلي عن "النظام الدولي القائم على القواعد" الذي وفر الاستقرار والأسواق المفتوحة التي سمحت للصين والهند وجزء كبير من جنوب شرق آسيا بأن تصبح أكثر ثراء على مدى السنوات الثلاثين الماضية.
وأكد ان تمزيق هذه القواعد والانتقال إلى عالم معاملاتي بالكامل قد يبدو واضحا ومباشرا. ولكن العالم بلا قواعد هو عالم يستغل فيه القوي الضعيف دون أي إطار قانوني أو مبدأ لتقييده. ومن المرجح أن ينتهي الأمر بأغلب بلدان الجنوب العالمي فريسة وليس مفترسا.
وقال راتشمان إن بنما وكولومبيا والمكسيك من بين الدول الأولى التي اكتشفت مدى عدم الارتياح الذي قد يسببه عالم ترامب. فنحو 80% من صادرات المكسيك تذهب إلى الولايات المتحدة. وإذا مضى ترامب قدما في فرض الرسوم الجمركية التي هدد بها، فقد يدفع جارة أمريكا الجنوبية إلى الكساد الاقتصادي.
وأشار إلى أن المكسيك بالطبع ليست وحدها. فقد هدد ترامب أغلب الدول التجارية الكبرى في العالم بالرسوم الجمركية.
الواقع أن فكرة أن هذا لا يهم حقا لأن الرئيس "معاملاتي" وأن كل تهديداته ليست سوى مقدمة لصفقة تتجاهل الطريقة التي تعمل بها الأعمال التجارية. فالشركات الدولية تحتاج إلى الاستقرار والأنظمة القانونية التي يمكن التنبؤ بها إذا كانت تريد أن تتمتع بالثقة اللازمة لإجراء استثمارات طويلة الأجل عبر الحدود.
وبين أن الدليل على ذلك أنه حتى عندما يعقد ترامب صفقة، لا يوجد ما يضمن التزامه بها. فخلال فترة ولايته الأولى، تفاوضت الولايات المتحدة على اتفاقية تجارية جديدة مع كندا والمكسيك المعروفة باسم "USMCA"، لكن ترامب يطالب الآن بتنازلات جديدة.
واحتجّ بأنه إذا كان من الممكن تمزيق جميع الاتفاقيات، استجابة لبعض المظالم الجديدة أو للاستفادة من التحول في ميزان القوى، فلن تكون أي صفقة تجارية آمنة. وكما قال أحد محافظي البنوك المركزية السابقين في دافوس: "المنطق وراء ذلك هو أنك لن تكون آمنا إلا إذا قمت بالتجارة داخل حدودك".
وقال إن من المؤكد أن الغربيين قد يصابون بالصدمة عندما يرون رئيسا أمريكيا يتحدث مثل زعيم مافيا يريد المزيد من أموال الحماية. ولكن كثيرين في الجنوب العالمي كانوا يعتقدون دائما أن القادة الأمريكيين يتصرفون مثل رجال العصابات، حتى لو كانوا يتحدثون مثل المبشرين. وعلى الأقل، كما يقولون، توقف ترمب الآن عن الوعظ الأخلاقي المزعج. والأمل هو أن يكون التعامل مع الولايات المتحدة الأقل نفاقا أسهل، لأنها لن تطرح مطالب غير واقعية تستند إلى قيم غربية غير مهمة.
وأوضح أن العالم بدأ يرى كيف تبدو الولايات المتحدة التي تعلن بفخر أنها لا تهتم بالعالم الخارجي بأي شكل من الأشكال، وهي صورة ليست جميلة. فقد أعلن ماركو روبيو، وزير الخارجية، تعليق جميع برامج المساعدات الأمريكية تقريبا. ولن يتم تجديد سوى تلك التي تفيد الأمريكيين بشكل مباشر.
وقد يؤدي هذا إلى إنهاء برامج مثل برنامج المساعدات الطارئة، الذي يوفر الأدوية لمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والإيدز، وأنقذ ملايين الأرواح في جميع أنحاء العالم.
وأكد أنه في الوقت نفسه، بدا ترمب وكأنه يؤيد التطهير العرقي في غزة. إن هذا قد يكون خبرا سيئا بالنسبة للفلسطينيين الذين سيخسرون وطنهم، وسوف يثير أيضا قلق الأردن ومصر، اللتين من المفترض أن تستقبلا اللاجئين الجدد.
وشدد أن الولايات المتحدة لن تتطوع بالتأكيد لإعادة توطين أي شخص. فالقصيدة المحفورة على تمثال الحرية تقول: "أعطوني متعبيكم وفقراءكم... الحثالة البائسة من شواطئكم المكتظة". ولكن بعبارة ملطفة، هذا ليس مزاج أمريكا ترامب، حيث يلوح أنصار الرئيس بلافتات تطالب "بالترحيل الجماعي الآن". وقد تم بالفعل تعليق برامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة.
وقال إن خفض الهجرة القانونية من الأماكن التي وصفها ترامب ذات يوم بأنها "دول قذرة" قد تبدو بمثابة سياسة جيدة بالنسبة للعديد من الأمريكيين. ولكن هذا لا يبدو بمثابة خبر جيد للطبقات المتوسطة في الجنوب العالمي، التي قد تجد أن الحصول على تأشيرات للمهاجرين المهرة أو الطلاب أصبح أكثر صعوبة.
وأشار إلى احتمال تبديد كل المخاوف بشأن التجارة والمساعدات والهجرة إذا أوفى ترامب بوعده بإنهاء الحروب في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، من الصعب التوفيق بين طموح الرئيس إلى أن يكون صانع سلام عالمي وطموحه المعلن لتوسيع الأراضي الأمريكية.
وخلص إلى أنه إذا كانت هناك فكرة واحدة تدعي جميع بلدان الجنوب العالمي رفضها، فهي الإمبريالية. وإذا تبين أن ترامب جاد وحرفي بشأن خططه لتوسيع حدود أمريكا، فقد يتلاشى تصفيقهم له بسرعة.