“مسخَّن” …
د. #علي_أحمد_الرحامنة
هي دعوة عشاء بسيطة جمعت عددا من الأصدقاء… وهي في بعض معانيها أكثر من ذلك.
صاحب الدعوة هو الصديق بلال فايز القضاة، المثقف العروبي التقدمي والوطني الأردني الذي نعتزّ به، ورُتِّب مكان اللقاء ليكون عند صديقه، الأخ الكريم محمّد سمارة. شملت الدعوة، ولقاء #العشاء، الأصدقاء: أبا زيد، شقيق محمد، ومعاذ سعادة، وعلاء جرّار، وليث العبداللات، وعبد المنعم أبو غوش، وعامر داود، وكاتب هذه السطور (علي الرحامنة).
ليست دعوة العشاء في ذاتها شيئا “يُكتب فيه وعنه”، ولكن الذي يمكن التوقّف عنده، اقتراحي بأن يكون “المسخّن” وجبة العشاء الرئيسية، وفي هذا قد يجوز الحديث…
المسخّن، أو “خبز مسخّن”، #أكلة_شعبية_فلسطينية مشهورة، وعُرفت منذ القِدم في منطقتي جنين وطولكرم خصوصا، قبل أن تنتشر في مختلف المناطق والدول. وارتبطت هذه الأكلة بمركّباتها: خبز الطابون، وفراخ الحمام (الزغاليل) التي استُبدِلت لاحقا بالدجاج، وزيت الزيتون بكمّيات وافرة، والسّمّاق والصنوبر واللوز والبصل، … والمسخّن رديف لرمز قمّة المطبخ الأردني الأصيل – المنسف، الذي تمتدّ جذوره عميقا في التاريخ.
ولأن كثيرا من “علامات” فلسطين، والعروبة عموما، تتعرّض للسرقة، وعلى رؤوس الأشهاد، صرنا نخاف على المسخّن من “النهب” على يد حملات صهيونية-إسرائيلية متواصلة ومنظمة. ومن يدري؟ قد يلحق المسخن الفلسطيني بالأكلات العربية، مثل الحمص والفلافل والخبز العربي وغيرها..، بعدما صارت تُسوَّق في كثير من دول العالم على أنها يهودية-إسرائيلية… ولست أدري إذا ما كان المسخّن أو المنسف أو غيرهما من أكلاتنا التي نحبها ونعتز بها لا يزالان صامدين!
لقد قدّموا الزيّ الشعبي الفلسطيني على أنه زي يهودي، وقدّموا البتراء الأردنية (ولا يزالون)، في برامجهم السياحية، على أنها إسرائيلية، بل وعرضوها ضمن حزمتهم التسويقية الخاصة بإسرائيل، وكانوا قد قدّموا مقطع فيديو استشهاد الطفل محمد الدرّة على أنه طفل يهوديّ قتله الإرهابيون الفلسطينيون العرب، والأمثلة عن مثل هذه التطاولات كثيرة جدا…
من هذه الخلفية، إلى جانب محبتي لأكلة المسخّن بالطبع، اقترحت أن يكون عشاؤنا “خبز مسخّن”… ومن هذه الخلفية تحديدا، أردت من سرد هذه الخاطرة حول عشائنا أن تكون دعوة لمزيد من التمسّك بالرموز الدينية والثقافية والحضارية والفولكلورية المهددة بالاجتثاث، أو السرقة، أو التشويه.
إنها المثل-الحكمة في الإجابة عن السؤال: (أي أبنائك أحبّ إليك)؟
وفي سياق ذلك، بين أمور أخرى، فهم الأصدقاء المغزى من اقتراحي: “مسخّن”…
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: العشاء
إقرأ أيضاً:
“أمم متحدة” ومطبعون..
بتواطؤ وإسهام أدواتي تطبيعي إقليمي وداخلي واضحَين يعربد اللاعب العدواني الأمريكي الصهيوني ويقوم بما يقوم به في سوريا من تدمير واحتلال وقضم للمزيد من الأراضي داعسا بطمأنينة غريبة ووقاحة عجيبة على كل السقوف والخطوط الحمراء وماسحا الأرض بكل القوانين والأعراف والقواعد الدولية وكل الاتفاقيات والمعاهدات المنظِّمة والمُلزمة، والشيء نفسه يحدث في لبنان ومناطقه وبلداته الجنوبية التي باتت بعهدة الحكومة والجيش اللبناني بموجب إعلان الهدنة الأخير وما تسمى قوات اليونيفيل الأممية، بعد أن بقي جيش العدو على مدى نحو شهرين من المواجهة النارية الشعواء مع المقاومة الإسلامية (حزب الله) عاجزا عن احتلال شبر واحد من تلك المناطق والقرى التي كانت بعهدة الحزب..
وكل هذا يحدث دون تحريك ساكن من الأمم المتحدة سوى التصريحات والمطالبات الإعلامية الجوفاء رفعا للعتب ليس إلا !وفي ظل غياب كامل لمواقفها الجادة ومجلس أمنها وبَنديه السادس والسابع اللذين لا يطبقان إلا وفق الهوى الهيمني الغربي الصهيوني وعلى الشاقين لعصا الطاعة الأمريكية.
وكثيرة هي فضائح الأمم المتحدة التي تُظهر كيف تحولت إلى شركة مساهمة في الإتجار بدماء الشعوب المقهورة المستضعفة وحقوقها ومقدراتها، بل بمبادئها هي وقيمها المعلنة كمنظمة أساسية دولية مهمتُها منع التعدي بين الدول والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل إنها مُسخت إلى بائعة هوى رخيصة لدى الأمريكي الصهيوني الغربي المهيمن وأتباعه من صنائع المال النفطي المدنس، تبيع جسدها وشرفها لمن يدفع أكثر كالأمريكي والسعودي.. وهذا سقوط مدوٍّ في وحل البغاء والدعارة السياسية في أقبح وأوسع مستوياتها وصورها الدولية!
وفي هذا المشهد المليء بأوساخ وقاذورات السياسة التي لم تُبق شيئا من مُدَّعيات القوانين والمبادئ والقواعد المتشدَّقِ بها ليلا ونهارا، تزدحم الأروقة المظلمة بأحط المواقف المتواطئة مع الجلاد القاتل تحت شتى الذرائع والعلل والعناوين الساقطة، وفي هذا الخليط السيئ يحضر المطبعون وموظفو وزبائن البازار الصهيوني الذي يُتاجَر فيه بالمواقف والأدوار مقابل السراب والهواء، بل مقابل أفدح مستويات السقوط الأخلاقي والقيمي والانتحار السياسي والمعنوي، وهذا حال أنظمة التطبيع والتواطؤ المستور والمكشوف والخيانةِ التي تبقى خيانة بكل ما فيها من قبح وتدنٍّ مهما أُلبست من عباءات وأقنعة!
في هذا المشهد وبفعل عدد من العوامل المرتبطة بالأحداث والمستجدات.. يبقى اليمن في خيمة المقاومة والجهاد عمودَها الفاعل الأساسي والطودَ الشامخ الثابت على موقف الإسناد الإيماني والإنساني لمظلومية أمته الكبرى في غزة وفي أماكن الوجع الأخرى.. وتأخذ عملياتُه الضاربة للعدو منحى بعثر كل حسابات هذا العدو وأدخله في دوامات شديدة من الرعب وانعدام الحيلة، ويكفي أن نلتقط هنا نزرا يسيرا من الشواهد المتواترة على ألسنة العدو نفسه، ومن ذلك ما نقلته وسائل إعلام عن الإعلام العبري من تعليقات لمحلليه ذهب بعضها إلى حدود القول “إن اليمنيين أصبحوا خطرا استراتيجيا على “إسرائيل” بأبعاد إقليمية”، وفي السياق ذاته أقر خبراء لهذا العدو، حسب منقول إعلامه أيضا، بأن “الحصار البحري اليمني كبد “إسرائيل” مئات ملايين الدولارات”.
وبالتأكيد، وحسب منطوق لسان الحال الدائم هذا، نقول للعدو ولكل من له صلة حاضنة أو داعمة أو خادمة له: القادم ،حتما، أشد وأعظم .