سبتمبر 25, 2023آخر تحديث: سبتمبر 25, 2023

المستقلة/- وقت عصيب تعيشه إحدى أكبر الدول الزراعية العربية دفعها إلى تقليص الاعتماد على اثنين من أكبر الأنهار في المنطقة والعالم وهما دجلة والفرات في خطتها الزراعية الجديدة، والاعتماد على المياه الجوفية كمصدر رئيسي للري في العراق، بعد أن شهد النهران تراجعاً تاريخياً في كميات المياه بهما بسبب السدود التي بنتها الدول المجاورة، إيران وتركيا، والتغيرات المناخية بالمنطقة.

وأقرّت وزارتا الزراعة والموارد المائية العراقيتان، خطة زراعية للموسم الشتوي المقبل، تعتبر هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد، عبر الاعتماد على المياه الجوفية بشكل رئيسي في تأمين مياه السقي، وسط تحديات كبيرة تتعلق بإمكانية الدولة تأمين منظومات السقي الحديثة التي باتت تبيعها للفلاحين بأسعار مدعومة، وفقاً لخطة تهدف إلى تقليل استهلاك المياه ومغادرة طريق الري القديمة.

وحسب بيانات رسمية حديثة، فإن خطة الموسم الزراعي في عموم مدن العراق للموسم الشتوي 2023/ 2024، تعتمد على زراعة 5.5 ملايين دونم فقط، وستكون مساحة الزراعة بالاعتماد على المياه السطحية (نهري دجلة والفرات) بمقدار 1.5 مليون دونم، بينما ستكون المساحة المزروعة بالمياه الجوفية، نحو 4 ملايين دونم.

وتحدث وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب أحمد، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الزارعة، عباس جبر، مؤخراً، عن استمرار وضع الخطط والرصد في ما يتعلق بالوضع المائي للعراق وتوقعات الأرصاد للأمطار المتوقعة، خلال فترة الشتاء.

ويقول مراقبون ومختصون بشؤون الزراعة في العراق، في تصريح لصحيفة “العربي الجديد”القطرية و تابعته المستقلة ،إن الحكومة قررت التخلي عن زراعة أكثر من 7 ملايين دونم، والاكتفاء بزراعة نحو 5.5 ملايين دونم ضمن مواجهة أزمة الجفاف التي تتعرض لها البلاد (الدونم = 1000 متر مربع).

وتعد هذه الخطة الزراعية الأولى من نوعها التي يشهدها العراق ويتم فيها الاعتماد على ما نسبته نحو 75 بالمائة من مياه الآبار لتأمين سقي المزروعات.

في السياق ذاته، قال وكيل وزارة الزراعة، مهدي سهر، في حديث مقتضب لـ”العربي الجديد”، إن بلاده أقرت خطة الزراعة لهذا الموسم بناءً على الخزين المائي وتوقعات الأمطار.

وأكد أن “الخطة الشتوية ركزت على زراعة المحاصيل الشتوية الرئيسية للعائلة العراقية، بهدف سد حاجة السوق المحلية منها وعدم استيرادها من الخارج”.

يأتي ذلك، بالتزامن مع إعلان وزارة الموارد العراقية، عن حفر نحو 600 بئر في مختلف مدن العراق، من أصل خطة تستهدف حفر ألف بئر خلال العام الحالي، قالت إن أغلبها للنفع العام، في مناطق تشهد شحا بالمياه.

يقول مراقبون ومختصون بشؤون الزراعة في العراق، لـ”العربي الجديد” إن الحكومة قررت التخلي عن زراعة أكثر من 7 ملايين دونم

وقال العامل في وحدة عمليات وزارة الزراعة العراقية، المهندس زراعي كمال الخزرجي، لـ”العربي الجديد”، إن هذه أول خطة تكون فيها المياه الجوفية مصدر الزراعة الأول في بلاد الرافدين.

وأضاف الخزرجي: “ما زلنا بحاجة إلى تطوير مكامن المياه وإعداد خريطة وطنية بمناطق المياه الجوفية، حاليا لا نملك غير الحفر واستخراج المياه وبعض المناطق لا نجد فيها مياهاً كافية، لكن هذه معالجات أولية ستدخلنا إلى مرحلة التخطيط ووضع خريطة جديدة للمياه الزراعية”.

وأكد أن المياه الجوفية في العراق قريبة من سطح الأرض، لذا فإن تكاليف الحفر ليست كبيرة بالنسبة للفلاح أو الدولة، ونأمل أن نتجه إلى توسيع رقعة الزراعة من خلال الآبار بعيدا عن الأنهار”.

وأوضح أن الطماطم والخيار والبطاطس، إلى جانب محاصيل أخرى رئيسة ستكون مستهدفة في الزراعة بالدرجة الأولى للحصول على حاجة السوق كاملة، وسيتم دعم الفلاحين ماليا وشراء المحاصيل منهم، عبر مراكز تسليم في حال لم يبيعوا محاصيلهم بالسوق”، كاشفا عن استثناء محاصيل الأرز بكل أنواعه من الزراعة هذا العام بسبب استهلاكها كميات كبيرة من المياه.

وأعلنت وزارة الزراعة العراقية في يونيو/حزيران الماضي، عن توفير قروض معفاة من الأرباح والفوائد تمتد فترة تسديدها إلى 5 سنوات، مخصصة للفلاحين الراغبين بشراء منظومات ري حديثة لأراضيهم الزراعية
وذكر المتحدث باسم الوزارة محمد الخزاعي، أنه تم إقرار خطة لتوسيع رقعة استخدام التقنيات الحديثة في الري، وتشجيع المستثمرين والمزارعين على شراء منظومات الري الحديثة (الرشاشات المحورية)، من خلال قروض معفاة من الأرباح وتسديد يمتد على خمس سنوات”.

وأضاف أنها “تشجع أيضاً التجار على استيراد هذه الرشاشات من خلال الإعفاءات الجمركية”.
وتبقى المشكلة الرئيسية التي تعاني منها الزراعة العراقية المتعلقة بالمياه، حيث كشف وزير الموارد المائية في العراق، عون ذياب، في وقت سابق عن تراجع خزين البلاد الاستراتيجي من المياه بمقدار 7 مليارات متر مكعب مقارنة مع صيف العام الماضي 2022.

وأكد ذياب، في تصريح صحافي، أن تراجع الخزين الاستراتيجي وانخفاض مناسيب المياه يشكل تهديداً كبيراً للزراعة في البلاد، وأن الخزين المتاح قد لا يكفي لنهاية العام الجاري.

وأضاف أن الإطلاقات المائية من تركيا لنهر الفرات على الحدود السورية ما زالت محدودة جداً، ولا تتناسب مع حاجة البلدين (سورية والعراق)، وأن ما يتم إطلاقه للنهر هو أقل مما تم الاتفاق عليه بـ 50 بالمائة.

وبين أن الانخفاض الحاد بكميات الخزين المائي العراقي يشكل تهديداً واضحاً، وينذر بكارثة حقيقية، وبالتالي ستكون الزراعة محددة جداً خصوصاً لمحصول الأرز في مناطق الفرات الأوسط.

وحسب تقرير رسمي، فإن السدود الكبرى التي أنشأتها الدول المجاورة (إيران وتركيا) حجبت نحو 70% من حصة العراق المائية.

ووفقاً لتقرير سابق للأمم المتحدة حول الأمن المائي في المنطقة العربية، فإن 17 دولة في العالم العربي من أصل 22 هي حالياً على خط الفقر المائي، من بينها 12 دولة ترزح بالفعل تحت خط الفقر المائي المدقع من بينها العراق.

لكن العراق نجح خلال عامي 2019 و2020 في تحقيق اكتفاء ذاتي بأكثر من 10 محاصيل زراعية أبرزها القمح والشعير ومحاصيل استهلاكية أخرى كالخيار والبطاطس والطماطم، ثم تراجعت مساحات الزراعة بفعل انحسار المياه ما أدى إلى رفع الحظر عن استيراد تلك المواد مرة أخرى وبدء تدفقها من إيران وتركيا على وجه التحديد.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: المیاه الجوفیة العربی الجدید على المیاه فی العراق

إقرأ أيضاً:

تقرير: التعليم في غزة يواجه تحديات غير مسبوقة

غزة - صفا

استعرض مركز الدراسات السياسية والتنموية الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع التعليم في غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.

وكشف التقرير عن حجم الدمار الذي طال المدارس والجامعات، والتحديات التي تواجه عودة العملية التعليمية، إضافة إلى الجهود الوطنية والدولية المبذولة لإعادة إعمار هذا القطاع الحيوي.

ووفقًا للتقرير، تعرضت أكثر من 285 مدرسة لأضرار جسيمة، فيما دُمرت نحو 80٪ من مباني الجامعات، مما أدى إلى تعطيل دراسة أكثر من 88 ألف طالب في مؤسسات التعليم العالي.

كما أشار التقرير إلى الأثر النفسي العميق الذي خلفته الحرب، حيث تشير التقديرات الأممية إلى أن أكثر من 816 ألف طفل في غزة بحاجة إلى دعم نفسي عاجل نتيجة الصدمات المتكررة والبيئة غير المستقرة.

ورغم هذه التحديات، تعمل وزارة التربية والتعليم ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) على تنفيذ خطط طارئة تشمل إعادة تأهيل المدارس المتضررة، تعزيز التعليم الإلكتروني، ودمج برامج الدعم النفسي والاجتماعي في المناهج الدراسية.

كما تم إطلاق مبادرات وطنية ودولية لدعم الطلبة والمعلمين، خاصة في ظل استمرار أزمة نقص التمويل، الحصار المفروض على القطاع، وانقطاع الخدمات الأساسية التي تعيق جهود إعادة الإعمار.

وأكد التقرير أن إعادة بناء قطاع التعليم في غزة لا تقتصر على إعادة تشييد المدارس والجامعات، بل تتطلب استراتيجيات شاملة ومستدامة تضمن تعليماً آمناً ومتطوراً، مع ضرورة تكثيف الجهود المحلية والدولية لتوفير التمويل والدعم الفني اللازمين. 

ودعا التقرير إلى اعتبار التعليم أولوية في عملية إعادة الإعمار، مشددًا على أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل غزة وأجيالها القادمة.

مقالات مشابهة

  • المنصة الوطنية لبرنامج "نوفى".. 5 مشروعات لـ" التكيف والمرونة وسياسات دعم المناطق الهشة".. فاروق: نهضة غير مسبوقة بالزراعة وإضافة 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية .. صيام: تحديث الري والتصنيع الزراعي
  • خزين العراق المائي يتعزز بـ 300 مليون متر مكعب.. ما علاقة الأمطار؟
  • تقرير: التعليم في غزة يواجه تحديات غير مسبوقة
  • وزير الري: قطاع المياه في مصر يواجه تحديات عديدة دفعت الدولة لبذل مجهودات كبيرة
  • سويلم: قطاع المياه في مصر يواجه تحديات ناتجة عن محدودية الموارد المائية
  • “المياه الوطنية” تنتهي من تنفيذ مشاريع مائية وبيئية في الخرج والسليّل بكُلفة تجاوزت 210 ملايين ريال
  • طقس اليوم الخميس.. شبورة مائية كثيفة وانعدام الرؤية على الطرق الزراعية بالإسكندرية
  • هل ستنقذ أمطار آذار المتأخرة العراق من أزمة المياه الصيفية؟
  • البحوث الزراعية تتفقد قطاع الإنتاج ومحطة بحوث سخا بكفر الشيخ
  • الزراعة تبحث التعاون مع السنغال في مجال الميكنة الزراعية والأسمدة