ناغورني كاراباخ.. متى وكيف سيتحرك الاتحاد الأوروبي؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
تعهدت أذربيجان بـ"دمج سلمي" لكاراباخ بعد استسلام الانفصاليين
لسنوات عديدة، ظل الاتحاد الأوروبي قادرا على السير على خط رفيع فيما يتعلق بأزمة إقليم ناغورني كاراباخ حيث حافظ التكتل على توازنه مع طرفي الأزمة أرمينيا وأذربيجان.
ويخوض البلدان نزاعا يمتد لعقود حول الإقليم الجبلي الانفصالي الواقع في الأراضي الأذربيجانية لكنه تقطنه أغلبية أرمينية، فيما اندلعت موجات من القتال على مدار الثلاثين عاما الماضية عقب سقوط الاتحاد السوفيتي حيث كانت الدولتان تحت لوائه.
وفي عام 2020، خرجت أذربيجان منتصرة من حرب استمرت ستة أسابيع ما مهد الطريق أمام بسط سيطرتها على مساحات واسعة من الإقليم.
وقبل أيام، شنت باكو ما وصفته بـ "عملية مكافحة إرهاب محلية" لاستعادة سيادتها على الإقليم وهو الأمر الذي دفع عدد أعضاء في البرلمان الأوروبي إلى حث الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه أذربيجان.
وفي بيان مكتوب، دعا أربعة أعضاء من البرلمان الأوروبي مجلس الاتحاد الأوروبي إلى "إعادة النظر بشكل أساسي في علاقات الاتحاد الأوروبي مع أذربيجان في إطار التطورات الأخيرة والنظر في فرض عقوبات على السلطات الأذربيجانية المسؤولة".
مظاهرات ضد رئيس وزراء أرمينيا ضد ما وصفه المحتجون بتخلي حكومته عن الأرمن الذين يشكلون غاليبة سكان إقليم كاراباخ
وفي بيان منفصل، طالب أكثر من 60 برلمانيا أوروبيا بفرض عقوبات على باكو.
ورغم العبارات شديدة اللهجة، إلا أن المسؤولين المنتخبين الأوروبيين الذين أصدروا هذه البيانات لا يتمتعون بنفوذ كبير في السياسة الخارجية داخل التكتل الأوروبي وهو الأمر الذي يفرض تساؤلا حيال هل سيتخذ صانعو القرار الأوروبي فعلا موقفا ضد أذربيجان أم سيضع التكتل في عين الاعتبارات اتفاقيات الغاز المبرمة مع باكو التي من المفترض أن تحل محل مصادر الطاقة الروسية؟
دور الاتحاد الأوروبي؟
يرى مراقبون أن دور الاتحاد الأوروبي في صراع ناغورني كاراباخ صغير نسبي مقارنة بروسيا الذي جاء اتفاق السلام بواسطتها عام 2020 بالإضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم قبل أسبوع.
ويُضاف إلى ذلك الدور التركي الهام في الأزمة إذ تعد أنقرة حليف وثيق وشريك اقتصادي ومورد أسلحة رئيسي لأذربيجان.
مختارات أذربيجان تتعهد بـ"دمج سلمي" لكاراباخ بعد استسلام الانفصاليين اتفاق روسي-تركي لبناء مركز مشترك لمراقبة تطبيق اتفاق السلام في كاراباخ وقف إطلاق النار في ناغورني كاراباخ ومفاوضات مرتقبة بوتين أم أردوغان ـ من انتصر على من في كاراباخ؟وفي ذلك، قال مارسيل روثيغ، المحلل السياسي في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، إن هذا الأمر يتزامن مع تنسيق روسيا والاتحاد الأوروبي محادثات سلام منفصلة بين يريفان وباكو، لكن التوغل العسكري الروسي في أوكرانيا دفع باكو على ما يبدو لأن تكون أكثر جرأة.
وقال روثيج، المقيم في العاصمة الجورجية تبليسي، إن تركيا "ترى نفسها اللاعب الكبير الجديد في القوقاز القادر على تشكيل سياسات هذه المنطقة، لذا تشعر أذربيجان بهذا الدعم (التركي). وهذا الأمر دفعها لأن تُقدم على خطوات تحمل في طياتها مغامرات أكثر مما كان عليه الوضع في السنوات السابقة."
وفي المقابل، كانت أرمينيا إلى جانب دول الاتحاد السوفيتي السابقة في تحالف عسكري مع روسيا، لكن رئيس وزرائها نيكول باشينيان أظهر مساعي للاقتراب من الدول الغربية وتحدي الكرملين وهو ما تمثل في رفض المشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا وواصل التعاون مع الجيش الأمريكي.
قضية الغاز؟
الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي أنشأ في وقت سابق من العام "مهمة ذات طابع مدني" في أرمينيا استجابة لطلب الأخيرة بما يشمل عمليات في عدة نقاط على طول الحدود مع أذربيجان منوطا بها "مراقبة الوضع على الأرض والمساهمة في تعزيز أمن سكان المناطق المتضررة من النزاع وأيضا المساهمة في بناء الثقة بين سكان كلا البلدين والحكومتين إذا أمكن ذلك".
في المقابل، وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقا لتوريد الغاز مع باكو العام الماضي فيما أشادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأذربيجان باعتبارها "شريكا حاسما" في تخفيف أزمة الطاقة رغم المخاوف حيال وضع الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان في إذربيجان.
لعقود، حافظ الاتحاد الأوروبي على توازنه مع طرفي الأزمة أرمينيا وأذربيجان
ومع احتدام الحرب في أوكرانيا، بات الوضع في منطقة القوقاز أكثر حساسية بالنسبة للعديد من الدول.
وفي بيان لـ DW، قالت ماركيتا جريجوروفا، البرلمانية التشيكية في الاتحاد الأوروبي، إن "هدف الاتحاد الأوروبي يتمثل في جعل المنطقة مستقرة وإبعاد أي تهديد باندلاع حرب".
وأضافت "تتمثل المصلحة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي في ازدهار أرمينيا وأذربيجان وتقليل النفوذ الروسي في أرمينيا والمنطقة وأيضا مساعدة أذربيجان على تحقيق الديمقراطية وحل الصراع المستمر منذ عقود".
وقالت جريجوروفا إنها دعت الاتحاد الأوروبي منذ وقت طويل إلى لعب دور أكبر في جهود الوساطة لتحقيق سلام، لكن الأمر يحمل في طياته مخاطر بشأن مصادر الطاقة، مضيفة "إذا انخرطنا بشكل مركز في قضية ناغورني كاراباخ، فإن أذربيجان سيكون لديها اهتمام أقل بتزويد الاتحاد الأوروبي بالطاقة على الأقل في إطار الأسعار والظروف الحالية".
وقالت إن الحل يكمن في "التركيز على زيادة تنويع مواردنا بشكل سريع"، مشيرة إلى أن العقوبات يمكن أن تكون خيارا، لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي الأخذ في الاعتبار اتفاقيات الغاز.
ماذا بعد؟
وقد وافق قادة جمهورية ناغورنو كاراباخ المعروفة باسم "جمهورية آرتساخ" غير المعترف بها دوليا والذين يحكمون الإقليم منذ عام 1991، على سحب قواتهم مع تعهد أذربيجان بتوفير ممر آمن لهذه القوات.
ومع استعداد أذربيجان في الوقت الراهن لبدء مفاوضات لدمج سكان الإقليم من الأرمن، تعالت الأصوات المعبرة عن قلقها إزاء الوضع الإنساني ومصير محادثات السلام الثنائية.
وتتزايد هذه المخاوف مع استمرار إغلاق باكو ممر لاتشين وهو الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا وهو ما عرقلة وصول الإمدادات للمدنيين فيما دفعت المعارك الجديدة إلى نزوح العديد من السكان الأرمن من ناغورني كاراباخ وهو ما أثار اتهامات وصلت إلى حد التورط في "تطهيرعرقي".
أدت العملية العسكرية التي شنتها أذربيجان واستمرت 24 ساعة إلى مقتل 200 شخص على الأقل وإصابة أكثر من 400 آخرين
وفي بيان، أدان ممثل السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل التصعيد العسكري، داعيا إلى "وقف فوري للأعمال العدائية ووقف أذربيجان أنشطتها العسكرية الحالية".
وقال بوريل "هناك حاجة ملحة للعودة إلى الحوار بين باكو و الأرمن في إقليم كاراباخ. لا ينبغي استخدام هذا التصعيد العسكري كذريعة لإجبار السكان المحليين على النزوح الجماعي".
وفي بروكسل، ناقش سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الوضع، فيما قال دبلوماسي أوروبي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته في مقابلة مع DW إن دولة واحدة فقط أبدت اهتماما باللجوء إلى خيار العقوبات.
وأضاف المصدر أن التركيز في الوقت الراهن منصب على وقف الأعمال العسكرية والمضي قدما في المسار الدبلوماسي والتعامل مع الوضع الإنساني.
إيلا جوينر – بروكسل / م. ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: أذربيجان أرمينيا ناغورني كاراباخ إقليم ناغورني كاراباخ أذربيجان أرمينيا ناغورني كاراباخ إقليم ناغورني كاراباخ الاتحاد الأوروبی ناغورنی کاراباخ
إقرأ أيضاً:
المشاط تبحث مع سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة تطورات ملف الشراكة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي؛ أنجلينا أيخهورست، سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بالقاهرة، والوفد المرافق لها، وذلك في أول لقاء بين الجانبين عقب توليها المنصب خلفًا للسفير كريستيان برجر، حيث شهد اللقاء مناقشة مختلف أوجه الشراكة الاقتصادية بين جمهورية مصر العربية والاتحاد الأوروبي، في إطار العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين.
وفي بداية اللقاء تقدمت الدكتورة رانيا المشاط بالتهنئة إلي أنجلينا أيخهورست على منصبها الجديد كسفيرة للاتحاد الأوروبي ورئيسة بعثتها لدى مصر وجامعة الدول العربية خلفًا للسفير كريستيان بيرجر، متمنية لها التوفيق في مهمتها، ومؤكدة على استمرارية التنسيق والتعاون من أجل وضع اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي موضع التنفيذ بما يعود بالنفع على الجانبين، وينتقل بالعلاقات الاقتصادية إلى آفاق أرحب.
وأكدت "المشاط" الأهمية الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي باعتباره أحد الشركاء الرئيسيين لجمهورية مصر العربية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لافتة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد داعمًا أساسيًا للعديد من المشروعات الحيوية التي تعزز من قدرة مصر على تحقيق أهدافها التنموية الشاملة والمستدامة.
وتطرقت الدكتورة رانيا المشاط، إلى التطور الكبير الذي شهدته العلاقة مع الاتحاد الأوروبي منذ بداية العام الجاري، بدءًا من انعقاد مجلس الشراكة المصرية الأوروبية، ثم الزيارة رفيعة المستوى للسيدة رئيسة المفوضية الأوروبية، وتوقيع الإعلان المُشترك للشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، وبعد ذلك انعقاد المؤتمر الاستثماري المصري الأوروبي، لافتة إلى الحزمة المالية التي تبلغ قيمتها 7.4 مليار يورو، في إطار الشراكة المصرية الأوروبية، لدعم مشروعات التنمية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي لضمان بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة للاستثمار، وتشجيع الاستثمار والتجارة بما يسهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، وتطوير أطر الهجرة والتنقل بما يضمن تبادل الخبرات والكوادر البشرية بشكل منظم ومفيد للطرفين، والتوسع في جهود تطوير رأس المال البشر.
كما أشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي إلى الجهود المبذولة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة باعتبارها ركيزة أساسية لدفع عجلة الاقتصاد، حيث تسهم هذه المشروعات في خلق فرص العمل وتعزيز الابتكار وريادة الأعمال، ويشمل التعاون أيضًا دعم الطاقة المتجددة بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة البيئية، وتعزيز برامج الحماية الاجتماعية التي تضمن توفير شبكة أمان اجتماعي للفئات الأكثر احتياجًا.
واستعرض الجانبان الموقف الحالي لتنفيذ المرحلة الأولى من آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم عجز الموازنة MFA، حيث أكدت «المشاط»، ما قامت به الوزارة من تنسيق مع بعثات الاتحاد الأوروبي، والجهات الوطنية المعنية، من أجل الوقوف على الإصلاحات الهيكلية المنفذة، فضلًا عن الضمانات الاستثمارية المقرر أن يتيحها الاتحاد الأوروبي، والتي تُعزز استثمارات الشركات الأوروبية في مصر.
كما بحثا فُرص التعاون في ظل اتجاه الاتحاد الأوروبي لتطبيق الآلية الأوروبية لتعديل حدود الكربون CBAM، موضحة أن الحكومة تعمل على تعزيز التعاون مع شركاء التنمية من أجل تعزيز تنافسية الصادرات المصرية من خلال المنح والتي تعمل على دعم القطاع الصناعي من أجل التوافق مع تلك الآلية.
وأشارت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إلى العلاقات المستمرة مع المؤسسات المالية الأوروبية في مختلف مجالات التنمية، خاصة تمكين القطاع الخاص، وعلى رأس تلك المؤسسات بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، موضحةً أنه في إطار سعي البنك الدولي لتطبيق خطة إصلاح طموحة وتدشين منصة موحدة للضمانات، فيمكن أن تتعاون المؤسسات الأوروبية مع الوكالة الدولية لضمانات الاستثمار التابعة للبنك الدولي، من أجل توحيد الجهود التي تخلق المزيد من الآليات المبتكرة للقطاع الخاص في مصر.
من جانبها، وجهت سفيرة الاتحاد الأوروبي الجديدة بالقاهرة، الشكر للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، على حسن الاستقبال، موضحة أن العلاقة بين الاتحاد الأوروبي ومصر تشهد تطورًا كبيرًا في الفترة الأخيرة، وتعد نموذجًا للشراكات البناءة، متطلعة إلى العمل المُشترك من أجل مواصلة تطوير الشراكة الاقتصادية والبناء على ما تحقق.
جدير بالذكر أن محفظة التعاون الإنمائي الجارية مع الاتحاد الأوروبي تسجل 1.3 مليار يورو تشمل منحًا مالية، وتمويلات مختلطة، لتعزيز عدة قطاعات حيوية، تشمل النقل والبنية التحتية، الذي يعد شريانًا رئيسيًا لتعزيز الحركة الاقتصادية وربط المناطق المختلفة، وقطاع المياه الذي يهدف إلى تحسين الوصول إلى المياه النظيفة وتحقيق الاستدامة في الموارد المائية، والزراعة التي تسهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاج المحلي.