مدير عام هيئة الطيران المدني لــ وام: الإمارات تلعب دوراً رائداً في ملف تغير المناخ بقطاع الطيران إقليمياً وعالمياً
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
من/ رامي سميح.
أبوظبي في 25 سبتمبر/ وام/ أكد سعادة سيف السويدي، مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تلعب دوراً مؤثراً ورائداً في ملف تغير المناخ بقطاع الطيران إقليمياً وعالمياً وخصوصاً ضمن مجموعة الدول الأعضاء في منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو".
وقال السويدي، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام"، إن دولة الإمارات تعتبر من أوائل الدول في المنطقة، التي أدركت مبكراً أهمية التعامل مع هذا الملف الحيوي، لا سيما وأن قطاع الطيران لاعب رئيسي في ملف التغير المناخي، وركيزة من ركائز اقتصاد الإمارات مع مساهمته بأكثر من 13% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 170% خلال العشرين عاماً المقبلة، كما يوفر نحو 777 ألف وظيفة في أسواق الدولة، لذا فإن نمو القطاع يجب أن يكون نمواً مستداما ومنخفض الكربون لتحقيق الأهداف المناخية الطموحة للدولة.
وأضاف أن الدولة كان على رأس أولوياتها تقييم وتطوير السياسات المطلوبة بما يدعم التشغيل الاقتصادي طويل المدى لمنشآت الوقود المستدام للطيران في الدولة والمواءمة مع طموحات الوقود منخفض الكربون والوقود المستدام للطيران المحلي والدولي لإزالة الكربون من الطيران، ومن هذا المنطلق، تم تطوير خارطة الطريق الوطنية للوقود المستدام بالتعاون بين الجهات الحكومية المعنية وبالشراكة مع القطاع الخاص، وتم وضع هدف طموح للوصول بحلول عام 2030 إلى طاقة إنتاج سنوية تصل إلى 700 مليون لتر من الوقود المستدام، مما يخلق أيضاً فرصا استثمارية واسعة في قطاعي الطيران والطاقة، بحدود 7 إلى 9 مليارات دولار لإنتاج المرافق والتسهيلات المطلوبة، وهو ما سيوفر حوالي 18 ألف فرصة عمل جديدة، إضافة إلى دعم عمليات البحوث والتطوير المرتبطة بتسريع تكنولوجيا الوقود المستدام في الدولة.
وأشار مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، إلى أن استضافة الدولة لمؤتمر الطيران وأنواع الوقود البديل في نسخته الثالثة، يعد دليلا على ريادتها في هذا الملف حيث يعد هذا الحدث أكبر تجمع دولي للقادة في قطاع وصناعة الطيران والمصنعين والمستثمرين والخبراء في الصناعات ذات الصلة بوقود الطيران المنخفض الكربون والوقود المستدام.
وأوضح أن المؤتمر يستهدف إحداث توافق دولي تحت مظلة منظمة الطيران المدني الدولي "إيكاو" على آليات التحول نحو منظومة متوازنة لإنتاج وقود الطيران وضمان نمو قطاع الطيران بشكل يراعي التوازن بين المتطلبات الاقتصادية والبيئية.
وذكر أن النسخة الثالثة من المؤتمر تكتسب أهمية خاصة كونها ستُشكل نقطة تحول في صناعة الطيران العالمي وإنتاج وقود الطيران وفقاً للتفاهمات التي سيخرج بها قادة الطيران والطاقة، حيث سيشارك صناع قرار ومسؤولون في قطاعات الطيران، والطاقة والبيئة من 191 دولة حول العالم، للاتفاق حول حلول مستقبلية لتسريع إنتاج الوقود النظيف مما سيساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في قطاع الطيران وتحقيق نقلة نوعية اقتصادية، ويخدم الهدف العالمي الطموح للطيران على المدى الطويل والمتمثل في صافي انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050.
وأشار إلى أن ملف الوقود في قطاع الطيران هو محور أساسي في الجهود الدولية للتعامل مع تحديات التغير المناخي، نظراً لأنه مسؤول عن نحو 2% من انبعاثات الكربون في العالم، ومع استمرار نمو الطلب على السفر الجوي، يتوقع أن يرتفع هذا الرقم خلال السنوات المقبلة، وهو ما يجعل إيجاد طُرق لتقليل التأثير البيئي للقطاع، وكل الصناعات المرتبطة به أكثر أهميةً من أي وقتٍ مضى، ولذلك فإن القرارات التي ستخرج عن هذا المؤتمر ستُحدث تغييرا حقيقيا في مستقبل قطاع الطيران المدني وستكون محورا رئيسيا ومؤثرا في الجهود العالمية المرتبطة بأجندة الحياد المناخي وأهداف التنمية المستدامة.
وقال مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، إن دولة الإمارات أدركت مبكراً قبل أكثر من 14 عاماً أهمية تبني ملف الاستدامة ومراعاة الأثر البيئي لقطاع الطيران، واتخذت العديد من الخطوات المهمة لرفع مستوى جهوزيتها للتعامل مع هذا الملف، وقدمت السياسة البيئية العامة لقطاع الطيران المدني وخطة الدولة في التقليل من الانبعاثات تبعتها خطه تفصيلية صنفت في عام 2018 كأحد أفضل الخطط على مستوى العالم، إضافة إلى عضوية الدولة في لجنة حماية البيئة في قطاع الطيران، التابعة لمنظمة الطيران المدني الدولي، والتزامها بتطبيق خطة "كورسيا" الهادفة إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على متن طائرات الناقلات الوطنية.
ولفت إلى أن قطاع الطيران في الدولة أعلن في العام الماضي التزامه بقرار الحياد المناخي الصفري بحلول 2050، كما أعلنت الدولة خارطة الطريق الوطنية للوقود المستدام للطائرات، مشيراً إلى أن جميع هذه الجهود عززت من ثقل الدولة على الساحة العالمية في ملف الوقود المستدام لقطاع الطيران، ونحن ننظر إلى النسخة الثالثة من مؤتمر الطيران والوقود البديل على أنها نقطة تحول في منحنى الإنتاج والتشغيل لقطاع الطيران المدني على المستوى العالمي.
وحول الملفات والمواضيع التي سيتم مناقشتها خلال المؤتمر، قال السويدي إن المؤتمر سيناقش 4 محاور رئيسية مرتبطة بالتشريع والسياسات والتمويل وطرق التطبيق أو التنفيذ، والتي سبق التحضير لها خلال اجتماعين تحضيريين على مستوى كبار الفنيين والمسؤولين في صناعة الطيران من الدول الأعضاء في منظمة "إيكاو"، بهدف إجراء مشاورات بين الدول للتركيز على النتائج المحتملة للمؤتمر فيما يتعلق بوضع إطار عالمي للطاقة النظيفة في مجال الطيران تحت مظلة "إيكاو"، والسعي إلى تقريب وجهات النظر لإحراز تقدم وتوافق والخروج بتصويات عملية وقابلة للتنفيذ خلال المؤتمر.
وأكد أن التعامل مع التحديات المناخية لم يعد خياراً أمام الدول، وإنما ضرورة لضمان استمرارية النمو في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم والتحديات التي تفرض نفسها على المشهد الاقتصادي العالمي، خاصة بعد التعافي من جائحة "كوفيد -19"، فقد أصبح ملف التغير المناخي من أولويات أجندات العمل الحكومي في دول العالم اليوم.
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: الطیران المدنی لقطاع الطیران قطاع الطیران مدیر عام فی قطاع إلى أن فی ملف
إقرأ أيضاً:
جيريماندرينغ.. ممارسة تلعب دورا حاسما في سباق البيت الأبيض
خلال انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016، شكل فوز دونالد ترامب ضد منافسته، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، مفاجأة للكثير من المراقبين، خصوصاً وأنه فاز بأصوات ولايات تعتبر تقليدياً معقلاً للديمقراطيين.
إلا أن خبراء الانتخابات والحياة السياسية الأميركية يرون أن النتائج التي حصل عليها ترامب تخضع لنمط منسجم مع الخصوصيات المحلية الأميركية. فهل يتكرر ذلك في انتخابات هذه السنة؟
يظن غير العارفين بالشأن الأميركي، أن نتيجة الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، ستحددها عملية احتساب الأصوات الشعبية الممنوحة لكل من المرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترامب، والمرشحة الديمقراطية، نائبة الرئيس كاملا هاريس، أو المرشحين للكونغرس في مجلسي النواب والشيوخ، لكن العملية الانتخابية ليست بتلك البساطة.
الحسابات المعقدة التي تحدد نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة، سواء لانتخاب الرئيس أو أعضاء الكونغرس في مجلسي النواب والشيوخ، تبدأ قبل عملية الاقتراع، وحتى قبل بداية الانتخابات نفسها، إذ ينفرد النظام الانتخابي الأميركي بقواعد غير مألوفة خارج أميركا.
الناخبون يختارون نوابهم أم النواب يختارون ناخبيهم؟في الولايات المتحدة تنتخب كل ولاية عدداً معيناً من النواب، يتم تحديده بناء على عدد سكان كل ولاية. لذلك فكلما زاد عدد السكان في الولاية، زاد عدد النواب الذين يمثلونها في الكونغرس. وكل نائب يمثل دائرة انتخابية واحدة في الولاية نفسها.
الهدف من ذلك هو أن يتم انتخاب مجموعة من النواب يحملون توجهات متنوعة، يمثلون المواقف السياسية للسكان في كل دائرة انتخابية، لكن كيف يتم تحديد المجال الجغرافي لتلك الدائرة، خصوصاً في ظل تداخل سكاني كبير، ليس من الناحية السياسية فقط، بل كذلك من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والعرقية؟
بالعودة إلى الانتخابات الرئاسية، تزداد أهمية تحديد الدوائر الانتخابية في الولايات التي تعرف بالمتأرجحة، خصوصاً عندما يكون الفارق بين المرشحين ضئيلاً، مثل ما هو الحال في انتخابات هذه السنة، التي تتميز كذلك باستقطاب سياسي ثنائي حاد، بين الجمهوريين والديمقراطيين.
إحدى القواعد غير المألوفة في النظام الانتخابي الأميركي تتمثل في التغيير الدوري لحدود الدوائر الانتخابية، حسب ما تشير إليه نتائج الإحصاء الرسمي للسكان، الذي يتم تنظيمه مرة كل 10 سنوات. لكن هذا التغيير يتم طبقاً لقرار السلطات المحلية لكل ولاية، وليس الحكومة الفدرالية في العاصمة واشنطن.
طبقاً للدستور الأميركي، يتعين على السلطات المحلية في كل ولاية إعادة رسم حدود كل مقاطعة، طبقاً لنتائج الإحصاء الرسمي للسكان. وكل مقاطعة تمثل دائرة انتخابية واحدة، يتم اعتمادها في كل الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس بمجلسيه، وكذلك انتخابات مجلس نواب الولاية.
"السلمندر" الذي حدد نتائج الانتخابات!لكن بما أن الانتخابات الأميركية تتم وفق نظام فدرالي يعتمد مبدأ اللامركزية، تنفرد كل ولاية بنظامها الخاص، الذي تحدده وتسهر على تطبيقه السلطات المحلية المنتخبة. لذلك توجد طرق مختلفة لإعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية. عدد من الولايات تقوم بذلك عبر التصويت في مجالس النواب المحلية. فيما تطبق ولايات أخرى نظاماً هجيناً يعطي الحاكم حق النقض ما يمنحه سلطة أكبر.
منذ تأسيس الولايات المتحدة، تخضع إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية للحسابات السياسية، ولمن يسيطر على مجالس النواب المحلية أو منصب الحاكم. إذ في 1812، استخدم حاكم ماساتشوستس، إلبريدج جيري، نفوذه لتغيير حدود الدوائر الانتخابية، قصد ضمان الفوز في انتخابات مجلس الشيوخ.
طبقاً لنصائح مساعديه، اعتمد جيري خارطة حدود مختلفة عن خارطة المقاطعات التي تعتمد التقسيم الجغرافي لولاية ماساتشوستس، بل شملت تحويراً يضمن وجود تغطية المناطق التي يصوت أغلب سكانها لصالح حزبه في دائرة موحدة، ما يضمن له الفوز بها.
جيري، وهو من الآباء المؤسسين وأحد الموقعين على وثيقة الاستقلال، ارتبط اسمه بممارسة تغيير حدود الدوائر الانتخابية قصد الحصول على مكاسب سياسية. إذ لاحظ أحد العاملين في صحيفة "بوسطن غازيت" أن حدود إحدى الدوائر، التي اعتمدها جيري عام 1812، لا تتبع أي تقسيم جغرافي، بل اتخذت شكلاً يشبه "السلمندر"، فقام بدمج الاسمين، وبذلك وُلد مصطلح "جيريماندرينغ".
سعي نحو "التمثيل الأفضل" لكل السكانعقب الحرب الأهلية الأميركية، صادق الكونغرس على 3 تعديلات للدستور، عرفت بمصطلح "تعديلات إعادة البناء"، بين سنتي 1865 و1870. وهي التعديل 13 الذي ألغى العبودية، والتعديل 14 الذي حدد حقوق المواطنين ومساواتهم أمام القانون، والتعديل 15 الذي يمنع أي تمييز بخصوص حق المواطنين في الانتخاب.
يملك الكونغرس سلطة تطبيق التعديل 15، عبر سن القوانين التي تضمن تنفيذه. ومن أبرزها قانون حقوق التصويت، الذي صدر عام 1965، والذي يهدف لأن تضمن خرائط الدوائر الانتخابية تمثيل المواطنين بمختلف توجهاتهم في كل ولاية.
برزت عدة انتقادات لممارسة الفاعلين السياسيين للـ "جيريماندرينغ"، خصوصاً وأن تقسيم الدوائر الانتخابية المتميز بالتجانس السياسي، أجبر نواب كل حزب على التشبث بمواقف سياسية راديكالية للحفاظ على مقاعدهم، عوضاً عن التوصل إلى تسويات توافقية، ما جعل الحياة السياسية الأميركية تعاني من استقطاب ثنائي حاد.
لذلك تعتمد بعض الولايات الأميركية على لجان مستقلة للقيام بتحديد الدوائر الانتخابية. إذ أعطى الدستور سلطة رسم حدود المقاطعات لمجالس النواب المحلية، التي يمكنها تفويض لجان غير متحزبة لتنفيذ ذلك. لكن احتدام الصراع السياسي جعل اللجوء إلى السلطة القضائية أمراً لا مفر منه.
ميشيغان وبنسلفانيا.. مفتاح لمعرفة نتائج الانتخابات؟المحكمة العليا الأميركية، قضت عام 2019، بأن صلاحية النظر في القضايا المتعلقة بممارسة الجيريماندرينغ، لا تعود للمحاكم الفدرالية، وأن النظر فيها يعود حصرياً للسلطات القضائية في كل ولاية. وهو ما حدث قبل سنة من ذلك في ولاية بنسلفانيا، إذ أصدرت المحكمة العليا في الولاية رأياً قانونياً، يلغي الحدود الإدارية التي رسمت للمقاطعة السابعة في الولاية التي تضم مدينة فيلادلفيا.
المحكمة العليا لولاية بنسلفانيا استندت لكون تلك الحدود، التي رسمها المشرعون الجمهوريون عام 2011، تعطيهم الأفضلية بطريقة مبالغ فيها، عبر إدماج مناطق طائفة الأميش المحافظة التي تبعد 50 ميلاً عن المدينة، واستبعاد مناطق أقرب لها تصوت تقليدياً للديمقراطيين.
واصلت منظمات المجتمع المدني جهودها لتغيير طريقة رسم حدود الدوائر الانتخابية. إذ تقول كاتي فايهي، من منظمة "ذي بيبول"، أنها تسعى لجعل ممارسة الجيريماندرينغ غير مشروعة قانونياً، وقادت حملة ضخمة في ولاية ميشغان، لتغيير القوانين المحلية قصد منع تلك الممارسة.
يكتسي عمل نشطاء مثل كاتي أهمية كبرى في التأثير على نتائج الانتخابات المقبلة. فولاية ميشغان هي من الولايات المتأرجحة، وكان الفارق في أصوات المرشحين للرئاسة ضئيلاً جداً خلال الانتخابات السابقة. كما تتميز ميشيغان بأنها موطن لنحو 300 ألف أميركي من أصل عربي، ما يجعلها الولاية التي لديها أعلى نسبة من العرب الأميركيين. ويجعل أصواتهم حاسمة في تحديد نتائج الانتخابات المقبلة.
تطور الموقف السياسي لولاية ميشيغان قد يكون مثالا يعكس السياسة الأميركية إلى حد بعيد. فهي كانت ضمن ما عُرف بالجدار الأزرق، أي مجموعة الولايات التي تصوت تقليدياً وبصفة منتظمة ومستمرة للحزب الديمقراطي، منذ بداية التسعينات.
لكن ذلك الجدار انهار في انتخابات نوفمبر 2016 على يد دونالد ترامب. إذ صوتت ميشغان حينها لصالح الجمهوريين، وتحولت إلى اللون الأحمر بدل الأزرق. لكن ذلك لم يكن مفاجئاً للخبراء بكواليس السياسة المحلية في الولاية، الذين يرجعون ذلك إلى العمل طويل المدى الذي قام به الجمهوريون خلال السنوات القليلة التي سبقت الانتخابات.
ظاهرة "بالواثر" وتحطيم "الجدار الأزرق"بدأ عمل الجمهوريين على تحويل ولاية ميشغان إلى معسكرهم، عبر استغلال حالة عدم الرضا التي سادت عقب الأزمة المالية سنة 2008. تركز عمل الجمهوريين على مشروع أطلقوا عليه "الخارطة الحمراء"، وهدفه توظيف سيطرتهم على دوائر معينة للسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ للولاية بالإضافة إلى منصب الحاكم، في مرحلة أولى.
ثم انتقل الجمهوريون إلى مرحلة ثانية لاحقاً، تشمل تثمين ذلك النجاح عبر إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية، في سنة 2011، طبقاً للمعطيات الجديدة للإحصاء الرسمي للسكان آنذاك. ما مكنهم من الحصول على الأغلبية النسبية في مقاعد مجلس النواب المحلي، رغم عدم حصولهم على الأغلبية في الأصوات في الاقتراع العام.
وتكرر المشهد لكن بطريقة مغايرة في الانتخابات الرئاسية الموالية، عندما كسر ترامب الجدار الأزرق وفاز بأصوات ولاية ميشيغان في المجمع الانتخابي. لكن الأمر لم يقتصر على الفوز في ولايات تصوت تقليدياً للديمقراطيين، بل كسر كذلك قاعدة "بالواثر".
وقاعدة "بالواثر" في الانتخابات الأميركية تشير إلى نمط أو مناطق جغرافية محددة تتميز بقدرتها العالية على التنبؤ بنتائج الانتخابات.
قاعدة "بالواثر" كانت حاضرة بقوة في ولاية ميشيغان، في مقاطعات مثل ديترويت وماكومب، التي كانت دائماً نتائج الانتخابات فيها متقاربة مع المعدل الوطني. ما يجعل تتبع استطلاعات الرأي فيها مؤشراً على النتائج المرتقبة خلال الانتخابات.
استمر ذلك إلى حد دخول ترامب سباق الرئاسة، حين تحولت مقاطعات ديمقراطية بأكملها للتصويت له، مثل مقاطعة ماكومب، في حين امتنع عدد كبير من الناخبين من الأميركيين من أصل أفريقي عن التصويت، في مقاطعة ديترويت المجاورة، والتي طالما كانت نتائجها تعطي الأغلبية الساحقة للديمقراطيين.
ثم ما لبث المشهد السياسي أن انقلب في ميشيغان مرة أخرى، خلال الانتخابات النصفية في 2018، ليس بسبب التقسيم الإداري للدوائر الانتخابية، بل للاستقطاب السياسي الحاد، حول عدد من القضايا المثيرة للجدل، مثل الحق في الإجهاض، الذي أثار حملة واسعة للنساء البيض، للتصويت ضد الجمهوريين وزعيمهم ترامب.
لكن عام 2018 شهد حدثاً مفصلياً آخر، تمثل في تصويت الناخبين في ميشيغان لإحداث لجنة مستقلة لإعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية، لتباشر عملها طبقاً لنتائج الإحصاء الرسمي للسكان لعام 2020. وكان من اللافت فوز الديمقراطيين الساحق مرة أخرى بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ للولاية، بالإضافة إلى منصب الحاكم.
نتائج الانتخابات في 2022، لا تعني بقاء ميشيغان زرقاء، أو سيطرة دائمة للديمقراطيين هناك. خصوصاً أن الأحداث في الشرق الأوسط قد ألقت بضلالها على سكان الولاية، خصوصاً من العرب الأميركيين، الذين طالما كانوا ملتزمين بالتصويت للحزب الديمقراطي.
لكن مع بداية الحرب في غزة، سعى عدد منهم إلى دعم حركة تدعو إلى عدم الالتزام بالتصويت للرئيس بايدن عندما أعلن ترشحه للرئاسة، ولم يؤثر انسحابه من السباق لصالح نائبته كامالا هاريس في موقفهم من السياسة الشرق أوسطية للإدارة.
فهل يعني ذلك أن العرب الأميركيين بإمكانهم إحداث تطور درامي في الخارطة السياسية للولاية والولايات المتحدة، مثلما كان الحال للأميركيين البيض العاملين في القطاع الصناعي عام 2016؟ وهل يتم كسر قاعدة "بالواثر" مرة أخرى أم سيكون تصويت مقاطعات بعينها في ميشيغان مؤشراً على نتائج الانتخابات التي ستجري الثلاثاء المقبل؟