رغم وجود قوانين صارمة، وبنية نظامية حاكمة، تضمن حقوق الملكية الفكرية والإبداعية، في الغرب، فإن تدفّق زمن "الذكاء الاصطناعي" يكاد يعصف بكل هذه السدود والقيود القانونية في عقر دارها.
جورج آر مارتن مؤلف مسلسل «غيم أوف ثرونز» وكتاب آخرون رفعوا قضية على شركة "أوبن إيه آي" الناشئة في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بتهمة استخدام أعمالهم في وضع برنامج "تشات جي بي تي"، دون مراعاة حقوقهم في ملكيتها الفكرية، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.الكتاب اتهموا هذه الشركة، في الدعوى التي رفعوها أمام المحكمة الفيدرالية في نيويورك، باستخدام مؤلفاتهم "دون إذن" لتدريب نموذجها اللغوي، أي تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي يقوم عليها برنامج "تشات جي بي تي"، القادر على إنتاج كل أنواع النصوص بمجرد طرح سؤال بسيط عليه.
ربما يستغرب البعض، أو يظنّ أن في ذلك مبالغة و"تحنبلاً" من هؤلاء المؤلفين الكلاسيكيين، ضد روح التطور ولغة العصر؟
لكن بنظرة أقرب، نرى أن ما تفعله أنظمة الذكاء الاصطناعي هو السطو المنهجي الخفي الذكي على أعمال ومعطيات سابقة، حيث يتم حقنها في هذه الآلة البحثية، فتقوم بمزج هذه المكونات في مطبخها الغامض، ثم تقدم من هذا العصير أو الطعام، ما يلائم كل شارب وطاعم... ولتذهب حقوق المؤلفين للجحيم.
يرى المحامون الذين تقدّموا بالدعوى، بالوكالة عن الكتاب، أن "هذه الخوارزميات تنطوي على سرقة منهجية على نطاق واسع".
الحال، أنه ورغم صخب وحِيل المحامين المعتادة، فإن الحق والمنطق معهم هذه المرة بلا مِراء.
لو جردنا ماكينات الذكاء الاصطناعي من كل الروايات والأبحاث والموسوعات والمسرحيات، لن أتحدث عن التسجيلات المسموعة أو المرئية، فماذا سيبقى له لينتج لك مقترحاته الذكية؟!
لذلك، وعوض الحكي في القيم الأخلاقية والوعظ حول السرقات الأدبية، يجب "إلزام" هذه الشركات التي تصنع هذه المحركات بدفع المال لقاء السطو على أعمال المبدعين مجاناً، وأخذ الأموال الوفيرة بعد ذلك عليها من زبائن الذكاء الاصطناعي، فلن يردع هؤلاء إلا أخذ المال من جيوبهم!
ربما انتبه بعض أرباب هذه الصناعة لهذا المأزق، ففي مطلع سبتمبر (أيلول)، أعلنت شركة مايكروسوفت أنها ستوفر حماية قانونية لزبائنها الذين تمت مقاضاتهم بسبب انتهاك حقوق المؤلف في شأن محتويات أُنشئت باستخدام أدواتها للذكاء الاصطناعي التوليدي.
لكن لن ينفعهم هذا، وأظن أنه لو تم تنظيم وتزخيم هذا الحراك العالمي القانوني الأخلاقي من مبدعي العالم، لارتدع هؤلاء اللصوص الرقميون.
لا يجوز باسم العصرنة ومعانقة روح العصر، الدوس على القيم الناظمة للعمل، والأهم من ذلك: قتل "روح" الإبداع الحقيقي.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
"أوبن إيه آي" تتهم شركات صينية بنسخ نموذج الذكاء الاصطناعي الأمريكي
اتهمت شركة "أوبن إيه آي" المالكة لتطبيق "شات جي بي تي" الأربعاء شركات صينية وغيرها بمحاولة نسخ نموذجها للذكاء الاصطناعي، داعية إلى تعزيز التعاون مع السلطات الأمريكية واتخاذ تدابير أمنية.
وأتى إعلان "أوبن إيه آي" بعدما أطلقت شركة "ديب سيك" الصينية الناشئة نموذجاً جديداً للذكاء الاصطناعي يشبه "شات جي بي تي" و"جيميناي" من غوغل وغيرهما، ولكن بجزء بسيط من التكلفة التي تكبدتها الشركات العملاقة الأمريكية، ما أدى إلى تراجع كبير في أسهم شركات التكنولوجيا في وول ستريت في بداية الأسبوع.
عملية "تقطير المعرفة"وفي مواجهة أداء نموذج الذكاء الاصطناعي لشركة "ديب سيك" رأى خبراء في الولايات المتحدة أنها أعادت ببساطة صياغة النماذج التي تم تطويرها في الولايات المتحدة، مثل النموذج العامل بنظام "شات جي بي تي".
ورأت "أوبن إيه آي" أن المنافسين استخدموا عملية تسمى "تقطير المعرفة"،وتشمل نقل المعرفة من نموذج كبير مُدرّب إلى نموذج أصغر، بالطريقة نفسها التي ينقل بها المعلم المعرفة إلى طلابه.
وقال متحدث باسم شركة "أوبن إيه آي": "نعلم أن الشركات الصينية وغيرها، تبحث باستمرار عن نسخ نماذج من شركات الذكاء الاصطناعي الأمريكية الرائدة"، مسلطاً الضوء على مسائل يطرحها هذا السلوك على الملكية الفكرية بين الولايات المتحدة والصين.
وأضاف "نعتقد أنه مع تقدمنا، من المهم أن نعمل بشكل وثيق مع الحكومة الأمريكية لإيجاد أفضل طريقة لحماية تصميماتنا الأكثر كفاءة من جهود الخصوم والمنافسين لاستخدام التكنولوجيا الأمريكية".
انتهاك الملكية الفكرية
وقال ديفيد ساكس، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في إدارة الرئيس دونالد ترامب، لقناة فوكس نيوز إن "هناك أدلة واضحة جداً على أن ديب سيك استخلصت المعرفة من نماذج أوبن إيه آي".
وشددت شركة "أوبن إيه آي" على أن مثل هذه الخطوة تتعارض مع شروط استخدام نماذجها، مضيفة أنها تعمل على إيجاد طرق للكشف عن محاولات مستقبلية في هذا الصدد ومنعها.
وتواجه شركة "أوبن إيه آي" التي يرأسها سام ألتمان، اتهامات بدورها بتكرار انتهاك الملكية الفكرية لمبدعين في كل أنحاء العالم، وخصوصاً من خلال استخدام مواد محمية بحقوق التأليف والنشر لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاصة بها.