هل تعتمد المغرب تدوير مخلفات الزلزال في إعادة الإعمار؟
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
الرباط- بدأت ملامح عملية إعادة إعمار المناطق المتضررة من زلزال الحوز تتضح، مع توالي اللقاءات الوزارية مع المهنيين والفاعلين في المجالات ذات العلاقة بهذا الملف.
وخصصت السلطات المغربية ميزانية تصل إلى 120 مليار درهم (حوالي 12 مليار دولار) على مدى 5 سنوات لإعادة بناء المساكن، وتأهيل البنيات التحتية المتضررة، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المستهدفة؛ وهي 6 أقاليم: مراكش والحوز وتارودانت وشيشاوة وأزيلال وورزازات.
وتعطي هذه الميزانية الأولوية على الخصوص لـ 2930 قرية متضررة من الزلزال، تضم 2.8 مليون مواطن، وحسب بيانات رسمية لوزارة الاقتصاد والمالية، فقد بلغ عدد المنازل المتضررة حوالي 60 ألف منزل، 32% منها انهارت كليا، في حين انهار 68% منها جزئيا.
ركام منازل مبنية بالحجارة والتراب يمكن اعتماده في البناء (الجزيرة) خطوات إعادة الإعماربينما تستمر عمليات فحص وإحصاء المباني المتضررة، فتحت الوزارات المعنية بإعادة البناء والإعمار قنوات تواصل مع ممثلي الهيئات المهنية، في مجال البناء والتعمير والهندسة لإشراكهم في هذه العملية، التي تتطلب وفق خبراء "تعبئة وطنية شاملة".
وتتجه السلطات لوضع برامج جديدة لإعادة الإعمار، وفق معايير تراعي الوضعية الجيولوجية الجديدة للمنطقة، التي كانت إلى وقت قريب تصنّف بأنها خارج النشاط الزلزالي، قبل أن يضربها زلزال الحوز المدمر في الثامن من سبتمبر/أيلول الحالي.
وتدرس السلطات المغربية إمكانية إعادة بناء المنازل المتضررة، باستعمال مخلفات الزلزال ومواد البناء المحلية الناتجة عن الردوم.
وأكد نزار بركة وزير التجهيز والماء -عقب لقاء جمع وزارته ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة مع التمثيليات المهنية- ضرورة توحيد الجهود لضمان إعادة البناء بشكل آمن، يحفز تنمية هذه المناطق، ويعالج مخلفات الزلزال حسب بيان مشترك للوزارتين.
من جهتهم، أكد ممثلو مختلف مهنيي البناء والأشغال العمومية تجندهم لمواكبة تنزيل البرنامج الاستعجالي للإيواء وإعادة الإعمار بتنسيق تام مع جميع مكونات الحكومة، وذلك من خلال خطوات متعددة من بينها: اقتراح تصاميم هندسية غير مسبوقة، وتقنيات جديدة تستجيب للخاصيات المعمارية المحلية، ودراسة إمكانية إعادة استعمال مواد البناء المحلية الناتجة عن الردوم في عمليات البناء والتعمير.
استشارات واسعة لإعادة الإعمار باستعمال مواد ناتجة عن الردوم (الجزيرة ) البناء بمخلفات الزلزاليقتنع مهنيون -اتصلت الجزيرة نت بهم- بأهمية وفوائد إعادة تدوير مخلفات الزلزال في بناء منازل جديدة للسكان، وذلك وفق معايير تراعي الوضعية الجيولوجية للمنطقة، وتحترم الأسلوب التقليدي في البناء الذي يميز المناطق الجبلية.
وقال رئيس الجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية محمد محبوب للجزيرة نت، إن الجامعة اقترحت في لقاء مع وزير التجهيز والماء إمكانية استعمال مخلفات الزلزال، وأكدت توفر المهنيين في البناء والتعمير على التقنيات والوسائل والإمكانات، لإعادة استعمال مواد الردم في إعادة بناء المساكن المهدمة.
وبالنسبة لمحبوب، فإن هذه الطريقة اقتصادية، وستمكن من التخلص من الردم ومخلفات البيوت المهدمة المتراكمة في القرى.
وأوضح رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين شكيب بن عبد الله، أن معظم أهالي القرى المتضررة من الزلزال بنوا بيوتهم اعتمادا على مواد محلية، وهي التراب والأحجار والخشب.
وأضاف شكيب، في حديث مع الجزيرة نت، أن المواد المخلفة كلها يمكن إعادة استعمالها، عبر تقنيات "إيكولوجية" ستتيح إعادة تدوير واستعمال مخلفات الزلزال، وفق شروط صارمة.
وأكد المتحدث أن البناء المقاوم للزلازل لم يعُد موضوع نقاش، فبعدما حدث في منطقة الحوز التي كانت توصف بأنها بعيدة عن النشاط الزلزالي -يقول المتحدث-، فإن البناء في قرى المغرب كله ينبغي له أن يكون مقاوما للزلازل كما في المدن.
وتشارك الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين في إحصاء المباني المتضررة، ورصد حالتها التقنية وإن كانت صالحة للسكن أو تحتاج إلى تدعيم أو انهارت كليا، وهي العملية التي تسبق انطلاق عملية إعادة الإعمار.
وأكد رئيس الهيئة أن عملية الإحصاء متواصلة، ولن تنتهي إلا بعد حوالي 10 أيام، ما يجعل تقدير حجم مخلفات الزلزال غير ممكن حاليا.
كل المواد التي يستعملها سكان القرى المتضررة من تراب وأحجار وجبص وخشب يمكن إعادة استعمالها ( الجزيرة ) كلفة أقليتفق رئيس الجامعة المغربية للاستشارة والهندسة، نبيل عزوز مع هذا التوجه، ويقول للجزيرة نت، إنهم عاينوا في الجامعة فعالية ونجاعة هذا الأسلوب، من خلال زيارات ميدانية لورشات تعتمد على إعادة استعمال مخلفات البناء في عدد من الدول الأجنبية.
ويؤكد الخبير المهني أن كل المواد التي يستعملها سكان القرى المتضررة من تراب وأحجار وجبص وخشب، يمكن إعادة استعمالها في بناء المساكن الجديدة في القرى التي تعتمد هذا الأسلوب التقليدي في البناء، كما يمكن إعادة استعمال الإسمنت والحديد من المنازل المنهارة جزئيا أو كليا في بعض المناطق الحضرية المتضررة.
وبالإضافة للفوائد البيئية لإعادة التدوير، قدّر نبيل أن كلفة بناء منازل جديدة ستكون أقل، وأوضح "بالنظر لوعورة المسالك الجبلية وبُعدها عن المدن وتشتت القرى في الجبال؛ فإن إعادة تدوير مخلفات الزلزال في إعادة البناء ستكون مقاربة رشيدة وحكيمة، عوض تحمل كلفة شراء ونقل مواد جديدة إلى تلك القرى، وكلفة نقل الأنقاض".
ولفت المتحدث ذاته إلى أن البناء ينبغي له أن يكون وفق معايير تراعي استعمال قواعد الحساب الهندسي، التي تحترم شروط مقاومة للزلازل، والحرص على وضع أعمدة قوية ومتينة.
وأشار نبيل عزوز -أيضا- إلى أن المواد الأولية التي سيعاد تدويرها يجب معالجتها وضغطها لتكون أكثر صلابة ومتانة، من أجل بناء مساكن مقاومة للكوارث ومريحة.
وفي نظره، فإن الأسلوب التقليدي في البناء الذي جربه السكان المحليون لقرون لم يكن عبثيا؛ بل لأنه أثبت نجاعته في العزل الحراري، خاصة وأن تلك المناطق تتسم بالحرارة الشديدة، والبرد الشديد في اليوم نفسه.
وتحدث محمد محبوب، عن أهمية اعتماد معايير واضحة ومواصفات مقبولة، وتعطي جمالية في البناء ومراعاة الأسلوب التقليدي في العمارة.
وأضاف "أخبرنا الحكومة أن هناك دراسة جاهزة أنجزت بناء على زيارات سابقة لمعامل في الخارج وورشات بناء وإعادة التدوير"، وتابع، "لدينا التقنيات والإمكانات والوسائل والمطلوب حاليا هو التشريع".
وأكد محبوب على أن الكرة في يد الحكومة التي عليها وضع قوانين تسمح بإعادة استعمال مخلفات المنازل المهدمة وإعادة تدويرها، وتحديد الالتزامات والمعايير الواجب احترامها.
فهل تتحرك الحكومة المغربية وتسرع في إخراج التشريعات القانونية اللازمة، لفتح المجال فعليا لإعادة استعمال مخلفات الزلزال في إعادة إبناء المنازل المهدمة؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: إعادة الإعمار المتضررة من إعادة تدویر فی البناء فی إعادة
إقرأ أيضاً:
الرئيس السيسي: تحديات قارتنا الأفريقية تحتم علينا معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات
أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي بياناً رئاسياً بصفته رائد الاتحاد الأفريقي لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات.
قال الرئيس السيسي في البيان: يطيب لي بصفتي رائد الاتحاد الأفريقي لملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات أن أعلن عن إطلاق فعاليات النسخة الرابعة لأسبوع الاتحاد الأفريقي للتوعية بإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، والذي يُقام هذا العام خلال الفترة من ۱۸ إلى ٢٤ نوفمبر ٢٠٢٤، تحت عنوان "استراتيجيات ومسارات التعاون المشترك من أجل التنفيذ الفعال لسياسة الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات".
وأضاف أن التحديات الأمنية والتنموية المُتعددة والمتزامنة التي تواجهها قارتنا الأفريقية تحتم علينا معالجة الأسباب الجذرية للنزاعات، وبناء قدرات المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية التي تعزز قدرة دولنا على الصمود ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية المعقدة، والسعي للتوصل إلى حلول سلمية مستدامة للأزمات القائمة، ما يساهم في بناء واستدامة السلام والحيلولة دون انزلاق المجتمعات مرة أخرى إلى دائرة العنف والصراع، مع تعزيز وتفعيل الرابط بين السلام والأمن والتنمية، وهي الموضوعات التي ناقشناها وغيرها باستفاضة في النسخة الرابعة من "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين" التي عُقدت بالقاهرة في شهر يوليو الماضي، والتي شهدت كذلك إطلاق العديد من المبادرات التي تعزز الملكية الأفريقية لجهود السلم والأمن والتنمية، كان أبرزها تدشين الشبكة الأفريقية لمنع التطرف المؤدي إلى الإرهاب"، والإعلان عن جائزة "منتدى أسوان" لإعادة الإعمار والتنمية تثميناً وتشجيعاً للنماذج والمشروعات الناجحة في بناء السلام في القارة الأفريقية.
وأكد أن نجاح جهودنا لبناء واستدامة السلام قد حتم علينا تطوير مقاربة أفريقية استراتيجية شاملة ومتماسكة لمنع النزاعات وبناء واستدامة السلام، تتكامل فيها الجهود الوطنية والإقليمية والقارية، وهو ما أمكن تحقيقه من خلال تحديث وتطوير سياسة الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، والتي أقرها القادة الأفارقة في قمة الاتحاد الأفريقي الماضية في فبراير ٢٠٢٤.
وأضاف أن تركيزنا سينصب على تفعيل وتنفيذ السياسة الجديدة، بدءاً بالترويج والتعريف بها من خلال أنشطة أسبوع إعادة الإعمار لهذا العام، وتطوير التوجيهات الإرشادية لتنفيذ السياسة المنقحة، مروراً ببدء مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات للعمل من مقره في القاهرة لتطوير المبادرات والمشروعات لتقديم الدعم للدول الخارجة من النزاعات وتلك التي تمر بمراحل انتقالية، باعتباره الذراع التنفيذي للاتحاد الأفريقي في مجال بناء السلام، وانتهاء بالتنسيق والعمل الوثيق مع الشركاء وحشد التمويل والموارد اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات.
وأختتم بقوله: لا يفوتني أن أثمن جهود مفوضية الاتحاد الأفريقي في دعم تنفيذ أنشطة إعادة الإعمار وبناء السلام في ربوع القارة، وأؤكد من منطلق ريادتي للملف على التزامي الشخصي بالاستمرار في بذل قصارى جهدي بالتنسيق مع أشقائي القادة الأفارقة، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، وأصحاب المصلحة الإقليميين والشركاء الدوليين للاستجابة للتطلعات المشروعة لأبناء القارة، وتحقيق أهداف أجندة أفريقيا ٢٠٦٣.