كانت هناك مشاكل كبيرة يواجهها المصريين المقيمين بأقاليم مصر عند سفرهم إلى القاهرة، وهو غياب دليل يرشدهم إلى منازل أقربائهم المقيمين بالقاهرة، ظلت هذه الأزمة قائمة حتى منتصف القرن ١٩.

في عام ١٨٤٧م أحس مجلس منظمة المحروسة بهذه الإشكالية بعد أن زادت معاناة الأهالي، وكثرت الشكاوى، ونادي البعض بضرورة إيجاد حل، فرفعوا الأمر إلى والي مصر «محمد علي» باشا للبت فيه، مع توصية من مجلس منظمة المحروسة بضرورة كتابة أسماء للشوارع وترقيم للمنازل أصدر «محمد علي» مرسوما نشر في العدد ٨٣ بمجلة “الوقائع الرسمية” بكتابة أسماء الشوارع وترقيم المنازل، وجاء فيه «مما يستوجب المنافع العظيمة، ويورث السهولة لمن يقصد شارعا، أو بيتا، سواء من الأهالي أو من الأجانب».

أسرع رجال مجلس منظمة المحروسة بتنفيذ المرسوم، واتخذوا “میدان باب الخلق” مركزا للمحروسة، ووضعوا لافتات بأسماء الشوارع في مداخلها، وراعوا أن نسبة الأمية عالية بين الأهالي، فميزوا لوحات الشوارع بالألوان هذا الشارع لوحته سوداء، وذلك لوحته بيضاء أما المنازل الموجودة يمين الشارع أرقامها فردية، والمنازل الموجودة يسار الشارع زوجية، وهذا الترتيب ما زال مستخدما حتى الآن، وكانت الأرقام تكتب على الأبواب.

ومن الحكايات المنسية لأسماء الأحياء اسم حي الزمالك كانت منطقة الزمالك تسمى « العشاش » وكانت مأوى للثعالب والذئاب والثعابين والعقارب، ولم يجرؤ أحد على السكن فيها بأي حال من الأحوال، أطلق الأتراك على المنطقة اسم كلمة تركية تعني العشوش أي أنها ترجمة للاسم العربي للمنطقة.

 ومع الأيام استخدم المصريون الترجمة وتجاهلوا الأصل جاء «عبد النعيم محمدين» من بلدته قنا عام ١٨٩٧م، وكان معه بعض المال، اشتري به قطعة أرض من تلك المنطقة بسعر لم يزد عن قرشين ونصف للمتر ثم أخذ يستصلح الأرض حتى جعلها صالحة للزراعة وطهرها من الحيوانات المفترسة، ونجحت الزراعة وأنبتت الأرض ثمارا؛ فأرسل عبد النعيم يستقدم فلاحين من قنا ليستعين بهم في مشروعه الناجح حتى أصبح عدد أقاربه وبلدياته في منطقة العشوش أكثر من ألف وخمسمائة، واشترى باقي مساحة المنطقة ليطهرها ويستثمرها، واختير عمدة على فلاحين وأقاربه وتراجع عدد الحيوانات المفترسة أمام تقدم المساحة المزروعة.

وتقدمت الزمالك التي أصبحت جنة خضراء، وأخذت المنشآت تنتشر في ربوعها، وأصبحت مقاما للأثرياء الهاربين من ضوضاء المدينة کبر عبد النعيم في المكانة وفي السن فتنازل عن مملكته لابنه عسران، والذي مع الوقت ترك العمودية لابنيه فهمي وحسني اللذين قسما المنطقة إلى قسمين، واختار كل واحد منهما قسما يشرف عليه ويفتشه يوميا بنفسه، فيطوف به داخل سيارته الفخمة وبمرور الزمن تناسى الناس فضل الصعايدة في تعمير الزمالك.

وأصبحت سکنی للأمراء والأعيان والفنانين، ومنهم الأميرة فائزة والأمير طوسون إبراهيم والأمير سعيد طوسون وأغنى أغنياء مصر في ذلك الوقت أحمد عبود باشا وعميد الأدب العربي طه حسين وسفارات لعدد من الدول، وكانت أول فنانة سكنت حي الزمالك هي زينب صدقي من رائدات فن التمثيل وأطلقوا عليها اسم قمر الزمالك.

اعتمد رجال مجلس التنظيم في تسمية الشوارع على حكايات الأهالي وأسماء مؤسسي الأحياء أو أشهر علاماتها مثل: مسجد سيدي الإمبابي، ولهذا ظهرت أسماء في القاهرة والإسكندرية من عينة: الزير المعلق، وبين الصوريين، وزيزينيا والأزاريطة، وكتشنر، والسيد البحراني، والسد العجواني وغيرها ومن الحارات: حارة شق الثعبان، وبيز المش، ودرب بهلول، وزقاق طراطور، وحارة أبيطبق، وحارة السكر والليمون، ودرب الساقيين، ودرب القرداتي، ودرب المهابيل، ودرب الزرابي
مع الوقت بهتت ألوان أرقام المنازل المكتوبة على الأبواب، واختفت بفعل عوامل الجو، وعادت المشكلة من جديد.

فأصدر الخديوي «عباس حلمي الثاني» مرسوما في أواخر القرن ١٩ بترقيم المنازل على لوحات يتم تثبيتها يمين على المنازل، ولما انتهى مجلس المحروسة من تنفيذ الأمر في القاهرة صدر قرار بترقيم مساكن باقي مدن مصر، وتم التنفيذ في الإسكندرية ودمياط ورشيد والمنصورة ثم باقي المدن لتستقبل مصر أول أيام عام 1900 بمنازل لها أرقام وشوارع لها أسماء

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المحروسة القاهرة

إقرأ أيضاً:

كيف تأثر المصريون بتوابع ارتفاع سعر الوقود؟

القاهرة– رفعت مصر أسعار الوقود 15% ضمن مساعي الحكومة لخفض دعم الوقود استجابة لشروط القرض الذي يقدمه صندوق النقد الدولي، وسط انتقادات محلية، وتطمين حكومي بتلافي توابع الزيادة، التي من شأنها رفع مستويات الأسعار وفق معنيين تحدثوا لـ(الجزيرة نت).

تعد هذه الزيادة الأولى في هذا العام بعد عدة زيادات في السنوات الماضية.

وكشفت بيانات رسمية ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى 13.1% في مارس/آذار الماضي مقابل 12.8% في فبراير/شباط السابق عليه، قبل أن تعلن وزارة البترول والثروة المعدنية، اعتبارًا من صباح الجمعة 11 أبريل/نيسان زيادة في أسعار المحروقات، وذلك بعد أسابيع من موافقة صندوق النقد الدولي على صرف حزمة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار من القرض البالغ 8 مليارات دولار للقاهرة.

وبزيادة جنيهين، ارتفع سعر بنزين 95 إلى 19 جنيها للتر (0.37 دولار)، وبنزين 92 إلى 17.25 جنيها للتر (0.34 دولار)، وبنزين 80 إلى 15.75 جنيها (0.31 دولار) للتر، كما ارتفع بمثل المقدار سعر السولار إلى 15.50 جنيها (0.30 دولار) للتر، في حين ارتفع سعر أسطوانة البوتاغاز المنزلية من 150 جنيها (2.92 دولار) إلى 200 جنيه (3.90 دولارات)، والتجارية من 300 جنيه (5.85 دولارات) إلى 400 جنيه (7.80 دولارات).

إعلان 3 مسارات حكومية

ووفق رصد الجزيرة نت، تعاملت الحكومة المصرية مع الزيادة عبر 3 مسارات للتخفيف عن محدودي الدخل كالتالي:

طمأنة المواطنين: أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية، أنه لن يتم دراسة تغيير الأسعار مجددا قبل 6 أشهر مقبلة، موضحة أن الدولة تقدم الدعم للمحروقات بما يقدر بنحو 366 مليون جنيه (7.13 ملايين دولار) يوميا بما يعادل 11 مليار جنيه (214.5 مليون دولار) شهريا، لتخفيف الأعباء عن المواطنين، نافية أن يكون لانخفاض سعر خام برنت والأسعار العالمية خلال الفترة الأخيرة أثرا كبيرا على الوضع بمصر. الرقابة الميدانية: أعلنت وزيرة التنمية المحلية منال عوض، استمرار الجولات الميدانية الرقابية في مختلف المحافظات بعد بدء تطبيق تعريفة المواصلات الجديدة، والتي تتراوح الزيادة فيها بين 10% إلى 15%، في حين تركزت الشكاوي على المغالاة في تعريفة الأجرة، وسط مطالبات بضبط تسعيرة أجرة مركبة (التوكتوك) ذي الثلاث عجلات المنتشرة بمحافظات مصر، كما شكلت وزارة التموين والتجارة الداخلية كذلك غرفة عمليات مركزية وفرق رقابة للمتابعة على الأرض لمنع أي تلاعب بالسوق أو ممارسات احتكارية. الخبز المدعم: أكد وزير التموين شريف فاروق، استمرار صرفه على البطاقات التموينية بسعر 20 قرشًا للرغيف، واستمرار تحمل الدولة لفرق تكلفة الإنتاج وسدادها لأصحاب المخابز، مراعاة للفقراء.

كانت وزارة المالية استبقت خطوة زيادة أسعار المحروقات بالإعلان في نهاية الشهر الماضي، عن حزمة مالية للحماية الاجتماعية والدعم، وزيادة أجور العاملين بالدولة والعلاوة الدورية وعلاوة غلاء المعيشة، ورفع الحد الأدنى للأجور اعتبارًا من أول يوليو/تموز المقبل، في إطار دعم محدودي الدخل والشرائح الاجتماعية الأكثر احتياجًا.

فاتورة الزيادات

يقول رئيس مركز المصريين للدراسات الاقتصادية والسياسية، عادل عامر إن هذه الزيادة من شأنها رفع مستويات الأسعار، لتأثير المواد البترولية على دورة خطوط الإنتاج والنقل، منوها بأن ثمة دراسة لمزيد من الزيادات ستتم مجددًا في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وفق المعلن حكوميًا، بحيث ينتهي الدعم الكلي عن الوقود في مصر بنهاية هذا العام.

إعلان

وأكّد عامر في تعليق لـ(الجزيرة نت) أن المستهلك البسيط هو من سيتحمل فاتورة هذه الزيادة، مشددًا على أن حزمة الحماية الاجتماعية وزيادات الرواتب، التي قررتها الدولة، بداية من يوليو/تموز المقبل، "تبخرت قبل أن يستلمها المواطن"، وفق تعبيره، وتآكلت مع زيادة أسعار المواد البترولية.

ويدعو عامر مؤسسات الدولة إلى التركيز على زيادة الإنتاج المحلي والاعتماد على المنتج المحلي كحل وحيد لضبط الأسعار ومواجهة التضخم.

زيادة أسعار المحروقات ترفع أسعار العديد من السلع في مصر (رويترز) زيادات غير عادلة

بدوره يصف رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء لحماية المستهلك"، محمود العسقلاني في حديث لـ(الجزيرة نت) ما حدث بـ"الزيادات غير العادلة"، متسائلا: "كيف نرفع أسطوانة البوتاغاز 50 جنيهًا (دولارا واحدا) دفعة واحدة على المواطن، وكيف تكون زيادات بنزين 92 وبنزين 95 متساوية مع أن مستهلك النوع الأخير يمتلك سيارات أغلى ويستطيع دفع أكثر من عموم ملاك السيارات؟ ولماذا قامت المحافظات بزيادات مبالغ فيها على السرفيس والتاكسي، والتي بدورها ستلقي بعبء شديد القسوة على المواطنين؟".

ويضيف العسقلاني أنه من حسن حظ المصريين أن تلك القرارات جاءت مع حالة ركود، مما يجعل قطاعات مهمة لا ترفع أسعارها فورًا، مثل الدواجن واللحوم، في حين ظهرت الزيادة بوضوح في وسائل التنقل والأغذية، ويتوقع موجة تضخم مرتقبة في وقت لاحق بالتزامن مع أي موجة احتياج أو سحب كثيف على المواد الغذائية، محذرًا الحكومة من استمرار استجابتها لشروط صندوق النقد الدولي، وعدم الاستعانة بخبراء للتفاوض مع الصندوق.

مراقبون يتوقعون ارتفاع أسعار السلع بسبب ارتفاع سعر الوقود (الجزيرة) ضبط هامش الربح

ووفق بيانات رسمية، أعلن الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، التعاون مع أجهزة المحافظات لضبط تحريك الأسعار وهامش الربح وعدم المغالاة.

إعلان

وفي حديثه لـ(الجزيرة نت)، يتوقع الرئيس السابق لشعبة الألبان بالغرفة التجارية بمحافظة الإسكندرية، عادل غباشي ارتفاع أسعار الألبان بنسبة 10% بتأثير زيادات الوقود التي تؤثر برأيه على دورة العمل بدءا من الحصول على الحليب من المزارع ونقله ثم وصوله إلى المستهلك سواء سائلا أو معلبًا، الذي يعتبره المحتمل الرئيسي لتوابع ما يحدث.

ويقول سكرتير شعبة المخابز بالغرفة التجارية للعاصمة القاهرة، خالد فكري في حديثه، لـ(الجزيرة نت)، أن خبز المواطن البسيط في أمان من توابع الزيادات، لأنه خبز مدعم لم تمسه الزيادة، في حين سيدفع المواطن القادر في الخبز السياحي، زيادة طفيفة، وفق وصفه، تقدر بـ25 قرشا أو 50 قرشا (الجنيه يساوي 100 قرش) في كل رغيف خبز، فارق زيادة التنقلات ولتحقيق هامش ربح، يعين أصحاب المخابز على العمل.

ويشعر إسلام، مدير محل بقالة صغير في أحد ضواحي مدينة 6 أكتوبر، بالقلق من رفع أسعار الوقود بهذه النسبة دفعة واحدة، فيقول لـ(الجزيرة نت): "رفعوها (يقصد الحكومة) جنيهين مرة واحدة، وقبل ذلك كان الرفع جنيها أو أقل، تخيل ما سيحدث من زيادات"، مضيفا أنه ينتظر قائمة أسعار جديدة من تجار الجملة في أي وقت لاحق، وبالتالي سيُحدّث أسعاره للمتعاملين معه.

أعباء جديدة

يؤكد رئيس اتحاد صغار المزارعين، ونقيب فلاحي محافظة الجيزة، هاشم فرج، لـ(الجزيرة نت)، تضرر صغار المزارعين من الزيادات، خاصة السولار، الذي يستخدم في آلات الزراعة، بجانب البنزين في النقل، وهو ما يرى أنه سيؤثر على أسعار الأراضي الزراعية المؤجّرة، وتوريد مكاسب أقل للفلاحين، مع تحمل المواطن أعباء الزيادات عند وصول المحاصيل إليه، مشددًا على أن صغار الفلاحين والمواطنين البسطاء يدفعون ثمن أخطاء المسؤولين في الحكومة.

وينتقد السائق رضوان محمد في حديثه لـ(الجزيرة نت)، الزيادة المفاجئة، التي كبّدته 40 جنيها إضافية عند ملء سيارته التي يستخدمها في توصيل طلاب المدراس، وقودًا، قبل أن يقوم بجولة صباح السبت 12 أبريل/نيسان، بالسوق، ليجد بائع الخضراوات رفع أسعار بعض مشترياته ما بين نصف جنيه وجنيه، في حين أنه لا يستطيع رفع المقابل الذي يتقاضاه في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • «البلديات والنقل» تستخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز نظافة شوارع أبوظبي
  • الجيزة تفتتح وحدة صحية متكاملة في روضة السودان لخدمة الأهالي
  • السجيني: مشهد الكلاب الضالة في الشوارع لا يليق.. فيديو
  • 10 سنوات لـ 6 متهمين روعوا الأهالي بالأسلحة في بورسعيد
  • السجن 10 سنوات لـ 6 متهمين روعوا الأهالي بالأسلحة بحى الزهور ببورسعيد
  • حريق هائل يلتهم 3 منازل بسبب ماس كهربائي في «سكة المحلة» بطنطا.. والدفع بـ5 سيارات إطفاء للسيطرة
  • استهداف قناص للاحتلال في الشجاعية.. وقوة تقع بكمين داخل منزل في الحي
  • الجنرال بترايوس رئيساً لمجلس إدارة "كيه كيه آر الشرق الأوسط"
  • كيف تأثر المصريون بتوابع ارتفاع سعر الوقود؟
  • من الحدائق للشواطئ.. كيف يحتفل المصريون بعيد شم النسيم؟