الأرمن يغادرون قرة باغ.. أبعاد أزمة إنسانية وتغيير توازن دقيق عمره عقود
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
عاد اسم ناغورني قرة باغ إلى الظهور مجددا خلال الأيام بعد تجدد الصراع في الإقليم الذي امتد لعقود من الزمان، فيما تسارعت التطورات لترسم مشهدا جديدا يهدد بتغيير توازن القوى الدقيق في منطقة جنوبي القوقاز.
والأحد، بدأ الأرمن في مغادرة عاصمة الأقليم بأعداد كبيرة متجهين إلى أرمينيا في سيارات، بحسب ما قال شاهد لـ"رويترز".
ودخلت مجموعة أولى من اللاجئين الفارين من ناغورني قره باغ، أرمينيا. ووصل بضع عشرات من سكان هذه المنطقة، معظمهم نساء وأطفال ومسنون، إلى مركز إيواء شيدته الحكومة الارمينية في كورنيدزور على الحدود الأرمينية-الأذربيجانية.
ويخشى كثيرون أن يفر السكان المحليون بشكل جماعي، في وقت تشدد القوات الأذربيجانية قبضتها، لأنه بالإضافة إلى القلق السائد بين سكان ناغورني قره باغ البالغ عددهم 120 ألفا، فإن الوضع الإنساني لا يزال متوترا جدا هناك.
كيف تطورت الأحداث؟بعد هجوم خاطف شنته في 19 سبتمبر على المنطقة الجبلية المتنازع عليها في جنوب القوقاز، ذات الغالبية الأرمينية، أعلنت أذربيجان السيطرة على الإقليم ومصادرة أسلحة.
استسلم الانفصاليون في ناغورني قرة باغ بعدما ألحقت بهم باكو هزيمة خلال هجوم استمر 24 ساعة، انتهى بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار، في أحدث حلقات صراع يعود تاريخه إلى حقبة الاتحاد السوفييتي.
الإقليم معترف به رسميا باعتباره جزءا من أذربيجان، ومع ذلك فإن سكانه البالغ عددهم 120 ألف نسمة هم في الغالب من العرق الأرمني ولديه حكومة محلية حافظت تاريخيا على علاقات ثقافية واجتماعية وسياسية وثيقة مع يريفان، عاصمة أرمينيا.
ما تاريخ الصراع؟يقع ناغورني قرة باغ، التي يعرفها الأرمن باسم أرتساخ، في منطقة سيطر عليها على مدى قرون الفرس والأتراك والروس والعثمانيون والسوفييت.
طالبت كل من أذربيجان وأرمينيا بالسيادة عليها بعد سقوط الإمبراطورية الروسية، في عام 1917. وتم تصنيفها في العهد السوفييتي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي داخل أذربيجان.
ومع انهيار الاتحاد السوفييتي، باتت ناغورني قرة باغ مسرحا لحربين بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين، أذربيجان وأرمينيا، واحدة من 1988 إلى 1994 (30 ألف قتيل) والأخرى في خريف 2020 (6500 قتيل).
نص اتفاق وقف لإطلاق النار أعقب صراع 2020، توسطت فيه روسيا، على نشر قوات حفظ سلام روسية في المنطقة، بما في ذلك بالقرب من ممر لاتشين، الطريق السريع الوحيد الذي يربط المنطقة الانفصالية بأرمينيا.
وهذه المرة، وحين تجدد الصراع في سبتمبر 2023، انتهت العملية العسكرية في 24 ساعة إذ لم تكن القوات الانفصالية بثقل باكو، ورفضت أرمينيا زج قواتها في نزاع جديد. ووافق الانفصاليون على وقف إطلاق النار بوساطة روسيا، الذي بموجبه ستغادر الوحدات المتبقية من القوات الأرمينية الإقليم.
وقال قادة الأرمن في بيان إن قوات حفظ السلام الروسية سترافق كل الذين شردتهم عملية أذربيجان العسكرية ويريدون المغادرة إلى أرمينيا.
مخاوف "تطهير عرقي"وتقول أذربيجان إنها ستضمن حقوق الأرمن، وتدمج المنطقة في باقي البلاد، لكن الأرمن يقولون إنهم يخشون من حدوث قمع وتطهير عرقي.
وقال دافيد بابايان، مستشار رئيس (جمهورية أرتساخ) التي أعلنها الانفصاليون من جانب واحد لرويترز: "شعبنا لا يريد العيش كجزء من أذربيجان. 99.9 في المئة يفضلون مغادرة أرضنا التاريخية".
وتابع قائلا: "مصير شعبنا المسكين سيضعه التاريخ وصمة عار على جبين الأرمن والعالم المتحضر بأسره".
ودعت أرمينيا، السبت، الأمم المتحدة إلى إرسال بعثة لمراقبة وضع الأرمن في ناغورني قرة باغ، وخاطب وزير الخارجية الأرميني، أرارات ميرزويان، الجمعية العامة للأمم المتحدة قائلا: "يجب على المجتمع الدولي بذل كل الجهود من أجل النشر الفوري لبعثة مشتركة من وكالات الأمم المتحدة في ناغورني قرة باغ، بهدف مراقبة وتقييم حقوق الإنسان والوضع الإنساني والأمني على الأرض".
يبدو أن النصر الذي حققته أذربيجان، الأسبوع الماضي، وضع نهاية حاسمة لواحد من الصراعات المجمدة التي دامت عقودا بعد تفكك الاتحاد السوفييتي.
وقال الرئيس إلهام علييف إن "قبضته الحديدية" جعلت فكرة وجود منطقة مستقلة لعرقية الأرمن بالمنطقة من الماضي، وإن المنطقة ستتحول إلى "فردوس" في أذربيجان.
وتقول أرمينيا إن أكثر من 200 شخص قُتلوا وأصيب 400 آخرون في العملية. وأثار مصير السكان الأرمن مخاوف موسكو وواشنطن وبروكسل.
ولم يتضح حتى الآن أين يمكن إيواء 120 ألفا من سكان الإقليم في أرمينيا، التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة فقط، قبل فصل الشتاء.
وعبور 120 ألف شخص سيجعل الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب القوقاز بمواجهة أزمة إنسانية.
وقال رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، الجمعة، إن السلطات أعدت أماكن لاستيعاب 40 ألفا على الأقل.
وأضاف أنه "إذا لم تتهيأ ظروف المعيشة الحقيقية للأرمن في ناغورني قرة باغ والآليات الفاعلة للحماية من التطهير العرقي، فالاحتمال يتزايد بأن الأرمن سيطردون من أرضهم باعتبار هذا السبيل الوحيد للخلاص".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنها بدأت في تسجيل من يبحثون عن أطفال من دون مرافقين ومن فقدوا الاتصال بذويهم.
تغيير توازن القوى الدقيقوقد يؤدي النزوح الجماعي إلى "تغيير توازن القوى الدقيق" في منطقة جنوب القوقاز، التي يسكنها مزيج من العرقيات وتمر بها خطوط أنابيب للنفط وللغاز، وتتصارع روسيا والولايات المتحدة وتركيا وإيران على النفوذ هناك، وفق رويترز.
ويُحمل الكثيرون من الأرمن باشينيان مسؤولية خسارة المنطقة. وطالب محتجون قبل أيام في العاصمة يريفان باستقالته.
وقال باشينيان إن قوات مجهولة تسعى لإثارة انقلاب ضده، واتهم وسائل الإعلام الروسية بشن حرب معلومات عليه.
ولدى روسيا قاعدة عسكرية في أرمينيا، وتعتبر نفسها الضامن الأمني الرئيسي لها في المنطقة.
واستضافت أرمينيا، هذا الشهر، تدريبا عسكريا مشتركا مع الولايات المتحدة التي انتقدت العملية العسكرية الأخيرة.
وتحظى أذربيجان بدعم تركيا.
ويقول مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (سي أس أي أس) الأميركي، إنه كان ينظر في مستهل الأمر إلى نشر القوات الروسية باعتباره خطوة مهمة نحو ترسيخ روسيا نفسها في المنطقة.
لكن الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 "أضعف قدرتها على السيطرة والتدخل بشكل فعال في الصراع"، وخلق هذا فرصا للجهات الفاعلة الخارجية الأخرى لتعزيز مصالحها وأجنداتها الخاصة في المنطقة.
ويعكس الهجوم الأذربيجاني المتجدد على الأرمن "ديناميكيات القوة المتغيرة هذه، مما يوفر لصانعي السياسات الغربيين فرصة للتقدم كضامنين محتملين للسلام والاستقرار على المدى الطويل في القوقاز"، وفق التحليل.
لكن آخرين يرون أن قوات حفظ السلام الروسية غضت الطرف عن الهجوم الأذربيجاني الأخير بسبب تحالف رئيس الوزراء الأرمني المتزايد مع الولايات المتحدة بعد غزو أوكرانيا.
وقدمت تركيا دعمها الثابت لأذربيجان على أساس الانتماءات الثقافية واللغوية التركية والعلاقات الاقتصادية القوية. وأثبتت المساعدة التركية أنها كانت حاسمة في التفوق العسكري الأذربيجاني على أرمينيا خلال حرب عام 2020 .
ورغم من تنافسهما على النفوذ في جنوب القوقاز، تتفق موسكو وأنقرة على ضرورة إبقاء التدخل الدولي، وخاصة الغربي، في الصراع بعيدا.
ورغم أن واشنطن لديها علاقات بطرفي الصراع، فقد ضغط الأرمن عليها للتدخل، وانتقد المسؤولون الأميركيون العملية الأخيرة ضد الأرمن.
ودان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الهجوم الأخير، بعد أشهر قليلة فقط من استضافته لزعماء أرمينيا وأذربيجان في ميونيخ.
وعبر بلينكن عن قلق واشنطن "العميق" بشأن السكان الأرمن في المنطقة، مشددا في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني على "دعوة الولايات المتحدة لأذربيجان، لحماية المدنيين والوفاء بالتزاماتها باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لسكان ناغورني قرة باغ، والحرص على أن تطبق قواتها القانون الإنساني الدولي".
ويشكل الصراع "معضلة" للدول الأوروبية التي تعتبر المنطقة جزءا من أوروبا ولكنها غير مستعدة للتدخل عسكريا.
وقد تحدث الكثيرون من القادة في القارة بقوة ضد الحشد العسكري الأذربيجاني، بينما سعوا في الوقت ذاته لتجنب الصدام المباشر مع باكو.
وأذربيجان واحدة من الموردين الرئيسيين للطاقة إلى أوروبا، وهو اتجاه من المتوقع أن يزداد مع ابتعاد القارة عن الغاز الروسي.
وكانت محاولات الاتحاد الأوروبي للتدخل غير ناجحة إلى حد كبير، حيث لم تكن أذربيجان أو أرمينيا على استعداد لإثارة غضب تركيا وروسيا.
ولكن يبدو أن مشكلات روسيا في أوكرانيا وعلاقاتها المتدهورة مع أرمينيا قد خلفت فراغا استغلته أوروبا التي حاولت إجراء حوار مباشر بين قادة أرمينيا وأذربيجان، وقد تسعى لإجراء مفاوضات سلام بعد الهجوم الأخير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی ناغورنی قرة باغ ناغورنی قره باغ جنوب القوقاز من أذربیجان فی المنطقة الأرمن فی
إقرأ أيضاً:
عمره ما ساومنا بعرض.. ميدو يقارن زيزو بالونش
وجه أحمد حسام ميدو لاعب الزمالك السابق، رسالة غير مباشرة إلى أحمد سيد زيزو بعد رحيله لصفوف الأهلي.
وكتب ميدو عبر حسابه الشخصي بموقع إكس: "عمرو الجنايني زمالكاوي محترم أشهد بأن الراجل ده رغم مشاغله عايش حياته كلها ليفكر ازاي يخدم الزمالك..عمرو الجنايني واحد من الناس اللي من غير حبهم وإخلاصهم للنادي عمرنا ما كنا هنفضل الزمالك زيه زي جمهورنا العظيم اللي من غير حبه وإخلاصه للنادي عمرنا ما كنا هنفضل واقفين على رجلينا أما الونش رغم كل الإغراءات والتحايل والإلحاح من المنافسين اختار انه يبقى أسطورة و عمره ما ساومنا بعرض من اي منافس وكان دايما اختياره الاول الباء في الزمالك".
ونفي أحمد حسام ميدو عضو لجنة التخطيط بنادي الزمالك المفاوضات مع محمد شريف وكوتيسا، قائلا لا يوجد أي عروض رسمية حتى الآن، مشددًا على أن الإعلان عن أي صفقات سيتم في الوقت المناسب.
وقال ميدو، في تصريحات تليفزيونية عبر قناة "أون سبورت"، إن اللجنة تركز على "الصفقات التي يحتاجها الفريق"، مضيفًا: "بدون وعود، هناك أخبار جيدة قادمة خلال الفترة المقبلة."
وأشار ميدو إن المفاوضات مع عبدالله السعيد، مؤجلة بناء على رغبته، لكنه لاعب مهم جدًا للفريق، مضيفًا: "عمره لا يعبر عن مردوده، وبقاؤه في الزمالك احتمال كبير."
وأكد، أن إدارة النادي تعمل بهدوء لإبرام صفقات مميزة تدعم صفوف الفريق في المرحلة المقبلة، مشيرًا إلى وجود تحركات جادة لكنها تتم دون ضجيج إعلامي.
عروض عبدالله السعيد
ومن جانب أخر.. ترددت أنباء قوية عن حصول عبدالله السعيد لاعب وسط الفريق الأول لكرة القدم بنادي الزمالك على عروض مغرية من الأندية سواء محلية أو دولية الأمر الذى جعل الجماهير تطالب مجلس الأدارة بسرعة التجديد للنجم الفريق.
وأثبت عبدالله السعيد منذ أنضمامه إلي الزمالك، قيمته كلاعب محوري في الفريق، بفضل خبرته الكبيرة ومهارته في صناعة اللعب وتسجيل الأهداف الحاسمة، ورحيله سيكون خسارة كبيرة للقلعة البيضاء في ظل الأداء المميز الذي يقدمه.
وينتهي عقد عبد الله السعيد مع الزمالك بنهاية الموسم الجاري، وسط محاولات من إدارة النادي الأبيض للحفاظ على اللاعب وتجديد عقده للمواسم القادمة.