المناسبة تحمل أبعاداً إيمانية وحضارية وثقافية وأخلاقية جمة

أوضحت مسؤولات الفعاليات المركزية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف في المحافظات أن الاحتفال بالمولد النبوي ليس مجرد شعار سنوي أو ذكرى عابرة وإنما مناسبة عظيمة لتجديد الولاء لله ولرسوله والبراء من أعداء الأمة ومنافقيها، ومحطة لترسيخ المنهج النبوي في نفوس أجيالنا وارتباطهم بنبيهم وسيرته وأخلاقه وتصحيح الاعوجاج والمفاهيم المغلوطة في عزف الناس عن الاحتفاء بمولد الهدى والتقى والنور البشري الذي أخرج الناس من الضلالة إلى نور الإيمان والعزة والكرامة.

استطلاع/ أسماء البزاز

أمة الرحمن عبدالله الحبسي- عضو اللجنة التحضيرية لفعاليات المولد النبوي الشريف محافظة ذمار تقول من جانبها : إن مناسبة المولد النبوي الشريف مناسبة عظيمة لها مكانتها وقدسيتها في قلوب المؤمنين، وخاصة أهل اليمن يمن الأنصار، يمن الحكمة والإيمان كيف لا، وهو يوم ارتبط به مصير البشرية وتغيرت فيه نواميس الكون الذي كان يكتنفه ظلام الجاهلية وظلالها في كل مجالات الحياة دينيا وسياسيا واجتماعيا وأخلاقيا، جاء مولد النور والطهر والزكاء والهداية نور الإسلام والرسالة المحمدية بعنوانها الواسع الرحمة المهداة قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ليجتاح نور الإسلام ظلام الجاهلية ويبددها ومعتقداتها ويحل محلها نور الحق والعدل والرحمة لتسمو بالإنسانية روحا وعقيدة وفكراً أو قيما وأخلاقا.
وقالت الحبسي : إن إحياءنا لهذه المناسبة هو تعبير عن الشكر لله على هذه النعمة العظيمة ، وتجديد الارتباط الوثيق بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ارتباطا بالقيم والمبادئ العظيمة التي جاء بها ،وتجديد للعهد والولاء لله ورسوله وأننا انصار دينه في نفس كل زمان ومكان يمن الحكمة والإيمان .
وبينت : لقد تفرد شعبنا اليمني في احتفائه بهذه المناسبة وإحياؤها عن غيره منذ زمن طويل ونحن في محافظة ذمار نحرص على إظهار هذه المناسبة لما لها من دلالاتها العظيمة في بناء الأمة للنهوض بمسؤوليتها وتعزيز قيم ومبادئ الدين الإسلامي والارتباط بالرسول قائدا وقدوة ومعلما ومرببا وهاديا، حيث أقامت اللجنة التحضيرية لفعالية المولد النبوي الشريف العديد من الاجتماعات لتنظيم وتحديد اللجان المشاركة في فعاليات المولد وتحديد مهام وأعمال كل لجنة من تنظيم وأمن واستقبال وإعداد برنامج الفعالية والتحشيد الفعالية منذ وقت مبكر، وكذلك إعداد ورشة تحضيرية للمولد النبوي لجميع المكاتب الرسمية والحكومية، بما فيها مكتب التربية للتعريف بأهمية المناسبة لجميع فئات المجتمع ودورها في التصدي لمخططات أعداء الأمة من اليهود والنصارى ومن والاهم في الإساءة للرسول ومحاولة فصل الأمة عنه وتقديم السيرة النبوية الصحيحة وترسيخها في نفوس أجيالنا وتحصينهم بالثقافة القرآنية .
وستقام العديد من الفعاليات والندوات، والموالد في عموم أحياء محافظة ذمار ومديرياتها، مبينة أنها ستقام اكثر من خمس وعشرين فعالية خطابية نسوية في مديرية المدينة بإشراف وإعداد الهيئة النسائية الثقافية العامة وكذلك العديد من الفعاليات في المعاهد والجامعات والمكاتب الحكومية والجوامع والمدارس الحكومية والأهلية وستكون الفعالية التدشينة للجنة التحضيرية يوم الثلاثاء ٢٧صفر في الصالة الرياضية والمركزية يوم الأربعاء ١٢ ربيع الأول في حديقة هران، فرحا وابتهاجا بهذه المناسبة العظيمة على صاحبها وآله افضل الصلوات والتسليم .
الارتباط النبوي :
صالحة غانم- عضو اللجنة التحضيرية لفعاليات وأنشطة المولد النبوي الشريف بصعدة تقول من جانبها : لقد أقترب الربيع المحمدي وكما في الأعوام الماضية- يستقبل الشعب اليمني ذكرى مناسبة المولد النبوي “على صاحبها وآله افضل الصلاة وأتم التسليم” بفرحٍ وابتهاجٍ وسرور، من منطلق قول الله “تَبَارَكَ وَتَعَالَى”: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} تعظيماً وتقديساً واجلالاً لرسولنا الأعظم، تحتفي النساء في كافة محافظة صعدة، وبدورها الهيئة النسائية كلجنة منظمة لفعاليات المولد النبوي الشريف تقوم بالإعداد والتجهيز بكل جد واهتمام لما لهذه المناسبة من أهمية، بدءاً بعقد الاجتماعات وإقامة الورش استعداداً للاحتفال بهذه المناسبة بصورة مشرفة تليق بعظمة صاحبها، وتبدأ نساء المحافظة في كل حي من قبل دخول شهر الخير بحملات نظافة وتزيين المنازل والشوارع بالزين الضوئية والقصاصات المعبرة عن المناسبة، معبرات بذلك عن محبتهن لرسول الله” صلوات الله عليه وعلى آله” ومن ثم تقام المجالس التثقيفية والفعاليات التحضيرية في عموم المحافظة التي تهدف إلى الاستفادة من شخصية الرسول كقائد وقدوة.
وقالت غانم : لا تخلو أنشطة المولد النبوي من عمل الندوات في المستشفيات والجامعات والدوائر الحكومية النسائية وإقامة الإذاعات المدرسية والمسابقات بالتنسيق مع الجهات المعنية وتوزيع المطويات والكتب والدعوات للتحشيد للاحتفالات المركزية، يصاحب كل هذه الأنشطة إعداد وتجهيز قوافل الخير والبذل والعطاء لرفد جبهات العزة والشرف كرسالة واضحة للعدو انهُ لا نجاة ولا عزة ولا سعادة إلا بالارتباط برسول الله صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين.
الكمال البشري :
ألطاف الحميري- عضو اللجنة التحضيرية لفعاليات المولد النبوي محافظة تعز تقول : يصنع المضلون للباطل ضجةً مهولة ويختلق المنافقون للضلال أكاذيب لها أول ولا آخر لها في الإعلام، في الشبكة العنكبوتية، في الأحياء وهلم جرا.
وقالت الحميري : هكذا حرص الأعداء على إيصال الزيف إلى كل عقل وقلب!، أفلا نحرص نحن على إيصال الحق بمعناه الأصيل، وبمحتواه النبيل ألا وإن عمود الحق الإتباع لنبي الرحمة، ورسول السلام، ولن يأتي اتباعٌ إلا بأتباع، ولن يكون أتباعٌ إلا بوعي، ولا يصل وعيٌ إلا بجهود متضافرة، وأيادٍ عاملة، وهممٍ عالية، تحمل همَّ التبليغ عن رسول الله، وإبلاغ الناس من هو رسول الله، وكيف كان رسول الله، وماذا يعني لنا رسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله وسلم).
وأضافت الحميري : وهنا تكمن أهمية التحشيد، والإعداد، والتعبئة المعنوية، ونشر الوعي في المنازل كبداية، مروراً بالحارات، ولا ننسى المرافئ الحكومية دون استثناء، انتهاء بمواقع التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها.
وقالت الحميري : لنعري خبثهم في استهداف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم ) تلك الشخصية التي بلغت أعلى درجات الكمال البشري، ولندع نور المصطفى يشّع ضياءً من مشكاة هذه المناسبة. وليتضح للعالم أجمع أن نبينا خير نبي، وأفضل رسول، وأعظم قائد. دانت له الأنس والجن، واعترف بفضله أعداؤه قبل محبيه.
حتى قيام الساعة :
من ناحيتها تقول أمة الله عباس- رئيسة اللجنة التحضيرية لفعاليات للمولد النبوي الشريف بمحافظة المحويت: إن ذكرى المولد النبوي هي محطة عظيمة، محطة تربوية محطة لتوحيد الأمة على مبدأ الإيمان والتوحد والاعتصام، محطة لترسيخ الولاء الصادق لرسول الله( صلى الله عليه واله وسلم ) وتعزيز الارتباط به والعودة الجادة لتأسي والاقتداء بإيمانه وأخلاقه وصفاته، ولنأخذ من هذه الذكرى الوعي والبصيرة ، وتمكن أهمية الاستعداد لهذه المناسبة في عظمة صاحب هذه المناسبة الرسول الأعظم الرحمة المهداة للعالمين حبيب رب العالمين من رفع ذكره وأعلى شأنه ( وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ) وأمرنا الله بأن نفرح ونعلن مظاهر السعادة لهذه المناسبة لقوله تعالى (قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ).
وقالت عباس : بدأـ الاستعدادات لهذه الذكرى أولاً بعمل اجتماعات وورش عمل استعداداً لهذه المناسبة بدأت من اختيار المكان المناسب لهذه الفعالية، تفعيل الجانب المجتمعي للمشاركة في إظهار هذه الفرحة.
وتابعت عباس : أما على الجانب التربوي فقد تمت إقامة الإذاعات المدرسية والفعاليات التحضيرية وعمل الندوات والمسابقات المدرسية وعلى المستوى الثقافي بإحياء وتفعيل المجالس على مستوى الحارات والقرى وتفعيل جانب حملات الإحسان وتنظيف الشوارع تهيئةً واستقبالاً فرحاً وشوقاً لمولد خير الأولين والآخرين وهذه عادة الأنصار منذ أن آمنوا بالرسول الأعظم والى قيام الساعة
إغاظة الأعداء :
ريم الرضي- رئيسة اللجنة التحضيرية لفعاليات المولد النبوي الشريف محافظة الحديدة تقول من ناحيتها: لأهمية المناسبة وتعظيمها وغرس محبة رسول الله وأهل بيته في قلوبنا وأبنائنا.
وتابعت الرضي : شكرا لله على إتمام النعمة وفضله علينا حين أرسل لنا برسوله العظيم لقول الله تعالى ﴿قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون﴾.
وقالت : إن احتفالنا بالمناسبة يرسل رساله للعدو بأننا بإذن الله سنظل متمسكين بالرسول الأعظم الذي هو قدوة وأسوة للعالمين جميعا وسنستعد بكل ما أوتينا من قوة لتقديم وإظهار وإبراز شخصيته بشكل عظيم يبيض وجوهنا يوم نلقى الله ورسوله.
واعتبرت الرضي أن ذلك سلاح قوي وفعّال ضد من يتآمر أو يحاول أن يسيء إلى الرسول أو يشوه سيرته وصورته عند الأمة، وفي الاحتفال إظهار محبتنا لرسول الله من خلال الاقتداء والتحلي به كأسوة وقدوة.
وإبراز مظاهر الفرح والسرور والابتهاج بقدوم مولد النور، من خلال تهيئة أنفسنا وأبنائنا ومجتمعاتنا بإقامة موالد وندوات ومجالس ثقيفية في كل مكان معبرين عن حبنا وولائنا برسول الله، وأيضا تزيين المنازل والأحياء والشوارع.
وقالت الرضي : سنحيي ذكرى ميلادرسول الله ونحيي سيرته العطرة في كل مكان وسيظهر ذلك جليا من خلال الخروج المشرف في جميع الساحات وذلك يوم الثاني عشر من ربيع الأول.
واعتبرت إحياء ذكرى المولد النبوي من الأعمال الصالحة التي تغيظ أعداء الله يقول الله تعالى ﴿ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح﴾.
مناسبة لا نظير لها :
يسرى مفضل -عضو اللجنة التحضيرية النسائية لفعاليات المولد النبوي الشريف بمحافظة صنعاء تقول من جانبها: إن الإعداد لمناسبة المولد النبوي الشريف يعتبر قربة نتقرب بها إلى الله، كما انه اعتراف بنعمة الله سبحانه وتعالى على عباده وهو تعبير عن حبنا وولائنا الصادق لله ولرسوله محمد صلى الله عليه وعلى آله، من خلال هذه المعاني وادراك أهميتها وقداستها سيكون التحضير لهذه المناسبة تحضيرا يليق بمقام الرسول محمد صلى الله عليه وآله تحضيرا جيدا نقدم من خلاله رسالة لأعداء الإسلام أننا أمة متمسكة برسولها ومجلة ومعظمة له وسنجعل هذا الاستعداد ردا على كل المحاولات الشيطانية من جانب الأعداء للاستنقاص من مكانته في النفوس وقدره في القلوب.. وتابعت مفضل: بأننا نعتبر الإعداد والإحياء لمناسبة المولد النبوي الشريف موسما ثقافيا توعويا تربويا لنزداد وعيا وزكاء ونورا وحكمة .
وأوضحت مفضل قائلة: لقد أقيمت العديد من الأعمال والأنشطة لاستقبال المولد النبوي الشريف وذلك من خلال تزيين المنازل والشوارع وإقامة الموالد والفعاليات المصغرة وتجهيز وإعداد برامج الفعاليات المركزية والتدرب على أدائها وإقامة ورش عمل خاصة للعاملات، والتحشيد الكبير لهذه المناسبة العطرة وذلك من خلال عمل المنشورات والدعوات وتوزيعها وتحشيد المجتمع أثناء المحاضرات والأمسيات المصغرة والقيام بعمل دعوات صوتية وتعميمها في مواقع التواصل الاجتماعي وعلى المستوى الاجتماعي يتم الاهتمام بالأسر المستضعفة من خلال التكافل الاجتماعي.
وتابعت : سنستقبل ذكرى المولد النبوي الشريف بكل محبة وشوق ولهفة وسنجعل منها مناسبة متميزة بإذن الله لا نظير لها في كل مناسبات الدنيا.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

عبد الله بولا.. صرخة في وجه العنصرية الثقافية نهاية عصر المركزية النيلية وبدء انعتاق الهوية السودان

أنا تلميذ نجيب لعبد الله بولا، وأكتبُ اليوم ليس كمُحايد، بل كتلميذٍ مُنحازٍ لفكر هذا المفكر الثائر. عبد الله بولا كان صوتًا جريئًا وقفّ ضد التقيد بالأنماط الثقافية المعتمدة التي فرضتها النخبة السودانية، وسيطر على الأذهان منذ أكثر من نصف قرن من الزمن. في هذا المقال، نعيد قراءة فكر بولا، ونكشف القناع عن وجه السودان المقنع بالعنصرية الكامنة والهُويات المتصارعة، مع التركيز على كيفية بناء هوية سودانية حرة ومتماسكة تتجاوز الانقسام بين "العرب" و"الأفارقة".

السودان: دولة ما بعد الاستقلال وفخ الهوية الضحلة
عند نيل السودان لاستقلاله عام 1956، ورث الشعب دولةً هشةً بُنيت على وهم "الهوية العربية المطلقة"، التي اختزلت غنى وتنوع الكيان السوداني المتعدد الأوجه. لقد أصبحت "العروبة" أداة هيمنة من قبل الوسط النيلي (الخرطوم والمناطق المحيطة)، لتبرير تفوقه على "الآخر" الأفريقي المتواجد في الغرب (دارفور) والشرق (البجة) والجنوب (قبل الانفصال).

لماذا فشلت النخبة في بناء هوية جامعة؟

لأنها استبدلت الاستعمار الخارجي باستعمار داخلي؛ قائم على تسلسل هرمي للون واللسان.

لأنها حولت الثقافة إلى سلعة نخبوية تُكرس الانفصال بين "المُتحضّر" (المُعرّف بالعربي) و"الهمجي" (المُعرّف بالأفريقي).

إن هذا الفشل في بناء هوية شاملة أسفر عن دولة ما بعد الاستقلال أصبحت تعاني من ضعف جذورها وتراثها المتعدد، مما دفع الهامش إلى الثورة على تلك الهوية المفروضة.

عبد الله بولا: النبي المُهمَّش الذي كسر المرآة
لم يكن عبد الله بولا مجرد فنان تشكيلي أو مفكرٍ بعرض الفكر النقدي؛ بل كان ثائرًا يمسّ صميم الوعي السوداني. من منطقة البجة المُهمَّشة، خرج بولا ليُعلن بصراحة:

العبودية الكامنة: ليس القيد المستحضر من الماضي، بل بنية ثقافية تُهمِّش الأجساد السوداء وتخلّفها عن الخطاب السائد.

مركزية اللون: سيطرة البشرة الفاتحة في الإعلام والأدب كآلية لتعزيز تفوق "العروبة" ورفض الهوية الأفريقية.

الثورة الثقافية: التي لا يمكنها أن تكتمل في غياب تفكيك الهيمنة الرمزية للنخبة النيلية، إذ يصبح تحرير الفكر والثقافة ركيزة أساسية في التجديد الوطني.

في لوحاته، امتزجت الرموز الأفريقية الأصيلة مع الخطوط العربية الراقية، وكأنها جسر ثقافي يتحدى الفواصل التي رسمتها سياسات النفور والتمييز. كان الفن عند بولا وسيلةً لتجاوز الكلمات، فهو لغة تعكس عمق هوية لا تقبل القيد بأي قالب محدد.

لماذا أُقصي بولا؟
إن استبعاد عبد الله بولا لم يكن قرارًا شخصيًا بحتًا؛ بل كان تجسيدًا لجريمة ثقافية تُعبّر عن أزمة ضاعفة تهدد مصداقية الهوية السودانية.

أولًا: كشفه العُري العنصري
رفض بولا الاعتراف بأن العنصرية ليست محصورة في المناطق النائية، بل هي جزء من الواقع داخل قلب الوسط النيلي. إذ اعتُبرت مناطق مثل دارفور والبجة "أقليات" يجب أن تُستوعب كموضوعات إدماج رمزي دون منحها شراكة فعلية في صناعة الهوية الوطنية.

ثانيًا: خروجه عن لعبة الهوية المعلبة
رفض بولا أن يُفرض عليه أو أن يُفرز ضمن إطار "العربي" أو "الأفريقي" بشكل انفصالي. فكان يدعو إلى هوية سودانية مركبة، تُقدر التنوع الثقافي دون إنكار لجزء منها. ويُعد ذلك تحديًا مباشرًا للنظام الذي يسعى لاستمرارية السياسات التي تُكرس الهوية المزدوجة وتُبعد الأصوات التي لا تتماشى مع النسق الرسمي.

إعادة قراءة بولا: تحرير الهوية السودانية من سجن الثنائيات
إن قراءة فكر عبد الله بولا لا تقتصر على استرجاع ماضٍ حافل بالألم والنضال، بل هي دعوة لبناء مشروعٍ ثقافي جديد يستلهم من رؤيته الثورية.

أ. الاعتراف بالتعدد دون خوف
على المجتمع أن يتوقف عن اختزال السودان إلى ثنائية "عربي – أفريقي". فالسوداني الحقيقي يُعبر عن نفسه بمزيجٍ معقد من الكيانين؛ عرب بأفريقيتهم وأفارقة بعروبتهم. يجب إدماج الرموز الأفريقية – كالطبول والنقوش – مع التراث العربي كالخط والشعر في جميع الميادين التعليمية والفنية.

ب. تفكيك مركزية الخرطوم وإعادة كتابة التاريخ
يجب إعادة النظر في التاريخ من خلال منظور الأقاليم، فلا يجوز اعتبار تاريخ البجة أو الفور أو الشلك حكايات هامشية، بل هي قصص القلب النابض للسودان. كما يجب دعم اللهجات المحلية وتحويلها إلى لغات وطنية تُثري الحوار الثقافي.

ج. الفن كجبهة تحرير
كما فعل عبد الله بولا في لوحاته، يجب أن يكون الفن أداة تحريرية لا تُكسر فيها القيود، وأن يُفتح المجال للإبداع عبر معارض ومشروعات تُدمج بين مختلف أشكال التعبير الفني. كذلك، إن إحياء كتاباته ومقالاته في المناهج الدراسية يساهم في غرس فكرة أن الهوية الوطنية تُبنى بالحوار وليس بالصمت أو القمع.

عبد الله بولا لم يمت؛ إذ ما يزال يصرخ في ضميرنا الجماعي كنبأٍ عابرٍ يحمل بين طياته رسالة تحريرية صريحة. الثورة التي بدأت في ديسمبر 2018، برفضها للاستعباد الفكري والثقافي، أكدت أن السودان الهامشي لا يقبل بعد الآن أن يكون تابعًا للصور النمطية التي فرضتها النخبة النيلية. إننا في حاجة إلى إعادة تأمل جريئة في الهوية الوطنية عبر الاعتراف بالتعدد والاحتضان الكامل للتنوع، فالسودان الجديد لن يُبنى إلا بجسرٍ من الاعتراف المتبادل يجمع بين عروبيته وأفريقانيته
[*هوية سودانية مركبة أم موتٌ بطيء.. ذلك هو الاختيار.]

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الأمير عبدالعزيز بن أحمد يحتفل بخطوبة نجله الأمير تركي
  • خطيب المسجد النبوي: أعظم أسباب الثبات كثرة ذكر الله والإقبال على كتابه
  • خطيب المسجد النبوي يحذر من سوء الخاتمة ويكشف أسباب الثبات على الدين
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر الشريف
  • خالد الجندي: القصص النبوي وحيٌ من عند الله وباب عظيم من أبواب التشريع والتربية
  • الجندي: القصص النبوي وحي إلهي وليس اجتهادًا بشريًا
  • عبد الله بولا.. صرخة في وجه العنصرية الثقافية نهاية عصر المركزية النيلية وبدء انعتاق الهوية السودان
  • الحل الوحيد