وباء لا ينتهى.. متلازمة الكوفيد ظاهرة عالمية تكشف أسرارها دراستان.. "القصة كاملة"
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
يبدوا أن الكوفيد مرض لا ينتهى، فرغم ما سببه هذا المرض من آثار عالمية، وكارثة راح ضحيتها الآلاف حول العالم، إلا أن الذين تعافو من هذا المرض لم ينجو بشكل كامل من هذا المرض، وذلك مع ظهور ما أطلق عليه العلماء بـ"متلازمة كوفيد"، أو كوفيد طويل الأجل، وما يتكره من آثار على أجهزة الجسم المختلفة.
وتوفر دراستان حديثتان تفسيرات محتملة لأسباب مرض “كوفيد الطويل”، وهي متلازمة ما زالت كيفية حدوثها غامضة، إحداهما تستحضر التأثير المشترك اللاحق للفيروس في مختلف الأعضاء، والأخرى مسار تأثيره في خلايا الدماغ، وقال كريستوفر برايتلينغ، المؤلف المشارك لدراسة نشرت الجمعة في مجلة “لانسيت” لطب الجهاز التنفسي، إن هناك “أدلة ملموسة على حدوث تغييرات في مختلف أعضاء الجسم” بعد دخول المستشفى بسبب الإصابة بـ”كوفيد”.
ما أعراض متلازمة ما بعد الإصابة بكوفيد 19؟
تشمل أكثر أعراض متلازمة ما بعد الإصابة بكوفيد 19 المبلغ عنها شيوعًا ما يلي:
الإرهاقأعراض تتفاقم بعد ممارسة النشاط البدني أو الذهنيالحُمّىالأعراض الرئوية (التنفسية)، وتشمل صعوبة التنفس أو ضيق النفس والسعالتشمل الأعراض الأخرى المحتملة ما يلي:
الأعراض العصبية أو أمراض الصحة العقلية، وتشمل صعوبة التفكير أو التركيز، والصداع، ومشاكل النوم، والدوخة عند الوقوف، والشعور بوخز يشبه وخز الإبر، وفقدان حاسة الشم أو التذوق، والاكتئاب أو القلقألم في المفاصل أو العضلاتأعراض مشاكل القلب أو أمراضه، وتشمل ألمًا في الصدر وزيادة سرعة ضربات القلب أو قوتهاأعراض مشاكل الجهاز الهضمي، وتشمل الإسهال وآلام في المعدةمشاكل تجلط الدم والأوعية الدموية، وتشمل جلطات دموية تنتقل إلى الرئتين من الأوردة العميقة في الساقين وتعوق تدفق الدم إلى الرئتين (الانصمام الرئوي).أعراض أخرى، كالطفح الجلدي وتغيرات في دورة الحيض
وقد يكون من الصعب معرفة ما إذا كانت الأعراض التي تشعر بها بسبب كوفيد 19 أم لسبب آخر، كمرض لديك من قبل، ومن غير الواضح كذلك ما إذا كانت متلازمة ما بعد الإصابة بكوفيد 19 جديدة وتقتصر على كوفيد 19 من عدمه. إذ تشبه بعض الأعراض تلك التي تسببها متلازمة التعب المزمن وغيرها من الأمراض المزمنة التي تظهر بعد العدوى. وتشمل أعراض متلازمة التعب المزمن إرهاقًا شديدًا، يزداد سوءًا مع ممارسة النشاط الجسدي أو الذهني، غير أنه لا يتحسن مع الراحة.
لماذا يسبب كوفيد 19 مشكلات صحية مستمرة؟
وقد يكون لتضرر الأعضاء دور في ذلك، إذ يمكن أن يتعرض من أُصيبوا بمضاعفات مَرضية شديدة جراء كوفيد 19 لتضرر القلب والكليتين والجلد والدماغ، وقد يُصابون بالتهاب ومشاكل في الجهاز المناعي أيضًا، وليس واضحًا مدة استمرار هذه الأعراض. ويمكن أن تؤدي هذه الأعراض أيضًا إلى ظهور أمراض جديدة، كالسكري أو مرض في القلب أو الجهاز العصبي.
ويمكن أن تكون الإصابة بمضاعفات شديدة بسبب كوفيد 19 عاملاً آخر. فغالبًا ما يحتاج الذين تظهر عليهم أعراض شديدة لمرض كوفيد 19 تلقي العلاج في وحدة العناية المركزة بأحد المستشفيات. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ضعف شديد والإصابة باضطراب الكرب التالي للصدمة، وهو حالة نفسية تنشأ بسبب التعرض لحدث مروع.
دراسة من واقع الوباء
واعتمدت الدراسة االأولى على التصوير بالرنين المغناطيسي الذي تم إجراؤه على 259 مريضًا تم إدخالهم إلى المستشفى بسبب انتشار وباء “كوفيد” في عامي 2020 و2021. وقورنت النتائج بفحوصات أجريت على حوالي 50 شخصًا لم يصابوا بالعدوى على الإطلاق، وأظهرت الفحوصات لدى ما يقرب من ثلث مرضى “كوفيد” وجود “تشوهات” في العديد من الأعضاء بعد عدة أشهر من مغادرة المستشفى. وتشمل هذه الأعضاء الدماغ والرئتين والكليتين، وبدرجة أقل القلب والكبد، وعلى سبيل المثال لاحظ الباحثون تلفًا في المادة البيضاء في الدماغ، وهي ظاهرة يمكن أن تربطها الأدبيات العلمية بحدوث تدهور إدراكي طفيف.
وقال مؤلفا الدراسة ومراقبون مستقلون إن هذه النتائج توفر تفسيرا محتملا لمرض “كوفيد الطويل” أو استمرار الآثار اللاحقة بعد عدة أشهر من الإصابة، وهذه المتلازمة، التي تفتقر إلى تعريف توافقي بين العلماء، ما زالت غير مفهومة على المستوى الفسيولوجي، مع وجود عدة تفسيرات ليست أي منها نهائية، وتشير الدراسة، التي نُشرت الجمعة، إلى أن “كوفيد الطويل” لا يفسره “قصور خطير يتركز في عضو واحد”، بل “تفاعل بين اثنين على الأقل من حالات الخلل في أعضاء (مختلفة)”، كما يشير عالم أمراض الرئة ماثيو بالدوين الذي لم يشارك في الدراسة.
مسار الدماغ
الدراسة الأخرى نُشرت قبل أسبوع في مجلة “eBiomedicine”، وركزت على تأثير المرض في الدماغ، وفحصت هذه الدراسة، التي أجراها فريق من المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية “Inserm”، حالات نحو 50 مريضًا عانى بعضهم من انخفاض في مستويات هرمون التستوستيرون ولديهم صلة بتغيير أحدثه الفيروس في بعض الخلايا العصبية التي تنظم الوظائف الإنجابية.
ثم قام الباحثون بقياس الوظائف المعرفية لهؤلاء المرضى، ولاحظوا ضعفًا في الأداء عندما تأثرت هذه الفئة من الخلايا العصبية بالمرض، وقال المعهد الوطني الفرنسي للصحة والأبحاث الطبية في بيان صحافي: “تشير هذه النتائج إلى أن العدوى يمكن أن تؤدي إلى موت هذه الخلايا العصبية وتكون سببًا لأعراض معينة تستمر مع مرور الوقت”.
الخطر في غضون ثلاثة أشهر بعد الإصابة
بدءًا بالشعور بالتعب والسعال وضيق التنفس والحمى المتقطعة وفقدان حاسة التذوق أو الشم والصعوبة في التركيز والاكتئاب… يظهر “كوفيد الطويل” على شكل واحد أو أكثر من الأعراض من قائمة طويلة، بشكل عام في غضون ثلاثة أشهر بعد الإصابة، ويستمر مدة شهرين على الأقل. وهذه الأعراض لا يمكن تفسيرها بتشخيصات أخرى ولها تأثير في حياة المريض اليومية.
ففي فرنسا شُخص “كوفيد الطويل” لدى 4 بالمئة من البالغين أو 2,06 مليون أشخاص فوق 18 عاما، وقالت نسبة صغيرة منهم (1,2 بالمئة) إنهم يواجهون عوائق جدية أمام أداء أنشطتهم اليومية، حسب دراسة أجرتها هيئة الصحة العامة الفرنسية في خريف 2022 ونُشرت نتائجها في يونيو، ولكن الأعراض تتحسن ببطء بعد عامين لدى الغالبية العظمى من المرضى (90 بالمئة) الذين يعانون من “كوفيد الطويل”، بينما يعاني الآخرون من تحسن سريع أو، على العكس من ذلك، استمرار اضطراباتهم، حسب دراسة نشرها في مايو الدكتور فيت ثي تران، عالم الأوبئة بجامعة باريس سيتيه، وشملت 2197 مريضًا يعانون من “كوفيد الطويل” خضعوا لمتابعة منتظمة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: بعد الإصابة متلازمة ما کوفید 19 یمکن أن
إقرأ أيضاً:
ما هي متلازمة النوم القصير؟ وهل تشكل خطرًا على الصحة؟
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في العادة، من ينام أقل من ست ساعات في الليلة يشعر بالإرهاق خلال النهار، لكن هناك فئة من الناس لا تنطبق عليهم هذه القاعدة، ويعود ذلك لما يُعرف بـ”متلازمة النوم القصير”، وهذه المتلازمة تشير إلى أشخاص يتمتعون بنمط نوم طبيعي، إلا أن مدته أقصر من المعتاد، تتراوح غالبًا بين أربع إلى ست ساعات يوميًا، ومع ذلك يستيقظون بنشاط دون الإحساس بالنعاس أو التعب خلال النهار، على عكس أغلب من يحصلون على ساعات نوم مماثلة.
ورغم أن كلمة “متلازمة” قد توحي بوجود خلل أو اضطراب، فإن متلازمة النوم القصير لا تُعد مرضًا أو اضطرابًا في النوم، بل هي صفة بيولوجية يتمتع بها بعض الأفراد، ويُطلق عليهم “أصحاب النوم القصير الطبيعي”، وبمعنى أنهم لا يعانون من الأرق، ولا يقللون ساعات نومهم عمدًا، وإنما هذا هو نمطهم الفسيولوجي الطبيعي،!كما أن الاستيقاظ بالنسبة لهم غالبًا لا يحتاج إلى منبه.
لماذا ينام البعض فترات أقصر دون أن يتأثروا؟لا تزال الأبحاث في هذا المجال قائمة، لكن العلماء تمكنوا من رصد بعض الجينات المرتبطة بهذه الظاهرة، أبرزها الجين المعروف باسم DEC2، والذي يُعتقد أن له دورًا في تنظيم الساعة البيولوجية للجسم.
كما اكتشف الباحثون جينًا آخر يُعرف بـADRB1، ظهر في تحليل وراثي أُجري على عائلة تضم ثلاثة أجيال من أصحاب النوم القصير الطبيعي. عند تجربة تعديل هذا الجين على الفئران، تبيّن أنه يؤثر في منطقة دماغية مسؤولة عن تنظيم دورات النوم.
لكن لا ينبغي القفز إلى استنتاجات مثل إمكانية “هندسة بشرية” لإنتاج أفراد يحتاجون إلى وقت نوم أقل، فالموضوع لا يزال تحت الدراسة. ما نعرفه حاليًا يأتي من تجارب على الحيوانات، وربما تُظهر الأبحاث مستقبلًا أن هذه السمة لا ترتبط بجين واحد فقط، بل بعدة عوامل وراثية معقدة.
هل قلة النوم دائمًا مضرة؟بالنسبة للأشخاص الذين لا يتمتعون بهذه السمة ويقلّصون ساعات نومهم بشكل مستمر، فإن قلة النوم ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، السمنة، واضطرابات المزاج مثل الاكتئاب.
أما من يملكون طبيعة نوم قصيرة بصورة فطرية، فإن النوم لخمس أو ست ساعات لا يبدو أنه يسبب لهم ضررًا. ومع ذلك، تظل الدراسات قائمة وقد تكشف مع الوقت عن تأثيرات لم يتم رصدها بعد، لكن لا يوجد في الوقت الحالي ما يثبت أن نمط النوم القصير الطبيعي يشكل خطرًا صحيًا.