مقارنة إسرائيلية لحل القضية الفلسطينية بين تطبيع السعودية وكامب ديفيد
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
في الوقت الذي يواصل فيه الإسرائيليون والأمريكيون جهودهم لإنجاز اتفاق تطبيع مع السعودية، ظهرت القضية الفلسطينية كأحد عوائق إبرام هذا التطبيع، وفيما يحيي الإسرائيليون الذكرى السنوية الخمسين لحرب أكتوبر 1973، وما أسفرت عنه من اتفاق كامب ديفيد مع مصر، فقد بدا أن القضية الفلسطينية أيضاً برزت واحدة من قضايا التفاوض الثنائية.
وكشف الكاتب في صحيفة "مكور ريشون" العبرية، عادي شوارتس، أن "اتفاقية التطبيع الناشئة بين إسرائيل والسعودية تتعرض لانتقادات في دوائر معينة لأنها لا تتضمن تنازلات إسرائيلية بعيدة المدى للفلسطينيين، بزعم أنه لا فائدة من التوصل إلى اتفاق مع المملكة، كما يُقال، لن يعطي شيئاً لهم، ويجعلهم أكثر يأسا، مع أن أفضل فرصة للتوصل للسلام مع الفلسطينيين تكمن على وجه التحديد في تحسين العلاقات مع العالم العربي، وفي المقام الأول مع السعودية".
وأضاف شوارتس، خلال مقال له، ترجمته "عربي21" أن "السنوات الخمس والعشرين الماضية شهدت تقديم اقتراحات من رئيسي الوزراء، إيهود باراك، وإيهود أولمرت، شملت إقامة دولة فلسطينية، وتفكيك المستوطنات، وإنشاء عاصمة فلسطينية في شرقي القدس، وحتى السيطرة العربية على المسجد الأقصى، لكن الفلسطينيين ما زالوا لا يقبلون حق إسرائيل في الوجود كدولة قومية للشعب اليهودي، وليسوا مهتمين بإقامة دولة فلسطينية بجانب إسرائيل، بل في مكانها".
وأشار أنه "في هذه الحالة لا تستطيع إسرائيل أن تؤثر بشكل مباشر على العقلية الفلسطينية التي تنكر وجودها، ولا يمكنها تغيير الروح المعنوية في المجتمع الفلسطيني، الذي يرى في إنشاء إسرائيل كارثة فظيعة تسمى "النكبة"، ولا يزال يسعى لتصحيح هذا الظلم من خلال عودة اللاجئين وأحفادهم ضمن "حق العودة"".
وأضاف بأنه "في ما حظي به الفلسطينيون لمدة 75 عاماً من دعم مطلق من العالم العربي والإسلامي، وطالما وضع العالم العربي كل ثقله على مطالب الفلسطينيين، فلن يكون لديهم أي سبب لتغيير موقفهم وقبول حقيقة أن إسرائيل موجودة لتبقى، وهذا هو تفسير المقاومة الفلسطينية القوية لاتفاقات التطبيع حتى الآن".
وزعم أن "الدعم العربي الكامل الذي تلقاه الفلسطينيون منذ عقود على وشك الانتهاء، ولهذا السبب فإن إقامة العلاقات الإسرائيلية مع السعودية ليست مجرد خطوة ناجحة بحدّ ذاتها، تنطوي على إمكانات كبيرة لجميع الأطراف، بل خطوة من شأنها أن تمهد الطريق للتوصل إلى السلام مع الفلسطينيين، الذين قد يجدوا أنفسهم معزولين، وعندما قد يدركوا أن مطالبهم لا تحظى بأي دعم عربي، وقد يتعرضون لعزلة اقتصادية ودبلوماسية، وحينها سيضطرون لتغيير مواقفهم، ومحاولة إيجاد حلول عملية لنزاعهم مع إسرائيل".
وأوضح أن "السعودية ليست دولة عربية عادية، بل هي الدولة الرائدة في الشرق الأوسط، نظراً لضعف مصر والعراق وسوريا، وهي قوة اقتصادية كبرى، ينوي ولي العهد محمد بن سلمان الاستمرار في تعزيزها، وبما أن أقدس مكانين للإسلام يقعان على أراضيها: مكة والمدينة، فإن المملكة تتمتع بثقل من حيث الخطاب الديني والأيديولوجي في العالم الإسلامي، مما سيجعل من التطبيع معها قد تكون لها عواقب بعيدة المدى في العالم العربي والإسلامي، ولن يكون بوسع الفلسطينيين أن يظلوا غير مبالين بهذا الأمر".
من جهته، تناول الكاتب يائير شيلاغ، في صحيفة "مكور ريشون" العبرية، حلّ القضية الفلسطينية من زاوية اتفاق كامب ديفيد مع مصر، قائلا إن "حرب 1973 لا تتوقف أبدا عن هزّ المجتمع الإسرائيلي، ورغم مرور هذه الأعوام الخمسين على انقضائها، فلا زلنا نهتزّ عند كل اكتشاف وثيقة جديدة، تعيد لأذهان الجمهور مرة أخرى العجز اليائس في معاقل القتال عندما يتوسل جنودنا للحصول على تعزيزات؛ عقب وقوعهم في كمائن قاتلة من قبل المصريين".
وأضاف في مقال له، ترجمته "عربي21" أنه "في كل الأحوال، بات واضحا أن الهدف لم يكن تدمير إسرائيل، بل الرغبة المصرية باستعادة الكرامة العربية التي ضاعت في الهزيمة المؤلمة في حرب 67، وإجبارها عقب إذلالها في الحرب، على التوصل لتحرك سياسي للأراضي الفلسطينية من أجل السلام، وهو ما رفضته قبل الحرب، وبعد أن رفضت إسرائيل عرض السادات عليها قبل الحرب بالسلام الكامل مقابل الانسحاب الكامل من سيناء، لكنها قبلته في النهاية بعد الحرب، بل شعرت بالسعادة به، لكن بعد أربع سنوات ومقتل 2600 إسرائيلي".
وأشار أنه "في محاولة لاستخلاص الدروس والعبر من اتفاق كامب ديفيد مع المصريين، على مستقبل صراعنا الدائر مع الفلسطينيين، فإن الاحتلال يبدو الطرف الأكثر قوة، ووفقاً للسابقة المصرية، فمهما كثرت الضحايا، فإن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن القتال ضد إسرائيل حتى يستعيدوا شرفهم الضائع، بما في ذلك الاستمرار في سفك الدماء".
وأكد على أنه "ليس سرّاً أن الاحتلال يسعى من خلال تطبيعه مع السعودية إلى طيّ صفحة القضية الفلسطينية، وتهميشها، والاكتفاء بعلاقاته مع الدول العربية، كما أبرم اتفاق كامب ديفيد مع مصر قبل أربعة عقود، ولم يتم حلّ القضية الفلسطينية، بل القفز عنها، لاسيما في ضوء ما يتم تداوله من معلومات وتسريبات تتعلق بالمطالب الفلسطينية لتمرير هذا التطبيع مع السعودية، المتمثل بتنفيذ المبادرة العربية التي أعلنتها في 2002، مع بعض التحسينات الجديدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السعودية القضية الفلسطينية كامب ديفيد مصر مصر السعودية القضية الفلسطينية كامب ديفيد حرب أكتوبر صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة العالم العربی مع السعودیة
إقرأ أيضاً:
ما تأثير القضية الفلسطينية على الانتخابات الأمريكية؟.. خبراء يجيبون
في ظل التحضيرات للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، تتعدد الآراء حول تأثير نتائج هذه الانتخابات على القضية الفلسطينية. ومع دخول الحزبين الجمهوري والديمقراطي في سباق محموم على الرئاسة، يتساءل العديد من المراقبين عما إذا كانت الإدارة القادمة، سواء بقيادة الجمهوريين أو الديمقراطيين، ستحقق تقدمًا ملموسًا نحو حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أم أن الوضع سيبقى كما كان عليه طوال العقود الماضية.
أزمة محتملة داخل الديمقراطيين وضغوط على إسرائيل في حال فوز الجمهوريينقال الدكتور أيمن الرقب، القيادي في حركة فتح، إن فوز الجمهوريين من شأنه أن يُعقد الوضع السياسي للحزب الديمقراطي، ويضعه أمام تحديات داخلية مشيرًا إلى أن التجارب السابقة، مثل انتخابات عامي 2000 و2016، حينما واجه الديمقراطيون أزمات دفعتهم لفرض ضغوط على حكومات خارجية، ومنها فرض تمديد قرار مجلس الأمن رقم 2334 لإدانة الاستيطان الإسرائيلي.
وأضاف الرقب في تصريحات خاصة "الفجر"،أن الرئيس السابق دونالد ترامب يمتلك رؤية واضحة لحل النزاعات الإقليمية، تتركز على إنهاء الحروب التي تستنزف الولايات المتحدة، وفي حال عودته إلى السلطة، فقد يسعى لإنهاء النزاعات المتواصلة بما فيها الصراع في الشرق الأوسط، بينما إذا فازت كامالا هاريس والديمقراطيون، من المحتمل أن تواصل الإدارة سياسة المماطلة في حل القضية الفلسطينية.
وبحسب الرقب، فإن الوضع الراهن يتطلب تحركًا أمريكيًا جادًا نحو وقف الحرب وحل الصراع عبر مبدأ حل الدولتين.
الدكتور أيمن الرقب
وأشار إلى أن هناك دعمًا عربيًا قويًا، خاصة من المملكة العربية السعودية، التي تضع شرطًا للتطبيع مع إسرائيل يتمثل في ضمانات جادة لإقامة دولة فلسطينية، وهو ما يفرض تحديات إضافية على السياسة الإسرائيلية التي تتعارض مع بعض قرارات الكنيست حول الاستيطان.
من جهته، يؤكد الكاتب الصحفي الفلسطيني ثائر أبو عطيوي، مدير مركز العرب للأبحاث والدراسات، أن الانتخابات الأمريكية المقبلة، سواء أفرزت فوز الديمقراطيين أو الجمهوريين، لن تسفر عن أي تغيير جوهري في الموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية.
ويشدد أبو عطيوي على أن الإدارات الأمريكية، على مدى عقود، لم تتجاوز الوعود الإعلامية والدعائية التي تخدم أغراضها الانتخابية وتستهدف أصوات العرب الأمريكيين.
وأشار أبو عطيوي في تصريحات خاصة لـ«الفجر» إلى أن هذه الوعود لا تُترجم على الأرض، وأن الولايات المتحدة تستمر في دعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر.
ويرى أن استمرار الحرب على قطاع غزة، التي دخلت شهرها الثالث عشر، يعد دليلًا على ازدواجية الموقف الأمريكي. وبينما تعلن واشنطن وساطتها، فإنها تقدم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا لإسرائيل، متجاهلة الظروف الإنسانية القاسية التي يمر بها الفلسطينيون.
الكاتب الصحفي الفلسطيني ثائر أبو عطيوي
أبو عطيوي يشير إلى ضرورة توحد الموقف العربي عبر جامعة الدول العربية، مؤكدًا على أهمية تطوير مشروع عربي يطالب الرئيس الأمريكي القادم بإنهاء العدوان على غزة، ويدفع إسرائيل للتفاوض بجدية لتحقيق الاستقرار وضمان أمن الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولة مستقلة.
نزار نزال: الانتخابات الأمريكية تثبت عدم الحياد تجاه الصراع الفلسطينيوفي السياق ذاته، أوضح المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن سياسة الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية ثابتة، سواء في ظل الديمقراطيين أو الجمهوريين.
وأكد نزال لـ«الفجر» أن مشروعًا أمريكيًا-إسرائيليًا طويل الأمد ينفذ على أرض الواقع في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأن الانتخابات الأمريكية ليست سوى استمرارية لدعم هذا المشروع دون تغيير حقيقي.
المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزالنزال يرى أن الجمهوريين عادةً ما يتيحون لإسرائيل حرية أكبر لتنفيذ سياساتها، في حين أن الديمقراطيين قد يضعون بعض القيود النسبية. وأوضح أن السياسة الأمريكية، رغم تغيير الرؤساء، لم تسهم إلا في تعزيز الاحتلال وفرض واقع استيطاني جديد، مؤكدًا أن الشعب الفلسطيني يدفع ثمن هذا الانحياز الأمريكي الدائم لدولة الاحتلال، على حساب حقوقه المشروعة.
الدور العربي المطلوب والآمال المستقبليةمع تصاعد الآمال في تحرك عربي فاعل يقوده موقف مشترك من الدول العربية، تشدد عدة أصوات فلسطينية على ضرورة مطالبة الإدارة الأمريكية الجديدة بوقف الحرب على غزة، وفتح باب المساعدات الإنسانية دون قيود. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه غزة كارثة إنسانية، حيث يعاني الفلسطينيون من نزوح جماعي، وسط نقص في الإمدادات الضرورية، واستمرار القصف الذي يحرمهم من الاستقرار والأمان.
المسؤولية الدولية لحل عادل ودائمفي ظل هذه المواقف المتباينة من المحللين والخبراء، يبقى التساؤل الأهم: هل ستتحمل الولايات المتحدة، بغض النظر عن الحزب الفائز، مسؤوليتها الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية، وتضغط على إسرائيل لتحقيق حل سياسي يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في ظل سلام شامل وعادل؟.