مصر: إثيوبيا تتراجع عن توافقات سابقة ولا تقدم بمفاوضات سد النهضة
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
قالت وزارة الري المصرية إن الجولة التفاوضية التي جمعت مصر والسودان وإثيوبيا في أديس أبابا لمناقشة قضية سد النهضة انتهت دون أن تسفر عن أي تقدم يُذكر، متهمة إثيوبيا بـ"التراجع عن توافقات سابقة".
وأضافت الوزارة -في بيان على حسابها على فيسبوك- أن الجلسة شهدت تراجع إثيوبيا عن عدد من الاتفاقيات السابقة التي تم التوصل إليها بين الدول الثلاث، مشيرة إلى أن إثيوبيا مستمرة برفضها لكل الحلول الوسط التي تم طرحها وكذلك للترتيبات الفنية المتفق عليها دوليا.
وأكدت الوزارة -في بيانها- أن الوفد المصري مستمر في التفاوض بجدية للتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم قواعد تعبئة وتشغيل سد النهضة بما يحفظ مصالح الدول الثلاث.
وكانت صور أقمار صناعية ملتقطة صباح 17 سبتمبر/أيلول الجاري قد أظهرت مرور المياه من أعلى الممر الأوسط لسد النهضة الإثيوبي.
ووثقت صور استمرار البناء في السد وتجهيز المنشآت الكهربائية المتعلقة به، بما في ذلك التوربينات في الجهة اليسرى.
كما أظهرت الصور توسعة كبيرة للمنطقة الواقعة أمام مخرج التوربينات اليمنى من السد، مقارنة بالصور الملتقطة في مارس/آذار الماضي.
الملء الرابع
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد نشر مقطع فيديو في العاشر من سبتمبر/أيلول الجاري عبر حسابه بمنصة إكس، رصد جانبا من مرور المياه من الممر الأوسط للسد وإعلان انتهاء الملء الرابع.
وتأتي المفاوضات الجديدة للسد بعد تجميد استمر أكثر من عامين، وتحديدا منذ أبريل/نيسان 2021 إثر فشل مبادرة للاتحاد الأفريقي في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث.
وتتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتيهما المائية من نهر النيل، بالمقابل ترفض إثيوبيا ذلك وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتي مصب النيل، مصر والسودان.
وكان السد في صلب نزاع إقليمي منذ أن بدأت إثيوبيا أعمال البناء عام 2011. وترى مصر أن السد تهديد وجودي لأنها تعتمد على نهر النيل لتأمين 97% من حاجاتها المائية.
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025″، وبأن مناطق في السودان -حيث كان النزاع في دارفور مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه- معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
“تقدم” – العمياء التي لا ترى ما حولها.!!
الحراك المدني والسياسي في بلادنا لم يتعافى من أمراض الماضي، ظل يكرر التجارب السابقة بكل عيوبها، هذا إذا لم يزد في وتيرة العيب التراكمي، فحين انقلب الاخوان على الحكومة الشرعية برئاسة الصادق المهدي، لم ينتفض رئيس الوزراء الشرعي (الصادق)، الانتفاضة التي تليق به كصاحب حق أصيل منحه الشعب عبر صناديق الاقتراع، فخان الأمانة التي تستوجب مواصلة المشوار النضالي المعارض )بصدق(، فهادن النظام الذي سيطر على مقاليد أموره صهره زعيم الاخوان، وعمل على تهدئة الأنصار الغاضبين، باستحداث تنظير جديد أفرز نوع غريب من المعارضة أسماه (الجهاد المدني)، الذي كان بمثابة تعطيل لصمود بعض الشرائح الحزبية الساعية لمواجهة الانقلابيين عسكرياً، ومن غرائب ومدهشات هذا (الصادق المهدي)، أنه لم يكتف بإقناع اتباعه بضرورة سلوك الجهاد المدني (النضال الاستسلامي)، بل عمل سرّاً مع الانقلابيين لتعضيد بقائهم في السلطة، التي نزعوها منه نزعاً، وذلك باختراقه للتجمع الوطني – التحالف السياسي والعسكري العريض، الذي تأسس من أجل إزالة الحكومة الاخوانية المنقلبة على شرعية (رئيس الوزراء الصادق المهدي)، الذي خرج من الخرطوم على مرأى ومسمع أجهزة الحكومة الاخوانية، في رحلة سفر بريّة عبر الحدود السودانية الارترية، والتحق بالتجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا، ثم عاد بعد مضي أشهر قليلة، أعقبها تفكك التحالف الهادف لاستعادة الشرعية، وحصل من النظام على المكافأة، هذا الحدث التاريخي المهم يجب على السياسيين (الشرفاء)، أن يلقنونه للأجيال الحاضرة، وأن لا يخدعوهم بتسويق الرجال الديمقراطيين المزيفين الرافضين لحكم العسكر نفاقاً، فمثل هذا التآمر المدني مع الانقلابيين العسكريين الاخوانيين، هو واحد من أسباب معاناة شعبنا من بطش العصابة الاخوانية، لذلك يجب الربط بين الخذلان الذي مارسه زعيم حزب الأمة، والأسباب الجوهرية التي مهدت لوصول الاخوان (الجبهة الإسلامية) للسلطة عبر الانقلاب.
عاشت قيادات أحزاب الأمة والاتحادي والبعث والشيوعي وغيرها، في توائم وانسجام مع منظومة دولة الانقلاب، التي رأسها البشير لثلاثين سنة، فسجدوا جميعهم داخل قبة برلمان (التوالي السياسي)، الذي وضع لبنة تأسيسه حسن الترابي شيخ الجماعة الاخوانية، هذا التماهي مع الانقلاب خلق طبقة سياسية حزبية داجنة ومذعنة لما يقرره العسكر الانقلابيون، لذلك جاءت ردة فعل القوى السياسية المشاركة في حكومة حمدوك مهادنة بعد انقلاب العسكر عليها، ولم تساند رئيس وزراء الثورة المساندة القوية والمطلوبة، ليصمد أمام الأمواج العاتية القادمة من بحر الانقلابيين الهائج المائج، فقدم حمدوك استقالته وغادر البلاد، وفشل طاقم الحكومة الشرعية في اختيار رئيس وزراء جديد ولو من منازلهم، ليقود الحراك الثوري المشروع، وكذلك أخفق أعضاء المجلس السيادي الشرعيين، في اختيار رئيس لمجلسهم للاستمرار في تمثيل السيادة التي اختطفها الانقلابيون، فارتكبوا ذات خطأ رئيس الوزراء الأسبق الذي انقلب عليه الاخوانيون، فاستسلم وانهزم وقدم لهم خدماته الجليلة، الخطأ الثاني هو عودة حمدوك لقيادة طاقم حكومته الشرعية تحت مسمى تحالف سياسي جديد مناهض للحرب أسموه "تقدم"، في خلق ازدواج للجسم السياسي الحاضن للشرعية "قحت"، كان يجب أن تستمر "قحت" في لعب دورها الداعم لثورة الشباب وحكومة الانتقال الحقيقية، وأن تترك رئيس الوزراء المستقيل ليكوّن التحالف المدني (غير السياسي)، المنوط به إيقاف الحرب، فاستقالة حمدوك ابّان ذروة الصلف الانقلابي هزمت الثوار وطاقم حكومته، فما كان له أن يعود للتعاطي السياسي بعد أن غادر السلطة طواعيةً، ومن الأفضل أن يكون أيقونة مدنية ورمز وطني يسعى بين السودانيين بالحسنى بقيادة آلية مدنية توقف الحرب.
الضعف السياسي والمدني المتوارث عبر الأجيال، فتح الباب واسعاً أمام فلول النظام البائد، لأن يصولوا ويجولوا بين بورتسودان وعطبرة مختطفين سيادة البلاد وحكومتها، فالمؤتمر الذي أقيم في كينيا بغرض تشكيل حكومة يعتبر خطيئة كبرى من "قحت" المتحورة إلى "تقدم"، كان الأجدى أن يمارس وزراء حمدوك دورهم الشرعي الذي لا يجب أن يهدده الانقلاب غير الشرعي، وأن يختاروا من بينهم رئيساً للوزراء بديلاً للمستقيل، ليصدر قرارات بإعفاء جميع رموز الحكومة التنفيذية المنخرطين في الانقلاب من وزراء وولاة وحكام أقاليم، ويستعيض عنهم بكوادر دستورية بديلة ممن يذخر بهم السودان، وأن يقوم أعضاء مجلس السيادة أصحاب الشرعية الدستورية بالدور نفسه، وأن يستمر دولاب العمل في المناطق المحررة بوتيرة طبيعية، تهيء الأجواء لقيام الدستوريين بدورهم الوطني، إنّ ما فعلته القوى السياسية والمدنية من تخبط وخلط لأوراق اللعبة السياسية بالمدنية والعسكرية، هو ما قاد لهذا الوضع الضبابي الذي يشي بحدوث انشقاقات أميبية، سوف تعصف بوحدة تحالف "تقدم"، بحسب ما يرى المراقبون، بل وتفتح الباب لاتساع الفراغ السياسي المتسع يوماً بعد يوم منذ أن اندلاع الحرب، لقد لعبت "تقدم" دور الأعمى الذي لا يرى ما يعوزه من أشياء هي في الأساس موجودة حوله، وعلى مرمى حجر من عكازه الذي يتوكأ عليه، فتقدم في حقيقتها هي "قحت" الحاضن لأجهزة الانتقال – حكومة تنفيذية ومجلس سيادي وجهاز تشريعي لم يؤسس، فلماذا تبحث عن شرعية تمتلكها؟، وكيف سمحت لأن يقودها العميان لإضفاء شرعية على حكومة بورتسودان الانقلابية المشعلة للحرب؟.
إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com