للمرة الثانية في أقل من عامين.. زرع قلب خنزير في جسم إنسان
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أصبح مريض يبلغ 58 عاما هذا الأسبوع ثاني شخص في العالم يُزرع في جسمه قلب خنزير معدل وراثيا، في مثال جديد على مجال بحث نشطٍ للغاية في السنوات الأخيرة.
وكانت عملية مماثلة أولى قد أجريت في عام 2022 في المؤسسة نفسها، وهي كليّة الطب بجامعة ميريلاند في الولايات المتحدة.
وكتبت الجامعة في بيان أن المريض آنذاك، ديفيد بينيت، توفي بعد حوالي شهرين من العملية "بسبب عوامل عدة، بينها سوء حالته الصحية" قبل عملية الزرع.
ويمكن أن توفر عمليات زرع الأعضاء الحيوانية في جسم البشر حلاً للنقص المزمن في المتبرعين بالأعضاء. ويوجد حالياً في الولايات المتحدة وحدها، أكثر من مئة ألف أميركي على قائمة الانتظار لإجراء عملية زرع الأعضاء. وأجريت العملية الجديدة في 20 أيلول/سبتمبر الجاري، على لورانس فوسيت، وهو جندي متقاعد يعاني مرضاً خطيراً في القلب من شأنه التسبب بموت حتمي. وقد اعتبر الأطباء أن هذا المريض غير مؤهل للخضوع لعملية زرع قلب بشري، وبالتالي فإن هذا الحل يمثل "الخيار الوحيد" بالنسبة له، بحسب بيان الجامعة.
وقال المريض قبل العملية، بحسب المصدر نفسه "على الأقل الآن بات لدي أمل وفرصة" بالبقاء على قيد الحياة. بدورها أكدت زوجته "ليست لدينا أي توقعات سوى بأن نمضي مزيداً من الوقت معاً"، للاستمتاع "بأمور بسيطة مثل الجلوس على الشرفة أمام المنزل وتناول القهوة معاً".
في المرة الأولى توفي المريض بعد حوالي شهرين من زرع القلب، فماذا بشأن المحاولة الثانية؟
فكيف وضع المريض بعد العملية؟
كشف الأطباء في بيان بعد إجراء عملية الزرع الثانية أنّ المريض لورانس فوسيت يتنفس حاليا بمفرده، كما أن قلبه الجديد يعمل بشكل جيد من دون مساعدة خارجية. ويتناول المريض علاجات مثبطة للمناعة، بالإضافة إلى "علاج جديد بالأجسام المضادة"، لتجنب رفض العضو المزروع.
وتشكل عمليات الزرع من هذا النوع تحدياً لأن الجهاز المناعي للمتلقي يميل إلى التصدي للعضو الغريب. ولهذا السبب يتم تعديل الخنازير وراثياً لتقليل هذا الخطر أيضاً.
وكان معهد زرع الأعضاء في مستشفى جامعة "ان واي يو لانغون" في نيويورك قد أعلن في وقت سابق هذا الشهر أنه نجح في تشغيل كلية خنزير لدى شخص متوف لفترة شهرين، وهي مدة قياسية.
وكان فريق علمي أميركي قد أعلن في وقت سابق أنّ كلية خنزير زُرعت في جسد إنسان بحالة موت دماغي تواصل العمل بعد 32 يومًا من زرعها، في أطول مدّة تسجّل في هذا النوع من العمليات من دون أن يرفض الجسم البشري العضو الأجنبي.
ويعمل الفريق على تطوير هذا النوع من عمليات زرع الأعضاء من حيوان إلى إنسان والتي تسمّى أيضًا "طعم أجنبي" على أمل مواجهة النقص المزمن في التبرّعات بالأعضاء.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: زرع الأعضاء
إقرأ أيضاً:
"المارد"
أحمد الرحبي
طاقات الإنسان الكامنة بداخله لا تحدها حدود، وهي تشكل تناقضًا مع الهشاشة والضعف الباديين عليه من الوَهلة الأولى، حال الإنسان، فعندما يُواجه مُشكلة أو مُعضلة، وتدفعه بعض المواقف في الحياة، إلى التَّحدي وجها لوجه، وتحشره إلى الزاوية، بلا ما لا مناص منه من مواجهة مصير قد يؤدي إلى حتفه، تستيقظ عندها قوى المقاومة الشرسة الكامنة في داخله، وهي القوى التي صقلتها ودربتها تجارب صراع البقاء، وتحدي الصعوبات والمخاطر التي تُهدد حياته، المطبوعة في جيناته الوراثية عبر ملايين الأجيال، صقل ودربة نتجت عن مواجهة المخاطر والأخطار التي تحيق به، استجابة لغريزة البقاء وحفظ الحياة وصيانتها.
تكمن هذه القوة والطاقة الجبارة في الإنسان، متوارية في داخله كبركان خامد، وذلك بغض النظر عن كون هذا الإنسان هو إنسان هادئ أو إنسان مسالم، أو كونه إنساناً لا تبدو عليه من الوهلة الأولى صفات القوة والعزيمة والجلد، في سلوكه وتعامله مع الأمور ومواجهته لها.
وتحت تحفيز الخطر وبدافع من مواقف صعبة وقاسية يتعرض لها الإنسان، تتحدد ردود أفعاله التي تأتي مفاجئة وغير متوقعة، وهي ردة الفعل التي يتحول فيها الإنسان خلال ثانية واحدة وبقدرة قادر في امتلاك زمام الأمر، واستعادة المبادرة في التصرف مهما كان الخطر مُحدِّقًا، والنجاة بأعجوبة من مصير مُحقق.
هذه الثانية العجيبة من التحول التي تقلب التوازنات في اللحظات الأخيرة، يستغرق الأديب المصري يوسف إدريس- تشيخوف القصة العربية كما يُعرف- التنقيب فيها، ثماني صفحات كاملة، بما يقارب ألفي كلمة، من البحث والاستقصاء، لثانية أو برهة من الزمن تعدل عمرًا كاملًا؛ حيث يبحث في قصته "المارد" بشكل عميق -كعادته في قصصه-، في برهة الانتفاض في وجه الخطر، والدافع الغريزي، في التعامل معه ومجابهته، وهي مجابهة يكون الإنسان معد لها منذ آلاف السنين وتكون على أساسها، عبر الخبرات المتراكمة في مواجهة تقلبات الطبيعة وتطور غريزة البقاء لديه، والنجاة في صراعه مع الطبيعة ومع وحوشها الكاسرة وأخطارها الداهمة.
القصة تكشف عن قانون طبيعي يتعلق بالمنطقة اللاوعية في الإنسان، وما ينبجس منها، في لحظات الخطر وفي حالات التحدي القاسية التي قد نواجهها في حياتنا، من قوة مادية هائلة، وطاقة معنوية جبارة، طاقة وقوة المارد.
رابط مختصر