"البحوث الإسلامية": النبي كان معلما فذا فريدا يقدرالعقول ويستثمر الطاقات
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عيّاد، إن الاحتفاء بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه في شهر مولده من أوجب الواجبات وفريضة دينية بل ضرورة حياتية؛ إذ في هذا الاحتفال تذكير بشخصية فريدة لم تتكرر في العالم أجمع؛ حيث بُعث -صلى الله عليه وسلم- والعالم على حاله من الجهل والظلم والتخبط تتحكم فيه الأعراف الجائرة وتسود فيه الموازين المعوجة فلا كرامة لإنسان ولا موضع لضعيف ولا مكان لمحروم، ولا أدل على ذلك من وصف جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- لحالة هذا العالم للنجاشي، فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم طوق النجاة لهذا العالم، والتي جاءت بالترغيب في الرحمة والمحبة والأمان وتنظر إلى الإنسان باعتبار إنسانيته لا فرق بين الجميع.
أضاف عياد خلال كلمته في احتفالية جامعة بني سويف بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف؛ بحضور د. سامح المراغي نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، د. محمود الهواري الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بالمجمع، الشيخ رضا عبد الحليم مدير عام منطقة وعظ بني سويف وعدد من وعاظ وواعظات الأزهر وطلاب جامعة بني سويف، أن الاحتفال بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- يستوقفنا أمام جوانب عدة أمام هذه الشخصية العظيمة في جميع أحوالها وشؤونها؛ ولهذا لا غرابة أن نجد الله تعالى يحدثنا عن هذا النبي ويخبرنا عن حاله ويبصرنا بشأنه فيقول سبحانه {وإنك لعلى خلق عظيم}، أي على دين قويم وهدي مستقيم، وهو ما أنبأت به أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- عندما نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في الغار وعاد إلى بيته قلقًا فقالت له قولتها المشهورة "كلَّا والله ما يخزيك الله أبدًا"؛ إنك لتصل الرحم، وتصدُقُ الحديثَ، وتَحمِل الكَلَّ، وتَكسِبُ المعدومَ، وتَقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، وهو ما أكدته أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت "كان خلقه القرآن".
أوضح الأمين العام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معلمًا فذًا فريدًا يستطيع أن يخاطب الناس على قدر أفهامهم وعقولهم ودرجاتهم؛ فكان يحسن الاختيار والتعليم لأصحابه رضوان الله عليهم، ويستثمر هذه الطاقات وتلك الإمكانات التي ميز الله -عز وجل- بها البعض، وكان -صلى الله عليه وسلم- يستدعي الظروف والبيئة التي نشأ بها الناس ويلتمس الأعذار، مشيرًا إلى أننا إذا كنا نحتفي بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- في مؤسسة علمية فهذا بالضرورة يدعونا إلى احترام العلم وتقدير العلماء والإعلاء من مكانتهم والحرص على بث تلك الروح في نفوس الطلاب.
وختم الأمين العام كلمته بالتأكيد على أن عصر الفضاء والتكنولوجيا والثورة المادية الهائلة التي قربت البعيد ويسرت العسير وفتحت الباب أمام كثير من الموجات الإلحادية والتيارات المادية وكل هذه الأقوال التي تتأتى من خلال هذه التيارات وتلك الاتجاهات ما هي إلا أقاويل ساقطة تسقط أمام العلم والبرهان والدليل والحجة، مشيرًا إلى ضرورة الوقوف أمام تلك الموجات الإلحادية والتيارات المادية والدعاوى الشاذة التي يراد منها القضاء على الكرامة الإنسانية ومسخ الهوية الإنسانية والخروج على ميثاق الفطرة والطبيعة السوية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
البحوث الإسلامية يختتم فعاليات "أسبوع الدعوة" بأسيوط
اختتمت اللَّجنة العُليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، اليوم الأربعاء، نشاطَها الدَّعوي بمحافظة أسيوط، الذي استهدف شباب جامعة أسيوط ومساجدها؛ وعقد برعاية من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر، وإشراف وكيل الأزهر ،ورئيس جامعة أسيوط، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية.
حاضر في اللقاء الأخير للأسبوع الدكتور رشوان أبو زيد، أستاذ الحديث وعلومه بكليَّة الدراسات الإسلامية بسوهاج، الدكتور حسن يحيى، الأمين العام للَّجنة العُليا للدعوة بالأزهر، وذلك تحت عنوان: (الدِّين والعِلم.. علاقة طرديَّة أم عكسيَّة؟).
وقال الدكتور حسن يحيى: إنَّ فريقًا من الناس جعل العِلم في صدام مع الدِّين، والناظر بعين الإنصاف يجد أن عقيدة التوحيد لا تتعارض مع عقيد العِلم، فالعِلمُ بكلِّ ما وصل إليه مِن تقدُّم، يؤكِّد في النهاية حقيقةَ وجود الله -تعالى- وقدرته في خَلْقه، ولا عجب أن نجد أنَّ أول ما نزل من القرآن الكريم هو كلمة {اقرأ}، وبهذه الكلمة نجد أنَّ الخطاب الإلهي جاء آمرًا الإنسانَ أن يقرأ ويقرأ باسم الله، وأن يطَّلع ويتعلَّم، بل وساعد طالبي العِلم والبحث والاطِّلاع، فقال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}، وغيرها من الآيات التي أكَّدت أنَّ العِلم والدِّين يسيران في طريق واحد، موضِّحًا أنَّه ما مِن شيء مِن خَلْق الله -من أرضٍ وسماواتٍ وحقائقَ كونيةٍ سَعَى إلى معرفتها العلم- إلَّا ولفت القرآنُ النَّاسَ إلى معرفتها، ففي معرفتها دليلٌ على وجود الله الخالِق.
وأكَّد الأمين العام للَّجنة العُليا أنَّ مَن قال: إنَّ المجتمع ينبغي أن يكفر ليتعلم، أو يتعلم فيكفر، فرأيه رأي مريض، لافتًا إلى أنَّ سبب ارتداد الحضارات هو أنها فرَّطت في الدِّين، وأي حضارة فصلت الدِّين عن العِلم كانت في زوال؛ لذا تُعدُّ حضارتنا الإسلامية خير شاهد، فبقاؤها خيرُ دليلٍ على رَبْط الدِّين بالعِلم، وتأكيدًا أنَّ العَلاقة بين الدِّين والعِلم عَلاقةٌ تكامليةٌ لا تعارض بينهما.
من جانبه، أوضح الدكتور رشوان أبو زيد أنَّ العِلم عِلمٌ إلهيٌّ وعِلمٌ تجريبيٌّ، فالعِلمُ الإلهيُّ هو الذي علَّمه الله لعباده عن طريق الوحي، والعِلمُ التجريبيُّ البشريُّ هو العِلمُ الذي جاءت نتائجه عن الطريق العقل البشري، وبعض الناس حين يسمع كلمة (العِلم) ينصرف ذهنه إلى العِلم الغربي التجريبي، مشيرًا إلى أنَّ للعِلم أنماطًا عدَّة، ومنها: العِلم الذى ذكره القرآن الكريم في قصَّة سيدنا سليمان وعرش بلقيس، وذلك الرجل الذي أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتدَّ طرفُ نبيِّ الله سليمان، متسائلًا: أي نمط من أنماط العِلم كان عند هذا الرجل؟
كما تساءل رشوان: هل العِلم التجريبي الغربي في مرتبة واحدة أو عدة مراتب؟ مجيبًا أنَّ العِلم التجريبي ليس له مستوًى واحدٌ من المعرفة، بل إنه قابلٌ بشكلٍ واضحٍ للتغيُّر والتطوُّر، فما كان يعرفه البشر مِن مِئَة سنة تغيَّر اليوم، وما نعرفه اليوم سيتغيَّر بعد مِئَة سنة، لافتًا إلى أنَّ العقل الذي يمنح الفرضيات لهذه التجارِب هو عقل بشري، والعقل البشري غير كامل، ونتائج العِلم التجريبي ظنِّية، وليست المعرفة الناتجة عنها هي أكمل المعارف، أمَّا عِلم الدِّين فهو عِلمٌ منزل من عند الله؛ ولذا نجد أن العِلم البشري هو عِلمٌ يريد تعرُّفَ عِلم الله، وعِلمُ الدِّين هو وحي إلهي يعرِّف الناس بالله؛ إذًا فلا تناقض ولا اختلاف، وإن حدث اختلاف بين عالِم الدِّين والعالِم التجريبي، فإنَّ الخطأ يكمُن في عدم فَهم النَّصِّ لعالِم الدِّين، أو خطأ في النتائج عند العالِم التجريبي، وهذا أمر طبيعي.
وجاءت لقاءات (أسبوع الدعوة الإسلامي) التي استمرت على مدار أسبوع في رحاب جامعة ومساجد أسيوط، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، و استهدفت إعداد خريطة فكريَّة تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفِكرية والعَقَديَّة والاجتماعيَّة، وترسيخ منظومة القِيَم والأخلاق والمُثُل العُليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشَّريف.