عربي21:
2024-12-23@14:08:19 GMT

مساندة الغرب للهند على حساب حقوق المسلمين فيها

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

لم يكن الممر الاقتصادي الذي تم الإعلان عنه بقمة العشرين الأخيرة، للربط التجاري بين الهند وأوروبا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل، أمرا غريبا في ظل سعي الدول الغربية لجذب الهند كشريك للحد من التوسع الصيني، وتقليل أهمية طريق الحزام والطريق الصيني، والذي تمكن بالفعل من تسيير خطوط قطارات لنقل التجارة بين الصين وأوروبا، إلى جانب الطريق البحري عبر قناة السويس، كذلك السعي لإنشاء تحالف المحيطين الهندي والهادئ بين الهند واليابان واستراليا، للحد من النشاط الصيني بالمحيطين.



وإذا كانت الولايات المتحدة تسعى للحد من النفوذ الصيني المتنامي، باعتبار أن الهند هي القوة الوحيدة الموازنة للصين وتتمتع بالقوة الكافية عسكريا، فإن الدول الأوروبية تسعى لنيل جانب أكبر من التجارة السلعية الهندية ومشتريات السلاح الهندي، في بلد يسكنه مليار و399 مليون نسمة.

ففي العام المالي الهندي 2022/2023 المنتهي آخر آذار/ مارس الماضي، كان نصيب دول الاتحاد الأوروبي نسبة 10 في المائة من التجارة السلعية الهندية، بينما كان نصيب الولايات المتحدة 11 في المائة، ونصيب دول الخليج العربي الست 15.8 في المائة من التجارة الهندية.

وخلال ذلك العام المالي كان نصيب دول الاتحاد الأوروبي 7.4 في المائة من الواردات السلعية الهندية، حتى أن قائمة الدول العشر الأولى للواردات الهندية خلت من وجود أية دولة أوروبية، ولم تتضمن العشر الثانية سوى ثلاثة دول أوروبية هي: ألمانيا في المركز الرابع عشر، وسويسرا في الخامس عشر وبلجيكا في العشرين، كما تضمنت قائمة العشر الثالثة أربع دول أوروبية هي: إنجلترا في المركز الحادي والعشرين، وهولندا في المركز السابع والعشرين، وفرنسا في الثامن العشرين، وإيطاليا في التاسع والعشرين.

السعي الغربي نحو المزيد من التعاون مع الهند للحد من النفوذ الصيني كان على حساب المسلمين بالهند، في ظل تغير الموقف الغربي من الممارسات المتعصبة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تجاه الأقليات في الهند، وسعيه لإنشاء الأمة الهندية التي يكون الهندوس فيها أعلى مرتبة، ولتصبح جميع الأقليات مواطنين من الدرجة الثانية
صمت غربي تجاه إنهاء الحكم الذاتي لكشمير

إلا أن هذا السعي الغربي نحو المزيد من التعاون مع الهند للحد من النفوذ الصيني كان على حساب المسلمين بالهند، في ظل تغير الموقف الغربي من الممارسات المتعصبة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي تجاه الأقليات في الهند، وسعيه لإنشاء الأمة الهندية التي يكون الهندوس فيها أعلى مرتبة، ولتصبح جميع الأقليات مواطنين من الدرجة الثانية، منذ توليه رئيس وزراء ولاية غوجارات من عام 2001 وحتى 2014، حين تولى رئاسة وزراء الهند وحتى الآن.

وبعد أن تبين للدول الغربية تواطؤه في أحداث العنف التي جرت بولاية غوجارات عام 2002، والتي راح ضحيتها نحو ألف شخص معظمهم من المسلمين، حين طالب الشرطة بعدم التدخل لفض العنف لثلاثة أيام، فقامت الولايات المتحدة بمنعه من دخولها لعشر سنوات، كما قامت دول أوروبية بارزة باتخاذ مواقف مناهضة له، لكن تلك المواقف تبدلت تجاه مودي في إطار سعي تلك الدول الغربية للحد من النفوذ الصيني، فسعت لاستقطابه والشراكة معه مثلما فعلت فرنسا وغيرها.

ورغم قيام مودي بتنفيذ برنامج انتقام وطني يهدف لإعادة الهند إلى الهندوس منذ عام 2014، والذي توسع به بعد إعادة انتخابه عام 2019، ومن ذلك قيامه عام 2019 بإنهاء الحكم الذاتي لكشمير ذات الأغلبية المسلمة، ونشر 80 ألف جندى فيها وفرض حظر تجول وحشي لمدة أربعة أشهر، وقطع الإنترنت، والقيام بعملية تطهير بصفوف المعارضة خاصة المسلمين واعتقال حوالي 13 ألف شخص، إلا أن الدول الغربية ظلت صامتة رغم مطالبة رئيس وزراء باكستان عمران خان وقتها بلجنة تحقيق دولية من خلال الأمم المتحدة.

وفي آب/ أغسطس 2019 وفي ذروة أزمة كشمير، رحبت مجموعة السبعة الكبار خلال اجتماعها بفرنسا بمودي، الذي اشترط عدم الحديث عن كشمير وتمت الاستجابة لمطلبه، ولقد شجعه ذلك على المضي في مسعاه لجعل الهند للهندوس، والذي استقاه من عضويته منذ طفولته بمنظمة التطوع الوطنية الهندوسية القومية (آر إس إس)، والتي تدرج في مناصبها. وهي منظمة شبه عسكرية يرتدي أعضاؤها زيا معينا، ويقومون بتدريبات يستخدمون فيها العصي والأسلحة البيضاء، ويتلقون جلسات تلقين للتاريخ الهندوسي واتباع أيديولوجية الانتقام تجاه دخول المسلمين الهند، واحتلالها ما بين القرنين العاشر والخامس عشر الميلادي.


خطوات ببرنامج الانتقام القومي للهندوس

ومن هنا فقد قام في آب/ اغسطس 2020 بوضع حجر الأساس لإقامة معبد، مكان مسجد دمره الهندوس عام 1992 ويحتفلون كل عام بتدميره، ردا على مؤسس الإمبراطورية المغولية الذي بنى المسجد قبل 500 عام، وتلا ذلك عام 2019 قيام مودي بتعديل معايير الحصول على الجنسية الهندية بهدف استبعاد المسلمين، ضمن برنامج الانتقام القومي الذي بدأه عام 2014، والذي تلاه قيام أعمال عنف في شباط/ فبراير 2020 أسفرت عن مقتل خمسين شخصا معظمهم من المسلمين.

وكان تعداد هندي للسكان عام 2011، للتوزيع النسبي لانتشار الديانات بالهند، أشار لوجود نسبة 79.8 في المائة للهندوس و14.2 في المائة للمسلمين، و2.3 في المائة للمسيحيين و1.7 في المائة للسيخ، و2 في المائة آخرين، وهو ما يعني وجود 199 مليون مسلم في الهند على الأقل حاليا، حيث زادت معدلات الإنجاب خلال السنوات الاثني عشر الماضية.

وتشير إحصاءات هندية تشير إلى أن نسب الالتحاق بالتعليم بين المسلمين أقل من الهندوس، وكذلك الحصول على الخدمات الصحية، أيضا معدلات الالتحاق بالوظائف العامة، وقلة عدد أعضاء البرلمان منهم بالقياس إلى نسبتهم من السكان، والذي بلغ 23 عضوا ببرلمان 2014 و27 عضوا ببرلمان 2019، رغم أن نسبتهم من السكان تتيح لهم الحصول على 76 مقعدا.

أغاني تدعو لقتل المسلمين

ولقد أذاع التلفزيون الألماني تقريرا مصورا عن بعض مطربي موسيقى البوب هندوتفا، الذين يغنون بكلمات تحض على كراهية المسلمين مباشرة، فالمغني الشهير سانديب أتاريا يقول مباشرة بأغانيه: "اتركوا الهند أيها المحتالون، ابنوا مساجدكم في مكان آخر هذه أرض الإله رام"، كما تضمنت أغاني بريم كريشنا قوله: "من يحقد على ديننا سنطلق عليه النار، الهند للهندوس، على المسلمين الذهاب إلى باكستان".

يستعد مودي لانتخابات برلمانية جديدة في العام المقبل، خاصة مع غياب قيادة جماهيرية مؤثرة على رأس حزب المؤتمر المعارض، مستفيدا من الدعم الغربي له، وعقد قمة العشرين الأخيرة في الهند، والإعلان عن الممر الاقتصادي الجديد الذي يربط الهند بأوروبا، مدعوما بعلاقات قوية مع إسرائيل، ومع دول عربية بعقد اتفاقيات اقتصادية متعددة مؤخرا مع مصر والسعودية، كما حصل على أوسمة من السعودية عام 2016 وعلى وسام زايد عام 2019
وتنتشر تلك الأغاني بين الشباب والطلاب والباعة الهندوس، مما يمجد العنف حسب أستاذ جامعي هندي، ويجعله مقبولا، ثم يتحول من مرحلة الخيال إلى التحول إلى حقيقة، خاصة بين الشباب العاطل المحبط مع ارتفاع نسب البطالة والفقر، ورغم الحشود الكبيرة التي تحضر من أماكن بعيدة لسماع تلك الأغاني، فلم تتدخل الشرطة لمنع تلك العبارات المليئة بالحض على الكراهية.

وها هي تصريحات النائب راميش بيدهوري، عن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم الذي يرأسه مودي، المعادية للمسلمين، قبل أيام، حيث وصف نائبا مسلما في البرلمان بالقواد والإرهابي والمجنون، فيما ضحك وزير سابق في الحكومة كان يجلس بجواره على حديثه. وهو تكرار لتعليقات سابقة لنواب تابعين للحزب الحاكم؛ مناهضة للمسلمين وتتضمن تمييزا للهندوس عن باقي المواطنين. وتزايدت حالات قتل المسلمين بذريعة ذبح الأبقار المقدسة وأكلها والمتاجرة بها، وإعادة تسمية مدن تحمل أسماء إسلامية، وصياغة كتب مدرسية تقلل من إسهامات المسلمين.

وها هي الأزمة الدبلوماسية التي جرت الشهر الحالي بين كندا والحكومة الهندية، وطرد كندا دبلوماسيا هنديا، لوجود شبهات موثوقة بأن عملاء للهند يقفون وراء مقتل زعيم للسيخ، في ضاحية ساري التابعة لفانكوفر حيث يقطن عدد كبير من السيخ.

ويستعد مودي لانتخابات برلمانية جديدة في العام المقبل، خاصة مع غياب قيادة جماهيرية مؤثرة على رأس حزب المؤتمر المعارض، مستفيدا من الدعم الغربي له، وعقد قمة العشرين الأخيرة في الهند، والإعلان عن الممر الاقتصادي الجديد الذي يربط الهند بأوروبا، مدعوما بعلاقات قوية مع إسرائيل، ومع دول عربية بعقد اتفاقيات اقتصادية متعددة مؤخرا مع مصر والسعودية، كما حصل على أوسمة من السعودية عام 2016 وعلى وسام زايد عام 2019.

twitter.com/mamdouh_alwaly

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهند المسلمين مودي الهندوس الهند المسلمين مودي الهندوس سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة رياضة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی المائة فی الهند عام 2019

إقرأ أيضاً:

إسناد مرحلة الطمأنة السورية بالسلع

أحسنت الإدارة الجديدة لسوريا حينما أتاحت المجال للوزراء الجدد الحديث إلى وسائل الإعلام، لطمأنة السوريين على إداركهم للمشاكل المتعلقة بشؤون وزاراتهم وسيرهم في طريق تخفيفها خلال الفترة الانتقالية، على أن تكون هناك خططا شاملة للتطوير خلال المرحلة المقبلة، وعرض الواقع الصعب الذي استلموه من النظام السابق، والذي يحتاج إلى نفقات كبيرة لتغييره وإلى بعض الوقت، حتى لا يتعجل الجمهور حصاد ثمارا سريعة من تراكمات سلبية ظلت لعقود وحتى ينخفض سقف توقعاتهم حاليا.

فهذا وزير النقل يشير إلى الواقع المزرى للسكك الحديدية، والذي لا يصلح معه شراء قطارات جديدة حيث يتطلب الأمر تغييرا شاملا للبنية التحتية المتمثلة في القضبان، كما يشير إلى سرقة بعض المُهمات من مطار دمشق يتطلب الأمر تعويضها حتى يمكن إعادة الرحلات إلى دول العالم، وها هو وزير الزراعة يشير إلى معاناة المزارعين في شراء التقاوي والأسمدة وحاجتهم لقروض مصرفية لشرائها، ومشكلة نقص المياه المرتبطة بتركيا دولة المنبع للنهرين أو من سيطرة الأكراد على مسار مجرى مائي.

ويشير وزير التجارة إلى أن كثيرا من المصانع مغلقة وكثيرا من المعامل تحتاج لتكهينها لقدم آلاتها لعقود ماضية، ويذكر وزير التعليم أن هناك 6500 مدرسة قد دمرت كليا أو جزئيا بسبب الحرب خلال السنوات الماضية، من بين إجمالي 18 ألفا و400 مدرسة في للبلاد مما سيدعو إلى العمل فترتين دراسيتين لاستيعاب الطلاب البالغ عددهم أربعة ملايين.

وهكذا نجم عن تنوع المتحدثين تناول العديد من القطاعات من حيث التركة الموروثة، أو الإجراءات العاجلة التي تمت لتوفير الأمن للأفراد والمنشآت، وتوفير الخدمات من خبز ومياه وكهرباء واتصالات، مع تكفل القائد العام أحمد الشرع بإرسال رسائل الطمأنة للداخل والخارج، سواء بالنسبة لاستيعاب الجميع داخل النظام الجديد واحترام المرأة، أو عدم تصدير الثورة السورية إلى أية بلدان أخرى، وحرصه على التعاون مع دول الخليج، والحرص على العلاقات الطيبة مع الجميع خاصة دول الجوار التي أكد عدم التدخل في شؤنها.

الممارسة العملية تزيد خبرة الوزراء

وقد يرى البعض أن بعض الوزراء ليست لديهم مهارات الحوار الإعلامي بشكل محترف، يجاري الإعلاميين القادمين من فضائيات عربية أعلى مهنية مما تعودوا على لقائه في إدلب من قبل، أو أن حديثهم يخلو من البيانات الرقمية الدقيقة للأمور التي يتناولونها، أو أنهم قد غضوا أبصارهم عن النظر إلى المذيعات اللاتي حاورنهم، مما أفقد الحوار خاصية التواصل البصري بين المحاور والضيف، وربما رأى البعض أن بعضهم يفتقد إلى النظرة المستقبلية لمجال تخصصه من خلال تركيزه على المسائل الجزئية الحالية.

وكل ما سبق فيه الكثير من الصحة، مع الأخذ في الاعتبار أعمار الوزراء المتوسطة وقلة سنوات خبرتهم في وزارة الإنقاذ في إدلب، وقصر فترة توليهم لمناصبهم الجديدة التي تبلغ أسبوعين فقط، ولهذا ستزيد خبرتهم الإعلامية والعملية مع الممارسة. وأتذكر هنا ما حدث في لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى المصري في فترة الرئيس محمد مرسى، حينما سعت لتطوير المؤسسات الصحفية الحكومية، وطلبت الإطلاع على دراسة لأوضاع تلك المؤسسات قام بها مكتب محاسبة شهير بتكليف من مجلس الشورى، ولكنها فشلت في مسعاها، لتعرف بعد ذلك أنه كانت هناك تعليمات من جهات بالسلطة بمنع إمدادهم بأية معلومات.

وهنا نذكر واقع عمل وزارة الداخلية في النظام الجديد، التي لم تجد من يستقبلها من العاملين القدامى حتى يسلموها الملفات التي يبنون عملهم على أساسها، حيث وجدوا أبنية مهجورة ليس فيها أحد وتم حرق بعضها خلال حرق الملفات الموجودة فيها لطمس الدلائل على تصرفات القيادات، ولعل ذلك يفسر لماذا لجأت الإدارة الجديدة للإستعانة بوزراء حكومة الإنقاذ في إدلب، لتولي مهمة حكومة تصريف الأعمال في دمشق حتى بداية آذار/ مارس المقبل.

مخاوف التضخم مع زيادة الأجور

وأتصور أن هناك جهات داخل النظام الجديد تختص بالرؤية الشاملة لمستقبل سوريا من مختلف النواحي، مع تكفل الوزراء بالنواحي التنفيذية اليومية، ويرجح ذلك ما تردد عن إجراء حوار وطني أوائل العام المقبل، والتدرج في استكمال المناصب الإدارية كما حدث مؤخرا بتعيين وزير للدفاع وآخر للخارجية ومسؤولة لمكتب شؤن المرأة، وكذلك التصريح بالاتجاه إلى مضاعفة أجور العاملين في الوزارات بنسبة 400 في المائة، والتوجه إلى تحرير الأسعار في الأسواق.

وأتوقف عند قرار مضاعفة أجور العاملين بالحكومة أربعة مرات مع نهاية الشهر كما تردد، وتبرير بعض الخبراء ذلك بأنه لن يتسبب في رفع الأسعار المرتفعة أصلا، بدعوى أن التضخم الموجود في سوريا ليس ناجما عن كبر الطلب وإنما بسبب نقص العرض للسلع، وهنا نذكر بأن زيادات الأجور التي قررها الرئيس التركي قد ساهمت في استمرار ارتفاع معدلات التضخم بتركيا، وهو ما حدث في مصر أيضا مما دفع صندوق النقد الدولي للضغط على الحكومة المصرية لتقليل إصدار النقد وعدم التوسع في زيادات الأجور.

فحتى يتم حصار التضخم والذي يمثل المشكلة الرئيسية لدى الأسر السورية حاليا، فلا بد أن يصاحب رفع الأجور المرتقب بسوريا، زيادة كمية المعروض من السلع والخدمات، لأن زيادة الأجور وحدها تعي أن تطارد أموال كثيرة سلعا قليلة مما يؤدى للمزيد من التضخم. ولا يكفي ما ذكره وزير التجارة من أن إزالة الحواجز في الطرق قد زاد من حركة التجارة بين محافظات سوريا مما زاد من المعروض السلعي، وكذلك حديثه عن أن مواجهة الفساد والإتاوات المفروضة على السلع قد قلل من قيمتها لدى التجار، فالأمر يتعلق بزيادة المعروض من السلع والخدمات بكم أكبر يوازى كمية الأموال الضخمة التي سيحصل عليها العاملون بالحكومة.

وهو أمر تكتنفه الصعاب من حيث تدبير العملات الأجنبية لاستيراد الطعام والوقود، كما أن غالب انتاج النفط والغاز الطبيعي والسلع الزراعية يقع في نطاق المنطقة التي يحكمها الأكراد، كما يتطلب الحصول على المنتجات الزراعية من الأراضي الخاضعة لسلطة النظام الجديد عدة أشهر حتى يتم الحصاد، ونفس الأمر لدورة التشغيل داخل المصانع، وتوافر المحروقات لنقل البضائع وانتقال العمالة.

البحث عن تعويض لغير الموظفين

وهنا يصبح الاستيراد هو الحل الأسرع لزيادة المعروض السلعى خاصة من دول الجوار الجغرافي لأن الاستيراد من دول بعيدة جغرافيا سيستغرق بعض الوقت إضافة إلى استمرار عقوباتها المفروضة على سوريا، وهنا نخشى من تأثير العوامل السياسية على إمداد سوريا باحتياجاتها الغذائية، خاصة من دول مثل مصر والأردن ما زال إعلامها المعبر عن سلطاتها يتخذ موقفا متشددا من النظام السوري الجديد، وهنا يمكن التدخل من قبل هؤلاء لتفضيل تصدير الخضر والفاكهة الأردنية إلى إسرائيل مثلا، على تصديرها إلى سوريا بحجة قوة العملة الإسرائيلية بالمقارنة لضعف العملة السورية.

لكن تعدد دول الجوار يمكن أن يساهم في تجزئة وتوزيع الاحتياجات عليها، وأبرزها تركيا التي بلغت قيمة صادراتها في العام الماضي لسوريا حسب البيانات التركية مليارين و38 مليون دولار، ذهب معظمها لمنطقة إدلب والشمال السوري، مما يعني زيادة الاحتياجات منها حاليا، ولأن تركيا دولة مستوردة للنفط والغاز الطبيعي مثل الأردن ولبنان يتطلب الأمر تعدد الموردين.

وكانت الصادرات المصرية لسوريا خلال العام الماضى قد بلغت حسب البيانات المصرية 305 ملايين دولار، كما بلغت الصادرات الأردنية لسوريا حسب البيانات الأردنية في العام الماضي 118 مليون دولار، وبلغت الصادرات اللبنانية لسوريا 126 مليون دولار ولا تتوافر بيانات عن قيمة الصادرات العراقية لسوريا. وتشير الأرقام السابقة إلى إمكانية زيادة قيمة تلك الواردات السورية من دول الجوار، حيث أشارت البيانات الأمريكية إلى أن النصيب النسبي للدول التي استوردت منها سوريا عام 2022، كانت بنسبة 45 في المائة من تركيا، و20 في المائة من الإمارات، و9 في المائة للصين و8 في المائة للبنان و7 في المائة لمصر.

ولعلنا نركز على أهمية تعزيز المعروض السلعى بالأسواق السورية بالتزامن مع زيادة الأجور وحرية التسعير للسلع التي أعلن عنها، لأن تسبب زيادة الأجور وحدها في ارتفاع معدلات التضخم سيؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور في النظام الجديد، وإمكانية زيادة عوامل عدم الاستقرار الاجتماعي، خاصة وأن البيانات الرسمية السورية لعام 2022 قد أشارت إلى أن عدد المشتغلين في سن 15 عاما فأكثر قد بلغ 4 ملايين و551 ألف شخص، موزعين ما بين: مليون و697 ألفا يعملون في الخدمات، و850 ألفا بالتجارة والفنادق والمطاعم و 672 ألفا بالزراعة و500 ألف بالصناعة، و483 ألفا بالتشييد والبناء و294 ألفا بالنقل والتخزين والاتصالات، و56 ألفا بالمال والتأمين والعقارات.

وبلغ عدد العاملين في الدولة 912 ألفا، منهم 472 ألفا من الذكور و440 ألفا من الإناث، ليجيء تصريح الوزراء الجدد بعدم دوام جانب من العمالة الحكومية بالوزارات بعد سقوط الأسد، مما يعني أن العدد الموجود حاليا أصبح أقل، فعندما تقوم حكومة تسيير الأعمال برفع الأجور للموظفين بالحكومة بنسبة 400 في المائة، والذي نتوقع أن يتسبب في ارتفاع الأسعار، فماذا تفعل باقي الشرائح العاملة خارج الحكومة وهي الأكثر عددا لمواجهة الأسعار المتوقع ارتفاعها؟

x.com/mamdouh_alwaly

مقالات مشابهة

  • إسناد مرحلة الطمأنة السورية بالسلع
  • تعرف على عقوبة الخطأ الطبي الذي يسبب عاهة مستديمة بمشروع قانون المسؤولية الطبية
  • عقوبة الخطأ الطبي الذي يؤدي لوفاة المريض وفقا لمشروع قانون المسؤولية الطبية
  • برلمانية: قانون الأحوال الشخصية الجديد لن يصدر لصالح فئة على حساب أخرى
  • جابر المري لـ"الوفد" : حقوق الإنسان في الغرب "حبر علي ورق" و عمان تقريرها ممتاز
  • رئيس وزراء الهند: نواصل دعم حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة مستقلة
  • الأسلحة الكيميائية.. سر نظام الأسد المظلم الذي يخشاه الغرب وإسرائيل
  • حظر بيع سيارات الغاز في كاليفورنيا
  • محافظة ريمة تشهد 45 مسيرة إسناداً لغزة وتأكيداً على الاستمرار في مساندة الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة
  • كاتب صحفي: الدول الغربية تتحرك لحماية مصالحها أكثر من حقوق الإنسان