أخبارنا:
2025-04-25@22:09:26 GMT

هل يمتد أفق التوتر بين الرباط وباريس إلى غاية سنة 2027؟

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

هل يمتد أفق التوتر بين الرباط وباريس إلى غاية سنة 2027؟

بقلم: بلال التليدي

كل المؤشرات تفيد بأن العلاقات المغربية الفرنسية بلغت مستوى عاليا من السوء، حتى صار متداولا لدى النخب السياسية والإعلامية الفرنسية، أن وجود إيمانويل ماكرون في الرئاسة، يديم هذا التوتر، كما تأكد للنخب الإعلامية المغربية ألا عودة للعلاقات المغربية الفرنسية إلى طبيعتها قبل 2027، بعد أن يغادر الرئيس إيمانويل ماكرون قصر الإليزيه.

بعض المراقبين فسروا الأمر باعتباره خلافا شخصيا، واستندوا في ذلك إلى ما رواه الكاتب المغربي الفرنكفوني الطاهر بن جلون، من إساءة الرئيس إيمانويل ماكرون لملك المغرب في مكالمة هاتفية على خلفية اتهامات للمغرب بالتورط في استخدام برنامج «بيغاسوس» للتنصت على هاتفه الشخصي، ولأنه لهذا السبب، لا ينتظر أي أفق لإصلاح العلاقات بين البلدين مادام إيمانويل ماكرون على رأس السلطة بفرنسا.

لكن هذا التحليل، على فرض صحة مستنداته، لا يأخذ بعين الاعتبار الطبيعة البراغماتية للدبلوماسية المغربية. تلك البراغماتية، التي دفعت بالملك الحسن الثاني رحمه الله، إلى طي صفحة الماضي، سواء مع الدول التي قررت تغيير سياستها بعد المعاندة لمصالح المغرب الحيوية، أو مع المعارضين في الداخل الذين بنوا أطروحتهم التغييرية على فكرة الثورة على رأس النظام. وهي البراغماتية نفسها، التي ورثها الملك محمد السادس، ووضع عليها بصمته الخاصة، فقد عرفت السنوات الأخيرة تحولات عميقة في العلاقة مع كل من السويد، وهولندا، وإسبانيا، وألمانيا، انتهت في الأخير إلى طي صفحة التوتر بالكلية، بل لم تستثن من ذلك حتى بعض الدول العربية (مصر السيسي) ومنها على الخصوص دول الخليج التي توترت العلاقات مع بعضها في فترات مخصوصة على خلفية وجود الإسلاميين في السلطة، فأدارت الدبلوماسية المغربية هذه التوترات بذكاء دون أن تجعل من الخلافات الشخصية، أو الإساءات البليغة، عائقا يمنع طي صفحة التوتر واستشراف علاقات أفضل في ظل احترام القرار السيادي المغربي ومراعاة المصالح الحيوية للرباط المغرب.

ولذلك، وحتى ولو تم الأخذ بعين الاعتبار رواية «إساءة» ماكرون لملك المغرب، فإن ما يحدد رد فعل الرباط، شيء آخر، مرتبط بشكل جوهري بسياسة فرنسية معادية للمصالح المغربية، وتحالفات سرية وعلنية تهدف إلى تقويض سيادة المغرب ومحاصرة نفوذه في المنطقة.

كثيرون توقفوا عند موقف المغرب من الدعم الدولي لمواجهة آثار الزلازل، وكيف اتخذ قراره بالاكتفاء بقبول أربعة عروض دولية تخص إسبانيا وبريطانيا وقطر والإمارات العربية المتحدة، وتابعوا الأسلوب الذي اختارته باريس للتعليق على هذا القرار، وكيف شن الإعلام الفرنسي بشكل يشبه الأوركسترا الموجهة حملة ضد المغرب وضد ملكه، كان مضمونها الاستفسار عن سبب قبول عرض إسبانيا وليس فرنسا، بالإضافة إلى ركوب لغة تحريضية، تخاطب المتضررين من الزلزال عن أسباب هذا الرفض لمساعدات كانت ستخفف من معاناتهم الإنسانية، محاولة في ذلك الإيحاء بأن الموقف المغربي، يأتي ضدا على مصالح المتضررين.

والأسوأ من ذلك كله، هو عندما تفهمت الدول الأخرى موقف المغرب، وفسرته بشكل إيجابي، كما فعلت برلين حين اعتبرت مبرراته منطقية، وأن دروس التجربة الألمانية بينت أن العبرة ليست بكثرة المتدخلين الدوليين، بل بوجود فعالية وتنسيق، حتى لا يؤدي الأمر إلى نتائج عكسية، في هذه اللحظة، قامت باريس بمحاولة تصحيح خطئها، فارتكبت خطأين شنيعين، بإقدام الرئيس إيمانويل ماكرون بمخاطبة الشعب المغربي بشكل مباشر، مما اعتبر تصرفا أرعن يخالف الأعراف الدبلوماسية، وبإعلان وزيرة الخارجية الفرنسية كاترينا كولونا، وبشكل أحادي، ودون استشارة مسبقة مع الجانب المغربي، عن زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، مدعية بأن ملك المغرب قدم دعوة إليه، وهو ما نفته الرباط، مؤكدة بشكل رسمي أن الزيارة المذكورة «غير مدرجة في جدول الأعمال وغير مبرمجة».

بعض المتابعين لملف العلاقات المغربية الفرنسية حاولوا تجاوز هذه الاعتبارات، التي تعكس توتر العلاقة أكثر مما تفسر أسبابها، وراحوا يبحثون عن مسبباتها العميقة في الرواية الفرنسية، أي في حكاية «البيغاسوس». والبعض الآخر، زاد إلى ذلك، الموقف المغربي في منطقة الساحل جنوب الصحراء، وأنه بدل أن يقدم الدعم والسند الدبلوماسي والاستراتيجي لباريس حتى تستعيد جزءا من نفوذها بالمنطقة، أو على الأقل، حتى لا تخسر كل نفوذها فيها، أضحى يفكر بأجندة مستقلة، تراعي مصالحه الخاصة، فيقيم تحالفاته مع أمريكا، ويتجنب بذكاء الاصطدام بروسيا، ويكسب ثقة النخب السلطوية الجديدة التي قادت الانقلاب في كل من مالي وبوركينافاسو والنيجر.

والحال، تدخل هذه الاعتبارات كلها ضمن الرواية الفرنسية، وليس ضمن نظيرتها المغربية، فالمشكلة اليوم ليست مشكلة رفض باريس عودة العلاقات مع المغرب، أو رفض باريس زيارة الملك محمد السادس إليها، كما هو شأن وضع زيارة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إليها، والتي تأجلت لثلاث مرات دون معرفة إمكان حدوثها، بل المشكلة، ينبغي أن تلتمس اليوم في الرواية المغربية، فالرئيس الفرنسي ما فتئ يذكر بأهمية استعادة علاقاته مع المغرب، ووزارة خارجيته، قفزت بعيدا وتحدثت عن زيارة وشيكة للرئيس الفرنسي للرباط، وكانت قد قامت بزيارة للمغرب في ديسمبر من العام الماضي، واضعة في أجندتها حل مشكلة التأشيرات، كما ولو كانت مفتاحا لعودة العلاقات مع الرباط، لكن في نهاية المطاف، بقيت الكرة في ملعب الرباط، مما يبرر البحث في أسباب توتر العلاقات في الرواية المغربية، لا في نظيرتها الفرنسية.

في التقدير المغربي، ثمة معطى واحد، تدور عليه كل الرواية المغربية، وهو طبيعة السياسة الخارجية الفرنسية في المنطقة في عهد الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي اختارت التنسيق مع الجزائر لإبطال مفعول سياسة الرباط الجديدة التي جعلت قضية الصحراء مفتاحها الرئيسي.

الأسباب الحقيقية للصراع بين الرباط وباريس، لا تخرج عن هذا الإطار، وإن كانت هناك تفاصيل غير معلنة، تفسر إلى حد كبير بلوغ التوتر هذا المستوى غير المسبوق، ومنها أنه في الوقت الذي كان فيه المغرب، يواجه التداعيات المدمرة للزلزال، ونزلت القوات المسلحة الملكية بكل قوتها إلى المنطقة للقيام بجهود الإنقاذ، حصل بين باريس والجزائر تنسيق محكم حول إدارة الموقف، وذلك بركوب لغة ازدواجية تمثلت في ممارسة الدعاية بقضية المساعدات الإنسانية الموجهة للرباط.

ولذلك، مشكلة التوتر بين البلدين ليس في وجود إيمانويل ماكرون على رأس السلطة، وإنما يكمن في سياسة فرنسية اقتنعت بأن نفوذ باريس ومصالحها الإقليمية تعرضت للخطر منذ اللحظة التي بدأ فيها المغرب يفكر بأجندته الخاصة في المنطقة، وأنه لا سبيل لتأمين مصالح فرنسا سوى بتوقيف الامتداد المغربي، ولا سبيل لتوقيف هذا الامتداد دون تنسيق محكم مع الجزائر يضع في صلب أجندته الاستثمار في قضية الصحراء لإضعاف الموقف المغربي.

المصدر: أخبارنا

كلمات دلالية: الرئیس إیمانویل ماکرون

إقرأ أيضاً:

استعداداً لكأس العالم 2030.. المغرب يطلق خط قطار فائق السرعة

أطلق المغرب مشروعًا طموحًا “لإنشاء الخط الثاني للقطار الفائق السرعة (LGV) الذي سيربط بين مدينتي القنيطرة ومراكش، بطول 430 كيلومترًا وبتكلفة تقديرية تصل إلى 53 مليار درهم (حوالي 5.7 مليار دولار)، ويُعتبر امتدادًا للخط الأول الذي يربط طنجة بالدار البيضاء، والذي تم تدشينه في عام 2018، ويُعد الأول من نوعه في إفريقيا”.

ومن المتوقع أن “يُسهم هذا الخط الجديد في تقليص وقت الرحلة بين طنجة ومراكش إلى ساعتين و40 دقيقة، بدلًا من أكثر من خمس ساعات حاليًا، ما يعزز ربط شمال المغرب بجنوبه ويسهم في تحسين التنقل الداخلي. كما سيشكل المشروع خطوة هامة في تعزيز شبكة النقل السككي في المملكة، في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تطوير قطاع النقل العام بحلول 2030”.

ويتضمن المشروع أيضًا “اقتناء 168 قطارًا جديدًا بقيمة إجمالية تبلغ 29 مليار درهم، تشمل 18 قطارًا فائق السرعة من شركة “ألستوم” الفرنسية، و110 قطارات من شركة “هيونداي روتم” الكورية الجنوبية، بالإضافة إلى 40 قطارًا من شركة “كاف” الإسبانية، كما ستُنشأ مصنع محلي لصناعة وصيانة القطارات، مما يساهم في تعزيز القدرات الصناعية المحلية وتوفير آلاف فرص العمل”.

ويُتوقع أن يُحدث المشروع “نقلة نوعية في البنية التحتية المغربية، خاصة في سياق الاستعدادات لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، حيث سيربط المشروع بين مطاري الرباط والدار البيضاء وملعب بنسليمان الجديد”.

كما “سيتيح المشروع “الربط السريع بين مطاري الرباط والدار البيضاء وملعب بنسليمان الجديد، المقرر إنشاؤه بحلول عام 2027، والذي سيشكل إحدى المحطات الرئيسية للبطولة العالمية”.

المشروع “يُعد امتدادًا للتعاون الوثيق بين المغرب وفرنسا، والذي تم تعزيزها مؤخرًا خلال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الرباط في أكتوبر 2023، حيث تم التأكيد على الشراكة بين البلدين في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة والذكاء الصناعي”.

مقالات مشابهة

  • اعتقال بودريقة الرئيس السابق للرجاء البيضاوي المغربي
  • عمدة مونبلييه يحل بالداخلة في إطار تعزيز الشراكة الفرنسية المغربية ودعم مغربية الصحراء
  • صحيفة اسبانية: الاقتصاد المغربي في طريقه ليصبح من بين أقوى الاقتصادات في إفريقيا
  • استعداداً لكأس العالم 2030.. المغرب يطلق خط قطار فائق السرعة
  • ملك المغرب يطلق خط السكك فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش
  • ماذا وراء زيارة تبون إلى ولاية بشار الملاصقة للحدود المغربية؟
  • قصة التوتر التي تحدث الآن بين الهند وباكستان
  • عمدة مونبوليي الفرنسية يعلن عن مشاريع في الصحراء المغربية
  • شركة كندية تطلق مشروعا لاستكشاف النحاس في تيماريغين المغربية
  • الفلاحة المغربية تحقق 9 مليارات أورو في المبادلات مع أوروبا