إنه الأديب الراقى المبدع. التقيته مرات عديدة لأجرى معه عدة لقاءات، أستدعى منها اليوم حوارا كنت أجريته معه فى لندن في ديسمبر 1986 أثناء إقامتى بها لارتباطي بالعمل مع هيئة الإذاعة البريطانية وقتئذٍ. يومها تركز الحوار حول رؤية أديبنا حيال المرأة، ليبادرنى بقوله: "المرأة موضوعى.. أعتبرها رسالتى فى الحياة، وهذا ليس نفاقا للمرأة وإنما حبا فى الحياة.
من خلال لقاءاتى به وحديثه معى أيقنت عن حق أن موقف أديبنا المتميز من المرأة كان متحيزا جدا لا سيما وقد اعتبرها هى أصل الحياة، وأنها منتجة للحياة وحاملة للوائها. وانعكس ذلك على تقييمه للرجل عندما قال لى: "الرجل عامل مساعد فى وظيفة الحياة"، ثم يردف قائلا: " أنا أقيس حرية هذا المجتمع بحجم المرأة فيه، كما أقيس رقي المجتمع بوجود المرأة فيه ثقافة وأمومة وقدرة على إنتاج أجيال أفضل". وهنا أقاطعه وأسأله: هل أنت راضٍ عما وصلت إليه المرأة اليوم؟ فيجيبنى قائلا: "بشكل عام، أعتقد بأن المرأة فى العالم الآن، ولا تزال إلى حد كبير مهضومة الحق، ولم تتبوأ بعدُ مكانها الصحيح. وحتى ما نستنكره فى تصرفات المرأه هنا وهناك يعود فى الأساس إلى الموقف المحدد الذى وضعناها به، وهنا تصدر عنها تصرفات عصبية تلقائية من أجل التخلص من موقف العبودية التي حصرناها خلالها وهو الموقف الذي فرض عليها سواء فى المجتمعات المتقدمة أو المتخلفة".
ويستمر الأديب يوسف إدريس فى حديثه عن المرأة ليقول فى تحدٍ إيجابى معربا من خلاله عن حبه وتقديره البالغ للمرأة:" أنا ما زلت أطلب للمرأة حق الوجود الأسمى فى أى مجتمع تحيا فيه، لأنه من دون ذلك يظل المجتمع متخلفا مهما تطورت واجهات الرقى المادية والاستهلاكية".وعندما أسأله عن كمّ الحرية الذى ينادى به للمرأة، يقول فى حماس بالغ: " الحرية هى الأكسوجين الذى يساعد الأشكال الضعيفة من الحياة فى أن تتقوى، كما يساعد فى قتل العناصر الطفيلية. الحرية هى الإكسير، ولهذا ومن خلال جرعات أكبر من الحرية نقضى على المساوئ. ولا يعنى هذا أننى أطالب بحرية متسيبة بلا ضابط أو رابط أو بحرية تصل بنا إلى الفوضى".
وعندما أسأل الأديب يوسف إدريس الموالى للمرأة والمناصر لها عن الشيء الذي قد ينفره من المرأة، يسارع بالرد قائلا: " ينفرني كمبدأ، سواء فى المرأة أو الرجل، عملية الافتعال، نحن فى عصر تستطيعين أن تطلقى عليه اسم عصر الاقتراب من الصدق. كلما كان الإنسان صادقا يوصل صدقه للآخرين، وكلما حاول اتخاذ وضع مغاير أو اصطناع تصرف أو كلام أو شخصية بعد بذلك عن العصر". وهنا أعلق متسائلة: معنى ذلك أن عنصر التلقائية هو الذى يجذبك إلى المرأة، فيردف قائلا: "نعم.. لأنها مرادفة للصدق.. أتمنى اللحظة التى ترتفع فيها كل المحاذير الذاتية من تصرفاتها، وتبدأ تتصرف بتلقائية الإنسان الفنان. لو أننا جميعا استطعنا أن نرفع هذه الأقنعة و تصرفنا بتلقائية وبعدم تخطيط دقيق للعلاقات الإنسانية لوصلنا إلى مرحلة بشرية أوقع وأحسن وأفضل وأنقى". وللحديث بقية…
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
عضو بـ«القومي للمرأة»: المبادرات الرئاسية تستهدف النساء في المقام الأول
قالت الدكتورة نسرين البغدادي، عضو المجلس القومي للمرأة، إنّ عام 2024 شهد استكمال الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030 التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي عام 2017، باعتبارها وثيقة العمل للسنوات المقبلة.
وأضافت «البغدادي»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ كل المبادرات التنموية كانت تأخذ في اعتبارها احتياجات المرأة ويتم التخطيط وفقا لذلك سواء كانت مبادرة «بداية جديدة» وبناء الإنسان المصري ومن قبلها «حياة كريمة» وتنمية الأسرة المصرية، مشيرة إلى أن كل هذه المبادرات كانت تستهدف المرأة في المقام الأول.
وتابعت: «المرأة المصرية تتمتع بالتمكين في كل المجالات سواء كانت الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو الصحية»، لافتة إلى أنّ استهداف المرأة بكل المشروعات ومنحها امتيازات للدخول في الإقراض الصغير والمتوسط وعمل المشروعات وبرامج ريادة الأعمال وتوفير الفرص اللازمة في إطار الشمول المالي، يسهم في تحسين وضعية المرأة ومن ثم ينعكس على وضع المجتمع ككل وتحسين المؤشرات الخاصة به».