متى سيتعلم العرب من عبر التاريخ ؟! بقلم / سامي عطا
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
بقلم / سامي عطا
خلاف المملكة وأنظمة الحكم الوراثية مع عبدالناصر هو خلاف سببه إسقاط الضباط الأحرار للحكم الملكي وقيام الجمهورية، كما أن دخول عبدالناصر وتأييده لحركة 26 سبتمبر 1962م ومؤازرته قيام الحكم الجمهوري على أنقاض الملكية ومن ثم إرساله قوات مصرية إلى اليمن، وخلاف المملكة مع جنوب اليمن إثر الاستقلال لنفس السبب، قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية على أنقاض حكم السلاطين والمشيخات، ونفس الأمر مع ليبيا، وخلافها مع إيران إثر الثورة الإيرانية في فبراير 1979م وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أنقاض نظام الشاه الملكي الوراثي … هلمجرا، هذه أحد أوجه التفسير الجيوسياسي لأزمة العلاقة بين أنظمة الحكم الملكية الوراثية مع أنظمة الحكم الجمهورية التي نشأت على أنقاض أنظمة ملكية في المنطقة، فكلاهما تدافع عن وجود هذا الشكل أو ذاك من أنظمة الحكم، ولذا سعى كل طرف إلى فرض بقائه أو فرض وجوده عن طريق حبك المؤامرات والحروب، فلقد كانت الملكيات تتوجس خيفة من قيام الجمهوريات على أنقاض ملكيات، وبالتالي لم تجد من سبيل إلى حماية نفسها سوى وضع عقبات وعراقيل أمام الأنظمة الجديدة الوافدة حتى لا تكون نماذج حكم لها أفضلية، وتنتقل عدواها إلى باقي شعوب الممالك في المنطقة، وساعدها ارتباطها بالاستعمار كأنظمة وظيفية ونتيجة امتلاكها للثروات النفطية، حيث أخذت توظفها في حربها مع الأنظمة الجمهورية.
مع أن صراع أنظمة الحكم الملكية والجمهورية ليست حصراً بالعرب وحدهم، فأوروبا شهدت هذا النوع من الصراع بعد قيام الثورة الفرنسية في 1789م ونهاية حكم لويس السادس عشر، فلقد كانت الأنظمة الملكية المحيطة بفرنسا تتوجس خيفة من انتقال عدوى الثورة الفرنسية إليها، وعلى أثر قيام الجمهورية الفرنسية الأولى ناصبت قيامها العداء من جميع الممالك وما حروب نابليون إلا أحد تجليات ذلك الصراع.
لكن بعد تجذر نظام الحكم الجمهوري في فرنسا وبعد كلفة الحروب الباهظة، اهتدت أوروبا إلى طريقة عقلانية في الحفاظ على شكل أنظمتها والحيلولة دون انتقال العدوى الفرنسية، حيث ذهبت الأنظمة الملكية إلى إخماد الثورات الوشيكة عن طريق تقديم تنازلات تدفع إلى إصلاحات، ومنح رعاياها مزيدا من الحقوق، وفي إحدى المقابلات الإذاعية مع BBC عام 1959م سئل الفيلسوف الإنجليزي برانتراند راسل حول هذا الموضوع، حيث سأله المذيع لماذا لم تشهد بريطانيا ثورة مثل ما حصل في فرنسا أو الثورة البلشفية الروسية؟ أجاب برانتراند راسل، بأن بريطانيا منذ ثورة 1669 حين حصل خلاف بين البرلمان والملك وعلى إثرها صارت حرب أهلية بين مؤيدي الملك ومؤيدي البرلمان، انتهت بقطع رأس الملك، وبسببها وبسبب تداعيات الثورة الفرنسية، تعلمت نخبة الحكم في بريطانيا سياسة تقديم التنازلات، عند تأزم الأوضاع الداخلية تذهب إلى تقديم تنازلات. وأضاف الفيلسوف راسل في العام 1831 كانت الأوضاع الداخلية في بريطانيا تنبئ بأزمة عميقة كادت تؤدي إلى ثورة، ووضعت النخبة الحاكمة أمام هذا الخيار إما أن تقدموا تنازلات أو تقطع رؤوسكم « في كناية عن مقاصل الثورة الفرنسية»، وفي ذلك الحين كان جدي جون راسل رئيس وزراء بريطانيا دفع بمشروع إصلاحات للبرلمان قدمت من خلاله الأرستقراطية الإنجليزية تنازلات عن بعض امتيازاتها لصالح عموم الناس حالت دون اندلاع ثورة، وبهذا التصرف حفظ جدي رأسه فوق كتفه وبالتالي حفظ سلالته بعده من الاندثار، لذا تجدني الآن معك في هذه المقابلة.
الخلاصة.. الصراع بين الأنظمة الملكية والأنظمة الجمهورية في أوروبا كان على أشده بعد الثورة الفرنسية، لكن مع الوقت وخسائر الحروب الفادحة تعلم الأوروبيون طريقة جديدة للحفاظ على أنظمة حكمها تقوم على سياسة بناءة تهتم بالإصلاحات الداخلية وتطوير أنظمة حكمها كلما استدعت الحاجة لذلك، وهي أنجع وسيلة تحميها من الثورات والفوضى. أما طريق المؤامرات الخارجية والحروب كلفتها باهظة لا تؤدي إلاّ إلى مزيدٍ من الهدر وضياع المقدرات.
السؤال: هل ستتعلم أنظمة الحكم في بلادنا العربية مثل هذه الدروس وتنتقل من حالة الصراع والحروب إلى مضمار المنافسة والتركيز على إصلاح أوضاعها الداخلية بدلاً من هدر إمكانياتها و مقدراتها في إظهار مساوئ غيرها واكتساب أفضلية أنظمة حكمها .
والسؤال الذي يفرض نفسه علينا، متى سيتعلم العرب من عبر ودروس التاريخ..!!؟
نقلاً عن موقع صحيفة الثورة
المصدر: موقع حيروت الإخباري
كلمات دلالية: الثورة الفرنسیة على أنقاض
إقرأ أيضاً:
«الاقتصاد» تنظم جلسة حوارية حول منظومة الملكية الفكرية
أبوظبي (الاتحاد)
نظم قطاع الملكية الفكرية في وزارة الاقتصاد جلسة حوارية بعنوان «مستقبل خدمات الملكية الفكرية والإطار التنظيمي»، بهدف تعزيز التواصل مع الشركاء والمتعاملين، وتسليط الضوء على إنجازات القطاع لعام 2024 واستعراض المبادرات المستقبلية، وذلك بحضور الدكتور عبدالرحمن حسن المعيني، الوكيل المساعد لقطاع الملكية الفكرية بوزارة الاقتصاد، وعدد من ممثلي الهيئات المعنية بحماية الملكية الفكرية في الدولة.
وأكد الدكتور المعيني، خلال الجلسة، أن وزارة الاقتصاد تواصل جهودها لتعزيز قطاع الملكية الفكرية في الدولة وتوفير كل الممكنات والأدوات التقنية والمادية لمواءمة أفضل الممارسات العالمية، والتي كان من أهمها إطلاق معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، المنظومة الجديدة للملكية الفكرية، بالشراكة مع عدد من الهيئات الحكومية والاتحادية وشركات القطاع الخاص، وذلك في إطار دعم جهود الدولة لتوفير مناخ تنافسي وبيئة ملائمة للإبداع والابتكار، وتمكين الكفاءات الوطنية وتزويدها بأحدث التقنيات والتطبيقات الخاصة بالملكية الفكرية.
وقال المعيني: «تمثل جلسة اليوم فرصة مثالية لتبادل الأفكار وطرح الرؤى البناءة والمبتكرة لتطوير قطاع الملكية الفكرية في الدولة، ونحن حريصون على الاستماع المباشر إلى آراء الشركاء وملاحظاتهم، وتطوير خدمات قطاع الملكية الفكرية لتعزيز تجربة المتعاملين وتحقيق تطلعاتهم، بما يسهم في تطوير عمليات القطاع وضمان تحقيق أهداف تصفير البيروقراطية وتعزيز الوعي بحماية الملكية الفكرية في مختلف القطاعات الاقتصادية، وزيادة مساهمة تطبيقات الملكية الفكرية في دفع عجلة الابتكار وتعزيز نمو واستدامة الاقتصاد الوطني القائم على المعرفة.
واستعرضت الجلسة منجزات قطاع الملكية الفكرية المحققة في العام 2024 الذي كان حافلاً بالمبادرات التي عززت مكانة الإمارات كمركز عالمي للملكية الفكرية، ومن أبرز هذه الإنجازات في مجال العلامات التجارية إطلاق مشروع «علامة اليوم الواحد» الذي سرَّع فحص العلامات التجارية، ومبادرة «علامتك هويتك» التي دعمت أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تسجيل علاماتهم بسهولة، كما استمر القطاع في حماية حقوق الملكية الفكرية في القطاع الرياضي عن طريق إطلاق المبادرات والتنسيق مع الجهات المعنية من القطاعين الحكومي والخاص في الدولة.
كما أطلقت وزارة الاقتصاد المرحلة الأولى من مشروع «الحجب التلقائي»، الذي يهدف إلى حجب المواقع المقرصِنة والمنتهِكة لحقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى عقد عدد من ورش العمل تُعنى بالصناعات الإبداعية مثل ألعاب الفيديو والنشر، وكذلك تطوير برامج رقمية لنشر الوعي حول أهمية الملكية الفكرية ومجالاتها.
وفي مجال الابتكار والملكية الصناعية، عملت وزارة الاقتصاد على تحسين الإجراءات لتكون أكثر سهولة ومرونة، بالإضافة إلى إطلاق برامج تستهدف دعم المبتكرين كمشروع دعم براءات الاختراع المعنية بالاستدامة، ونظام دعم وتعزيز حاضنات الابتكار، بجانب تطوير أنظمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتسريع عمليات البحث والفحص وبراءات الاختراع.
وفي هذا السياق، أشاد الدكتور عيسى البستكي، رئيس نادي الإمارات العلمي، بدور وزارة الاقتصاد في حصول النادي على عضوية مراقب دولي في المنظمة العالمية للملكية الفكرية في هذا العام، مؤكداً أن هذا الإنجاز هو ثمرة تعاون بنَّاء مع الوزارة وحرصها على تعزيز المشاركات العالمية للمواهب الإماراتية.
وأوضح راشد الكوس، المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، أن الناشرين الإماراتيين أسهموا في ازدهار حركة النشر المحلية، حيث عملت الجمعية على دعم هذا القطاع منذ تأسيسها عام 2009، وذلك من خلال مبادرات وبرامج تهدف إلى دعم الناشر الإماراتي وتعزيز حضوره على الساحتين الإقليمية والعالمية، وكان ذلك بدعم من الشركاء ومن أبرزهم وزارة الاقتصاد.
ومن جانبها، أشادت هدى بركات، رئيس الرابطة الدولية للملكية الفكرية في الإمارات باستراتيجية وزارة الاقتصاد في تعزيز تسجيل الاختراعات والابتكارات، والتسهيلات التي تقدمها، بما في ذلك تقليل التكاليف وتسريع الإجراءات لدعم الابتكارات الوطنية، انسجاماً مع رؤية الدولة الرامية إلى تعزيز مكانتها كمركز عالمي للابتكار، مشيرة إلى أهمية هذه الخطوة في بناء قاعدة بيانات وطنية قوية تعكس التقدم العلمي والبحثي للدولة.