سلطنة عمان تؤكد التزامها الراسخ بالسعي نحو نظام عالمي قوامه العدل والإنصاف
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
ـ حث المجتمع الدولي على التمسك بمنظومة الأمم المتحدة في معالجة النزاعات
ـ الدعوة إلى الحوار والمفاوضات السلمية لمعالجة الأزمة الروسية الأوكرانية
ـ خطط وبرامج للتكيف مع تغيّر المناخ وتحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة
ـ تشجيع الشراكة في البحث والابتكار للحدّ من الأوبئة ومنع انتشارها
ـ السعي إلى ترسيخ حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية
ـ حث المجتمع الدولي على إيجاد تشريع يجرّم الأعمال التحريضية الداعية للعنف والكراهية
نيويورك ـ العمانية: أكّدت سلطنة عُمان اليوم أنّ الحوار مبدأ ثابت ومنهج قوي في سياستها الخارجية؛ لما له من تأثير فعّال لتحقيق المصالحة والوفاق والسلام بين سائر الأطراف المتنازعة.
جاء ذلك في كلمة سلطنة عُمان في الدورة الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك، ألقاها معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية.
وقال معاليه: إنّ سلطنة عُمان تؤكد على التزامها الراسخ بمشاركة الأسرة الدولية في سعيها لبلوغ نظام عالمي سِلمي، قوامه العدل والإنصاف واحترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأضاف معاليه: إنّ سلطنة عُمان تدعو المجتمع الدولي إلى التمسك بمنظومة الأمم المتحدة في معالجة النزاعات وتسوية الصراعات، وانتهاج الحوار سبيلا للتوصل إلى الحلول السِّلمية لها، والتفاوض على بناء عالم تسوده الحياة الكريمة ويعمّه الرخاء والاستقرار والأمن والسلام.
وبيّن معاليه أنه تربطنا بالأمم وحدة المبادئ والأهداف، والتي تتحقق بها غاياتنا وتسمو فضائلنا، وسنبقى -بعون الله- داعمين للحق والقضايا العادلة. وأردف معاليه قائلا: إنّ القضية الفلسطينية تأتي في مقدمة القضايا التي طال عليها الزمن، بل نال منها الظلم لأكثر من سبعين سنة، والشعب الفلسطيني يقف صامدا في وجه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم والحصار والتنكيل، وانتهاك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن.
وأفاد معاليه بأنّ التداعيات المحيطة بالأزمة الروسية الأوكرانية والتصعيد الأمني والعسكري لها، فضلا عن الآثار الإنسانية المؤلمة، تشكل تهديدا بالغا للسلم العالمي وانسياب سلاسل إمدادات الطاقة والغذاء كما تشكل تحديًا خطيرًا للتعاون الدولي والنظام العالمي القائم على احترام القانون وميثاق الأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد أكّد معاليه أنّ سلطنة عُمان تدعو إلى الاحتكام إلى الحوار والمفاوضات السلمية على قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" واحترام سيادة الدول وسياسة حسن الجوار وإزالة مكامن ومسببات هذه الأزمة.
وأشار معاليه إلى أنّ سلطنة عُمان تعمل على تنفيذ العديد من الخطط والبرامج الهادفة إلى التكيف مع تغيّر المناخ والحد من آثاره، كما تعمل على تحفيز الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وفق استراتيجية الحياد الصفري الكربوني 2050.
ولفت معاليه إلى أنّ سلطنة عُمان تتوجه للمشاركة الفعّالة في الدورة القادمة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب-28) والذي سيُعقد في شهر نوفمبر المقبل بإمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. ووضّح معاليه أنّ رؤية "عُمان 2040" هي بوابة سلطنة عُمان نحو التنمية المستدامة وتجاوز التحدّيات ومواكبة المتغيرات الإقليمية والعالمية.
وبيّن معاليه أنّ التطوير المتواصل للنظام التعليمي بجميع مستوياته، وتحسين مخرجاته هو أمر ضروري لبناء الإنسان وتمكينه في دفع عجلة التنمية الاقتصادية والنهوض بها.
ولفت معاليه إلى أنّ جائحة كوفيد -19 كانت درسًا لجميع الدول لمراجعة آليات التأهب والاستجابة للطوارئ الصحية وتعزيز قدراتها، ولعل أهم الدروس المستقاة أهمية الاستعداد المبكر في التعامل مع مخاطر ومهددات الصحة العامة، فضلًا عن الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي.
وأشار معاليه إلى أنّ سلطنة عُمان نظّمت مؤتمرًا وزاريًّا عالميًّا يهدف إلى وضع الحلول لمقاومة الميكروبات للمضادات وتسريع وتيرة التعاون على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية للحدّ من نمو هذا الخطر على الصحة العامة وعلى المقومات الاقتصادية للدول.
وأكّد معاليه على أنّ سلطنة عُمان تدعو الجميع إلى تشجيع الشراكة في البحث والابتكار والتصنيع للتوصل إلى بدائل وقائية وعلاجية للحدّ من آثار الأوبئة ومنع انتشارها. وقال معالي السيد وزير الخارجية: إنّ سلطنة عُمان تسعى بشكل جدّي إلى ترسيخ حقوق الإنسان والالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة من أجل تطوير مجتمعٍ دولي عادل يتبنّى الاحترام المطلق لكرامة الإنسان وحقوقه والقيم الدينية والثقافية للدول.
وأكّد معاليه أنّ سلطنة عُمان ترفض وتستنكر كافة الأعمال التحريضية الداعية إلى العنف والكراهية والتمييز على أساس الدين أو العرق، داعية المجتمع الدولي إلى إيجاد تشريع واضح وصريح يجرّم هذه الأعمال التي تهدد السلم والاستقرار الاجتماعيين، بل تهدد الأمن الوطني للدول والمجتمعات.وفي ختام كلمة سلطنة عُمان قال معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية: إننا أمام تحدّيات عالمية معقدة، أبرزها تصاعد أزمة المناخ وانتشار الأوبئة وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، بالإضافة إلى الصراعات السياسية والطائفية. داعيًا الأسرة الدولية إلى التمسك بحزم بمبادئ الحق والعدالة وتطبيق قواعد القانون الدولي دون ازدواجية في المعايير، حتى يسود الأمن والاطمئنان بين البشر وتنتشر الثقة بين الدول وتنمو الشراكات بين الشعوب وتزدهر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المجتمع الدولی الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
"العقلية الامبريالية" تقود ترامب نحو نظام عالمي جديد
قال يائير روزنبرغ، كاتب صحافي مختص بالشؤون السياسية، إن نهج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة الخارجية غيّر المشهد العالمي بشكل كبير، وحوّل الدبلوماسية التقليدية إلى نموذج يركز على النفوذ الشخصي وقوة الصفقات.
السياسة الخارجية لترامب تمثل تحولاً جوهرياً وليس اضطراباً مؤقتاً
ورأى الكاتب في مقال بموقع مجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية أن عودة ترامب إلى منصبه لا تمثل استمراراً لسياساته السابقة فحسب، بل ترسيخاً لنظام عالمي جديد على صورته الشخصية. من الدبلوماسية التقليدية إلى النزعة الشخصية واستهل روزنبرغ مقاله بمقارنة لحظتين رئيسيتين توضحان تحول السياسة الخارجية الأمريكية.
في عام 2016، خلال مناظرة في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، انتقد السيناتور ماركو روبيو وجهة نظر ترامب التبسيطية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، محذراً من أن المفاوضات في المنطقة ليست مجرد "صفقة عقارية".
ومع ذلك، رفض ترامب مخاوف روبيو. وبعد عقد من الزمان، جلس ترامب، الذي عاد إلى الرئاسة مرة أخرى، إلى جانب الملك عبدالله الثاني عاهل الأردن، وكرر رؤيته للولايات المتحدة للسيطرة على غزة، واقترح إعادة بنائها كمركز اقتصادي مزدهر. ومن عجيب المفارقات أن روبيو، وزير خارجية ترامب حالياً، مكلف بتنفيذ سياسة سخر منها ذات يوم.
يؤكد هذا التحول على اتجاه أوسع: الانتقال من عصر السياسة الخارجية التي يقودها الخبراء والمبنية على الإجماع إلى نموذج تشكل فيه الشخصيات الفردية والغرائز الشعبوية القرارات الدولية، فلم تعد السياسة الخارجية لترامب تظهر كحالة شاذة، بل سمة مميزة لنظام عالمي جديد. أسطورة ترامب كرئيس مناهض للحرب ويتحدى روزنبرغ الرواية المتداولة على نطاق واسع بأن ترامب مناهض للحرب، وانعزالي يضع أمريكا في المقام الأول. وتشير هذه الرواية، التي روج لها شخصيات مثل تاكر كارلسون وغلين غرينوالد، إلى أن ترامب كان مخرباً لما يسمى "الإمبراطورية الأمريكية"، حيث تراجع عن التدخلات العسكرية في الخارج. ويرى الكاتب أن هذا التصوير مضلل.
في حين عارض ترامب بعض المشاركات الأجنبية، فقد دعم أيضاً حرب العراق قبل أن يندد بها لاحقاً، وزاد من مبيعات الأسلحة إلى الشرق الأوسط، ووسع استخدام الضربات بطائرات دون طيار. ولم تظهر إدارته ضبط النفس بل نوعاً مختلفاً من التدخل - وهو النوع الذي يعطي الأولوية لقوة الصفقات والنفوذ الاقتصادي على التحالفات التقليدية.
إن طموحات ترامب بضم غرينلاند، واقتراحه بجعل كندا الولاية رقم 51، واقتراحه للسيطرة على غزة، كلها تتوافق مع ما يصفه الكاتب بأنه عقلية إمبريالية جديدة بدلاً من الانعزالية.
ورغم وعده بإنهاء الحرب في أفغانستان خلال فترة ولايته الأولى، فشل ترامب في القيام بذلك، تاركاً عملية الانسحاب لخليفته. ومع ذلك، لدى عودته إلى السلطة، أشارت إدارته إلى التحول نحو تقليص التدخل الأمريكي في أوكرانيا، بما يتماشى مع مشاعر الناخبين الجمهوريين، لكنها حافظت بخلاف ذلك على موقف عدواني في السياسة الخارجية. مثير للجدل
في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) والصراع اللاحق في غزة، أصبحت القضية الفلسطينية أمراً لا مفر منه. وكان رد فعل ترامب هو دمج الفلسطينيين في سياسته الأوسع في الشرق الأوسط، لكن ليس بطريقة تدعم تطلعاتهم الوطنية، وإنما قللت إدارته من أهمية حل الدولتين واقترحت نقل سكان غزة إلى دول أخرى، لخلق "فرص أفضل" بعيداً عن العنف.
ورغم أن ترامب محق في الاعتراف بالوضع الإنساني المزري في غزة، فإن نهجه يتجاهل الهوية التاريخية والوطنية للفلسطينيين.
وأضاف الكاتب أن خطة ترامب قد تربك الخبراء مرة أخرى بسبب عدم القدرة على التنبؤ بها، لكنها تخاطر أيضاً بتفاقم التوترات بدلاً من حلها.
صعود نظام عالمي جديد
ورأى الكاتب أن السياسة الخارجية لترامب تمثل تحولاً جوهرياً، وليس اضطراباً مؤقتاً. فقد تخلى عن كتاب اللعب الدبلوماسي التقليدي لصالح عالم، حيث تملي فيه القوة، وليس المعايير القانونية، النتائج. إن ما يسمى "نظام ترامب العالمي" هو نظام تحل فيه الصفقات المعاملاتية محل الاتفاقيات المتعددة الأطراف، وحيث تبرر تصرفات أمريكا بالسلطة الغاشمة بدلاً من الإجماع الدولي.
واتضح هذا عندما سُئل ترامب أثناء اجتماعه مع الملك عبدالله الثاني عن الأساس القانوني للاستيلاء على غزة، وكان رده واضحاً: "السلطة الأمريكية". وفي هذا النظام العالمي الجديد، لا حاجة إلى مزيد من التبرير.
مهندس نموذج دولي جديد
وخلص الكاتب إلى أن ترامب يبدو كمهندس لنموذج دولي جديد؛ نموذج محدد بالرؤية الأحادية والنفوذ الاقتصادي، وعدم القدرة على التنبؤ الاستراتيجي.
وفي حين قد يرى البعض أن نهج ترامب تصحيح ضروري لنظام عفا عليه الزمن، يحذر روزنبرغ من أنه يأتي مع مخاطر كبيرة. وقد يؤدي تراجع النظام القائم على القواعد إلى تمكين الدول القوية على حساب الدول الأضعف، مما يؤدي إلى عالم أكثر فوضوية لا يمكن التنبؤ به.
ويظل من غير المؤكد ما إذا كانت رؤية ترامب ستستمر بعد رئاسته أم لا، لكن في الوقت الحالي، يتم إعادة تشكيل العالم على شاكلته.