كيف تتحكم إيران في دعم إسرائيل للجيش الأوكراني ضد روسيا؟
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
بعد ما يقرب من عامين من التوترات المتزايدة بين أوكرانيا وإسرائيل، التقى الرئيس فولوديمير زيلينسكي برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في 19 سبتمبر.
وكان حديثهما، الذي كاد طاقم نتنياهو أن يتسبب خلاله في حادث دبلوماسي من خلال إحضار خريطة من الحقبة السوفيتية لا تظهر أوكرانيا، أول لقاء وجهاً لوجه بين زعيمي البلدين منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية العام الماضي.
خلال هذه الفترة، تعرضت إسرائيل لانتقادات متزايدة من كييف بسبب رفضها المستمر لتزويدها بأنظمة الدفاع الجوي أو غيرها من المساعدات العسكرية.
وبينما وعد نتنياهو بأن بلاده ستواصل مساعدة أوكرانيا في المسائل الإنسانية، بما في ذلك التعامل مع الألغام المضادة للأفراد، فإن إعلانه كان أقل بكثير من مستوى الدعم الذي طلبه نظيره الأوكراني.
أظهر اجتماعهما أيضًا أنه لا يمكن فعل الكثير لتحقيق المواءمة بين البلدين.
لطالما اتهم النقاد أن سياسة نتنياهو الخارجية أعطت الأولوية للسياسة الواقعية على المخاوف الأخلاقية، خاصة تلك المتعلقة بحقوق الإنسان ومعاداة السامية وذكرى المحرقة.
بينما يعارض العديد من الإسرائيليين تسليح أوكرانيا، على الرغم من دعمهم بشكل عام لكييف، فإن سياسة نتنياهو الخارجية لا تحظى بشعبية كبيرة، حيث يعتقد الكثيرون أن رئيس الوزراء يضر بإسرائيل على المسرح العالمي على الرغم من النجاحات الأخيرة في تطبيع العلاقات مع العالم العربي.
على مدى الأشهر التسعة عشر الماضية من الحرب الشاملة، رفضت إسرائيل العديد من الدعوات الأوكرانية لإنشاء أنظمة مضادة للصواريخ مثل القبة الحديدية، قائلة إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تضر بأمنها القومي ويمكن أن تعرض الطائفة اليهودية الكبيرة في روسيا للخطر، والتي واجهت ضغوطا رسمية لدعم الحرب.
أوضح الدكتور صموئيل بارناي، الأكاديمي في الجامعة العبرية وعضو مجلس إدارة المجلس الإسرائيلي للعلاقات الخارجية، أن "إسرائيل لديها أسباب للتصرف بهذه الطريقة".
وقال: "هناك جالية يهودية كبيرة في روسيا، ونحن نعلم أن الروس يحاولون اللعب بهذه الورقة"، مستشهداً بتحركات الكرملين لإغلاق الوكالة اليهودية، المنظمة المسؤولة عن الهجرة إلى إسرائيل، وسط حملة ضخمة من نزوح اليهود من البلاد.
ومن المرجح أيضاً أن تكون إسرائيل مترددة في التورط أكثر من اللازم بسبب حقيقة أن انتقاد النزعة الانتقامية الروسية يمكن أن يؤدي إلى انتقاد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، حتى لو حدث ذلك في ظل ظروف مختلفة ولا يمكن مقارنتها بشكل مباشر.
متحدثًا شريطة عدم الكشف عن هويته، قال مصدر إسرائيلي مطلع لصحيفة "كييف إندبندنت" إن الوجود العسكري الروسي في سوريا هو المحرك الرئيسي لسياسة اسرائيل، مشيرًا إلى أن الجانبين أقاما "اتصالًا خاصًا" بعد نشر موسكو لقوات جوية عام 2015.
كرر المصدر أيضا إصرار نتنياهو على أن الأسلحة الإسرائيلية المقدمة لأوكرانيا يمكن أن تنتهي في أيدي أعداء إسرائيل إذا تم الاستيلاء عليها في ساحة المعركة بسبب التعاون الروسي الإيراني المتزايد.
أضاف أن روسيا لا تزال لاعبا جديا في سوريا على الرغم من انسحاب بعض القوات، وقد قوبلت كلتا الحجتين بالسخرية في كييف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: زيلينسكي أوكرانيا وإسرائيل نتنياهو
إقرأ أيضاً:
كيف يمكن محاكمة بشار الأسد رغم اللجوء في روسيا؟
سجل بالاتهامات توثيق الجرائم مسارات محاكمة الأسد اللجوء في روسيا
أفادت تقارير حقوقية وإعلامية خلال الأيام الماضية بالعثور على مقابر جماعية خارج العاصمة السورية دمشق، وتضم نحو 100 ألف جثة لأشخاص تقول التقارير إن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد مسؤول عن تعذيبهم وقتلهم.
وأشارت التقارير إلى أن منطقة القطيفة (40 كيلومترا عن دمشق) تضم واحدة فقط من عدة مقابر جماعية استخدمها النظام السابق على مدى سنين للتخلص من معارضيه، وذلك ضمن سياسة ممنهجة منذ عام 2011 عندما اندلعت ثورة شعبية مطالبة بتغيير النظام.
سجل بالاتهاماتوتكمن الخطوة الأساسية في محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم في تحريك الدعاوى المناسبة أمام المحاكم المختصة بالتحقيق في مثل هذه الانتهاكات، ومن ثم بدء التحقيق في الجرائم المنسوبة إليهم.
وقالت مقررة الأمم المتحدة المعنية بمناهضة التعذيب أليس جيل إدواردز إن الجميع يعرف أن نظام الأسد كان يستخدم عمليات التعذيب ضد آلاف المعتقلين والسجناء، وهذه الأساليب شملت الصعق بالكهرباء والاعتداءات الجنسية.
وفي مقابلة مع الجزيرة مباشر، أكدت إدواردز أنها أعدت سجلا كاملا بهذه الاتهامات، وتضمن الوقائع والأمثلة التي قام بها الأسد، كما أشارت إلى أنها التقت ممثلين عن المحكمة الجنائية الدولية من أجل إحقاق العدالة وتعويض الضحايا والناجين.
إعلانودعت المقررة الأممية الأسرة الدولية وأي جهة ذات صلة بجرائم نظام الأسد إلى إنشاء محكمة عليا لمحاكمة المسؤولين الضالعين في هذه الجرائم أو تسليمهم إلى سوريا.
كما قالت إن روسيا التي تحتضن الأسد حاليا (بعد أن منحته حق اللجوء) ملزمة بموجب القانون الدولي بمحاكمة بشار الأسد أو تسليمه إلى السلطات السورية الجديدة.
من اليمين: رائد أبو بدوية وفضل عبد الغني وتاج الدين الحسيني (مواقع التواصل) توثيق الجرائمومنذ عام 2011، نحت انتهاكات النظام في سوريا منحى تصاعديا ضد المدنيين الذين خرجوا في مظاهرات تطالب بتحسين أوضاعهم المعيشية بداية، لكنها تحولت إلى مطالبات بتغيير النظام كله أمام آلة العنف التي أطلقها على المتظاهرين، لذلك نشطت العديد من المراكز الحقوقية والبحثية في توثيق هذه الجرائم.
ويقول مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني إنه "على مدى 14 عاما عملنا على توثيق العديد من الجرائم وسلسلة الأوامر التي لا يمكن تنفيذها إلا عن طريق مباشر من بشار الأسد، مثل عمليات القصف والقتل واستخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في سوريا".
وأكد فضل -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هناك أطنانا من الأدلة التي توثق مئات آلاف الحوادث، إضافة إلى آلاف الوثائق من النظام نفسه، ومن ثم "فليس لدينا شك في أنه ستتم محاسبة بشار الأسد وإدانته بالأدلة، وذلك عبر محاكمة عادلة ولن نقبل أن يتعرض للتعذيب أويتم إخفاؤه قسريا كما فعل مع عشرات آلاف السوريين".
وأشار مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أنه يجب على السلطات الجديدة في سوريا القيام بما يلي:
أولا- وضع دستور جديد للبلاد.. لأن الدستور الحالي وضعه النظام على نحو ينتهك حقوق الإنسان، كما أنه يجمع كل السلطات في يد السلطة التنفيذية التي يمثلها الرئيس. ثانيا- تعديل وضع المحاكم في سوريا، فهي غير مؤهلة ولا يوجد لديها اختصاص بالنظر في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تورط فيها الأسد، لأنه عمليا كان رئيس المجلس الأعلى للقضاء وينوب عنه وزير العدل، كما يعين قضاة المحكمة الدستورية العليا، فتصبح كلها سلطة دكتاتورية مطلقة. ثالثا- مصادقة السلطات الجديدة على اتفاقية روما للمحكمة الجنائية الدولية، مما يدخل سوريا ضمن اختصاص هذه المحكمة، وبالتالي تتفاعل مع الجرائم التي ارتكبت في سوريا ومحاسبة المسؤولين عنها. بشار الأسد (وسط) في زيارة ميدانية لقواته في الغوطة الشرقية قبل أن يلجأ إلى روسيا (الأوروبية) مسارات محاكمة الأسديمثل عدم توقيع كل من روسيا وسوريا على "ميثاق روما" الذي على أساسه شُكلت المحكمة الجنائية الدولية عام 1998 عقبة أمام خضوع نظام بشار الأسد لاختصاصات هذه المحكمة، ومن ثم اللجوء إلى مسارات أخرى لمعاقبة مرتكبي الجرائم في حق السوريين.
إعلانويوضح هذه المسارات أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية بقوله "إذا تطرقنا إلى مجال المحاسبة عبر الأدوات الدولية فهناك أكثر من طريق، لكن المسار الأكثر جدية من وجهة نظري والأكثر فاعلية هو أن يحيل مجلس الأمن الدولي الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية".
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، يشرح أبو بدوية أهمية هذا المسار بأنه يعوّض عدم كون سوريا عضوا في ميثاق روما، كما أن تحريك مجلس الأمن لهذه يعد من اختصاصات المحكمة وهو ما يسمح به ميثاق روما وبما يتيح إحالة ملفات تتعلق بالجرائم المنصوص عليها في هذه المعاهدة، سواء ما تعلق منها بجرائم الحرب أو جرائم الإبادة أو حتى الجرائم الدينية.
لكن المشكلة أمام هذا الخيار ستبقى متمثلة في حق النقض (الفيتو) الذي قد تستخدمه روسيا من أجل إسقاط أي قرار في مجلس الأمن يتعلق بمعاقبة بشار الأسد ونظامه، لكن أستاذ القانون الدولي يقول إن روسيا قد تقرر في النهاية التخلي عن حماية الأسد وتحقيق مصلحة روسية مقابل أثمان سياسية تجنيها من الغرب، سواء من الأوروبيين أو الولايات المتحدة.
أما عن المسارات الأخرى، فيرى أبو بدوية أنه إذا أثبتت الأدلة المكتشفة حديثا أو التي يُتوقع أن تكتشفها الحكومة الجديدة في المرحلة المقبلة، مثل حالات الإعدام الجماعية أو التعذيب أو إخفاء الجثث في مقابر جماعية، بما يشكل كمًّا كبيرا من الانتهاكات، فإن ذلك يوفر فرصة للذهاب نحو محكمة العدل الدولية، وهو المبدأ الذي استندت إليه جنوب أفريقيا في الدعوى ضد إسرائيل.
أما أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس بالرباط تاج الدين الحسيني فيضيف مسارا آخر بعيدا عن المستويات الدولية، فيرى أن هناك إمكانية لمتابعة بشار الأسد ضمن إطار القانون المحلي للدول، وسواء في ذلك الدول التي قد يطأ ترابها أو الدولة التي ينتمي إليها.
إعلانويضيف الحسيني -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هناك اتفاقية يمكن أن يستغلها الآن نظام الحكم الجديد في سوريا، وهي اتفاقية موقعة بين كل من سوريا وروسيا عام 2022 وتتعلق بتسليم المطلوبين، وفي هذه الحالة يحق لسوريا إذا قررت محاكمة بشار الأسد أن تقدم طلبا لروسيا عن طريق هذه الاتفاقية لأنها معاهدة دولية، وسيادة الدولة لا تتوقف بسبب وجود ثورة أو انقلاب عسكري.
اللجوء في روسيا
أما في ما يتعلق بالحماية التي قد توفرها روسيا لبشار الأسد بعد أن منحته حق اللجوء إليها، فإن ذلك فيه تفاصيل قانونية كثيرة، سواء من الناحية الشكلية أو حسب القوانين الدولية.
ولذلك يقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس إن القرار الذي اتخذه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقبول ما أسماه اللجوء لأسباب إنسانية بالنسبة لبشار الأسد يعد من الناحية الشكلية قرارا ذا طبيعة سياسية، لأنه صدر عن رئيس الدولة الروسية ولم يمر باللوائح الإدارية التي تشترطها طلبات اللجوء السياسي إلى بلدان أخرى، وبالتالي فإن هذا القرار يدخل في خانة الاختصاصات المخولة لرئيس الدولة ليقوم بها في مثل هذه الحالات.
وأضاف الحسيني أن هذا اللجوء من الناحية القانونية غير مقبول، "لأننا إذا أخذنا في الاعتبار مقتضيات المادة 14 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تعطي حق اللجوء في حالة وجود اضطهاد أو أسباب ذات طبيعة إثنية أو عرقية أو لصراعات معينة، فإنها لا تصح بالنسبة للأشخاص المتابَعين بجرائم ضد الإنسانية أو جرائم التعذيب أو جرائم الإبادة وغيرها من الجرائم المنصوص عليها في سجل المحكمة الجنائية الدولية".
وتوصل أستاذ العلاقات الدولية في الأخير إلى إن "وضعية بشار الأسد تدخل في إطار اعتباره مجرم حرب، أي ارتكب أفعالا ليست فقط ذات طبيعة تدخل ضمن القانون الجنائي، ولكنها تخضع لطائلة القانون الدولي الإنساني وجرائم التعذيب والإبادة الجماعية وغيرها من الاتفاقيات المنصوص عليها من قبل الأمم المتحدة".
إعلانومنها على سبيل المثال اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وهي اتفاقية وافقت عليها كل من سوريا وروسيا التي تستضيف بشار الأسد، و"بالتالي من المفترض تسليم المتهم بمثل هذه الأفعال إلى المحكمة الجنائية الدولية".