لجريدة عمان:
2025-01-22@08:53:07 GMT

كيف نضمن الرعاية الشاملة لمرضى السرطان؟

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

في إطار اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى الثاني بشأن التغطية الصحية الشاملة، والمنتظر قريبا، من المتوقع أن تتبنى حكومات العالَـم مجموعة جديدة من التعهدات التي تركز على التعجيل بتنفيذ التغطية الصحية الشاملة. ولن يكون أي حل مكتملا إذا لم يتناول صراحة خدمات السرطان الشاملة.

يتسبب السرطان في إحداث ما يقدر بنحو 10 ملايين وفاة كل عام.

بعيدا عن المعاناة الإنسانية، يخلف هذا المرض عواقب اقتصادية عميقة ــ ومتنامية. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل الإنفاق على رعاية مرضى السرطان في مختلف أنحاء العالَـم إلى 458 مليار دولار. وفي عدد كبير من البلدان، يضطر المرضى إلى دفع جزء كبير من تكاليف رعاية السرطان من جيوبهم ــ وهو العبء الذي يُـفـضي غالبا إلى كارثة مالية. وعلى هذا فإن الاستثمار في استراتيجيات الوقاية والكشف المبكر الفعّـالة من حيث التكلفة لا يشكل حتمية أخلاقية فحسب، بل هو أيضا ضرورة اقتصادية. الحق أن الوقاية أرخص كثيرا من العلاج، وحيثما يكون من غير الممكن الوقاية من مرض السرطان، فإن الاكتشاف المبكر يجعل العلاج الناجح أكثر احتمالا، وبتكلفة أقل كثيرا.

عندما يبلغ مرض السرطان مراحل متأخرة، يجب أن يكون النطاق الكامل من العلاجات الجيدة ــ بما في ذلك الجراحة، والإشعاع، والعلاج الكيميائي ــ متاحا للجميع بتكلفة معقولة. وعندما يتعلق الأمر بالأمراض غير المعدية في عموم الأمر، من الممكن أن يعمل كل دولار مُـستَـثمَـر في التدخلات الفعّـالة من حيث التكلفة على توليد عائد يصل إلى 7 دولارات من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين الإنتاجية. على الرغم من أهمية الوقاية والعلاج، فإن الرعاية الـمُـلَـطِّـفة ضرورية أيضا، فهي تخفف من المعاناة غير الضرورية التي يتحملها المرضى وأسرهم ومقدمو الرعاية، وتوفر خطط البقاء على قيد الحياة من أجل حياة موفورة الصحة.

في أعقاب الجائحة التي عطلت بدرجة كبيرة خدمات الرعاية التلطيفية، ومع ارتفاع أعداد الناجين من السرطان في مختلف أنحاء العالَـم، أصبحت الاستثمارات في كل من المجالين مطلوبة بشكل عاجل. تشكل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان ضرورة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية المرتبطة بالمساواة والعدالة الاجتماعية والصحة. وبالاستعانة بالقدر الكافي من الإرادة السياسية، يصبح من الممكن تحقيق الرعاية الشاملة.

في باكستان، تقدم شبكة مستشفيات شوكت خانوم للسرطان رعاية عالمية المستوى لمرضى السرطان. وتعمل مؤسسة ومركز الحسين للسرطان على توسيع نطاق رعاية مرضى السرطان والبحث العلمي في الأردن، كما تتعاون مع شركاء دوليين مثل مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال لتقديم الرعاية لمرضى من سوريا ولبنان.

لكن البلدان تواجه تحديات عديدة في دمج رعاية مرضى السرطان في خطط التغطية الصحية الشاملة. في كينيا، على سبيل المثال، ساعدت الجهود التعاونية التي تبذلها مجموعة من منظمات مكافحة السرطان في توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الخدمات وإزالة الحواجز المالية، لكن الوصول إلى سكان الريف يظل أمرا صعبا.

في إندونيسيا، عمل النظام الصحي اللامركزي على تحسين مستويات العدالة الصحية، لكن الفجوات تظل قائمة في الوقاية من السرطان والتشخيص المبكر. وحتى في تايلاند، التي أدمجت ستة من مجالات مكافحة السرطان ــ معلوماتية السرطان، والوقاية الأولية، والكشف المبكر، والعلاج، والرعاية التلطيفية، وأبحاث مكافحة السرطان ــ في مخطط التغطية الصحية الشاملة، تظل الحاجة قائمة إلى مبادرات معززة للتوعية العامة لضمان توظيف الخدمات ذات الصِـلة. مع ذلك، يسلط النموذج التايلاندي الضوء على الفوائد المحتملة في مجال الصحة العامة نتيجة لخطط التغطية الشاملة التي تشمل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان.

إدراكا لهذه الإمكانية، يعمل الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والذي يضم أكثر من 1150 عضوا في أكثر من 170 دولة ومنطقة، على نحو مستمر مع الحكومات وأصحاب المصلحة في مختلف أنحاء العالَـم لتطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة السرطان ودمجها في خطط التأمين الصحي الوطنية. تماما كما نعتبر الهدف بدون خطة محض أماني، فإن أي خطة تفتقر إلى موارد مخصصة لن يكون مصيرها إلا الإهمال.

ما لم تكن خدمات السرطان الأساسية مغطاة عن طريق خطط التأمين الصحي الأساسية، فسوف تظل بعيدة عن متناول أعداد كبيرة من أولئك الذين يحتاجون إليها أو قد لا يمكنهم تحمل تكاليفها. وحيثما يتوفر التأمين، يشكل فرض القيود على الإنفاق المباشر أهمية بالغة. كثيرا ما يصل مرضى السرطان إلى مستوى المبلغ القابل للخصم بعد وقت قصير من تشخيص مرضهم، وذلك نظرا للعدد الكبير من الاختبارات والإجراءات اللازمة. لكن العلاج يدوم غالبا لأشهر أو سنوات ويتضمن زيارات عديدة للأطباء، وإجراء الاختبارات، والعمليات الجراحية، والعلاج الإشعاعي، والأدوية، وغير ذلك من الخدمات.

من الأهمية بمكان أن تعكس أي استراتيجية وطنية لمكافحة السرطان فهما دقيقا لفعالية التكلفة والتي لا تشمل التكاليف الأولية فحسب، بل وأيضا تحقيق وفورات طويلة الأجل، بما في ذلك من خلال تحسين نوعية الحياة وزيادة الإنتاجية. يجب أن تتضمن أيضا الالتزام ليس فقط بمعالجة المرض في حد ذاته، بل وأيضا الخبرة الشاملة لكل فرد، والعزم الراسخ على هدم الحواجز المالية والثقافية التي تحول دون التشخيص والعلاج المبكرين. يقدم اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى فرصة نادرة لرفع مستوى رعاية مرضى السرطان على أجندة التغطية الصحية الشاملة العالمية. لهذا السبب، كان من الأنباء الطيبة أن يُـشار إلى مرض السرطان في مشروع القرار الذي سيصدره الاجتماع. ولكن لا يجوز للحكومات أن تتوقف عند مستوى التعهدات النبيلة والالتزامات الشفهية. الواقع أن التدابير الملموسة في تنفيذ التغطية الصحية الشاملة التي تتضمن خدمات السرطان العالية الجودة وتراعي الاحتياجات المتنوعة للسكان عبر مختلف الطبقات والمناطق الاقتصادية، هي وحدها الكفيلة بضمان عدم تحول رعاية مرضى السرطان إلى قطعة مفقودة في لغز الصحة العالمية.

سونالي جونسون رئيسة قسم المعرفة والدعوة في الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغطیة الصحیة الشاملة الرعایة الشاملة لمکافحة السرطان لمرضى السرطان السرطان فی العال ـم

إقرأ أيضاً:

رئيس هيئة الرعاية الصحية: اعتماد منشآت الإسماعيلية بنسبة 100%

أعلنت الهيئة العامة للرعاية الصحية، برئاسة الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، عن الانتهاء من اعتماد 253 منشأة صحية تابعة للهيئة في 6 محافظات، تشمل بورسعيد، الإسماعيلية، السويس، أسوان، جنوب سيناء، والأقصر، وذلك ضمن منظومة التأمين الصحي الشامل.

وأوضحت الهيئة، أن نسب اعتماد المنشآت الصحية في المحافظات الست شملت 100% من منشآت بورسعيد، و94% من منشآت الإسماعيلية، و91% من منشآت الأقصر، و80% من منشآت جنوب سيناء، و75% من منشآت السويس، و60% من منشآت أسوان. وأشار الدكتور السبكي إلى أن هذه النسب تعكس التزام الهيئة بتطبيق أعلى معايير الجودة والتميز في تقديم الخدمات الصحية.

وأكد الدكتور السبكي، أن الهيئة العامة للرعاية الصحية تعد أكبر جهة في مصر تمتلك منشآت صحية معتمدة في القطاعين الحكومي والخاص. ولفت إلى أن اعتماد المنشآت الصحية تم من قبل الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية (GAHAR)، وهي الجهة الوطنية المسؤولة عن ضمان تطبيق أعلى معايير الجودة والسلامة في الخدمات الصحية، بما يضمن تقديم خدمات طبية بجودة عالمية ويعزز ثقة المواطنين في منظومة التأمين الصحي الشامل.

وأشار الدكتور السبكي، إلى أن عملية الاعتماد التي تقوم بها الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية (GAHAR) تستند إلى تقييم شامل لجميع جوانب الأداء في المنشآت الصحية، بما في ذلك جودة الرعاية الطبية، سلامة المرضى، والتقنيات المستخدمة، مما يساهم في تحسين مستوى الخدمات الصحية بشكل مستمر. وأكد أن هذا الاعتماد يعد خطوة هامة نحو تحقيق نظام صحي متكامل ومستدام يضمن تقديم أفضل الخدمات للمواطنين في جميع محافظات تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل.

وتابع الدكتور السبكي: بأن الهيئة مستمرة في خطتها الاستراتيجية لتوسيع نطاق اعتماد المنشآت الصحية في مختلف محافظات تطبيق المنظومة، لتحقيق رؤية مصر 2030 في تطوير القطاع الصحي وضمان استدامته، مع التركيز على تعزيز التعاون مع الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية (GAHAR) وشركاء النجاح من الجهات المحلية والدولية، لتطبيق أحدث المعايير والتقنيات التي تدعم جودة واستدامة الخدمات الصحية المقدمة لجميع المواطنين فى كافة مركز الخدمة الطبية بالهيئة العامة للرعاية الصحية 

مقالات مشابهة

  • تعاون بين «الرعاية الصحية» وشركة سيرفيه لتحسين صناعة الأدوية في مصر  
  • الذكاء الاصطناعي في الطب: الثورة الحديثة في الرعاية الصحية
  • الأمير سعود بن نهار يرعى الحفل الختامي لجمعية “أورام” بالطائف
  • «الرعاية الصحية»: خطة لوضع الدولة على خريطة السياحة العلاجية العالمية بـ«نرعاك في مصر»
  • الرعاية الصحية: مشروع السياحة العلاجية استقطب وافدين من 50 دولة حول العالم
  • الرعاية الصحية: 12 ألف وافد من 50 دولة تلقوا العلاج في منشآت الهيئة خلال 2024
  • في بودكاست جو روغان.. ما العلاجات التي زعم ميل غيبسون أنها شفت أصدقاءه من السرطان؟
  • وفد متعدد الجنسيات من المشاركين بماراثون الأقصر الدولي يدعمون مرضى السرطان
  • رئيس هيئة الرعاية الصحية: اعتماد منشآت الإسماعيلية بنسبة 100%
  • إيهاب أبو عيش: نقل صورة واقعية عن"حلم المصريين" في الرعاية الصحية الشاملة