لجريدة عمان:
2025-11-05@09:26:13 GMT

كيف نضمن الرعاية الشاملة لمرضى السرطان؟

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

في إطار اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى الثاني بشأن التغطية الصحية الشاملة، والمنتظر قريبا، من المتوقع أن تتبنى حكومات العالَـم مجموعة جديدة من التعهدات التي تركز على التعجيل بتنفيذ التغطية الصحية الشاملة. ولن يكون أي حل مكتملا إذا لم يتناول صراحة خدمات السرطان الشاملة.

يتسبب السرطان في إحداث ما يقدر بنحو 10 ملايين وفاة كل عام.

بعيدا عن المعاناة الإنسانية، يخلف هذا المرض عواقب اقتصادية عميقة ــ ومتنامية. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل الإنفاق على رعاية مرضى السرطان في مختلف أنحاء العالَـم إلى 458 مليار دولار. وفي عدد كبير من البلدان، يضطر المرضى إلى دفع جزء كبير من تكاليف رعاية السرطان من جيوبهم ــ وهو العبء الذي يُـفـضي غالبا إلى كارثة مالية. وعلى هذا فإن الاستثمار في استراتيجيات الوقاية والكشف المبكر الفعّـالة من حيث التكلفة لا يشكل حتمية أخلاقية فحسب، بل هو أيضا ضرورة اقتصادية. الحق أن الوقاية أرخص كثيرا من العلاج، وحيثما يكون من غير الممكن الوقاية من مرض السرطان، فإن الاكتشاف المبكر يجعل العلاج الناجح أكثر احتمالا، وبتكلفة أقل كثيرا.

عندما يبلغ مرض السرطان مراحل متأخرة، يجب أن يكون النطاق الكامل من العلاجات الجيدة ــ بما في ذلك الجراحة، والإشعاع، والعلاج الكيميائي ــ متاحا للجميع بتكلفة معقولة. وعندما يتعلق الأمر بالأمراض غير المعدية في عموم الأمر، من الممكن أن يعمل كل دولار مُـستَـثمَـر في التدخلات الفعّـالة من حيث التكلفة على توليد عائد يصل إلى 7 دولارات من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين الإنتاجية. على الرغم من أهمية الوقاية والعلاج، فإن الرعاية الـمُـلَـطِّـفة ضرورية أيضا، فهي تخفف من المعاناة غير الضرورية التي يتحملها المرضى وأسرهم ومقدمو الرعاية، وتوفر خطط البقاء على قيد الحياة من أجل حياة موفورة الصحة.

في أعقاب الجائحة التي عطلت بدرجة كبيرة خدمات الرعاية التلطيفية، ومع ارتفاع أعداد الناجين من السرطان في مختلف أنحاء العالَـم، أصبحت الاستثمارات في كل من المجالين مطلوبة بشكل عاجل. تشكل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان ضرورة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية المرتبطة بالمساواة والعدالة الاجتماعية والصحة. وبالاستعانة بالقدر الكافي من الإرادة السياسية، يصبح من الممكن تحقيق الرعاية الشاملة.

في باكستان، تقدم شبكة مستشفيات شوكت خانوم للسرطان رعاية عالمية المستوى لمرضى السرطان. وتعمل مؤسسة ومركز الحسين للسرطان على توسيع نطاق رعاية مرضى السرطان والبحث العلمي في الأردن، كما تتعاون مع شركاء دوليين مثل مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال لتقديم الرعاية لمرضى من سوريا ولبنان.

لكن البلدان تواجه تحديات عديدة في دمج رعاية مرضى السرطان في خطط التغطية الصحية الشاملة. في كينيا، على سبيل المثال، ساعدت الجهود التعاونية التي تبذلها مجموعة من منظمات مكافحة السرطان في توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الخدمات وإزالة الحواجز المالية، لكن الوصول إلى سكان الريف يظل أمرا صعبا.

في إندونيسيا، عمل النظام الصحي اللامركزي على تحسين مستويات العدالة الصحية، لكن الفجوات تظل قائمة في الوقاية من السرطان والتشخيص المبكر. وحتى في تايلاند، التي أدمجت ستة من مجالات مكافحة السرطان ــ معلوماتية السرطان، والوقاية الأولية، والكشف المبكر، والعلاج، والرعاية التلطيفية، وأبحاث مكافحة السرطان ــ في مخطط التغطية الصحية الشاملة، تظل الحاجة قائمة إلى مبادرات معززة للتوعية العامة لضمان توظيف الخدمات ذات الصِـلة. مع ذلك، يسلط النموذج التايلاندي الضوء على الفوائد المحتملة في مجال الصحة العامة نتيجة لخطط التغطية الشاملة التي تشمل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان.

إدراكا لهذه الإمكانية، يعمل الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والذي يضم أكثر من 1150 عضوا في أكثر من 170 دولة ومنطقة، على نحو مستمر مع الحكومات وأصحاب المصلحة في مختلف أنحاء العالَـم لتطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة السرطان ودمجها في خطط التأمين الصحي الوطنية. تماما كما نعتبر الهدف بدون خطة محض أماني، فإن أي خطة تفتقر إلى موارد مخصصة لن يكون مصيرها إلا الإهمال.

ما لم تكن خدمات السرطان الأساسية مغطاة عن طريق خطط التأمين الصحي الأساسية، فسوف تظل بعيدة عن متناول أعداد كبيرة من أولئك الذين يحتاجون إليها أو قد لا يمكنهم تحمل تكاليفها. وحيثما يتوفر التأمين، يشكل فرض القيود على الإنفاق المباشر أهمية بالغة. كثيرا ما يصل مرضى السرطان إلى مستوى المبلغ القابل للخصم بعد وقت قصير من تشخيص مرضهم، وذلك نظرا للعدد الكبير من الاختبارات والإجراءات اللازمة. لكن العلاج يدوم غالبا لأشهر أو سنوات ويتضمن زيارات عديدة للأطباء، وإجراء الاختبارات، والعمليات الجراحية، والعلاج الإشعاعي، والأدوية، وغير ذلك من الخدمات.

من الأهمية بمكان أن تعكس أي استراتيجية وطنية لمكافحة السرطان فهما دقيقا لفعالية التكلفة والتي لا تشمل التكاليف الأولية فحسب، بل وأيضا تحقيق وفورات طويلة الأجل، بما في ذلك من خلال تحسين نوعية الحياة وزيادة الإنتاجية. يجب أن تتضمن أيضا الالتزام ليس فقط بمعالجة المرض في حد ذاته، بل وأيضا الخبرة الشاملة لكل فرد، والعزم الراسخ على هدم الحواجز المالية والثقافية التي تحول دون التشخيص والعلاج المبكرين. يقدم اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى فرصة نادرة لرفع مستوى رعاية مرضى السرطان على أجندة التغطية الصحية الشاملة العالمية. لهذا السبب، كان من الأنباء الطيبة أن يُـشار إلى مرض السرطان في مشروع القرار الذي سيصدره الاجتماع. ولكن لا يجوز للحكومات أن تتوقف عند مستوى التعهدات النبيلة والالتزامات الشفهية. الواقع أن التدابير الملموسة في تنفيذ التغطية الصحية الشاملة التي تتضمن خدمات السرطان العالية الجودة وتراعي الاحتياجات المتنوعة للسكان عبر مختلف الطبقات والمناطق الاقتصادية، هي وحدها الكفيلة بضمان عدم تحول رعاية مرضى السرطان إلى قطعة مفقودة في لغز الصحة العالمية.

سونالي جونسون رئيسة قسم المعرفة والدعوة في الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغطیة الصحیة الشاملة الرعایة الشاملة لمکافحة السرطان لمرضى السرطان السرطان فی العال ـم

إقرأ أيضاً:

نقيب التمريض: توحيد معايير الكشف الطبي يضمن سلامة المهنة وجودة الرعاية الصحية

شاركت الدكتورة كوثر محمود، نقيب التمريض، في اجتماع اللجنة التنسيقية لقطاع علوم الحياة والطب (Life Science & Medicine) التابعة للمجلس الأعلى للجامعات، برئاسة الدكتور أشرف حاتم، وزير الصحة والسكان الأسبق ورئيس اللجنة، والذي عُقد بمقر المجلس الأعلى للجامعات، بحضور عدد من رؤساء قطاعات التعليم وممثلي النقابات الطبية المختلفة، لبحث سبل تطوير التعليم الطبي في مصر، وضمان أعلى معايير الجودة والكفاءة في إعداد الكوادر الصحية.

نقيب التمريض: افتتاح المتحف المصري الكبير مشهد مبهر يعكس عظمة مصر وريادتها نقيب التمريض: النهوض بالمهنة لا يتحقق إلا من خلال توفير بيئة عمل ورفع الأجور

وقالت كوثر محمود، إنه تم مناقشة أهمية تسوية البكالوريوس التقني بعد إجراء المقاصة العلمية واستخراج شهادة البكالوريوس العام، بما يتيح فرصًا متكافئة للخريجين في سوق العمل، كما تم التأكيد على ضرورة الإسراع في اعتماد التوصيف الوظيفي لخريجي "التخصصي" في التمريض والذي يتيح تخرج كوادر مؤهلة فى كافة التخصصات ومجالات التمريض المختلفة، باعتباره خطوة جوهرية نحو توظيف الكوادر الجديدة في المنظومة الصحية على نحو عادل ومنظم، خصوصًا مع قرب تخرج أول دفعة من هذا البرنامج.

وشددت نقيب التمريض، على أهمية اعتماد هذا التوصيف الوظيفي لـ "التخصصى" في أسرع وقت، مشيرة إلى أنه يُسهم في تحقيق العدالة المهنية بين الخريجين من مختلف البرامج، ويدعم توجه الدولة نحو الارتقاء بمستوى الخدمات التمريضية داخل المستشفيات الحكومية والجامعية، كما استعرض الاجتماع أهمية تقنين دخول دارسي البكالوريوس المكثف لمهنة التمريض.

وقد حضر الاجتماع ممثلون عن نقابات الأطباء، الأسنان، الصيادلة، العلاج الطبيعي، إضافة إلى عمداء كليات التمريض ورؤساء قطاعات التعليم الطبي، إلى جانب الدكتورة سهير بدر الدين رئيس قطاع تعليم التمريض والدكتورة نادية طه أمين لجنة القطاع.

وأشارت إلى أنه تم مناقشة وضع معايير موحدة للكشف الطبي كشرط أساسي لقبول الطلاب بكليات التمريض، وذلك حرصًا على سلامة المهنة وأمان الرعاية الصحية للمواطن المصري.

وتضمنت المعايير الطبية المقترحة عددًا من البنود الدقيقة التي تهدف إلى ضمان لياقة الطلاب الجسدية والنفسية، أبرزها..

- القوة البدنية الكافية لحمل وتحريك المرضى وتقديم الإسعافات الأولية، مع اشتراط ألا تتجاوز كتلة الجسم 20.

- القدرة الحركية الجيدة للمشي والانحناء وتقديم الرعاية التمريضية، وخلو الأطراف من التشوهات أو الأمراض المزمنة.

- سلامة اليدين بما يسمح بالتعامل مع الأدوات الدقيقة والحقن والمحاليل، دون رعشة أو أطراف صناعية.

- وضوح النطق وسلامة مخارج الألفاظ للتواصل الفعال مع المرضى والفريق الطبي.

- سلامة النظر والتمييز بين الألوان، مع السماح باستخدام النظارات الطبية بشرط ألا تقل درجة الإبصار عن 9/12.

- سلامة السمع واللمس والقدرة على التفاعل مع الأصوات والملامح الدقيقة أثناء الفحص الطبي.

- الخلو من الأمراض المعدية أو النفسية المزمنة مثل الفصام والاكتئاب، إلى جانب خلو الطالب من أمراض القلب والصرع والإعاقات الجسدية أو التعليمية.

كما أُدرجت تحاليل إلزامية ضمن إجراءات الكشف الطبي، منها تحليل فيروسي (B وC)، وفحص العوز المناعي (الإيدز)، وتحليل المخدرات، إضافة إلى فحص الدم الكامل.

وأكدت نقيب التمريض، أن اعتماد هذه المعايير لا يهدف إلى تقليص فرص الالتحاق بالمهنة، بل إلى تحسين جودة التعليم وضمان اختيار الطلاب الأكثر استعدادًا نفسيًا وبدنيًا لخدمة المرضى.

وشددت على أن هذه الخطوات تسهم في تقليل معدلات التسرب من الدراسة داخل الكليات، وضمان أن يكون الخريجون مؤهلين للتعامل مع متطلبات بيئة العمل الصحي الحديثة، بما يعزز كفاءة منظومة التمريض في مصر.

وأكدت الدكتورة كوثر محمود، أنه تم عرض جميع التوصيات على الدكتور مصطفى رفعت، الأمين العام للمجلس الأعلى للجامعات، لرفع مقترحات وتوصيات الإجتماع التي شملت الإسراع في اعتماد التوصيف الوظيفي للبرنامج التخصصي، وتقنين البكالوريوس المكثف، وتطبيق الكشف الطبي والهيئة للمنتسبين لدراسة مهنة التمريض.

وأعربت نقيب التمريض، عن تقديرها للتعاون المثمر بين النقابات المهنية وقطاعات التعليم المختلفة، مؤكدة أن هذه الجهود تعكس رؤية الدولة نحو إعداد جيل جديد من الممرضين والممرضات القادرين على مواكبة التطور الصحي في الجمهورية الجديدة، وتقديم أفضل رعاية ممكنة للمواطن المصري.

 

مقالات مشابهة

  • محافظ القاهرة يوجه بتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمصابين بعقار الخليفة
  • السفير الفرنسي: مستشفى "جوستاف روسي" سيسهم في علاج أفضل لمرضى السرطان في مصر
  • الرعاية الصحية: 86% نسبة الرضا عن الخدمات المقدمة داخل منشآت الهيئة
  • افتتاح قسم حجز إلزامي لعلاج مرضى الإدمان بمستشفى المعمورة بالإسكندرية
  • رئيس ألبانيا : تقدير للخبرات المصرية المتطورة في الرعاية الصحية والدواء
  • «دخل الرعاية المركزة».. تطورات الحالة الصحية للفنان أحمد الحلواني
  • نقيب التمريض: توحيد معايير الكشف الطبي يضمن سلامة المهنة وجودة الرعاية الصحية
  • أهالي وادي ميعر بطور سيناء: نعيش بلا رعاية طبية.. والمرضى في خطر بسبب إغلاق الوحدة الصحية
  • مركز حقوقي: جيش الاحتلال يحكم بالإعدام على مرضى السرطان والفشل الكلوي في غزة
  • وصول رحلات الشتاء لدعم الأطفال مرضى سرطان الصعيد فى شفاء الأورمان