لجريدة عمان:
2024-12-22@15:23:07 GMT

كيف نضمن الرعاية الشاملة لمرضى السرطان؟

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

في إطار اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى الثاني بشأن التغطية الصحية الشاملة، والمنتظر قريبا، من المتوقع أن تتبنى حكومات العالَـم مجموعة جديدة من التعهدات التي تركز على التعجيل بتنفيذ التغطية الصحية الشاملة. ولن يكون أي حل مكتملا إذا لم يتناول صراحة خدمات السرطان الشاملة.

يتسبب السرطان في إحداث ما يقدر بنحو 10 ملايين وفاة كل عام.

بعيدا عن المعاناة الإنسانية، يخلف هذا المرض عواقب اقتصادية عميقة ــ ومتنامية. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل الإنفاق على رعاية مرضى السرطان في مختلف أنحاء العالَـم إلى 458 مليار دولار. وفي عدد كبير من البلدان، يضطر المرضى إلى دفع جزء كبير من تكاليف رعاية السرطان من جيوبهم ــ وهو العبء الذي يُـفـضي غالبا إلى كارثة مالية. وعلى هذا فإن الاستثمار في استراتيجيات الوقاية والكشف المبكر الفعّـالة من حيث التكلفة لا يشكل حتمية أخلاقية فحسب، بل هو أيضا ضرورة اقتصادية. الحق أن الوقاية أرخص كثيرا من العلاج، وحيثما يكون من غير الممكن الوقاية من مرض السرطان، فإن الاكتشاف المبكر يجعل العلاج الناجح أكثر احتمالا، وبتكلفة أقل كثيرا.

عندما يبلغ مرض السرطان مراحل متأخرة، يجب أن يكون النطاق الكامل من العلاجات الجيدة ــ بما في ذلك الجراحة، والإشعاع، والعلاج الكيميائي ــ متاحا للجميع بتكلفة معقولة. وعندما يتعلق الأمر بالأمراض غير المعدية في عموم الأمر، من الممكن أن يعمل كل دولار مُـستَـثمَـر في التدخلات الفعّـالة من حيث التكلفة على توليد عائد يصل إلى 7 دولارات من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين الإنتاجية. على الرغم من أهمية الوقاية والعلاج، فإن الرعاية الـمُـلَـطِّـفة ضرورية أيضا، فهي تخفف من المعاناة غير الضرورية التي يتحملها المرضى وأسرهم ومقدمو الرعاية، وتوفر خطط البقاء على قيد الحياة من أجل حياة موفورة الصحة.

في أعقاب الجائحة التي عطلت بدرجة كبيرة خدمات الرعاية التلطيفية، ومع ارتفاع أعداد الناجين من السرطان في مختلف أنحاء العالَـم، أصبحت الاستثمارات في كل من المجالين مطلوبة بشكل عاجل. تشكل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان ضرورة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية المرتبطة بالمساواة والعدالة الاجتماعية والصحة. وبالاستعانة بالقدر الكافي من الإرادة السياسية، يصبح من الممكن تحقيق الرعاية الشاملة.

في باكستان، تقدم شبكة مستشفيات شوكت خانوم للسرطان رعاية عالمية المستوى لمرضى السرطان. وتعمل مؤسسة ومركز الحسين للسرطان على توسيع نطاق رعاية مرضى السرطان والبحث العلمي في الأردن، كما تتعاون مع شركاء دوليين مثل مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال لتقديم الرعاية لمرضى من سوريا ولبنان.

لكن البلدان تواجه تحديات عديدة في دمج رعاية مرضى السرطان في خطط التغطية الصحية الشاملة. في كينيا، على سبيل المثال، ساعدت الجهود التعاونية التي تبذلها مجموعة من منظمات مكافحة السرطان في توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الخدمات وإزالة الحواجز المالية، لكن الوصول إلى سكان الريف يظل أمرا صعبا.

في إندونيسيا، عمل النظام الصحي اللامركزي على تحسين مستويات العدالة الصحية، لكن الفجوات تظل قائمة في الوقاية من السرطان والتشخيص المبكر. وحتى في تايلاند، التي أدمجت ستة من مجالات مكافحة السرطان ــ معلوماتية السرطان، والوقاية الأولية، والكشف المبكر، والعلاج، والرعاية التلطيفية، وأبحاث مكافحة السرطان ــ في مخطط التغطية الصحية الشاملة، تظل الحاجة قائمة إلى مبادرات معززة للتوعية العامة لضمان توظيف الخدمات ذات الصِـلة. مع ذلك، يسلط النموذج التايلاندي الضوء على الفوائد المحتملة في مجال الصحة العامة نتيجة لخطط التغطية الشاملة التي تشمل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان.

إدراكا لهذه الإمكانية، يعمل الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والذي يضم أكثر من 1150 عضوا في أكثر من 170 دولة ومنطقة، على نحو مستمر مع الحكومات وأصحاب المصلحة في مختلف أنحاء العالَـم لتطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة السرطان ودمجها في خطط التأمين الصحي الوطنية. تماما كما نعتبر الهدف بدون خطة محض أماني، فإن أي خطة تفتقر إلى موارد مخصصة لن يكون مصيرها إلا الإهمال.

ما لم تكن خدمات السرطان الأساسية مغطاة عن طريق خطط التأمين الصحي الأساسية، فسوف تظل بعيدة عن متناول أعداد كبيرة من أولئك الذين يحتاجون إليها أو قد لا يمكنهم تحمل تكاليفها. وحيثما يتوفر التأمين، يشكل فرض القيود على الإنفاق المباشر أهمية بالغة. كثيرا ما يصل مرضى السرطان إلى مستوى المبلغ القابل للخصم بعد وقت قصير من تشخيص مرضهم، وذلك نظرا للعدد الكبير من الاختبارات والإجراءات اللازمة. لكن العلاج يدوم غالبا لأشهر أو سنوات ويتضمن زيارات عديدة للأطباء، وإجراء الاختبارات، والعمليات الجراحية، والعلاج الإشعاعي، والأدوية، وغير ذلك من الخدمات.

من الأهمية بمكان أن تعكس أي استراتيجية وطنية لمكافحة السرطان فهما دقيقا لفعالية التكلفة والتي لا تشمل التكاليف الأولية فحسب، بل وأيضا تحقيق وفورات طويلة الأجل، بما في ذلك من خلال تحسين نوعية الحياة وزيادة الإنتاجية. يجب أن تتضمن أيضا الالتزام ليس فقط بمعالجة المرض في حد ذاته، بل وأيضا الخبرة الشاملة لكل فرد، والعزم الراسخ على هدم الحواجز المالية والثقافية التي تحول دون التشخيص والعلاج المبكرين. يقدم اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى فرصة نادرة لرفع مستوى رعاية مرضى السرطان على أجندة التغطية الصحية الشاملة العالمية. لهذا السبب، كان من الأنباء الطيبة أن يُـشار إلى مرض السرطان في مشروع القرار الذي سيصدره الاجتماع. ولكن لا يجوز للحكومات أن تتوقف عند مستوى التعهدات النبيلة والالتزامات الشفهية. الواقع أن التدابير الملموسة في تنفيذ التغطية الصحية الشاملة التي تتضمن خدمات السرطان العالية الجودة وتراعي الاحتياجات المتنوعة للسكان عبر مختلف الطبقات والمناطق الاقتصادية، هي وحدها الكفيلة بضمان عدم تحول رعاية مرضى السرطان إلى قطعة مفقودة في لغز الصحة العالمية.

سونالي جونسون رئيسة قسم المعرفة والدعوة في الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغطیة الصحیة الشاملة الرعایة الشاملة لمکافحة السرطان لمرضى السرطان السرطان فی العال ـم

إقرأ أيضاً:

تحديث استراتيجية هيئة الرعاية الصحية بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية

عقد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، اجتماع مع اللجنة العليا لتحديث استراتيجية الهيئة، وذلك بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية، وبمشاركة نخبة من الخبراء الدوليين من شركة WHI للاستشارات، مشيرًا إلى أن تحديث الاستراتيجية يأتي في إطار توجهات الدولة المصرية نحو التطوير الشامل والمستدام للمنظومة الصحية.

الكشف الطبي على 600 مواطن في القافلة الطبية بالدقهلية

واطلع الدكتور السبكي، على سير العمل في تحديث الاستراتيجية، مؤكدًا أن هذه الخطوة تعد أساسية لمواكبة التحولات المتسارعة في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث لا حدود للتغيرات المستقبلية، مما يستدعي أفكارًا خلاقة وكوادر مؤهلة لضمان جاهزية النظام الصحي.

وتابع: "نحرص على تحقيق منظومة صحية متكاملة متمركزة حول المريض، بالاعتماد على التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والمستشفيات الافتراضية، مع ضمان استدامة تطبيق التكنولوجيا وتعزيز ثقافة التغيير والابتكار والمرونة لتلبية احتياجات المستقبل".

وأضاف الدكتور السبكي: "نستهدف بعد عام 2030 الانتقال من مرحلة إدارة وتشغيل المنشآت الصحية إلى قيام الهيئة بدورها كذراع للدولة في ضبط وتنظيم تقديم خدمات الرعاية الصحية التأمينية، من خلال تجمعات صحية بالمحافظات".

ووجه الدكتور أحمد السبكي، باستكمال أعمال اللجنة العليا وعقد ورش العمل مع الخبراء والمتحدثين الدوليين للانتهاء من تحديث استراتيجية الهيئة بشكل علمي ومدروس، ووضع خارطة الطريق. كما وجه بتنظيم تدريبات لمديري الإدارات المركزية والعامة والفروع على أحدث أساليب الإدارة الاستراتيجية وأدواتها المتطورة.

وأكد الدكتور السبكي: "نهدف إلى تقديم استراتيجية متكاملة وواضحة لجميع المعنيين، تضمن تنفيذها بشكل مستدام وفعال في جميع الظروف، ومضيفًا كما نسعى لإنشاء وكالة مصرية متخصصة لنقل الخبرات (Expertise Egypt) وتبادل المعرفة على المستويين الوطني والدولي".

وشارك في الاجتماع، كل من الدكتور هاني راشد، نائب رئيس مجلس إدارة هيئة الرعاية الصحية ورئيس اللجنة العليا لتحديث استراتيجية الهيئة، الدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي للهيئة، والدكتور أحمد حماد، مستشار رئيس الهيئة للسياسات والنظم الصحية ومدير عام الإدارة العامة للمكتب الفني لرئيس الهيئة.

كما شارك السادة أعضاء اللجنة: الدكتور مجدي بكر، مستشار رئيس الهيئة للشئون الفنية، الدكتور أحمد عثمان، مستشار رئيس الهيئة لشئون التعليم الطبي المستمر، الدكتورة سالي عبدالرؤوف، رئيس الإدارة المركزية للرعاية الصحية والعلاجية، الدكتورة إيريني فرج، مدير إدارة التخطيط الاستراتيجي، الدكتور أحمد حسن، نائب مدير فرع الهيئة ببورسعيد، الدكتورة هبة عويضة، مدير إدارة التدريب والتطوير، والدكتور مازن علاء الدين، المشرف العام على التعاون مع منظمات التنمية الدولية ومساعد مدير إدارة التعاون الدولي بالهيئة. كما شارك عبر تقنية الزوم الدكتور وائل عبدالعال، عضو مجلس إدارة الهيئة عن المجتمع المدني من خبراء إدارة الرعاية الصحية.
 

مقالات مشابهة

  • للمرة الأولى بمصر.. المستشفيات التعليمية تطلق برنامج الرعاية المتقدمة لمرضى السكتة الدماغية
  • للمرة الأولى.. المستشفيات التعليمية تطلق برنامج الرعاية المتقدمة لمرضى السكتة الدماغية
  • لأول مرة.. «المستشفيات التعليمية» تطلق برنامج الرعاية المتقدمة لمرضى السكتة الدماغية
  • الرعاية الصحية: تقديم 36.6 مليون خدمة طبية من خلال 157 منشأة بإقليم القناة
  • «الرعاية الصحية» تبحث الاستفادة من «البيطريين» بمجال الخدمات الفندقية
  • بشرى سارة لمرضى السرطان.. طرح لقاح روسي بالمجان مع بداية عام 2025
  • وفد من أهالى أسوان يدعمون الأطفال مرضى السرطان في شفاء الأورمان بالأقصر
  • تحديث استراتيجية هيئة الرعاية الصحية بدعم من الوكالة الفرنسية للتنمية
  • بعد إصابته بالسرطان.. تطورات الحالة الصحية للملك تشارلز
  • للمرة الثالثة.. ألمانية تزور الأطفال مرضى السرطان في الأقصر