لجريدة عمان:
2024-11-22@08:34:09 GMT

كيف نضمن الرعاية الشاملة لمرضى السرطان؟

تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT

في إطار اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى الثاني بشأن التغطية الصحية الشاملة، والمنتظر قريبا، من المتوقع أن تتبنى حكومات العالَـم مجموعة جديدة من التعهدات التي تركز على التعجيل بتنفيذ التغطية الصحية الشاملة. ولن يكون أي حل مكتملا إذا لم يتناول صراحة خدمات السرطان الشاملة.

يتسبب السرطان في إحداث ما يقدر بنحو 10 ملايين وفاة كل عام.

بعيدا عن المعاناة الإنسانية، يخلف هذا المرض عواقب اقتصادية عميقة ــ ومتنامية. بحلول عام 2030، من المتوقع أن يصل الإنفاق على رعاية مرضى السرطان في مختلف أنحاء العالَـم إلى 458 مليار دولار. وفي عدد كبير من البلدان، يضطر المرضى إلى دفع جزء كبير من تكاليف رعاية السرطان من جيوبهم ــ وهو العبء الذي يُـفـضي غالبا إلى كارثة مالية. وعلى هذا فإن الاستثمار في استراتيجيات الوقاية والكشف المبكر الفعّـالة من حيث التكلفة لا يشكل حتمية أخلاقية فحسب، بل هو أيضا ضرورة اقتصادية. الحق أن الوقاية أرخص كثيرا من العلاج، وحيثما يكون من غير الممكن الوقاية من مرض السرطان، فإن الاكتشاف المبكر يجعل العلاج الناجح أكثر احتمالا، وبتكلفة أقل كثيرا.

عندما يبلغ مرض السرطان مراحل متأخرة، يجب أن يكون النطاق الكامل من العلاجات الجيدة ــ بما في ذلك الجراحة، والإشعاع، والعلاج الكيميائي ــ متاحا للجميع بتكلفة معقولة. وعندما يتعلق الأمر بالأمراض غير المعدية في عموم الأمر، من الممكن أن يعمل كل دولار مُـستَـثمَـر في التدخلات الفعّـالة من حيث التكلفة على توليد عائد يصل إلى 7 دولارات من خلال خفض تكاليف الرعاية الصحية وتحسين الإنتاجية. على الرغم من أهمية الوقاية والعلاج، فإن الرعاية الـمُـلَـطِّـفة ضرورية أيضا، فهي تخفف من المعاناة غير الضرورية التي يتحملها المرضى وأسرهم ومقدمو الرعاية، وتوفر خطط البقاء على قيد الحياة من أجل حياة موفورة الصحة.

في أعقاب الجائحة التي عطلت بدرجة كبيرة خدمات الرعاية التلطيفية، ومع ارتفاع أعداد الناجين من السرطان في مختلف أنحاء العالَـم، أصبحت الاستثمارات في كل من المجالين مطلوبة بشكل عاجل. تشكل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان ضرورة أساسية لتحقيق أهداف التنمية الاجتماعية المرتبطة بالمساواة والعدالة الاجتماعية والصحة. وبالاستعانة بالقدر الكافي من الإرادة السياسية، يصبح من الممكن تحقيق الرعاية الشاملة.

في باكستان، تقدم شبكة مستشفيات شوكت خانوم للسرطان رعاية عالمية المستوى لمرضى السرطان. وتعمل مؤسسة ومركز الحسين للسرطان على توسيع نطاق رعاية مرضى السرطان والبحث العلمي في الأردن، كما تتعاون مع شركاء دوليين مثل مستشفى سانت جود لأبحاث الأطفال لتقديم الرعاية لمرضى من سوريا ولبنان.

لكن البلدان تواجه تحديات عديدة في دمج رعاية مرضى السرطان في خطط التغطية الصحية الشاملة. في كينيا، على سبيل المثال، ساعدت الجهود التعاونية التي تبذلها مجموعة من منظمات مكافحة السرطان في توسيع نطاق القدرة على الوصول إلى الخدمات وإزالة الحواجز المالية، لكن الوصول إلى سكان الريف يظل أمرا صعبا.

في إندونيسيا، عمل النظام الصحي اللامركزي على تحسين مستويات العدالة الصحية، لكن الفجوات تظل قائمة في الوقاية من السرطان والتشخيص المبكر. وحتى في تايلاند، التي أدمجت ستة من مجالات مكافحة السرطان ــ معلوماتية السرطان، والوقاية الأولية، والكشف المبكر، والعلاج، والرعاية التلطيفية، وأبحاث مكافحة السرطان ــ في مخطط التغطية الصحية الشاملة، تظل الحاجة قائمة إلى مبادرات معززة للتوعية العامة لضمان توظيف الخدمات ذات الصِـلة. مع ذلك، يسلط النموذج التايلاندي الضوء على الفوائد المحتملة في مجال الصحة العامة نتيجة لخطط التغطية الشاملة التي تشمل الرعاية الشاملة لمرضى السرطان.

إدراكا لهذه الإمكانية، يعمل الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والذي يضم أكثر من 1150 عضوا في أكثر من 170 دولة ومنطقة، على نحو مستمر مع الحكومات وأصحاب المصلحة في مختلف أنحاء العالَـم لتطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة السرطان ودمجها في خطط التأمين الصحي الوطنية. تماما كما نعتبر الهدف بدون خطة محض أماني، فإن أي خطة تفتقر إلى موارد مخصصة لن يكون مصيرها إلا الإهمال.

ما لم تكن خدمات السرطان الأساسية مغطاة عن طريق خطط التأمين الصحي الأساسية، فسوف تظل بعيدة عن متناول أعداد كبيرة من أولئك الذين يحتاجون إليها أو قد لا يمكنهم تحمل تكاليفها. وحيثما يتوفر التأمين، يشكل فرض القيود على الإنفاق المباشر أهمية بالغة. كثيرا ما يصل مرضى السرطان إلى مستوى المبلغ القابل للخصم بعد وقت قصير من تشخيص مرضهم، وذلك نظرا للعدد الكبير من الاختبارات والإجراءات اللازمة. لكن العلاج يدوم غالبا لأشهر أو سنوات ويتضمن زيارات عديدة للأطباء، وإجراء الاختبارات، والعمليات الجراحية، والعلاج الإشعاعي، والأدوية، وغير ذلك من الخدمات.

من الأهمية بمكان أن تعكس أي استراتيجية وطنية لمكافحة السرطان فهما دقيقا لفعالية التكلفة والتي لا تشمل التكاليف الأولية فحسب، بل وأيضا تحقيق وفورات طويلة الأجل، بما في ذلك من خلال تحسين نوعية الحياة وزيادة الإنتاجية. يجب أن تتضمن أيضا الالتزام ليس فقط بمعالجة المرض في حد ذاته، بل وأيضا الخبرة الشاملة لكل فرد، والعزم الراسخ على هدم الحواجز المالية والثقافية التي تحول دون التشخيص والعلاج المبكرين. يقدم اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى فرصة نادرة لرفع مستوى رعاية مرضى السرطان على أجندة التغطية الصحية الشاملة العالمية. لهذا السبب، كان من الأنباء الطيبة أن يُـشار إلى مرض السرطان في مشروع القرار الذي سيصدره الاجتماع. ولكن لا يجوز للحكومات أن تتوقف عند مستوى التعهدات النبيلة والالتزامات الشفهية. الواقع أن التدابير الملموسة في تنفيذ التغطية الصحية الشاملة التي تتضمن خدمات السرطان العالية الجودة وتراعي الاحتياجات المتنوعة للسكان عبر مختلف الطبقات والمناطق الاقتصادية، هي وحدها الكفيلة بضمان عدم تحول رعاية مرضى السرطان إلى قطعة مفقودة في لغز الصحة العالمية.

سونالي جونسون رئيسة قسم المعرفة والدعوة في الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التغطیة الصحیة الشاملة الرعایة الشاملة لمکافحة السرطان لمرضى السرطان السرطان فی العال ـم

إقرأ أيضاً:

6 آلاف مستفيدًا من خدمات الرعاية الصحية المنزلية في الشرقية

قدّم تجمع الشرقية الصحي خدمات الرعاية الصحية المنزلية لـ 6,347 مستفيدًا منذ بداية العام الجاري 2024م وحتى الآن، وذلك للمستفيدين المسجلين في برامج الرعاية الصحية المنزلية في كافة المنشآت التابعة للتجمع.
وتقوم برامج الرعاية الصحية المنزلية على تقديم مجموعة من الخدمات الصحية للمستفيدين في منازلهم، والتي تشمل: (تقييم سلامة المنزل وملائمة البيئة المحيطة بالمريض لوضعه الصحي، العناية بالجروح وتقرحات الفراش، سحب عينات الدم لإجراء التحاليل الطبية اللازمة حسب طلب الطبيب، تدريب المرافقين على العناية بالمريض واستعمال الأجهزة الطبية، العناية بالقساطر وأنابيب التغذية، تقديم اللقاحات للمرضى ومرافقيهم، إعطاء العلاجات عبر الوريد، تقديم الرعاية الطبية ومتابعة الخطة العلاجية للمريض، إحالة المريض للتخصصات الأخرى عند الحاجة، مساعدة المريض على الحركة، تدريب المريض والمرافق على التمارين الأساسية للعلاج الطبيعي، ومتابعة التزام المريض بالتمارين والخطة العلاجية).نظام غذائي علاجي
أخبار متعلقة انتهاء المرحلة الأولى لمشروع تطوير طريق الملك عبد العزيز برأس تنورةمبادرة لتحويل مدارس الأحساء إلى واحات خضراء صديقة للبيئةوتعمل فرق الطب المنزلي التابعة لتجمع الشرقية الصحي على توفير نظام غذائي علاجي، ومكملات غذائية عند الحاجة وتوفير العلاج بالأكسجين في المنزل، إضافةً لمتابعة المرضى على أجهزة التنفس الصناعي ومتابعة المشاكل النفسية والعقلية وتقديم الرعاية النفسية حسب الحاجة.
كما تقدم خدمات العناية بالأم ما بعد الولادة وتقديم المشورة في الرضاعة الطبيعية والعناية بجروح الولادة، وتعمل كذلك على القيام بالرعاية التلطيفية، وتقييم صحة الفم والأسنان بالتعاون مع إدارة طب الأسنان في التجمع، ومتابعة صرف الأدوية، وتثقيف المريض ومرافقه حول طريقة استعمال الأدوية وحفظها بشكل صحيح.
الجدير بالذكر، يسعى تجمع الشرقية الصحي للتوسع في خدمات الرعاية الصحية المنزلية؛ تسهيلاً لوصول المستفيدين للرعاية التي يحتاجون إليها بأقل جهد وأعلى جودة ممكنة، وذلك سعيًا لتحقيق مستهدفات برنامج التحول الوطني في القطاع الصحي ورؤية المملكة 2030.

مقالات مشابهة

  • «الجليلة» تجمع 15 مليون درهم لمرضى سرطان الثدي
  • تعاون مثمر بين هيئة الرعاية الصحية وجامعة بورسعيد
  • خبراء: الذكاء الاصطناعي سيقود مستقبل الرعاية الصحية
  • هل تذكرون الداعية الإماراتي”وسيم يوسف”؟.. شاهدوا النصيحة الذهبية التي قدمها له أشهر أطباء أمريكا لعلاجه من السرطان
  • في اليوم العالمي للطفل.. سبايدر مان وعرائس ديزني يحتفلون مع مرضى السرطان داخل مستشفى شفاء الأورمان
  • سبايدر مان وعرائس ديزني يحتفلون مع مرضى السرطان بالأقصر
  • 6 آلاف مستفيدًا من خدمات الرعاية الصحية المنزلية في الشرقية
  • ترامب يختار جراحًا أمريكيًا مسلمًا لتولي إدارة مراكز الرعاية والخدمات الصحية
  • التكنولوجيا المتطورة تعزز جودة الرعاية الصحية
  • الرعاية الصحية: 700 ألف خدمة علاجية بمجمع السويس لـ 300 ألف متردد