النهايات قادمات. سرى النبأ فى ربوع القاهرة، ولاكه الناس فى كل مكان، من جامع لجامع، ومن حارة لحارة، ومن مقهى لمقهى.
«فى الجمعة القادمة سينتهى كل شيء؛ الأرض ومن عليها، الضيع والقصور والأكواخ والأسواق، المباهج والمواجع، فالقيامة ستقوم».
كان ذلك فى شهر ذى الحجة سنة 1147 هجرى، وهو يوافق مايو سنة 1755 ميلادية، وكانت مصر وقتها ولاية عثمانية، واليها هو عثمان الحلبى، والحكاية قصها لنا بتفاصيلها المؤرخ الجميل عبدالرحمن الجبرتى فى «عجائب الآثار والتراجم والأخبار».
لا أحد يعرف أصل الشائعة، ومَن أطلقها، ولِم، وكيف، لكن بسهولة عمت الشائعة مصر المحروسة، وآمن بها الناس لدرجة أن الرجال والنساء والأطفال خرجوا إلى الميادين والمتنزهات والغيطان ينظرون نحو المناظر الخلابة وهم يرددون: «دعونا نودع الدنيا». وفى الجيزة وقف الناس أمام النيل، وتوضأوا، ثم صلوا صلاة التوبة، واستغفروا الله موقنين أنها نهاية كل شيء.
والغريب كما يحكى «الجبرتي» أن بعض العقلاء قاموا فى الناس يخطبون ويخبرونهم أن هذا الكلام كذب لأنه لا يعرف موعد القيامة سوى الله، لكن الناس كانوا يشيحون وجوههم ويتركونهم مرددين «بقى لنا يومان».
والأغرب أن كثيرًا من اللاهين لم يرتدعوا، وذهبوا إلى الخمارات، وبيوت البغاء، وطلبوا الشراب ليشبعوا من دنياهم. ولما مر اليوم المنتظر دون أن يحدث شىء، ابتكر العامة الحل المرُضى، مرددين أن الشيخ الصوفى أحمد البدوى تشفع لدى الله ليؤجل يوم القيامة، وقبل الله شفاعته.
كانت هذه هى عقلية العوام التى تستعذب الغرائب، وتتقبل الترهات، وهى العقلية التى جعلت نابليون بونابرت بعد نصف قرن يدخل القاهرة منتصرا فى بضع ساعات، وهى التى دفعت المصريين إلى اختيار داهية أجنبى لحكمهم بعد جلاء الفرنسيين، دون أن يفكر أحدهم فى طرح اسم أى من أبناء الوطن للحكم.
ورغم أن مشروع محمد على قدم بعض منجزات الحداثة للمصريين، غير أنه لم يهتم بتغيير العقلية المنغلقة الاتكالية الملتحفة بالمعجزات والخيالات، والمناقضة للعلم الحديث، فانهزم المصريون بعد سبعة عقود تالية فى أول مواجهة مع قوة أجنبية، وانشغل المصريون عندما علموا بوصول الأسطول البريطانى إلى سواحل الإسكندرية بقراءة صحيح البخارى.
ومع وثبات ومقاربات لحكام الوطن فى عدة أزمنة، لم تتبدل العقلية العامة للناس، وبقيت الثقافة عند حدودها الدنيا. لا بحث علمى سليم، لا آداب للحوار، لا إيمان بالمنطق والعقل، ولا نظرة موضوعية للأمور، والكل قبض الريح كما يقولون.
من هُنا أتصور أن المشروع الأولى، والأهم، والأعجل الذى لا يجب على حاكم مصر القادم التفريط فيه هو تغيير العقلية القروسطية، البليدة الساكنة والناعسة. لو كنت مكانه وهذا حُلم خيالى لأنفقت كل ما لدينا من موارد على التعليم. التعليم التعليم التعليم ولا شىء آخر. التعليم قبل الطرق، والكبارى، والجسور، والقطارات، والمُدن الجديدة، وقبل المشروعات العملاقة، قبل كل شىء.
ليس أسوأ من اللافهم، اللاكتراث واللا أمل، النوم فى العسل أو حتى فى الوحل، النوم عن الحياة، العلم، القراءة، البحث، التفكير، التأمل.
إن الأدمغة المنغلقة تتكلم ولا ترى، تُكرر ولا تتدبر، تُجيب ولا تتساءل، تُصدق كل ما يُقال حتى لو كان متناقضًا. تستهلك وتساير وتنافق وتُمالىء وتصفق، وتُفسد كل مُنجز.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: التعليم التعليم التعليم الأرض مصر المحروسة
إقرأ أيضاً:
عيد ميلادها.. تصريحات نارية من سماح أنور وسر عدم شربها للمياء
تحتفل الفنانة سماح أنور اليوم بعيد ميلادها والتى قدمت العديد من الأعمال الفنية التى تظل علامة فى تاريخ الفن المصرى.
سماح أنور صنعت لنفسها تاريخا كبيرا فى السينما تحديدا حيث برعت فى أداء الأعمال التى ربما لم يتطرق إليها أى ممثلة غيرها حيث كانت حريصة على تقديم أفلام أكشن وهو الأمر الذى كان غير مألوف وقتها إلا أنها نجحت فى هذا الأمر واستطاعت أن تقدم للجمهور لونا جديدا ومختلفا عن باقى الأفلام التى كان يقوم ببطولتها نجمات.
قدمت سماح أنور العديد من الأعمال السينمائية والمسرحية منذ بداية مشوارها الفنى عام 1980 واستطاعت تحقيق الشهرة من خلال دورها فى هذه الأعمال، واشتهرت بأدوار الحركة فى السينما المصرية، ومن أشهر أفلامها (حالة تلبس، بنت مشاغبة جدا) كما مثلت على المسرح والتلفزيون، ومن أعمالها التلفزيونية (ذئاب الجبل، الحساب، ونيس وأيامه)، ومن أعمالها المسرحية (راقصة قطاع عام، أولاد الشوارع).
وأطلقت سماح أنور عديد من التصريحات النارية التى أثارت بسببها الجدل ولعل من أبرزها :
أهلي مفرقوش بيني وبين أخويا جابولي موتسيكل، وأنا كمان عشان نروح بيه المدرسة.
نجحت في علاقات الصداقة مع الرجل، وفشلت فيها كحبيبة بسبب اختياراتي الخاطئة.
أنوثة الست بتتفهم غلط والناس بتتعامل معاها غلط، وشفت ده كتير في الوسط الفني.
أنا مستمتعة لوحدي وأنا في سن مش بتاع حب، وبعدين أنا مش مستعدة أتمكيج وألبس جزمة بكعب وأنزل ونسهر عشان واحد طب وشغلي وبكون عايزة أنام.
الحياة العاطفية مش أولولية طول عمري لأني بقع في الحب وبتكون زي الحادثة.
عمري ما قولت عايزة أتجوز وبدور على حد، وممكن تحصل بدون ترتيب، وحبيت مرة واحدة في حياتي ومكنتش لطيفة والست لما بتحب بتقع على وشها ودا بيطفش الرجالة، وأنا مش بعرف أتقل وأتحكم وبقعد باصه للتليفون مستنياه يتصل بيا، وبالتالي اقتنعت إني لا أصلح للعلاقات العاطفية.
أنا مبدخنش سجاير مصرى، وأكتر ناس بتدي نصائح مبيعملوش بيها وكدابين، وأنا مع التدخين ولكن بشرط ميكونش فيه ضرر كبير على الشخص"، مضيفة أن المجتمع منغلق انغلاق غير مسبوق لذلك لا يتقبلون فكرة التدخين.
كل لما أشرب المياه بتعب، علشان كده بقيت أشرب مشروبات غازية زيرو سكر، ونسكافيه، وقهوة، وكل الخضراوات، والفواكه اللي فيها مياه، وبقالى 17 سنة مبشربش مياه خالص، وأنا مبشربش مياه في مصر لأن كلها ليها طعم ولون حتى المياه المعدنية ليها طعم ولون".
مسترجلة يعني إيه بحلق دقني الصبح!! .. تفسير الكلمة نفسها أنا مش فهماه، أنا مفيش دور عملته بيمثلني لغاية دلوقتي خالص ومش هعمل كده، أنا بحب الاختلاف مع إني كسولة ولكن عندي أحلام وأفكار".