البحريني حسين المحروس: لا يمكن أن تزور مكانا لأول مرة ثم تدّعي أنك تكتب رواية عنه
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
أن تقابل كاتبا ومصورا في آن -كما هو حسين المحروس- يعني أنك على موعد مع الكثير من الحكايات والصور. المحروس الذي جاء من البحرين هذه المرة من أجل أن يرينا كيف وضع المكان في نصوص زهران القاسمي على المكان الجغرافي في الصورة، في معرضه الذي أسماه «نزهة القناص»، الذي تشكل بعد رحلات ذهاب وإياب كثيرة من عمان وإليها - فنس بالتحديد حيث يعيش القاسمي- ، وما إن فتح باب المصعد وجاء المحروس مباشرة - مع أننا لم نلتق من قبل- حيث كنت أنثر الأوراق في المقعد المقابل للمصعد.
في طفولتك هل حلمت أن تصبح شخصا ما؟
ضحك وقال: هذا من الأسئلة التي تضحكني كثيرا لسبب بسيط جدا، وهو أني بعيد عن الطفولة بشكل كبير جدا، وأن أقرر الآن ما كان هناك فهي مسألة غالبا ما تكون مخترعة، وغير حقيقية.
وأضاف: طفولتي كانت طفولة طبيعية جدا وأحلامها صغيرة جدا، وليس لها علاقة بما يحدث الآن، أحلامها صغيرة تتحقق بالذهاب إلى البحر في الصباح الباكر، وأسبح فيه حتى الظهيرة، وبعد الغداء أعود مجددا إلى البحر حتى غروب الشمس، كان الأهالي ينسون أطفالهم في البحر، حتى ولو نمت لهم حراشف الأسماك لهذا الحد كان البحر آمنا، لذلك ربما حلمت في يوم من الأيام أن أصير سمكة لكن ليس أكثر من ذلك.
وأعتقد أن أي شخص يقول: إنه كان يحلم في طفولته بالمرحلة الحالية فهو إما كاذب أو كاذب.
لماذا تصور؟ ولماذا تكتب؟
كنت أصور قبل أن أصبح كاتبا، والسنوات بين التصوير والكتابة كبيرة جدا، بدأت التصوير عام 1976 ومثل أي أحد لديه كاميرا في العائلة يعبث بها وبوجوه الناس وبضحاياه الصغيرة في التقاط الصور لهم، على الأقل كانت تلك اللحظات الوحيدة التي تسمح لي -وأنا طفل- أن أسيطر على الشخص الواقف أمامي حتى لو كان كبيرا، إنه يقف من أجلي ومن أجل التصوير وأعبث به أيضا «تحرك يمينا.. تحرك شمالا.. تقدم للأمام» وكانوا يطيعونني بسبب الكاميرا. ومنذ ذلك الوقت انقطعت في فترات معينة عن التصوير ثم عدت إليه ثم انقطعت مرة أخرى وهكذا، لكن المرة الأخيرة التي عدت فيها كنت قد بدأت الكتابة للتو في الجامعة ومنذ تلك الفترة بقي التصوير إلى جوار الكتابة والكتابة إلى جوار التصوير.
يسألونني دائما هل تفضل أحدهما على الآخر؟ أفضل الذي أطلبه فيأتي، لكنني لا أقارن بينهما، وبالتالي لا يوجد شيء أفضل أو أقرب بالنسبة لي، هناك أوقات أحب فيها التصوير فأذهب إلى التصوير ولكن ليس في ذلك منافسة للكتابة، ولا العكس.
هل البقاء في مكان ما يفرض علينا الكتابة عن أشياء بعينها؟
سألت أحد الأصدقاء: أنت لست من هذه المنطقة، لماذا تكتب رواية عن حي لم تعش فيه أصلا وتتخذ هذا المكان الجغرافي مكانا لروايتك؟ فقال أنه يريد أن يتحدى، ولم أكن أفهم هذا التحدي لسبب بسيط وهو أن فهم المكان لا يعني المرور فيه ولا يعني البقاء فيه لسنة ولا سنتين ولا ثلات ولا حتى عشر سنوات، لأنه حتى يتشرب الشخص في المكان يجب أن يعيش فيه بشكل كامل. المكان لا يعني الحيز الجغرافي ولا المكان البصري، المكان يعني الناس الذين يعيشون في المكان وعلاقتهم به وعلاقتك أنت بهم وهذا ما يعطي المعنى للمكان، فمكان لا أناس فيه يبدو لي ميتا بشكل من الأشكال ولا حياة فيه، فعندما تذهبين إلى مكان تزورينه لأول مرة ثم تدّعين أنك تكتبين رواية في هذا المكان أعتقد أنه خلل كبير جدا، لن تفهمي الأشياء الصغيرة ولا التفاصيل الصغيرة في علاقة الناس بهذا المكان ولا لأي قدر يتشبث المكان بهم ولأي قدر هم متشربون به هذا المشج الذي بينك وبين المكان لا يمكن أن تفهميه لمجرد أنك زرتيه فقط.
وأضاف: حتى الآن زرت عمان كثيرا، هل يعني ذلك أني فهمت المكان؟! بصراحة لا. ففهم المكان ليس بالزيارة المؤقتة فهم المكان بالعيش فيه والاندماج فيه بأن تكوني جزءا منه ويكون جزءا منك إذا افتقدتيه تعودين إليه وتحنين إليه لأن مشيجا تشكل بينك وبينه ولا يمكن تفكيكه أو إعادته إلى عناصره الأولى. هذا مفهومي للمكان لا يمكن أن تكتبي رواية أو أي نص عن مكان ما تزورينه لأول مرة أو تجلسين فيه لمدة بسيطة في شهور أو حتى سنة أو سنتين.
وماذا عن الزمان؟ ألم يكن تحديا؟ رواية قندة مثلا كانت في مرحلة الستينيات والسبعينيات ولكنك كتبتها لاحقا.
لا. لأن لديك مصادرك في الكتابة. والمصدر الأول والأهم هو سيرتك والأشياء التي مررتي بها، المصدر الثاني هو رواية الناس عن المكان، أبوك وأمك وأخواتك الكبار والموجودين، المصدر الثالث هو ما كتب عن اللحظة، وهذه ثلاثة مصادر وهناك ما هو أكثر، هناك المدونات المكتوبة عن هذا الزمن وهناك أشخاص شاهدوا هذه الفترة فتسألينهم عما قرأتي أيضا وهناك الصور الفوتوغرافية وهذا أمر مهم جدا للكاتب.
وأضاف: الكاتب الذي لا يلجأ للصور الفوتوغرافية الذي لا يزور حتى المعارض الفنية وما يتعلق بالتصوير الفوتوغرافي أو التشكيل الفني لا يعول على كتابته، لأنها مصدر مهم ليس للمعلومة وحسب ولكن كل شيء في الصور واللوحات، وطريقة تعبير الفنان في الصور واللوحات والاتصال بين الناس والصور والناس والمكان يحتاج إليه الكاتب ليغذي بصره وليكتب يحتاج إلى مخزون.
نتفق أنه ليس بالضرورة أن يكون الكاتب مصورا، ولكن كما قلت أن الكتاب الذين لا يلتفتون للمشروعات الفوتوغرافية فاتهم شيء كبير.
كبير، وأنا هنا أتكلم عن مصادر الصور في كل مكان وليس المعارض فقط، في الكتب وفي الأرشيف، يستحيل الكتابة عن شخصية ما في فترة ما دون أن تبحثي عن صور فوتوغرافية، وأول سؤال ستأسلينه: هل هناك صور لهذا الشخص؟ ثم سيساعدك شيء مهم في كل ما كتبتيه وجعلك تختلقين صورة فوتوغرافية ما في رأسك لهذا الشخص ثم فجأة ترين هذه الصورة وتقارنينها مع الصوة التي اختلقتها، هذا من أجمل الأشياء، ومن المناطق الخصبة عند الكاتب: أنه يختلق الصور ثم يجد الصورة ثم يضيف الاختلاق إلى الصورة بشكل ما، ولا بد أن يسأل نفسه لماذا اختلقتها بهذا الشكل؟!
وتابع: دعيني أعطيك حدثا لذيذا بين البحرين وعمان. في أحد البحوث التي عملت عليها «ذاكرة البحرين البصرية» لفتني شخص يدعى مراد عبد الوهاب، واستثار السؤال: أين مراد عبد الوهاب؟ ولماذا اختفى؟ وفي نقاش طويل بعد فترة كنت جالسا مع أصدقاء وسمعتهم يتحدثون عن شخص اسمه مراد عبد الوهاب ولم أتوقع أنه الشخص ذاته وسألتهم تقصدون مراد عبد الوهاب العماني الذي كان في البحرين؟ قالوا نعم، قلت: لهم أهو موجود؟ قالوا نعم موجود، أتود الحديث معه؟ «قلت كيف؟ اشلون؟؟» فاتصلوا به، قلت له: أنت مراد عبد الوهاب أنا حسين المحروس، أأنت موجود حقا؟ قال: أنا موجود قلت: له هل نلتقي؟ قال نعم.
قلت له: أنت مثل بطل يخرج من الشاشة إلى الشخص بعد كل هذا الزمن الطويل، وكنت قد وضعت له خلال قراءتي تصورا مختلفا وشكلا مختلفا ولم أر صورته نهائيا واختلقت له صورة وجسدا وشكلا وسلوكا أيضا -اختلقت كائنا حيا بالكامل- ولكن عندما رأيته أمامي وقارنته بالصورة التي في بالي وسردت له الأحداث التي عرفتها عنه سألته أهذا أنت؟ قال: نعم أنا وأعطاني المزيد من التفاصيل، وعندما عدت إلى البيت تأملت الصورة وطبعتها وأهديته إياها.
وهذا نموذج للمصدر الفوتوغرافي للكاتب، هناك كتاب حريصون على أن يهتموا بالفوتوغرافيا والتشكيل والمسرح والموسيقى، وهذا واحد من المصادر للمعلومة والمعرفة ولتنمية الحس أيضا وهي فنون في النهاية ويجب أن يلتفت الكاتب، وبدونها صدقيني لا يعول على كتابته.
ما الذي يوقف استمرارك في الكتابة؟
ضحك، وفكر طويلا ثم قال: عندما أكون منشغلا بشيء آخر، وغالبا يكون التصوير، وهذا لا أعده توقفا عن الكتابة أبدا، لأني لا أكتب بشكل يومي لكن عندما يكون عندي مشروع كتابة خاصة إذا كان مشروع سيرة شخص تأتي الكتابة بعد الإعداد، والإعداد يستغرق مني سنتين بعدها أبدأ الكتابة يوميا بدون توقف، وهنا أيضا لو سألتني ما الذي يوقفك عن التصوير سأقول لك الكتابة.
بوصفك كاتبا ومصورا، وفنانا، هل هناك ما يخيفك؟
نعم، هذا السؤال بالتحديد هو ما يخيفني. فضحكنا. وقال: مرة كنا في جلسة وقال لي صحفي: «سيمنع الكتاب يوما من أن يكتبوا»، فعدت إلى البيت ومرضت ثلاثة أيام، ليس الأمر أن أكتب أو لا أكتب وحسب، ولكن التحدث عن الأمر وطرح سؤال من هذا النوع بالنسبة لي مخيف. ولكن هذا ليس أثناء الكتابة، أثناء الكتابة أنا أكتب بلا خوف وبلا رقابة، وعندي السقف الأعلى في الكتابة بعدها لو حذفت الرقابة شيئا لا بأس، لكن ما يتعلق بالمجتمع فالحديث عنه سابق فأنا أكتب كل شيء، لا أخشى الأسرة ولا الحي ولا المجتمع ولا شيء والذي يحدث يحدث.
ماذا عن القراء؟ هل تخاف من قرائك؟
أبدا، آخر ما أفكر فيه الخوف من القارئ.
بما أننا وصلنا إلى هذه النقطة، في روايتك (حوام) هناك من لم يستسيغوا المشاهد الجنسية فيها، ماذا تقول؟
قالها مقهقها: لا أنتظر أن يستسيغ أحد مشاهد معينة في رواياتي. ولست مسؤولا عن ردود أفعالها، ولا أظن أن الكاتب يكتب من أجل أن يرضى عنه قارئ، بالعكس أنا أرحب بالذين لا يرضون عن كتابتي.
هذا وصف يختصر علاقتك بالقارئ.
نعم، هم أنواع، هناك قراء متحفظون نوعا ما، أو من ينعتوني بنعوت معينة فيما يتعلق بكتابتي وهذا شيء خاص بهم، وهذه صورتي عندهم وليست صورتي عندي، وأكون مخطئا لو تدخلت لتغيير هذه الصورة أو انحرفت برواياتي لآخذ صورتهم لي إلى جهة أخرى، فمثلا ما قالته دكتورة في البحرين أني كاتب إباحي، لا يؤثر علي.
يبدو أنك تقرأ كل ما يكتب عنك!
نعم أقرأ وأتابع ردات الفعل.
هل تعتبر ذلك أمرا صحيا؟
نعم، مثلا عندما أصدرت حوام، أصحاب المواقف المتشددة قرأوها وهذا شيء جيد، ولاحظت حركة النقد في هذه الرواية وجمعت كل ما كتب، الأدب لا يعني أن تكون كتابتك مؤدبة ليس هناك علاقة.
على الرغم من أن الرقابة قد تسمح أحيانا بمرور بعض الإصدارات لكن القراء والمجتمع هم من يقفون في وجهها بعد ذلك ويصبحون رقابة ثانية؟
نعم، وهذه رقابة أكثر عنفا، الرقابة التابعة لمؤسسات الدولة تكون واضحة عادة، ويكون لدى الكاتب معرفة بالكلمات المرفوضة والجمل وذكر أشخاص معينين لحساسية ما، لكنك لن تعرفي ماذا تريد السلطة المجتمعية، في النهاية لو التفتي لها ستكون الطلبات كثيرة ولو قبلتي بطلب واحد يعني أنك ستجرين إلى طلبات أخرى. في النهاية ألن نكتب؟!
وتابع: أسوأ الأشياء فيما يتعلق بنتائج سلطة المجتمع هو أن يختفي الكاتب، ضغط المجتمع قاس جدا. أتذكر حوام وأتذكر النقد وأتذكر النعوت والإيميلات التي وصلتني والتي تحمل كمّا من الشتائم والقصف العشوائي، ويتحول جميع الأشخاص إلى محاكم مستخدمين كل أنواع العنف اللفظي والتجييش ضد كاتب ما وتفعيل المقاطعة خصوصا أن النعوت التي تطلق قاسية، ولكن هنا يأتي دور الدربة وقدرة الكاتب، في درايته بأن هذا الحقل لا سهل فيه ابتداء من الفكرة إلى الكتابة إلى النشر إلى موضوع ردة الفعل لكن كما قلت الكاتب غير مسؤول عن ردة الفعل.
نزهة القناص، وتتبع المكان والشخوص في سرد زهران، كيف نبعت الفكرة؟ مؤكد أن لصداقتكما دور.
الصداقة لها دور، والاتصال له دور ومجيئي المتكرر إلى عمان في أماكن الروايات له دور، نحن كنا نتجول في أماكن الروايات ونصوص زهران القاسمي، وكنت أصور وأسأله عن الأماكن وأسمائها وأدون الأسماء في مذكراتي.
كما أنني لو لم أعرف المكان أو لم أفهمه أتواصل معه وأسأله حتى صار عندي إرشيف جيد تشكل منذ معرفتي به منذ 9 سنوات حتى الآن، يستحيل أن أخرج مع زهران إلى مكان بدون كاميرا فصار لدينا أرشيف ضخم للمكان في عُمان وللمكان في روايات زهران، فوصلني مرة اتصال من أزهار أحمد تخبرني فيه عن رغبة النادي بتقديم مادة عن عمان المكان وعن النصوص التي أكتبها، طبعا قلت لها: إنني مشغول بمشروع آخر وهو بستان الأحجار الكريمة وهو جاهز عن الفلاحين الأربعة الذين عشت معهم منذ 2006 إلى 2023 وما زلنا أصدقاء فقدمت هذا المشروع في فبراير، ولكن عندما فاز زهران بالبوكر، أراد النادي أن يحتفي بزهران القاسمي بشكل مختلف فقدمت (المكان في روايات زهران القاسمي وسيرته) ووضعت تصورا للمعرض والفكرة وما يصاحبه، وهو كتيب الفيديو يكون خاص بقصة غلاف تغريبة القافر وكيف صارت والمعرض يكون عن كل كتب زهران وليس تغريبة القافر فقط، وضعت هرموني للمعرض يمشي فيه الزائر من المدخل إلى النهاية وبدأ التنفيذ، فجزء من التنفيذ كان في البحرين وهو طباعة الصور بأحجام الكبيرة إلى فكرة الكتيب الذي يضم خمس صور من المعرض وتعريف بالمكان، فوضعت المكان الجغرافي بجانب المكان الروائي، حتى يرى من قرأ لزهران المكان الجغرافي في الفوتوغرافيا.
نحسدكما على هذه الصداقة ولكن أكثر من ذلك نحسد زهران لأنه وجد من يضع المكان في رواياته على المكان الجغرافي في الصورة.
صحيح.. «أنا بعد أحسده ساعات» فضحكنا..
قلت: أفضل ما يحدث لمصمم تخيل شكل الغلاف يرشده لشكل الصورة، هل تطاوع الصورة الخيال المسبق برأيك؟
المصمم ينشئ الصورة بشكل ما في الغلاف، خصوصا إذا كانت علاقته بالكاتب وثيقة جدا ويعرف مزاجه ويعرف كتاباته يكون الأمر سهلا جدا، لكن عليه أن يقرأ الكتاب جيدا قبل أن يبدأ التصميم.
واضح أنك قارئ جيد لروايات زهران.
لأنني أقرأ النصوص معه قبل طباعتها وأقرأها بعد طباعتها أيضا.
تقول: إنك تزور عمان باستمرار لكن لا تعرف المكان بشكل جيد لكن ما كتبته عن المعرض في الكتيب يقول عكس ذلك.
لكن ليس بالشكل الذي يعرفه زهران هناك تفاصيل ودقائق صغيرة جدا وهذه المهمة يستحيل أن يعرفها الزائر المؤقت الذي يعيش ثلاث ليال في بيت زهران ثم يغادر. هي معرفتي بحجم نظرتي وبحجم صوري الفوتوغرافية وليس أكثر من ذلك، وأساس التصوير أن تلتفت وأساس الكتابة كذلك، هذه الالتفاتات ستحتاجين إليها في الكتابة وإلا ستتورطين في الوصف بالتحديد لأنك لم تلتفتي إلى هذه الأشكال، نحن نلتفت حتى عندما نقرأ.
جديدك القادم: على صعيد الكتابة أو التصوير.
في التصوير المشروع القادم هو الجزء الثاني من إصدار الأحجار الكريمة ولا أعرف متى سيكون جاهزا لأنه عبارة عن بحث، جزء منه سيرة وجزء منه تصوير فوتوغرافي، أما الكتابة فهناك أكثر من مشروع كلها سير ذاتية، وفي العام القادم أتوقع سيكون واحد أو اثنان من هذه المشاريع في المكتبات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: زهران القاسمی فی الکتابة فی البحر فی الصور ما یتعلق لا یعنی أکثر من لا یمکن کان فی
إقرأ أيضاً:
تمثال رﻣﺴﻴﺲ الثانى ﺑﺎﻟﺒﻬﻮ اﻟﻌﻈﻴﻢ.. ﻋﺒﻘﺮﻳﺔ اﺧﺘﻴﺎر المكان
لأول مرة بالتاريخ.. عرض كنوز «توت الذهبية» كاملة1 نوفمبر 2025 تاريخ لن تنساه البشرية.. افتتاح أسطورى هدية مصر للعالمإضافات ملهمة للقوات المسلحة فى بناء المتحف الكبيرتمثال رمسيس الثانى بالبهو العظيم.. عبقرية اختيار المكانالدرج العظيم.. الرحلة الأبدية للمصرى القديم
مصر فى قلب العالم، والعالم فى ضيافة أجدادنا العظماء «قدماء المصريين» فى مستقرهم بالمتحف المصرى الكبير، ذلك الصرح الاستثنائى الفريد الذى يعد أكبر مشروع ثقافى سياحى أثري، والذى سيخطف أنظار العالم.
الأول من نوفمبر 2025، تاريخ لا تنساه البشرية بأكملها وعشاق الحضارة المصرية، لافتتاح أكبر متحف فى العالم يضم حضارة دولة واحدة، ذلك التاريخ الذى سيُعد مولدا جديدا للملك الذهبى «توت عنخ آمون»، فللمرة الأولى سيرى العالم مجموعته الأثرية كاملة منذ اكتشاف مقبرته قبل قرن من الزمان، فى أروع وأحدث سيناريو عرض متحفى على مساحة 7 آلاف متر مربع.
حكايات وأسرار سيُرفع عنها الستار مع افتتاح المتحف المصرى الكبير، والذى سيشهده رؤساء وملوك وقادة العالم أجمع، فى ضيافة مصر وشعبها ورئيسها، على شرف ملوك مصر العظماء وعلى رأسهم الجد الأكبر والأهم والأشهر بالتاريخ الملك رمسيس الثاني، والفرعون الشاب الملك توت عنخ آمون.
إضافات ملهمة للقوات المسلحة فى بناء المتحف المصرى الكبير، عندما قررت القيادة السياسية استئناف مشروع المتحف المصرى الكبير منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي، رأت أن مهمة الإنجاز تحتاج إلى الالتزام والدقة العسكرية المعروفة فى القوات المسلحة المصرية، التى أوكلت لها الدولة المهمة الصعبة تحت قيادة اللواء مهندس عاطف مفتاح نائب رئيس الهيئة الهندسية، وهو الإشراف الهندسى على المتحف الكبير والمنطقة المحيطة.
بدأت مسيرة العمل تحت الرعاية العسكرية المنضبطة منذ ما يقرب من 10سنوات، وكانت أزمة ىالتمويل المالى العقبة الأكبر أمام استكمال الحلم الكبير على رأس الأولويات، لذا كان الاعتماد على المكون المحلى من بين الخطط لتقليل النفقات، وبالفعل تم استبدال أنواع من الرخام كان من المقرر استقدامها من مقدونيا بالمنتج المصرى الأصيل، بالإضافة لغيره من الخامات، لتكون تلك المهمة هى أول إضافة للقوات المسلحة بتوفير حوالى 40% من تكلفة الإنشاء فى حدود 450 مليون دولار.
أما الإضافة الثانية، كانت فكرة نقل مراكب الشمس من منطقة الأهرامات إلى المتحف المصرى الكبير، وهو ما كان يستلزم بناء متحف خاص داخل المتحف الكبير لعرض أحد إبداعات الأجداد التى ظلت لسنوات فى محيط الأهرامات.
وكانت فكرة نقلها سيمفونية من الإبداع الهندسي، وتخصيص متحف لمراكب الشمس كان أكثر إبداعًا، فيمكن للزائر أن يتابع العمل على ترميم المركب الثانية للملك خوفو على يد أمهر الأثريين المصريين، بعد افتتاح المتحف الكبير.
والإضافة الثالثة، تجسدت فى عبقرية المسلة المعلقة المتواجدة فى حديقة المتحف، وهى أول قطعة أثرية سيراها الزائر، ثم يدخل بعدها لصرح المتحف العظيم، ليكون فى استقباله الجد الأكبر والملك الأشهر بالتاريخ رمسيس الثانى واقفًا فى عزة وشموخ بالبهو العظيم.
وكانت فكرة إنشاء المسلة المعلقة عبقرية فريدة من المهندس عاطف مفتاح المشرف الهندسى لمشروع المتحف المصرى الكبير، وهى أول مسلة معلقة فى العالم، تتيح للزائر رؤية خرطوشة الملك رمسيس الثانى الموجودة أسفل قاعدة المسلة.
والإضافة الرابعة، كانت الممشى السياحى العلوي، الذى يبلغ طوله 1270 كيلومتراً، ليأخذ الزائر فى جولة تبدأ من المتحف الكبير وتصل إلى مدخل منطقة الأهرامات الجديد، حيث سيكون إضافة مبهرة لمن يرغب فى استكمال الرحلة الأثرية الممتعة.
ورغم كل هذه الإضافات الملهمة التى قدمتها القوات المسلحة، إلا أنه مازال هناك مهمة أخرى وتحديات جديدة، من بينها تطوير المنطقة المحيطة بمطار سفنكس حتى محيط المتحف، مثل ميدان الرماية وتوسعة طريق مصر الإسكندرية الصحراوى عند مدخل المتحف، وإعادة تأهيل منطقة نزلة السمان، وإضافة نحو 5 فنادق ومناطق ترفيهيه ومناطق تجارية واستثمارية لتعظيم العائد المادي، ليكون المتحف الكبير والمنطقة المحيطة درة التاج للسياحة المصرية، بهدف تعظيم الاستفادة واستقطاب 30 مليون سائح حتى عام 2030.
الفرعون الذهبى يتألق.. سحر الملك «توت» يخطف الأنظار
على مساحة 7 آلاف متر مربع، تعرض لأول مرة بالتاريخ مجموعة الفرعون الشاب «توت عنخ آمون» بعد حوالى 103 أعوام على اكتشاف مقبرته الذهبية، أكثر من 5300 قطعة أثرية معروضة لتروى حكاية أشهر ملوك مصر القديمة.
وتضم القاعة، القناع الذهبى للملك «توت» الذى يبلغ وزنه حوالى 10 كيلو جرامات من الذهب الخالص، وزين بأحجار الفيروز واللازورد والعقيق، ليجسد ملامح الملك الشاب فى أبهى صورة، وكرسى الاحتفالات الملكى المطعم بالعاج والأبانوس والذهب.
بالإضافة إلى المقصورة الذهبية للأوانى الكانوبية، إلى جانب مجموعة من الحلى والمجوهرات والقلادات المصنوعة من الذهب والعقيق، وأيضًا كرسى الاحتفالات الذى يزين ظهره بقرص الشمس تعلوه الإلهة نخبت، وزين مسند القدمين بزخارف ذهبية تمثل أعداء مصر التسعة، وهو ما يجعله قطعة أثرية فنية فريدة.
وتضم المجموعة، عرشًا مرصعًا بالمينا الزرقاء يصور الملك والملكة فى مشهد عائلي، وأربع عجلات حربية فاخرة، وتماثيل حراسة ذهبية، وأسرة جنائزية على هيئة آلهة مصرية.
ففى معرض توت عنخ آمون التفاعلي، ينطلق الزائر فى رحلة رقمية تعود به إلى أكثر من 3400 عام يستكشف من خلالها قصة حياة الملك الشاب، فمه الافتتاح الرسمى للمتحف المصرى الكبير يعود الملك الذهبى ليروى للعالم عبقرية المصريين القدماء.
تمثال رمسيس الثانى بالبهو العظيم.. عبقرية اختيار المكان
يقف شامخًا بالبهو العظيم، ليكون أول قطعة أثرية يراها الزائر عند دخوله للمتحف المصرى الكبير الذى صمم حوله، ويبلغ وزنه حوالى 83 طنًا بدون القاعدة، وارتفاعه 11.35 متر، وحجم كتلته 20 مترًا مكعبًا، والحديث هنا عن تمثال الملك رمسيس الثانى أعظم ملوك مصر القديمة وصاحب الشهر الكبيرة على مر التاريخ.
عُثر على التمثال عام 1888 فى منطقة ميت رهينة جنوب غرب القاهرة، وكان منفصلًا إلى 5 أجزاء، حيث تم جمعه وترميمه بواسطة المرمم المصرى الراحل أحمد عثمان، وتم نقله فى 25 أغسطس 2006 من ميدان رمسيس بوسط القاهرة إلى المتحف الكبير بالرماية.
وقال الدكتور علاء شاهين، عميد كلية الآثار جامعة القاهرة سابقًا، ورئيس اللجنة العلمية لاختيار القطع الأثرية للمتحف المصرى الكبير سابقًا، إن اختيار تمثال الملك رمسيس الثانى ليكون فى واجهة المتحف المصرى الكبير لم يكن مصادفة، فهذه الشخصية تُعد أهم الرموز فى تاريخ مصر القديم، وتمثل عظمة وعبقرية الفنان والنحات المصرى القديم فى تجسيد القادة والملوك على مر العصور.
وأضاف شاهين فى تصريحه لـ»الوفد»، أن وجود التمثال فى هذا الموقع تحديدًا يُجسد روح الترحيب بالزائرين القادمين إلى المتحف، وكأنه يحييهم باسم الحضارة المصرية العريقة، إذ لا يقتصر المتحف المصرى الكبير ذلك المشروع القومى الضخم على كونه مكانًا لعرض الآثار، بل هو صرح ثقافى متكامل يجمع بين الآثار والسياحة والتعليم والإرشاد والتوعية والقومية، ليُسهم فى ترسيخ قيم الانتماء والاعتزاز بالهوية المصرية.
وأكد أن نقل تمثال رمسيس الثانى من موقعه السابق فى ميدان رمسيس إلى منطقة الهرم جاء ليكون ضمن مجموعة الآثار الكبرى التى يحتضنها المتحف، وليُكمل المشهد الحضارى الفريد الذى يعكس عظمة مصر وتاريخها الممتد عبر العصور.
وتابع: رحلة تمثال رمسيس الثانى منذ اكتشافه وحتى استقراره فى المتحف المصرى الكبير تُعد قصة فريدة من نوعها، تمثل امتدادًا طبيعيًا لعظمة هذا الملك ومكانته فى التاريخ المصرى القديم، ولجهود الدولة فى الحفاظ على تراثها الحضارى العظيم.
وأشار شاهين، إلى تداول فكرة تصميم زاوية تمثال رمسيس الثانى وسطح المتحف المصرى الكبير بحيث تسمح لأشعة الشمس بالتسلل فى نفس التوقيت الذى تشهد فيه معابد أبو سمبل ظاهرة التعامد فى شهرى فبراير وأكتوبر من كل عام، حيث تتعامد أشعة الشمس داخل معبد أبو سمبل لتضيء قدس الأقداس، وهو أعمق وأظلم مكان فى المعبد، ما يُعد إنجازًا هندسيًا فلكيًا مذهلًا يؤكد مدى تقدم المصريين القدماء فى علوم الحساب والفلك والعمارة، وبالتالى هى فكرة فى حال تنفيذها ستُعد إبداعًا جديدًا للمصرى المعاصر يربط بين حضارة الماضى وتقدم الحاضر.
الدرج العظيم.. الرحلة الأبدية للمصرى القديم
تبلغ مساحة الدرج العظيم 6000 متر مربع، وهو يضم حوالى 64 قطعة أثرية، ومنقسم إلى 4 فئات يتناول فيها الرحلة الأبدية للمصرى القديم الذى كان لا يؤمن بثقافة الموت ولكن كان يراها انتقال الروح من الحياة الدنيا إلى حياة أخرى فى العالم الآخر.
وتتناول المحطة الأولى من الدرج العظيم ما يتركه المصرى القديم لتخليد اسمه، أما ثانى محطات الوصول للأبدية كانت المعابد التى أطلق عليها «بر عنخ» بمعنى بيت الحياة، لأن المعابد لم تكن بيوت للعبادة فقط بل كانت مؤسسات ثقافية كاملة ومتكاملة.
والمرحلة الثالثة تتناول الحياة الدينية عند المصرى القديم، ثم رابع وأخر محطة للوصول للإبدية وهى عرض التوابيت التى برع المصرى القديم فى نحتها.