بعد عامين من المفاوضات السرية التي تولت دولة قطر وساطة ناجحة فيها إضافة إلى دور كبير للدبلوماسية العمانية نجحت عملية شاقة لتبادل السجناء بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية...حصلت بمقتضاها إيران على مبلغ ستة مليارات دولار من عائدات بيع النفط الإيراني المجمدة لدى كوريا الجنوبية التي قامت بعمليات شراء النفط من إيران ما بين عامي (2012 إلى 2019) بعد أن أذنت لها أمريكا بذلك ولكنها لم تأذن لإيران بالحصول على تلك العائدات كما تم الإفراج عن خمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة مقابل افراج إيران عن خمسة أمريكيين من مزدوجي الجنسية صدر ضد بعضهم احكام بالاعدام.
هذا الاتفاق تم التوصل إليه بشق الأنفس ( كما وصفه بذلك أحد الدبلوماسيين المشاركين في التفاوض) ورغم التوترات السياسية والأمنية شديدة التعقيد بين واشنطن وطهران وهو ما يحسب للوساطة القطرية الفعالة وكذلك لسلطنة عمان التي باتت تلعب دورا هاما ومميز فى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف كما كان هناك مشاركة دبلوماسية محدودة لإنجلترا إضافة إلى دور سويسرا كدولة ثالثة تم تحويل المبلغ إليها بالعملة الكورية الجنوبية ثم باليورو ثم بالدولار وتحويله إلى المصارف القطرية ولو حاولنا قراءة أوجه المكاسب الإيرانية والمكاسب الأمريكية من هذا الاتفاق سنجد أن كلا الطرفين حقق ما كان يصبو إليه فبالنسبة لطهران أولا المبلغ الذي حصلت عليه (ستة مليارات دولار) ورغم الشروط الأمريكية الصارمة بأن يخصص للأغراض الإنسانية والاحتياجات الملحة كالغذاء والدواء ورغم تهديد ( انتوني بلينكن) بأن أوجه الصرف ستكون مراقبة وأي خرق سيتم وقف الأموال إلا أن هذا المبلغ يمثل رافدا للاقتصاد الإيراني الذي يعاني من الركود وقلة السيولة.. ثانيا: سيخفف الضغط الداخلي على حكومة (ابراهيم راءيسى)
حيث سيوجه جزء من الأموال لتلبية الاحتياجات الصحية وشراء الأدوية التي تصعب العقوبات شراؤها وتوفير السلع الغذائية وتحسين الظروف المعيشية والإنسانية.
ثالثا: هذا الاتفاق يمثل اختراق دبلوماسي مع أمريكا رغم سوء الظن والتربص ووقوف الدولتين على حافة المواجهة فى الخليج مرات عديدة.. رابعاً: هذا الاتفاق يمثل خطوة على طريق بناء الثقة ويزيد من احتمال بدء المفاوضات الخاصة بالعودة إلى خطة العمل المشترك حتي لو كانت مفاوضات غير مباشرة إلا أن استمرار التفاوض شيء وتحقيق إنجاز شيء آخر لذا فإن هناك نقطتين هامتين تقلل من فرص التوصل لاتفاق الأولى تتعلق بآثار اليورانيوم التي وجدت في أربع مواقع إيرانية دون الإعلان عنها وقد كشفت طهران عن موقعين ورفضت الإفصاح عن الموقعين الآخرين والنقطة الثانية هي ما أعلنه (روفائيل جرووسي) مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن عملية التفاوض مع إيران لا تتقدم بالسرعة المطلوبة إذ أن استئناف المفاوضات يتوقف على تقرير الوكالة الدولية.
إضافة إلى ما قامت به إيران من إلغاء تصاريح بعض مفتشي الوكالة اعتراضا على تقرير مجلس المحافظين.. إضافة إلى أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة وحوادث الهجوم على ناقلات النفط في مياه الخليج والقمع الداخلي للمعارضين والتنافس على النفوذ في كلا من سوريا والعراق واخيرا مساعدة روسيا في حربها على أوكرانيا وامدادها بالطائرات المسيرة لذلك يجب عدم المبالغة في تقييم نتائج هذا الاتفاق وفى نفس الوقت عدم التقليل منه لأنه سيؤدي إلى اختراقات اخرى بشكل مشابه قد نسمع عنها في الأشهر القادمة ولكن ستكون في ملفات فرعية يمكن أن تكون أسهل فملفات المنطقة كبيرة ومتشابكة والقرار السياسي الإيراني مازال يرفض التفاوض المباشر .. أما بالنسبة للجانب الأمريكي فهذا فإن اتفاق التبادل يعد إنجازاً للرءيس (جو بايدن) الذي وعد فى حملته الانتخابية بأنه لن يترك امريكي بريء مسجون وقد كان محددا منذ البداية في اختيار الطريق الدبلوماسي في التعامل مع إيران بدلاً من حملة الضغوطات القصوى التي مارسها الرءيس السابق (دونالد ترامب) كما أنه يسعى هو وإدارته للتوصل لاتفاق اخر غير مكتوب مع إيران التي اقتربت من عسكرة برنامجها النووي وبات الحصول على القنبلة النووية مرهون بقرار من المرشد..ويقضي هذا الاتفاق بتقييد إيران تخصيب اليورانيوم عند نسبة ٦٠ في المائة مع الحفاظ على المجموعات المسلحة التابعة لها فى العراق وسوريا (والتي لاحظنا توقف هجومها على القوات الأمريكية خلال الأشهر الماضية) مقابل عدم فرض الحكومة الأمريكية عقوبات جديدة على إيران..ورغم الانتقادات الموجهة إليه من قبل الجمهوريين وهي اتهامات وصلت إلى حد اتهام بايدن بأنه يتعامل بشكل مباشر وغير رسمي مع إيران ويحاول الالتفاف على صلاحيات الكونجرس كما قال (مايك بنس) نائب الرئيس ترامب أن الفائدة من الاتفاق أن كلا من روسيا والصين عرفت أن سعر احتجاز الرهائن الأمريكين قد ارتفع للتو ..كما وصفه ( ريتشارد غولدبرج) المسؤول السابق بالبيت الأبيض قائلا: أن الاتفاق يوفر سابقة رهيبة فى التعامل مع الرهائن.. إلا أن الرئيس بايدن قرر إستكمال الاتفاق وتنفيذه حتي أن أمريكا قدمت تنازلات لإيران لاستكمال التفاوض عندما توقف لبعض الوقت ولذلك فحتي المعارضة والغضب الإسرائيلي لم ينجح فى وقف إتمام هذه الصفقة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: هذا الاتفاق إضافة إلى مع إیران
إقرأ أيضاً:
عبد اللطيف المناوي: هناك استفزاز حمساوي لإسرائيل في مشاهد تسليم الأسرى
قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عبداللطيف المناوي، الرئيس التنفيذي للأخبار والصحافة بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إن مشهد التسليم الخامس للأسرى ضمن اتفاق وقف إطلاق النار اليوم قد ينذر بأن التفاوض في المرحلة الثانية من الاتفاق قد يكون هشًا.
وخلال لقاء في برنامج "كلمة أخيرة"، الذي تقدمه الإعلامية لميس الحديدي على شاشة ON، أوضح المناوي أن التسليم الخامس للأسرى اليوم بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني يشير إلى أن التفاوض في المرحلة الثانية يبدو هشًا، وهناك محاولات لعرقلته أو تعطيله لتحقيق مكاسب أكبر من الجانب الإسرائيلي.
إضافة إلى ذلك، هناك عدم حكمة كاملة من الجانب الحمساوي، الذي يحاول إعادة الاستثارة وإثبات أنه حقق جزءًا من أهدافه."
وتابع قائلًا: "هناك لعب بالنار، والسؤال المطروح: هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى مشكلة أكبر؟ أعتقد أن الإجابة نعم. ولكن يبقى الضغط الداخلي في إسرائيل على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عاملًا رئيسيًا يدفعه للاستمرار في التفاوض، بالإضافة إلى الضغط الأمريكي، الذي يحاول تصدير صورة تفيد بأنه قادر على إدارة المسألة وضمان الالتزام بالاتفاق."
وشدد المناوي على أن المسألة شديدة الحساسية، مؤكدًا أنها بمثابة "حافة هاوية" قد تؤدي إلى انهيار الاتفاق، معقبًا: “هناك رغبة في الاستمرار لدى بعض الأطراف، لكن في المقابل، هناك أيضًا عوامل تدفع نحو تحول الموقف والانزلاق إلى الهاوية”.