المتحف القومي للحضارة يستضيف احتفالية الذكرى المئوية لميلاد محمد حسنين هيكل
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
وسط لفيف من الشخصيات العامة والبارزة من وزراء ورجال سياسة وكتاب وإعلاميين وصحفيين، شهد المسرح الكبير بالمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، فعاليات حفل إحياء الذكرى المئوية لميلاد الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل، التي تم تنظيمها بالتعاون مع مؤسسة محمد حسنين هيكل للصحافة العربية.
وخلال الفعالية تم الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز المؤسسة التشجيعية للعمل الصحفي على اختلاف منصاته ووسائله المعتادة لعام 2023، وذلك للسنة السابعة على التوالي.
وحضر الحفل، المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية السابق، والمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، وعمرو موسي وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية سابقاً، وخالد البلشي نقيب الصحفيين، وعدد من رجال الثقافة وأعضاء مجلس أمناء المؤسسة.
وأعرب الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، عن بالغ سعادته باستضافة وتنظيم المتحف لهذه الفعالية الثقافية لمؤسسة عريقة وكبيرة مثل مؤسسة محمد حسنين هيكل، وذلك لما لها من ثقل في الوسط الثقافي النابع من شخصية صاحبها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، الذي ترك بصمته على الصحافة المصرية والعربية وتعلمت على يديه أجيال كثيرة لمهنة الصحافة وأصولها.
وأكد أن استضافة هذا الحفل، نابع من حرص المتحف على التعاون مع كافة المؤسسات المجتمعية في مختلف الفعاليات الفنية والثقافية، ما يأتي في ضوء دور المتحف لدعم الهوية المصرية، وأن التعاون مع مؤسسة هيكل هو تقديرا لدور الكاتب الكبير في تنشيط الوعي المصري والعربي بقيمة الحضارة المصرية العريقة، وهو ما فعله بكتاباته على مدار 70 عاماً حتى وفاته في 17 فبراير 2016.
من جانبها أعربت هِدايت هيكل رئيس مجلس أمناء المؤسسة في كلمتها، عن سعادتها بإقامة احتفالية هذا العام في المتحف القومي للحضارة المصرية الذي بات وجهة ثقافية وحضارية مشرفة لمصر، لافتة إلى ما شهدته مسابقة محمد حسنين هيكل للصحافة هذه المرة من نجاح حيث ساهمت في إثراء العمل الصحفي وتشجيع شباب الصحفيين على مزيد من الإبداع بما يعد إضافة للمنظومة الثقافية التي تشكل وعي المجتمع.
كما شهد الحفل، عرض فيلم وثائقي قصير عن مسيرة وأعمال الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، أعقبه تكريم مجلس أمناء المؤسسة، لاثنين من المواهب اللامعة تقديرًا لما يقدمانه من نموذج يحتذى به في الأعمال الإبداعية وفقًا لمعايير الكتابة الصحفية، وهو الدور الذي تقوم به المؤسسة استكمالا لطريق التنوير الذي سلكه محمد حسنين هيكل وتنفيذا لرؤيته عندما أنشئت المؤسسة في عام 2007، للمساهمة الفعالة في تعزيز وتنمية آفاق وخبرات شباب العاملين بالمجال الصحفي في أنحاء العالم العربي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المتحف القومي للحضارة محمد حسنين هيكل الأمين العام لجامعة الدول العربية الصحفي خالد البلشي محمد حسنین هیکل IMG 20230924
إقرأ أيضاً:
اليُتْمُ الذي وقف التاريخُ إجلالًا وتعظيمًا له
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد أن انتهيتُ من قراءة كتاب "عبقرية محمد" للمفكرِ العملاقِ عباس محمود العقاد، تذكَّرتُ على الفورِ قول اللهِ جلَّ جلالُهُ للنبيِّ الكريمِ سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ"، فأدركتُ السرَّ في انجذاب كلِّ من اقترب من سيرته العطرة، وتذكرتُ على الفور أنه ليس هناك متشهدٌ ولا صاحبُ صلاةٍ إلا ويلهجُ باسمه... وكلُّ من سيقرأُ ما كتبهُ المفكرون عن شخصية النبيِّ الكريمِ قديمًا وحديثًا، سيعرف أثر كرم الله على نبيَّه برفع ذكره منذ مولده وإلى قيام الساعة.
ولذا، لم يدهشني إهتمام الكُتَّابِ في الشرق والغرب به، وقد قرأتُ بإعجابٍ شديدٍ آخرَ ما صدر من مؤلفاتٍ في الغرب عن خيرِ خلقِ اللهِ أجمعين، للكاتبةِ والمفكرةِ البريطانية "كارن أرمسترونج"،وهي مَنْ ؟ إنها الكاتبة المرموقة والباحثة الماهرة التي تتجنُّب التحيُّز الشخصي، ولا تُصدر الأحكام إِلَّا بعد فحص ما لديها من أدلَّةٍ وبراهين بتجرُّدٍ وشفافية، وقد كرَّست حياتها لدراسة الأديان السماوية، مثل الإسلام والمسيحية واليهودية، وكان كتابها "محمد: سيرة النبي"، والذي صدر عام ١٩٩١ وفيه قدَّمت فكرًا عميقًا، يُعدُّ هذا المؤلف من أبرزِ الأعمالِ التي قدَّمت رؤيةً موضوعيةً ومنصفةً عن النبيِّ الكريمِ في العالم الغربي. كما يُعدُّ جسرًا مهمًّا بين الثقافات، ودعوةً للحوارِ والتفاهمِ بين الأديان، بعيدًا عن الصور النمطيةِ والتشويهِ الإعلامي، فقدأَثْبَتَتْ فِي مُؤَلَّفِهَا هذا بأن النبي العظيم رجلًا ذا رؤيةٍ أخلاقيةٍ عَمِيقَةٍ...
ومن إنصافِها فى كتاباتها قالت: "كان محمدٌ رجلًا حنونًا، متواضعًا، وقائدًا بارعًا، لم يسعَ للسلطةِ بقدر ما كان يسعى لإحداث تغييرٍ أخلاقيٍّ عميقٍ في مجتمعه."
كما تناولت الكاتبةُ والباحثة دورَ النبيِّ الكريم في تحسينِ مكانةِ المرأةِ في المجتمع، حيث أشارت إلى أنه منحَ المرأةَ حقوقًا لم تكن موجودةً في الجاهلية، مثل حقِّ الإرث، وحقِّ التعليم، وحقِّ الاختيارِ في الزواج. وكان يسعى لتحريرِ المرأةِ من القهرِ الاجتماعي، ويدعو إلى معاملتها بكرامةٍ واحترام.
ولها أيضًا رأيٌ حرٌّ جريءٌ، إذ أكَّدت أن النبيَّ الكريمَ كان يسعى دائمًا إلى الحلولِ السلمية، وأن المعاركَ التي خاضها كانت دفاعية، ولم تكن من أجل التوسع أو فرض الدين بالقوة... وبذكاءٍ شديدٍ، اختارت صلح الحديبية وقالت عنه: "كان دليلًا واضحًا على براعةِ النبيِّ الكريم في إدارة النزاعاتِ بالسِّلمِ والحكمة، لأنه كان يؤمن بأن السلام هو الوسيلةُ الأقوى لنشرِ رسالته."
وهذه الشهادةُ من هذه الباحثة والتي تُعَدُّ واحدةً من أبرز الْباحثين في الأديان المُقَارَنَةِ تدحضُ الصورةَ السلبيةَ التي رسمها بعضُ المستشرقين لهذا النبي العظيم...
وقد تصدى لهؤلاء المستشرقين والشانئين المفكر الكبير عباس محمود العقاد في مواجهة هذه الافتراءات، حيث قال في كتابه الهام "عبقرية محمد": “إن التاريخ هو فيصل التفرقة بين محمدٍ وشانئيه، فحكمُه أنفذُ من حكمِ الشانئين والأصدقاء، وأنفذُ من حكمِ المشركين والموحدين، وأنفذُ من حكمِ المتدينين والملحدين... إنه حكم الله، وقد حكم له أنه كان في نفسه قدوة المهذَّبين، وكان في عمله أعظمَ الرجال أثرًا في الدنيا، وكان في عقيدته مؤمنًا يبعث الإيمان، وصاحبَ دينٍ يبقى ما بقيت في الأرض أديان، وسيطلع في الأفق هلالٌ، ويغيبُ هلالٌ، وسيذهب في الليل قمرٌ، ويعودُ قمرٌ، وتتعاقب هذه الشهور التي كأنها جُعلت التاريخَ ما بين الصدور، لأن الناس لا يؤرخون بها مواسمَ الزرع، ولا مواعيد الأشغال، ولا أدوار الدواوين والحكومات، ولا ينتظرونها إلا هدايةً مع الظلام، وسكينةً مع الليل: أشبه شيءٍ بهداية العقيدة في غياهب الضمير”.
وقبل أن يَخْتِمَ الكاتب الكبير عباس محمود العقاد صفحات كتابه "عبقرية محمد"، اختار يوم هجرة النبي إلى المدينة فكتب: "ستطلع الأقمار بعد الأقمار، وتقبل السنة القمرية بعد السنة القمرية، وكأنها تقبل بمعلمٍ من معالم السماء يوميء إلى بقعةٍ من الأرض: هي غار الهجرة، أو يوميء إلى يومٍ لمحمدٍ هو أجملُ أيامِ محمد، لأنه أدلُّ الأيام على رسالته، وأخلصها لعقيدته ورجاء سريرته، وهو يوم التقويم الذي اختاره المسلمون بإلهامٍ لا يعلوه تفكيرٌ ولا تعليم..."
ختامًا.. لقد عشتُ أوقاتًا ممتعةً مع كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد، ومن خلال صفحات هذا الكتاب شاهدت التاريخ يقف إجلالًا وتعظيمًا لهذا اليتيمِ الذي بُعث رحمةً للعالمين.. صلى الله عليك وسلم يا خير خلق الله أجمعين...
اللهم إنا نُشهدك أنه بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فاللهمَّ اجزه عنا خير ما جزيتَ نبيًّا عن قومه، ورسولًا عن رسالته...
ولنا لقاء الأسبوع القادم، بإذن الله، مع قراءة فى كتاب ممتع جديد...