ليوناردو دينى يكتب: النيجر.. إلى أين؟.. القوة الاستعمارية الفرنسية يتم استبدالها تدريجيا بالقوة الروسية
تاريخ النشر: 24th, September 2023 GMT
فى ٢٦ أغسطس ٢٠٢٣، قررت الحكومة الانقلابية فى النيجر طرد سفراء فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة من البلاد، وكان هذا القرار بمثابة نقطة تحول جديدة مناهضة لفرنسا ومعادية للغرب فى النيجر.. وفى هذا المقال نحلل أسباب وأصول هذه الأزمة التى كانت تختمر تدريجيًا منذ سنوات، والتى لا يزال من الممكن أن «تلوث» بلدان أخرى.
فى الوقت الذى قد تتطور فيه الأزمة فى النيجر وتؤدى إلى حرب مع الدول الأعضاء الأخرى فى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، يبدو أن العلاقات الدبلوماسية للنيجر مع جيرانها المؤيدين للغرب وفرنسا قد تم تدميرها فى الوقت الحالى بسبب القرار المحفوف بالمخاطر الذى اتخذته الحكومة الانقلابية بقطع العلاقات مع باريس. ومع ذلك، لم يعد بإمكان المجلس العسكرى فى نيامى الاعتماد على دعم رجال ميليشيا مجموعة فاجنر.. ومن أجل الدفاع عن أنفسهم، يعتمد الانقلابيون فى نيامى على التحالف العسكرى المتنامى مع مالى وبوركينا فاسو، والذى يقوده أيضًا المجلس العسكرى المناهض لفرنسا والغرب.. وهنا يجب أن نشير أيضًا إلى أن غينيا، حيث أطاح انقلابيون آخرون بألفا كوندى، وهؤلاء يدعمون أيضًا الانقلابيين فى النيجر.
هناك قوى معادية للانقلابيين فى النيجر نفسها!
وبالفعل، لمدة شهر (٩ أغسطس ٢٠٢٣)، أنشأ وزير دولة النيجر السابق آغ بولا مجلس المقاومة من أجل الجمهورية (CRR) من أجل دعم الرئيس المهزوم الذى تم وضعه تحت الإقامة الجبرية محمد بازوم. وفى الوقت نفسه، تم تشكيل حكومة الانقلاب. ويرأس على محمد الأمين زين الحكومة كرئيس للوزراء منذ ٨ أغسطس.
وتم تعيينه فى نفس الوقت الذى وصل فيه وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا- الذى رفضه الانقلابيون – وفى نفس الوقت وصلت أيضا المبعوثة الأمريكية، فيكتوريا نولاند، التى تقوم بدور نشيط للغاية فى أوكرانيا وتعتبر من جماعة الصقور الأمريكيين، وتواصلت نولاند مع الانقلابيين، على الرغم من أنه لم يتم تحديد أى شيء عن الوضع فى النيجر خلال هذه الفترة.
وفى الحقيقة، فإن نولاند تخصصت خلال الفترة الماضية فى العلاقات مع الدول الواقعة على الحدود بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية الأمريكية.. يكفى فقط أن نتذكر دورها خلال ثورة «الميدان الأوروبي»، الثورة الشهيرة ضد روسيا آنذاك والرئيس الأوكرانى «الموالى لروسيا» يانوكوفيتش فى ٢٠١٣-٢٠١٤، مما أدى إلى الأزمة الحالية. هذه المرة، تجد المندوبة الأمريكية نفسها وجهًا لوجه مع الانقلابيين النيجريين المناهضين للغرب، ورفاق قوة بوتين ومجموعة فاجنر.. هذه المرة، الأوضاع مختلفة تمامًا عن الوضع مع المتمردين الأوكرانيين المناهضين لروسيا فى إنديانا وتحديدا فى عام ٢٠١٣ عندما أثبتت المفاوضات أنها أصعب من أى وقت مضى بالنسبة لها مع دولة تعتبر بوضوح إحدى الدول التابعة أو «المرتبطة» بالقوة الروسية وكانت محاولتها للتفاوض مستحيلة تقريبا، تمامًا مثل تلك التى جرت بين نيامى من ناحية، والاتحاد الأوروبى وفرنسا، من ناحية أخرى، وكل هؤلاء «أعداء» للنيجر الجديدة.
ماذا عن ماكرون؟
واليوم، يبدو أن فرنسا ماكرون لم تعد تدعم بشكل واضح التدخل العسكرى من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ضد النيجر، على عكس ما كانت عليه قبل بضعة أسابيع، فى حين حاولت أمريكا بايدن وبلينكن، من جانبها، إجراء مفاوضات أكثر دبلوماسية من الموقف الأخلاقى لماكرون (الذى يطالب بعودة بازوم إلى صلاحياته الرئاسية)، من أجل الحفاظ على مصالحهم المباشرة فى المنطقة.. كما اختارت نيجيريا والجزائر، الفاعلان الرئيسيان المعنيان بهذا الملف، الطريق الدبلوماسى.
ووفقًا لمحللين أوروبيين وأفارقة؛ فمن الواضح أنه سيتعين على الطرف الغربى دعم موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ولكن من خلال ربط مطلب عودة الشرعية السياسية إلى النيجر بإعادة التفاوض مع النيجر. كل هذه العناصر يتم تنفيذها فى إطار اتفاقيات مربحة للجانبين - سواء شروط استخراج وبيع اليورانيوم والذهب، أو دور كل طرف فى مهمة بناء البنية التحتية المفقودة فى البلاد من أجل استعادة الكرامة للسكان الفقراء فى النيجر.
وبينما نكتب هذه السطور، انتهت المهلة التى أعطتها دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لمدبرى الانقلاب فى النيجر، ويبدو أن المفاوضات الدبلوماسية الآن هى البديل الوحيد لحرب أخرى تم الإعلان عنها فى المنطقة ولكن تهديدها يبدو رادعا أكثر منه حقيقيا.
الوضع فى النيجر ونشأته التاريخية
إن الوضع الفوضوى الذى شهدته النيجر فى الأسابيع الأخيرة لم ينشأ من العدم أو من الآن، ولكنه يأتى من مكان بعيد جدًا، ضاربًا بجذوره فى التاريخ وأخطاء الاستعمار القسرى ونفوذ ما بعد الاستعمار، فضلًا عن المركزية الأوروبية.
وبالتالى، فإن أصل الأزمة ليس فقط الفقر والفساد المستشريين فى البلاد منذ قرون، فهى دولة فقيرة لدرجة أنها غير قادرة حتى على وضع ميزانية للنصف الثانى من كل عام دون مساعدات خارجية وغربية.. أما الآن فقد تم استبدالها بمساعدات روسية «خاصة» حقًا وربما دول أخرى غير غربية (الصين وتركيا وغيرها).
مساعدة «خاصة»
وكشفت فيكتوريا نولاند، المسؤولة فى إدارة بايدن، أن روسيا فى أفريقيا آخذة فى الصعود خاصة بعد الانقلابات فى بوركينا فاسو ومالى والآن النيجر، كما أنها لا تزال فى مقدمة المشهد رغم اختفاء يفجينى بريجوجين، الذى كان من المحتمل أن يكون، فى الانتخابات الرئاسية الروسية لعام ٢٠٢٤، مرشحًا يستعد لخلافة فلاديمير بوتين فى الكرملين، كما فعل يوليوس قيصر قبل ألفى عام فى إليريا، قبل أن يحكم روما القديمة. بالإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الانقلابيين النيجريين على استعداد للسيطرة على مناجم اليورانيوم فى النيجر، وبالتالى استبدال الفرنسيين، الأمر الذى قد ينطوى على الاضطرار إلى مهاجمة المناجم للاستيلاء عليها، بسبب عدم وجود اتفاقيات جديدة تم التفاوض بشأنها مع باريس فى حالة تفاقم الوضع.
«الاستبدال الاستعمارى»
يمكننا بالتالى أن نحدد بهذه الطريقة حقيقة أن القوة الاستعمارية الفرنسية يتم استبدالها تدريجيًا بالقوة الروسية كما أن الاستعمار السابق، الذى أدى إلى تفاقم الغضب وقطع الارتباط العاطفى مع فرنسا وأوروبا، يجب فى الواقع تحليله بأن هناك الأخطاء السياسية لفرنسا التى أرادت فرض سياسة مهينة ومذلة خاصة بعد فترة «الاستعمار»، دون الاهتمام جديًا بإخراج النيجر من الفقر ومحاولة خلق تعاون حقيقى مع أوروبا، خاصةً فيما يتعلق بالحد الأدنى من البنية التحتية اللازمة لبناء أى دولة متقدمة ومتحضرة، والتى لا تزال تفتقر إليها النيجر.
أفريقيا للأفارقة!
ولم تصبح عبارة «أفريقيا للأفارقة» شعارًا للثورات والانقلابات فى أفريقيا فحسب، بل أصبحت أيضًا مطلبًا موضوعيًا فى مواجهة «السياسية غير المسئولة لفرنسا» فى مرحلة ما بعد الاستعمار.
وفى النيجر، فى الواقع، هناك نقص فى الطرق والجسور والسكك الحديدية والمطارات ومحطات الطاقة وشبكات الكهرباء والمياه وإدارة الأراضى التى من شأنها أن تحترم البيئة وسكان البلاد بشكل أفضل. والآن، أصبح الأمر متروكًا لأبناء النيجر لبنائها، وبهذا المعنى، نرحب بالاختيار الذى تم اتخاذه، فى ٨ أغسطس ٢٠٢٣، من قبل رئيس وزراء النيجر وهو اقتصادى جيد، وليس من قبل «مصلح» روسى أو أمريكى أو فرنسى.
وبالمثل، يجب احترام الهوية المحلية والثقافة والتقاليد الأصلية من خلال تنمية متوازنة وفعالة ومستدامة للبلاد، وهو الأمر الذى كان يفتقده الجانب الأوروبى والفرنسى لعقود من الزمن.
والواقع أن النيجر تفتقر بشدة إلى المدارس والجامعات، وخاصة المدارس الابتدائية، مع العلم أن المدارس القرآنية الأصولية آخذة فى الظهور والانتشار فى ظل هذا الفراغ.. ومن الجانب الغربى، كانت النيجر تعتبر إقطاعية وليست دولة حرة ومستقلة. ومن ناحية أخرى، لم تتطور النيجر كدولة، بل هى ثمرة الاستعمار الاقتصادى والمالى الأكثر ضررًا وقسوة من قبل الشركات الفرنسية والأوروبية متعددة الجنسيات: الأشخاص الأقوياء الذين يصلون بطائرة هليكوبتر إلى النيجر فقط من أجل القيام بالأعمال الإمبريالية الجديدة، والتى تترك النيجر فى حالة من الفوضى الكاملة.
بلد أغلبيته من الشباب: ٤٩٪ من السكان
فى الحقيقة طبقا لآخر الأرقام، فإن العديد من الشباب الناطقين بالفرنسية فى النيجر هم اليوم تحت سن الخامسة عشرة، نظرًا للنمو الديموغرافى المتسارع فى وسط أفريقيا.. ومن بين هؤلاء الشباب أولئك الذين يرفعون لافتات مكتوب عليها: «نعم لبوتين»، ويؤمن الكثيرون، بسذاجة بالمدينة الفاضلة ومستقبل الحرية والتقدم والديمقراطية الذى ستضمنه روسيا فى النيجر باعتبارها شريك المستقبل الرئيسى.
ولسوء الحظ، فإن الواقع ليس إيجابيا إلى هذا الحد، لأن واقع روسيا، بما فى ذلك الحكومة وشركة جازبروم، يتوافق فى الواقع مع استعمار جديد شرس، يتنكر فى ملابس التضامن المناهض للغرب فى العالم الثالث.. إنها الحرب الباردة!.. دعونا لا ننسى أن اليورانيوم المنتج فى النيجر، والذهب، والنفط، والموارد الطبيعية الهائلة، هى الدافع الحقيقى لفاجنر وموسكو، وأن هذه الموارد سوف تنتقل ببساطة من سيد أجنبى أبيض آخر بنفس القدر، أو حتى أكثر من السابق!
ولا ننسى أيضا المساعدات العسكرية الروسية، التى تهدف، إلى بناء معقل أفريقى لروسيا، والفكرة هى اللجوء لاستخدام الجيش الروسى والميليشيات مثل البريتوريين فى روما القديمة.
معلومات عن الكاتب:
ليوناردو دينى مفكر وفيلسوف من أصل إيطالى.. كانت أطروحته للدكتوراه حول نظرية السياسة وفلسفة القانون.. له العديد من الكتب والدراسات.. كما كتب الرواية إلى جانب القصائد الفلسفية.. يستعرض الموقف فى النيجر والصراع الغربى الذى يدور هناك.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: طرد سفراء فرنسا المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا فى النیجر من أجل من قبل
إقرأ أيضاً:
خبراء قانون: مطالب ترامب تمثل عودة للعقلية الاستعمارية من جديد (خاص)
أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب حالة من الجدل والغضب على الساحة المحلية والعالمية، فقد صرح عبر مواقع التواصل الاجتماعي بإلغاء الرسوم على السفن الأمريكية سواء «التجارية أو العسكرية» أثناء مرورهما عبر قناتي السويس وبنما، معللا ذلك بأن أمريكا لها دور تاريخي في إنشاء هذه الممرات المائية.
ويثير هذا التصريح تساؤلات عدة في الشارع المصري حول ما إذا كان لأمريكا دور بالفعل في إنشاء قناة السويس أم هذه مجرد إدعاءات يسوقها ترامب لتبرير مطالبه، ومن أجل الوقوف على حقيقة الأمر وتوضيح هذه التصريحات المثيرة للجدل بشأن قناة السويس، تواصلت «الأسبوع» مع خبراء في القانون الدولي.
حذّر الدكتور محمد مهران، أستاذ القانون الدولي، وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، من مخاطر تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأخيرة بشأن إعفاء السفن العسكرية والتجارية الأمريكية من رسوم المرور في قناتي السويس وبنما، معتبراً إياها استعادة لعقلية القرن التاسع عشر الاستعمارية وتهديداً للنظام القانوني الدولي القائم على المساواة في السيادة بين الدول.
وقال مهران في تصريحاته لـ«الأسبوع»: «ما يطالب به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس مجرد إعفاء من رسوم مالية، بل يمثل محاولة لإعادة إحياء نظام الامتيازات الأجنبية الذي تم دفنه مع نهاية الحقبة الاستعمارية، حيث كانت الدول الكبرى تفرض شروطها على الدول الأضعف بقوة السلاح والهيمنة».
سيادة قناة السويس لا تقبل المساومةوشدد أستاذ القانون الدولي، على أن قناة السويس تمثل رمزاً للسيادة الوطنية المصرية التي تحققت بعد كفاح طويل، بدءاً من تأميم القناة في عهد الرئيس جمال عبد الناصر عام 1956، مروراً بالعدوان الثلاثي، وصولاً إلى استعادة الإدارة الكاملة للقناة.
وأشار مهران، إلى أن التصريحات الأمريكية تتجاهل حقيقة أن قناة السويس، رغم أهميتها للملاحة الدولية، هي منشأة مائية تقع ضمن الإقليم المصري وتخضع للسيادة المصرية الكاملة، وأن حرية الملاحة المكفولة فيها بموجب اتفاقية القسطنطينية لا تعني إعفاء أي دولة من الرسوم التي تفرضها مصر مقابل الخدمات التي تقدمها.
وتابع مهران: «مصر تتحمل تكاليف باهظة لتطوير القناة وصيانتها وضمان أمنها، فضلاً عن توفير خدمات الإرشاد والقطر والإنقاذ وغيرها، مشيرا إلى أن هذه الرسوم هي مقابل خدمات فعلية وليست جباية أو ضريبة، وتتماشى مع المبادئ الأساسية في القانون الدولي التي تقضي بحق الدول في فرض رسوم عادلة على الخدمات التي تقدمها».
التناقض الأمريكي لا ينتهيولفت مهران، إلى أن التناقض الصارخ بين ما تطالب به الولايات المتحدة لنفسها وما تطبقه على الآخرين، موضحاً أن الولايات المتحدة نفسها تفرض رسوماً باهظة على السفن العابرة من خلالها، وتتحكم في تحديد قيمتها بشكل منفرد.
وأكد مهران، أن الولايات المتحدة تفرض رسوماً على المرور في الممرات المائية الداخلية مثل نظام القنوات البحرية في البحيرات العظمى، بل إنها فرضت قيوداً على حرية المرور في مضيق فلوريدا ومضائق أخرى تسيطر عليها بحجة الأمن القومي، متسائلا: فكيف تطالب بإعفاء سفنها من الرسوم في ممرات مائية تخضع لسيادة دول أخرى؟
وأردف قائلاً: «هذه الازدواجية في المعايير تعكس استمرار عقلية القانون للآخرين والاستثناء لنا التي تقوض أسس نظام القانوني الدولي وتهدد استقراره».
ويرى الخبير القانوني، أن توقيت هذه التصريحات له أبعاد استراتيجية واقتصادية لا يمكن تجاهلها، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تسعى لتعزيز وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط في ظل المنافسة المتزايدة مع القوى الدولية الأخرى، وتحاول تخفيض تكاليف هذا الوجود من خلال الضغط على حلفائها.
ونوه إلى أن قناة السويس تمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، وتحقق عائدات سنوية تتجاوز 7 مليارات دولار لمصر، لكن كل ذلك تأثر بسبب الحرب على غزة، مشددا على أن أي محاولة للمساس بهذه العائدات بشكل مباشر تمثل تهديداً مباشراً للاقتصاد المصري في وقت حرج.
وحذر من أن هذه التصريحات قد تكون بالون اختبار لردود الفعل المصرية والدولية، تمهيداً لضغوط أكبر في المستقبل، وهو ما يستدعي موقفاً مصرياً وعربياً موحداً وحازماً.
كما شدد أستاذ القانون الدولي، على أن الموقف القانوني المصري قوي ومدعوم بالقانون الدولي والممارسات الدولية المستقرة، مؤكداً أن مصر تطبق مبدأ المساواة في المعاملة بين جميع السفن العابرة للقناة دون تمييز، وتلتزم بكافة الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وقال إن قناة السويس كممر مائي دولي تخضع لنظام قانوني خاص يجمع بين الحفاظ على حرية الملاحة فيها لجميع الدول، مع احترام السيادة المصرية الكاملة عليها، وهذا التوازن الدقيق يعكس تطور القانون الدولي الذي يرفض المفاهيم الاستعمارية القديمة.
ودعا أستاذ القانون، المجتمع الدولي للوقوف في وجه أي محاولات للعودة إلى منطق القوة في العلاقات الدولية، والتمسك بمبادئ القانون الدولي القائمة على المساواة في السيادة واحترام سيادة الدول على أقاليمها ومواردها.
وأكد أن مواجهة مثل هذه المطالبات غير القانونية ليست مسؤولية مصر وحدها، بل هي مسؤولية جميع الدول التي تؤمن بنظام دولي عادل يحترم سيادة جميع الدول ويرفض منطق الهيمنة والاستثناءات للقوى الكبرى.
مطالب ترامب تفتقر إلى أي أساس قانوني أو منطقيوفي سياق متصل، قال الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن مطالبة ترامب باستثناء الولايات المتحدة وحدها من دفع الرسوم تفتقر إلى أي أساس قانوني أو منطقي، مؤكدا أنها تستند إلى منطق القوة والنفوذ، متجاهلة مبادئ المساواة بين الدول وسيادة القانون الدولي.
وأكد أن تصريحات ترامب تمثل تجاوزاً غير مقبول للقانون الدولي وتجاهلاً تاماً للحقوق السيادية المصرية، مشيرا إلى أن قناة السويس، تمثل شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، تخضع لنظام قانوني مصري راسخ، يستند إلى تشريعات واضحة ولوائح تنظيمية دقيقة تحدد رسوم المرور وحالات الإعفاء المحدودة.
أشار إلى أن هيئة قناة السويس تنظم بموجب قوانين جمهورية مصر العربية ولوائحها التنفيذية حركة المرور والرسوم المستحقة، مشددا على أن هذه القوانين لا تفرق بين جنسية السفن أو طبيعتها، وتعتمد معايير واضحة للرسوم بناءً على حمولة السفينة ونوعها.
وأكد أنه لا يوجد في التشريعات المصرية أي بند يمنح الولايات المتحدة الأمريكية أو أي دولة أخرى استثناءً خاصاً من دفع رسوم العبور، موضحا أن القوانين المصرية قد تتضمن حالات استثنائية للإعفاء من الرسوم، تتعلق عادةً بسفن الإنقاذ أو السفن التابعة لمنظمات دولية محددة في إطار اتفاقيات خاصة، أو في حالات الضرورة القصوى.
وشدد على أن قناة السويس ستظل تحت السيادة المصرية الكاملة، وأن عبور السفن سيستمر وفقاً للقانون المصري والقواعد الدولية المنظمة للملاحة، مؤكدا أنه لا يمكن لأي تصريحات أو مطالب غير قانونية أن تنتقص من هذا الحق السيادي أو تفرض استثناءات غير مبررة.
اقرأ أيضاًبلطجة سياسية جديدة.. ترامب يسقط من ذاكرة التاريخ على أبواب السويس وبنما
بكري منتقدا تصريحات ترامب عن قناة السويس: لسنا من جمهوريات الموز لنقبل هذا الابتزاز الرخيص